القدس المحتلة- عبد الرؤوف أرناؤوط: تضع العملية العسكرية الروسية في أوكرانيا، التي بدأت الخميس، إسرائيل أمام حسابات صعبة، تبدأ من سوريا وتمر بإيران، وبينهما روسيا.
فللدولة العبرية حساباتها التي تتمثل بالاستمرار بالتمتع بـ”حُرية” هجماتها الجوية على أهداف تقول إنها إيرانية في سوريا، وأيضا رغبتها بتقويض قدرة إيران على إنتاج قنبلة نووية.
وفي حين أن حرية هجماتها في سوريا مرتبطة بغض الطرف الروسي، فإن فُرص التوصل إلى اتفاق دولي مع إيران في فيينا يلبي مطالبها، تشوبه أسئلة في ظل انشغال العالم بأزمة أوكرانيا.
يرى يوناثان فريمان، أستاذ العلوم السياسية في الجامعة العبرية، أن الآثار المترتبة لهذه الأزمة على العلاقات الإسرائيلية الروسية “متعددة”.
ويقول فريمان لوكالة الأناضول: “أعتقد أولا، أن لدى إسرائيل مخاوف فيما يتعلق بقدرتها على العمل من الجو في سوريا”.
وأضاف: “كلما ابتعدت المسافة بين روسيا وإسرائيل بسبب الأوضاع، وبسبب مواقف تل أبيب الداعمة منذ وقت طويل للمواقف الأمريكية، فإنه قد يترتب على ذلك تقييد لقدرة إسرائيل على العمل في تلك المنطقة”.
وأردف: “لدى إسرائيل أيضا مخاوف فيما يتعلق بالعلاقات الاقتصادية التي تربطها مع روسيا، فهي تستورد الدقيق من هناك، وأيضا بعض النفط، ولذلك فإن الآثار متعددة”.
واستدرك فريمان: “ما زال يتعين رؤية ما إذا كانت إسرائيل ستنضم إلى العقوبات التي يُعلن عنها الغرب الآن على روسيا، فيتوجب على إسرائيل اتخاذ قرار بهذا الشأن”.
ولفت فريمان إلى أن إسرائيل “وجّهت اللوم إلى روسيا على هذا الهجوم، ولكن عليها أن تُحدد ما إذا كانت ستفرض عقوبات على موسكو، وما هو نوع العقوبات التي ستعلنها ضدها؟”.
وقال: “حتى الآن، لم يصدر عن إسرائيل سوى الكلمات، ولم تقم بأي إجراء، ولذلك يتعين الانتظار لرؤية ماهية الإجراءات التي ستقوم بها ضد روسيا، وعليها اتخاذ القرار”.
وأشار فريمان، إلى أن القرار سيكون “الخطوة التي سترقبها روسيا، وإذا ما فعلت إسرائيل شيئا، فإنه قد يؤثر على علاقاتها مع روسيا”.
وبعد تردد، أدان وزير الخارجية الإسرائيلي يائير لابيد في مؤتمر صحافي، الجمعة الماضي، الهجوم الروسي على أوكرانيا وقال إنه “انتهاك خطير للنظام الدولي”.
وأضاف أن إسرائيل “تُدين الهجوم، وهي مستعدة وجاهزة لتقديم المساعدة الإنسانية لمواطني أوكرانيا”.
وتخشى إسرائيل من تأثيرات هذا الموقف على علاقاتها مع روسيا، وبشكل خاص على قدرتها على التحرك الجوي ضد أهداف في سوريا بموافقة روسية.
وأعلنت إسرائيل مرارا أنها نفّذت مئات الهجمات الجوية على أهداف، قالت إنها تابعة لإيران و”حزب الله” اللبناني في سوريا، خلال السنوات الماضية.
وبهذا الصدد، قال المراسل العسكري لصحيفة “هآرتس”، يانيف كوبوفيتش “إن مصدر القلق الرئيس لمؤسسة الجيش، هو عرقلة العلاقات الإسرائيلية الروسية الحساسة بشأن سوريا، حيث ورد أن الجيش الإسرائيلي يعمل بانتظام ضد القوات المدعومة من إيران، وهي جماعة حزب الله اللبنانية”.
