الناصرة- “القدس العربي”:
عند منتصف يوم الأربعاء، تنتهي المدة القانونية الأخيرة لتشكيل حكومة جديدة في إسرائيل تخلصها من أزمتها السياسية العميقة، لكنها تتجه نحو انتخابات ثالثة طبقا لمؤشرات كثيرة، أبرزها استمرار التراشق وتبادل التهم بين “الليكود” و”أزرق- أبيض”.
وكُشف أن رئيس طاقم المفاوضات عن “الليكود” الوزير ياريف لفين سيلتقي الإثنين مع النائب عن “أزرق- أبيض” آفي نيسكورن من أجل تحديد موعد الانتخابات، وفيما يريد الأخير الثالث من مارس/آذار القادم، فإن الأول معني بموعد متأخر أكثر.
وترجح جهات إسرائيلية معنية أن الانتخابات الثالثة في غضون عام واحد ستتم في الثالث من مارس/ آذار 2020. وفي محاولة تبدو أخيرة للنجاة سياسيا وشخصيا، قال رئيس حكومة الاحتلال بنيامين نتنياهو إنه لا يزال مهتما بتشكيل حكومة وحدة، لكن في حال لم ينجح الأمر فهناك أمر واحد يجب القيام به لمنع إجراء انتخابات غير ضرورية للكنيست، وهو انتخابات مباشرة لرئاسة الوزراء بينه وبين بيني غانتس.
وفي مؤتمر لصحيفة “ماكور ريشون” اليمينية، اعتبر نتنياهو أنه ينبغي فرض السيادة الإسرائيلية على الأغوار الفلسطينية وشرعنة كافة المستوطنات، لافتا إلى أنه طرح هذا الموضوع خلال اللقاء مع وزير الخارجية الأمريكي، مايك بومبيو، في لشبونة يوم الأربعاء الماضي.
وبطريقة غير مباشرة، كذّبت وزارة الخارجية نتنياهو، نافية طرح موضوع ضم الأغوار خلال لقائه مع بومبيو. ونقلت القناة الإسرائيلية 13 عن مسؤولين أمريكيين نفيهم لطرح موضوع فرض السيادة الإسرائيلية على الأغوار بعكس مزاعم نتنياهو، موضحين أن موضوع الأغوار كبقية الضفة الغربية سيحسم في مفاوضات بين الطرفين. ونقلت القناة 13 عن مصدر أمريكي قوله: “نحن نعي أن هناك انتخابات عامة على الأبواب في إسرائيل”.
وبالأمس، ادعى نتنياهو أنه “مثلما أراد اعترافا أمريكيا بسيادة إسرائيل في هضبة الجولان، فهو يريد اعترافا أمريكيا بسيادة إسرائيل في غور الأردن، وقد حان الوقت لفرض السيادة الإسرائيلية هناك”.
واستذكر أن إدارات أمريكية سابقة قالت له فيما يتعلق بالضفة الغربية المحتلة، إنه لن يُهدم حجر واحد في المستوطنات. وتابع: “تصديت للضغوط ولم نقتلع أحدا ورفعنا عدد المستوطنين”.
كذلك أشار نتنياهو إلى قطاع غزة، بعد إطلاق ثلاثة صواريخ باتجاه مدينة سديروت ليلة السبت، وهدد بالقول إنه “إذا لزم الأمر، ستشن عملية عسكرية كبيرة في غزة من أجل اجتثاث الإرهاب مرة وإلى الأبد”. وفي إشارة للعدوان الأخير، قال نتنياهو: “لقد تلقوا عينة مؤخرا، ولا أنصحهم بانتظار الوجبة الرئيسية. ولن تكون هناك تهدئة في غزة من دون وقف إطلاق القذائف الصاروخية”. يشار إلى أن كتل المعارضة تتهم نتنياهو باستخدام هذه التصريحات والتهديدات حول الأغوار وغزة من أجل تحقيق مكاسب سياسية.
وعلى المستوى الداخلي، قال نتنياهو إنه “إذا فُرضت علينا انتخابات، فسنذهب إليها وسنحقق انتصارا كبيرا سوية مع أصدقائنا في المعسكر القومي”. وتابع: “يدعي قادة كتلة أزرق- أبيض أنهم يعرفون ما الذي يريده الشعب، أنا أؤيد ما يريده الشعب، وسنعطي للشعب أن يحدد هوية رئيس حكومته بانتخابات مباشرة”.
