إسرائيل.. ماذا وراء الدعوات لاغتيال السنوار؟

حجم الخط
0

غزة- نور أبو عيشة: يستبعد محللون سياسيون، إقدام إسرائيل على اغتيال زعيم حركة المقاومة الإسلامية “حماس” في قطاع غزة، يحيى السنوار، إلا في حال حدوث تطورات أمنية وسياسية “كبيرة”.

وقالوا إن الدعوات داخل إسرائيل لاغتيال السنوار، تأتي ضمن “حالة الصراع السياسي الداخلي المحتدم، بين المعارضة والحكومة الهشّة”، وإن المعارضة الإسرائيلية تستغل هذه الورقة في محاولة لإسقاط الحكومة.

ومنذ يوم الجمعة الماضي، يدعو نواب ومسؤولون سابقون وصحفيون إسرائيليون صراحة إلى اغتيال “السنوار”، وبرروا في مقابلات وتغريدات رصدتها الأناضول، دعواتهم هذه، بتحميله مسؤولية الهجوم الذي وقع مساء الخميس في مدينة إلعاد، قرب تل أبيب وأدى إلى مقتل ثلاثة إسرائيليين، وإصابة آخرين.

وكان السنوار، قد دعا في خطاب ألقاه في غزة في 30 أبريل/ نيسان الماضي، الفلسطينيين في الضفة والمناطق العربية في إسرائيل إلى شن هجمات بالأسلحة النارية، والبيضاء إن تعذر ذلك، ردا على الانتهاكات الإسرائيلية في المسجد الأقصى.

وحذّرت كتائب القسام الجناح العسكري لحركة “حماس”، السبت، إسرائيل من المساس بـ”السنوار”، أو “قادة المقاومة”.

وقال أبو عبيدة، الناطق باسم الكتائب، في بيان: “في ضوء تهديدات العدو الجبان، فإننا نحذر وننذره وقيادته الفاشلة بأن المساس بالأخ المجاهد القائد يحيى السنوار أو أيٍّ من قادة المقاومة هو إيذان بزلزال في المنطقة وبرد غير مسبوق”.

ونفذت إسرائيل خلال السنوات الماضية، العشرات من عمليات “الاغتيال” بحق القادة الفلسطينيين من مختلف الفصائل، وراح ضحيتها معظم قادة الصف الأول في حركة “حماس”، ومن ضمنهم مؤسسها الشيخ أحمد ياسين عام 2004.

 استبعاد الاغتيالات

يستبعد الكاتب والمحلل السياسي، وديع أبو نصار، إقدام إسرائيل على اغتيال أي قيادات رفيعة المستوى في حركة “حماس”، وأبرزها السنوار.

ويقول أبو نصار، المختص بالشأن الإسرائيلي، إن “هذا السيناريو يبقى مُستبعدا لثلاثة أسباب إسرائيلية”.

السبب الأول، وفق أبو نصار، يعود إلى “الوضع الداخلي الإسرائيلي المرتبك، إذ من الممكن أن تُضفي هذه الخطوة المزيد من الإرباك للمشهد السياسي”.

وتابع: “السبب الثاني هو أن الوضع في غزة هادئ نسبيا، بالتالي لا يوجد أي خطر حقيقي للتصعيد؛ خاصة في ظل توصيات الولايات المتحدة الأمريكية وإسرائيل، للوسطاء، بالمحافظة على حالة الهدوء”.

وأما السبب الثالث، فهو مرتبط بـ”الوضع الأمني المتوتر في الضفة الغربية”، حيث تتفادى إسرائيل إشعال أكثر من جبهة في آن واحد، بحسب أبو نصار.

واستكمل قائلا: “تُدرك إسرائيل أن اغتيال شخصية رفيعة المستوى لن يُطفئ جبهة الضفة، لكنه سيشعل جبهة غزة”.

دلالة التوقيت

وُيرجع أبو نصار الدعوة التي أطلقها الإعلام الإسرائيلي وسياسيون لاغتيال “السنوار”، إلى الحرب السياسية الدائرة بين المعارضة والحكومة الإسرائيلية.

وقال: “هذه الحرب، سياسية، أكثر من كونها عسكرية، لن تنتهي بالضرورة في الوقت القريب”.

ويُضيف أبو نصار أن هذه الدعوات هي جزء من “مزاودة المعارضة على الحكومة الإسرائيلية، لإحراجها وإظهارها كمتخاذل”.

وأشار إلى أن زعيم المعارضة في إسرائيل، رئيس الوزراء السابق بنيامين نتنياهو، اجتمع في وقت سابق الأحد، مع أحزاب المعارضة، ليتحدث عن إسقاط الحكومة الإسرائيلية.

وأضاف: “لم يتحدث نتنياهو عن حماس، أو اغتيال السنوار، أو العمليات في الضفة، إنما ركز على إسقاط الحكومة”.