وأضاف كوبوفيتش، في تقرير نشره في الصحيفة، الجمعة: “في ظل هذه الظروف، من المرجح أن يُغيّر (الرئيس الروسي فلاديمير) بوتين سياسته بشأن العمليات الإسرائيلية في سوريا، وأماكن أخرى في الشرق الأوسط”.
وأردف: “في محاولة لاستعادة مكانته، يمكن لبوتين أن يتحرك للحد من قدرة إسرائيل على العمل ضد التواجد الإيراني، في إطار آلية تفادي التضارب بين إسرائيل وروسيا في سوريا”.
واتفقت إسرائيل وروسيا، على “آلية تفادي التضارب”، عقب التدخل الروسي العسكري في سوريا عام 2015، لمنع وقوع اشتباك دون قصد خلال الهجمات الإسرائيلية ضد التواجد الإيراني في سوريا.
وتابع كوبوفيتش: “يُقدّر المسؤولون الإسرائيليون أيضًا أن روسيا قد تقرر نقل أسلحة أكثر تقدمًا إلى سوريا ودول أخرى في المنطقة، بهدف تحقيق عائدات من صفقات الأسلحة الكبيرة، مع خلق توازن جديد للرعب في مواجهة القوات العسكرية الغربية في منطقة الشرق الأوسط”.
وأكمل: “حتى وقت قريب كانت إسرائيل تعتقد أن روسيا لم تكن مهتمة برؤية وجود إيراني أكبر في سوريا (..) حيث تريد موسكو أن تلعب دورًا رئيسيًا في إعادة إعمار البلاد بعد أكثر من عقد من الحرب”.
وتمتلك روسيا نفوذا عسكريا كبيرا في سوريا، حيث تدعم قوات النظام، في مواجهة قوى المعارضة.
وقال كوبوفيتش: “الآن، يقول مسؤولو الجيش الإسرائيلي إنهم قلقون من أنه كجزء من محاولة تقريب إيران من روسيا، سيمنح بوتين طهران مزيدًا من الحرية للعمل في سوريا-أكثر بكثير مما تود إسرائيل رؤيته”.
وأشار إلى أن “مصدر قلق آخر لإسرائيل، هو أن روسيا قد تستخدم أنظمة متقدمة لتعطيل أنظمة التوجيه عبر نظام تحديد المواقع العالمي (GPS) وإجراءات الحرب الإلكترونية الأخرى والهجمات الإلكترونية، لتعطيل الناتو أو العمليات الغربية في البحر المتوسط”.
وقد يؤدي ذلك أيضًا، وفق كوبوفيتش، إلى “تقييد حرية الجيش الإسرائيلي في العمل أو تعطيل التكنولوجيا العسكرية والمدنية في إسرائيل”.
ومن ناحية أخرى، فإن إسرائيل تخشى من أن تؤدي العملية العسكرية الروسية في أوكرانيا، إلى حرف الأنظار الدولية عن التوصل لاتفاق أكثر تشددا مع إيران، في مفاوضات فيينا.
وكانت إسرائيل قد رجّحت، قبيل العملية الروسية، أن يتم هذا الاتفاق خلال هذا الأسبوع.
وقال رئيس الوزراء الإسرائيلي نفتالي بينيت، في مستهل الجلسة الأسبوعية للحكومة الإسرائيلية الأحد: “تشهد المحادثات بين إيران والدول العظمى بخصوص العودة إلى الاتفاق النووي تقدمًا كبيرًا، وقد نرى إبرام اتفاق خلال فترة وجيزة”.
وأضاف: “يبدو أن الاتفاق الجديد الذي تتم بلورته هو أقصر وأضعف من الذي سبقه”، في إشارة إلى اتفاق 2015.
ووقّعت إيران اتفاقا في 2015 مع الولايات المتحدة الأمريكية وفرنسا وبريطانيا والصين وروسيا وألمانيا، لكن واشنطن انسحبت منه في 2018، وأعادت فرض عقوبات على طهران.
