تفاجأت إسرائيل هذا الأسبوع، من قرار الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، بأنه سيكشف أمام الصحافيين عن وجود اتصالات حول زيارة محتملة لرئيس الدولة إسحق هرتسوغ، لتركيا. أمس اتصل وزير الخارجية التركي، مولود جاويش أوغلو، مع نظيره الإسرائيلي للسؤال عن سلامته بعد إصابته بكورونا وتعافى منها. هذه كانت المحادثة الأولى بين وزيري الخارجية، التي استهدفت المجاملة بالأساس. أرسل أردوغان وحاشيته مراراً في الأشهر الأخيرة، رسائل علنية حول رغبتهم في ترميم العلاقات مع إسرائيل، لكنهم ووجهوا بالتشكك من المستوى السياسي.
“نحن حذرون”، اعترف مصدر إسرائيلي رفيع مطلع على محاولة إعادة العلاقات بين الدولتين إلى مسارها. لا تستبعد إسرائيل احتمالية وجود العلاقات في مسار الترميم، لكنهم قالوا بأن الأمر يتعلق بعملية بطيئة ومحسوبة. أساس الخوف هو من شخصية الرئيس التركي المتقلبة، ومن دعمه المستمر للفلسطينيين، ومن محاولته استخدام إسرائيل لحسين وضع تركيا الاقتصادي وتعزيز قوتها الإقليمية.
“الأتراك يعملون الآن على الدفع بالعلاقات مع عدد من دول المنطقة في الوقت نفسه”، قال الدكتور نمرود غورين، رئيس معهد “نتفيم”. وحسب قوله، فإن “الخطوة المهمة من ناحيتهم هي التي تجري مع الإمارات. يوقعون معها على اتفاقات بمبالغ ضخمة، وبدأ الإماراتيون يستثمرون في الاقتصاد التركي. وطرحت أيضاً إمكانية مشاريع ثلاثية، إسرائيل وتركيا والإمارات، يمكن لهذا أن يزيد الفائدة لإسرائيل من تحسين العلاقات مع تركيا وضمان ألا تكون هناك معارضة من الإمارات لذلك”.
في اللقاء الذي جرى مؤخراً في أنقرة بين أردوغان وحاكم الإمارات محمد بن زايد، تم الاتفاق على استثمارات بحجم 10 مليارات دولار في تركيا، التي تعاني من أزمة اقتصادية شديدة، وصفقات تبادل نقدي أخرى بحجم 5 مليارات دولار على الأقل. أعلن أردوغان في حينه أنه ينوي تطوير العلاقات مع إسرائيل ومصر لفتح آفاق إضافية للتصدير التركي.
العلاقات بين تركيا وإسرائيل عرفت هبوطاً في العقد الأخير. في الأزمة الأخيرة، في أيار 2018، طردت تركيا وأهانت السفير الإسرائيلي احتجاجاً على قتل 61 فلسطينياً في المواجهة في القطاع. وغادر السفير التركي إسرائيل على خلفية هذه المواجهة. “لا يجب التصالح مع لاساميين مثل أردوغان”، قال لبيد بغضب. في حين قال بينيت في حينه إن “الرئيس التركي مصاب بإرهاب حماس”. لم تتم إعادة السفراء منذ ذلك الحين، لكن مستوى العلاقات بين الدولتين لم ينخفض. لذلك، لا توجد قيود لإعادة العلاقات من جديد في أي لحظة.
في تصريحاته الأخيرة، سمع أردوغان معتدلاً أكثر إزاء النزاع بين إسرائيل والفلسطينيين، الذي كان بؤرة الأزمات بين الدولتين في السنوات الأخيرة. في زيارته لقطر في كانون الأول الماضي، قال الرئيس التركي بأنه “يجب على إسرائيل أن تظهر حساسية لموضوع القدس والمسجد الأقصى. وسنعمل كل ما في استطاعتنا للقيام بخطوات نحوها. الطرف الإسرائيلي يعرف مخاوفنا كما نعرف مخاوفه. لذلك، يمكننا حل المشكلة (بيننا) استناداً إلى ذلك”. وحسب أقوال الدكتور غورين، فإن “الخلاف بين إسرائيل وتركيا حول الموضوع الفلسطيني سيبقى وسيتواصل في التسبب بالتوتر مع عدم وجود أي تقدم في العملية السلمية. ولكن أردوغان يبث إشارات بأنه يمكنه أن يحسن في التعاون في مواضيع أخرى”.