وفي وقت سابق كرر نتنياهو مهاجمته قادة تحالف “أزرق- أبيض” واتهمهم بإحباط الجهود لإقامة حكومة وحدة وطنية وتفضيل مصالح شخصية على مصالح إسرائيل العليا. وتابع في شريط فيديو جديد: “في الأسابيع القليلة الماضية قطعت شوطا طويلا ولم أدخر أي جهد من أجل إقامة حكومة وحدة ومنع انتخابات غير ضرورية. أطلعت بيني غانتس وأشركت أزرق- أبيض بمواد استخباراتية وسياسية حساسة جدا. هم يدركون جيدا التهديدات من جانب إيران، هم يدركون جيدا الفرص الضخمة أمام الولايات المتحدة والدول العربية. ومع ذلك هم لا يضعون أمامهم المصالح الوطنية، إنما الخيال الشخصي ليائير لابيد أحد قادة أزرق- أبيض بأن يصبح رئيسا للحكومة”.
وحمل “أزرق- أبيض” على نتنياهو، وقال إن مقترح تغيير طريقة الانتخابات بسرعة خاطفة قبل يوم الأربعاء هو مناورة فارغة جديدة لـ “الليكود” تهدف لصرف الأنظار عن لوائح التهم الخطيرة التي تنتظر نتنياهو، المسؤول الوحيد عن جر إسرائيل لجولة انتخابات ثالثة.
وتابع “أزرق- أبيض” في بيان: “نحن مشغولون بمنع جولة انتخابات زائدة ومكلفة، وليس بمقترحات فارغة بتغيير نظام انتخابي خلال 48 ساعة، خاصة أن حزب ليبرمان يعارض هذا المقترح”. وكانت وزيرة الثقافة ميري ريغف (الليكود) قد كررت دعوتها لليبرمان “بالعودة لمعسكر اليمين وعدم صب الماء على طاحونة اليسار، الذي يسعى لاستدراجنا لانتخابات نحن في غنى عنها”. وتابعت: “الدولة أهم من الأنا”. وعمليا فإنه منذ أعلن ليبرمان قبل أيام عن أنه لن ينضم لحكومة يمين ضيقة واستبعاده حكومة وحدة، بدأ القطبان المتنافسان بحملتيهما الانتخابية.
حالة تعادل
وأظهرت نتائج استطلاع للقناة الـ12 الإسرائيلية أنه لو تم إجراء الانتخابات البرلمانية في إسرائيل اليوم، فإن النتائج ستفضي إلى نفس المعادلة السياسية القائمة الآن. وأشارت نتائج الاستطلاع إلى ازدياد تمثيل القوتين البرلمانيتين الأكبر، حزب الليكود وتحالف “أزرق- أبيض” بمقعد إضافي لكل منهما، ليصبح عدد مقاعد “أزرق- أبيض” بزعامة بيني غانتس 34 مقعدا، بينما يصبح لحزب الليكود بزعامة نتنياهو 33 مقعدا.
ووفقا لما تمخض عنه الاستطلاع الانتخابي، فإن القوة البرلمانية الثالثة من حيث عدد النواب ستبقى القائمة العربية المشتركة، بثلاثة عشر مقعدا، متقدمة على حزبي المتدينين الشرقيين والغربيين الإسرائيليين “شاس” و”يهدوت هتوراة” وكذلك حزب “إسرائيل بيتنا”، ولكل من الأحزاب الثلاثة ثمانية مقاعد، يليها حزبا “اليمين الجديد” (6 مقاعد) وحزب “العمل” (5 مقاعد) وحزب “ميرتس” (5 مقاعد).
وفي حال تحققت هذه النتائج، فإن ميزان القوى السياسية في البرلمان الإسرائيلي “الكنيست” سيبقى على حاله، إذ سيكون عدد المقاعد المحسوبة على كتلة “الوسط – يسار” 57 مقعدا، بينما يبلغ عدد المقاعد المحسوبة على اليمين 55 مقعدا، ويبقى حزب “إسرائيل بيتنا” برئاسة ليبرمان وله ثمانية مقاعد بمثابة “بيضة القبان”، التي قد ترجح إحدى الكفتين.
أما من حيث شعبية القادة السياسيين وأيهم يصلح لرئاسة الحكومة القادمة، فقد رأى 39% من الإسرائيليين أن نتنياهو مناسب أكثر لهذا المنصب، بينما رأى 37% أن غانتس رئيس أفضل للحكومة القادمة، فيما حصل جدعون ساعر، منافس نتنياهو على زعامة الليكود، على 19% فقط.
وكان ساعر أعلن عن معارضته لفكرة نتنياهو بإجراء انتخابات مباشرة لرئاسة الحكومة، مؤكدا أنه طالما يقود نتنياهو الليكود لن تكون أغلبية لليمين في الكنيست.