وفي السياق، قال أبو نصار إن الدعوة لاستهداف السنوار تأتي، في ظل تصريحاته الأخيرة”، والتي دعا فيها الفلسطينيين في الضفة والمناطق العربية بإسرائيل إلى شن هجمات ردا على الانتهاكات”.

وقال في هذا الصدد: “هذه التصريحات استفزت إسرائيل، واستخدمها اليمين المُتطرف كسلاح في حربه الداخلية مع الحكومة، والذي يستعمل ورقة حماس لإحراج الحكومة”.

ويستبعد أبو نصار اندلاع معركة جديدة بغزة، لكنه يقول إن الوضع الأمني في القطاع قد يشهد حالة من “التوتر”، في ظل جهود الوسطاء لضمان استمرار الهدوء بغزة.

وقال: “لا أرى أن أي من الطرفين معني بحرب جديدة، وقد نشهد بعض التوتر لكن لا يعني الدخول بمعركة”.

اعتبارات أمنية وسياسية

بدوره، يقول المختص بالشأن الإسرائيلي، خلدون البرغوثي، إن عودة إسرائيل لسياسة الاغتيالات، تتطلب وجود اعتبارات أمنية وسياسية كبيرة.

وقال: “بالمجمل التوصيات الأمنية (من قبل الجيش وأجهزة الأمن والاستخبارات الإسرائيلية) تميل إلى تجنّب أي تصعيد مع غزة، وأي حدث يؤدي إلى التصعيد”.

وترى المستويات الأمنية الإسرائيلية، وفق البرغوثي، في التصعيد مع غزة “عبئا كبيرا ينبغي تجنبه”.

وأضاف: “المستويات الأمنية بإسرائيل أكثر مهنية في تقييم الوضع، ويغيب عن قرارها المصالح السياسية، على خلاف السياسيين الذين يقدمون مصالحهم الحزبية على مصلحة الدولة”.

أثمان ومحاذير

ويستبعد البرغوثي جني إسرائيل لأثمان، جراء عودتها لسياسة الاغتيالات، مشيرا إلى أن الخسائر التي ستعود عليها من المتوقع أن تكون أكبر.

ويوضح أن “الحكومة الإسرائيلية الهشّة، من الصعب أن تتحمل نتيجة مواجهة جديدة، ردا على عملية اغتيال السنوار أو أي من كبار قادة حماس”.

الوضع بغزة

ويعتقد البرغوثي أن معادلة “غزة-القدس” التي أطلقتها المقاومة في مايو/ أيار 2021 ما زالت قائمة، لكن ليس بالضرورة أن “أي تصعيد بالضفة أو القدس، قد ينجم عنه تصعيد بغزة”.

وقال إن “توجّه غزة للتصعيد، يكون بحجم العدوان الإسرائيلي في الضفة، فهو المُحدد الرئيسي لذلك”.

وأشار إلى أن إسرائيل، وفي شهر رمضان الماضي، “توجّهت إلى ضبط السلوك في القدس، لضمان عدم الذهاب في مواجهة جديدة”، على غرار ما جرى العام الماضي.

وتسببت انتهاكات إسرائيلية بحق سكان القدس، ولاسيما أهالي الشيخ جراح، باندلاع مواجهة عسكرية دامية بين فصائل المقاومة الفلسطينية في قطاع غزة والجيش الإسرائيلي، في مايو/ أيار 2021، استمرت 11 يوما.

تهديد “القسّام”

من جانبه، يقول الكاتب والمحلل السياسي حسام الدجني، إن كتائب القسام، جادة في تهديدها لإسرائيل، برد كبير، في حال أقدمت على اغتيال السنوار.

وأضاف، إن “القسام، أرادت أن ترسل رسائل تحذير لكل من يهمه الأمر، بأن يضغط على الاحتلال، لردعه عن هذه الخطوة”.
وتابع: “كتائب القسام قادرة على تنفيذ تهديدها، في حال أقدمت إسرائيل على الاغتيال”.

ويقول الدجني إن سياسة الاغتيالات الإسرائيلية “أثبتت فشلها، على مدار الأعوام السابقة، حيث خرجت المقاومة أقوى بعد كل عملية اغتيال”.

ويعتقد المحلل السياسي أن إقدام إسرائيل على هذه العملية من شأنه أن “يشعل مواجهة مفتوحة مع الاحتلال”.

وأردف: “تنفيذ هذا القرار سيكون مكلفا للغاية، قد يؤدي إلى اشتعال الضفة ومناطق الغلاف والداخل، وقد يكون له ارتدادات خارج فلسطين في ظل حديث سابق للسنوار بالتنسيق مع محور المقاومة”، في إشارة لإيران والقوى المتحالفة معها في المنطقة.

(الاناضول)

كلمات مفتاحية

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

إشترك في قائمتنا البريدية