هرتسوغ محور رئيسي
منذ بداية ولاية حكومة بينيت – لبيد، حتى قبل ذلك، بحث أردوغان عن طرق لتعزيز العلاقات بين الدولتين. اعتقال الزوجين نتالي وموردي اوكنين في تشرين الثاني الماضي، وفر فرصة لكسر الجليد. تحدث بينيت في حينه وللمرة الأولى مع أردوغان وشكره على تدخله الشخصي في إطلاق سراحهما. وعلى المستوى السياسي، هناك من قدروا بأن إطلاق سراحهما، الذي نفذ بدون أي شرط تركي، قد يشق الطريق أمام تبادل السفراء. ولكن هذا الأمر لم يحدث حتى الآن. كانت المكالمة بين بينيت وأردوغان الأولى بين الزعيم التركي ورئيس حكومة إسرائيلي منذ 2013. في حينه، اتصل به الرئيس السابق نتنياهو أثناء زيارة الرئيس الأمريكي السابق أوباما لإسرائيل، واعتذر عن قتل المواطنين الأتراك على متن سفينة “مرمرة” إلى غزة في 2010، التي أدت إلى تدهور العلاقات بين الدولتين.
على خلفية تصريحات بينيت ولبيد السابقة، يبدو أن أردوغان اعتبر الرئيس هرتسوغ المحور المركزي للاتصالات بين الدولتين. تحدث الاثنان في الأشهر الأخيرة ثلاث مرات: كانت الأولى صيفاً بعد بضعة أيام على تسلم هرتسوغ لمنصبه، والثانية عقب إطلاق سراح الزوجين أوكنين، أما الثالثة ففي الأسبوع الماضي عندما أراد أردوغان تعزية نظيره الإسرائيلي بوفاة والدته. ولكن اللقاء بين أردوغان وهرتسوغ ما زال بعيداً عن التحقق: لم يتم تحديد موعد أو مكان له. وفي إسرائيل هناك من يحذرون من مزاج أردوغان المتقلب، الذي يمكن أن يلغي الحدث في اللحظة الأخيرة.
يعتقد الدكتور غورين أن البرود الذي تظهره إسرائيل تجاه جهود تركيا قد يمس بالعلاقات بين الدولتين. “حسب رأيي، هذا خطأ. ونحن يمكن أن نفوت فرصة بذلك”، قال غورين. “منذ سنة والأتراك يبثون إشارات عن استعدادهم لتحسين العلاقات مع إسرائيل. تقترب اللحظة التي سيضطر فيها بينيت إلى اتخاذ قرار. المنظومة حذرة، لكن إعادة السفراء تخدم مصالح إسرائيل”.
تريد إسرائيل ألا يمس التقارب مع تركيا بالعلاقات الدافئة بين إسرائيل واليونان وقبرص على خلفية التوتر بينهم. وقال مصدر سياسي للصحيفة بأن هناك ثلاث دول تعمل بتنسيق فيما بينها حول إمكانية تدفئة العلاقات مع تركيا. أمس، وصل وزير الدفاع اليوناني لزيارة إسرائيل، واستغل مستضيفه الوزير بني غانتس، هذه الزيارة من أجل التأكيد على التزام إسرائيل تجاه اليونان. “التزام إسرائيل بالتعاون الأمني مع اليونان يقوم على مصالح وقيم مشتركة”، قال غانتس.
بقلم: يونتان ليس
هآرتس 21/1/2022
لأول مرة أعرف أن دولة الاحتلال مرعوبة من تركيا أردوغان يا سلاااااااااام سلم
الرئيس التركي أردوغان يشبه الى حد بعيد مقتدى الصدر في تقلباته ليس لديه مباديء يعمل من أجلها