ويفرض الاتفاق قيودا على برنامج إيران النووي، لمنعها من إنتاج أسلحة نووية، مقابل رفع العقوبات الدولية عنها.
وفي هذا الصدد، يقول فريمان: “تخشى إسرائيل من أن هذه الحرب يمكن أن تشجع إيران التي قد تشعر أنها أكثر قوة بسبب الأوضاع، وشعور إيران بأن الغرب لا يريد القتال وأنه يريد الاتفاق”.
وأضاف: “لذا فإن إيران قد ترفع الثمن الذي تريده مقابل الاتفاق، سواء أكان ذلك بالحد من العقوبات ضدها أو أمر آخر”.
وأردف: “هذا بالمقابل قد يدفع إسرائيل للتخوف أكثر فبسبب الأوضاع الراهنة بين روسيا وأوكرانيا، فإن الغرب سيكون أقل حدة مع إيران في اتفاق أقل قبولا من إسرائيل”.
وتابع فريمان: “توقيع هكذا اتفاق سيزيد من إمكانية تحرك إسرائيل مستقبلا ضد إيران، لأن هكذا اتفاق لن يوقف طموحات إيران النووية”.
ولفت إلى أن “الأوضاع بين أوكرانيا وروسيا، قد تُظهر لإيران لماذا يتوجب عليها الحصول على سلاح نووي كنوع من الضمان، لأن أوكرانيا تنازلت في الماضي عن سلاحها النووي، وانظر إلى أين وصلت اليوم”.
وزاد فريمان: “لذا، ربما كان هذا أيضا وضع، يظهر لإيران لماذا تحتاج إلى هذا النوع من السلاح للحفاظ على نظامها من هكذا مستقبل”.
وكان موقع “تايمز أوف إسرائيل” الإخباري قال الجمعة، إن السبب الأعمق وراء التفضيل الإسرائيلي لحل دبلوماسي سريع لإنهاء الصراع بين روسيا وأوكرانيا، هو أنه سيسمح بالاهتمام العالمي بالعودة إلى مفاوضات فيينا.
وأضاف الموقع: “يُعتقد أن القوى العالمية على وشك توقيع اتفاقية دبلوماسية أخرى يُنظر إليها على أنها أكثر أهمية لمصالح إسرائيل، وهي عودة مشتركة بين الولايات المتحدة وإيران إلى الامتثال للاتفاق النووي المعروف باسم خطة العمل الشاملة المشتركة”.
مرتفعات الجولان
وعلى صعيد آخر، فقد قلل فريمان من أهمية التقرير الذي قال إن روسيا قررت عدم دعم قرار إسرائيل الذي فرضت بموجبه سيادتها على مرتفعات الجولان السورية المحتلة.
وقال فريمان: “أعتقد أن روسيا لن تعترف أبدا بسيادة إسرائيل على مرتفعات الجولان، وهذا ليس جديدا، لربما أصدرت روسيا بيانا تجدد التأكيد فيه على موقفها، ولكن بشكل عام لم يكن هناك أي تغيير في موقف روسيا بما يتعلق بتواجدنا في الجولان”.
وكان نائب سفير روسيا لدى الأمم المتحدة دميتري بوليانسكي، قد هاجم إسرائيل، وجدد التأكيد على موقف روسيا بعدم الاعتراف بالسيادة الإسرائيلية على مرتفعات الجولان، وأنها جزء لا يتجزأ من سوريا.
وقال بوليانسكي، قبل ساعات من بدء روسيا هجمات عسكرية على أوكرانيا: “نشعر بالقلق إزاء خطط تل أبيب المعلنة لتوسيع النشاط الاستيطاني في مرتفعات الجولان المحتلة، الأمر الذي يتعارض بشكل مباشر مع أحكام اتفاقية جنيف لعام 1949”.
(الأناضول)
بدأت عقارب الكرونومتر بالعد للساعات الباقياتمن عمر دويلة الاحتلال الصهيوني الاسرائيلي العنصري البغيض الذي يقتل أبناء فلسطين و يهدم مساكنهم بغير وجه حق