لم نمر بفترة مجنونة مثل هذه الفترة، ولم يحدث أن زوجاً من المذعورين، موشيه بار سيمنطوف وبنيامين نتنياهو، سيدخلنا إلى هستيريا جماعية تتحدث عن خرافات عن مليون مريض وعشرات آلاف الوفيات، ويرفضان إخراجنا بشكل كامل من الإغلاق الذي يقضي على الاقتصاد ويتسبب ببطالة شاملة. ولم يحدث على الأقل ليس في الـ 35 سنة الماضية، أن ميزانية الدولة تمت استباحتها وهي تدار بصورة مستباحة وفوضوية، دون قيود ودون حراس عتبة، الأمر الذي سيقودنا إلى أزمة اقتصادية قاسية، أخطر من كورونا.
هذا السلوك عديم المسؤولية له سابقة واحدة. في بداية الثمانينيات، في مثل هذا اليوم، بذرت الدولة المليارات التي لم تكن لها، وزادت العجز إلى مستوى خطير بلغ 10 – 15 في المئة. وكانت النتيجة تضخم كبير جداً بلغ 450 في المئة في السنة، وتخفيضات متتالية، ومخزن دولارات آخذ في النفاد. وشكلت وزارة المالية لجنة سرية برئاسة آريه منتكفيتش، التي كانت مهمتها اتخاذ قرار حول من سيحصل على الدولارات الأخيرة- شركة الكهرباء من أجل استيراد الوقود أم مستوردي الغذاء. هذا الوضع الخطير أدى إلى تشكيل حكومة وحدة وطنية في العام 1984، حكومة جميلة توزعت بين الليكود و”العمل”، وعرضت خطة لاستقرار الاقتصاد. نجحت الخطة وأنقذ الاقتصاد، لكن الثمن الاجتماعي – الاقتصادي كان باهظاً.
منذ ذلك الحين وخلال 35 سنة، حافظت حكومة إسرائيل على عدد من القواعد الأساسية: ميزانية مسؤولية، وعجز منخفض، والامتناع عن طباعة النقود. هكذا نجحنا في اجتياز أزمات قاسية مثل الانتفاضة الثانية وأزمة الرهن العقاري. الدروس اختفت، وحراس العتبة أُزيلوا، ونتنياهو -بتشجيع خطير من المستشار الاقتصادي آفي سمحون، وبموافقة غير مسؤولة من قبل محافظ بنك إسرائيل، امير يارون – يحرق المدينة وهو يقف على تلة يعزف على القيثارة أمامها.
حتى الآن تم الحديث عن خطة إنقاذ بمبلغ 80 مليار شيكل. هذا مبلغ كبير ليس له مصدر. لم يكون هناك خصم بسبب، وكله زيادة العجز الذي يبلغ اليوم 11 في المئة من الإنتاج. ووصل الدين إلى عنان السماء: 75 في المئة من الإنتاج. والقروض يجب تسديدها. هذه المعطيات تضعنا في مكان سيئ بشكل خاص. لذلك، فإن شركة تصنيف الاعتماد “موديس” خفضت لنا التصنيف.النتيجة هي ارتفاع نسبة الفائدة ومس بالاستثمارات والأعمال التجارية وضربة شديدة للأزواج الشابة الذين حصلوا على قروض سكنية.
ولكن هذا هو بداية الاستباحة، فالسلطات الكبرى ضغطت، ونتنياهو وكحلون أصيبا بالذهول وأمرا بإعطاء تعويضات بمبلغ 6 مليارات شيكل للمصالح التجارية الكبرى. الحديث يدور عن خطة سيئة بشكل خاص ستؤدي إلى تشويهات وعدم نجاعة. ورغم ذلك، تجد تأييداً البروفيسور يارون. لقد سار مثل الأعمى وراء عيدي برندر من قسم الأبحاث في بيت إسرائيل، والذي أراد طوال حياته زيادة نفقات الحكومة حتى سنحت له الفرصة الآن.
حاول أعضاء قسم الميزانيات إنقاذ شيء ما، وحاولوا إقناع كحلون بأن يمول مبلغ الستة مليارات شيكل من خلال خصم الأجور ومخصصات التقاعد لموظفي القطاع العام. ولكن كحلون نظر إليه بهدوء وقال: “يمكن تقديم هذا الاقتراح لوزير المالية القادم”.
في النقاش الذي جرى هذا الأسبوع، قال سمحون إنه يمكن زيادة التعويضات إلى 8 مليارات شيكل وأنه يجب اعطاء تعويض لمن لم يرسل عماله إلى إجازة بدون راتب. جنون مطلق. ولكن نتنياهو حطم الرقم القياسي وقال إنه يمكن رفع التعويضات إلى 15 ملياراً. لا توجد حدود، لا توجد قيود، كل شيء مستباح والعجز وصل إلى عنان السماء، وما يريده هو أن يحبوه ولا يتظاهروا.
ذات يوم ما بعد كورونا، سيقف وزير المالية الجديد مدهوشاً أمام أبعاد الكارثة وسينزل علينا عدة قرارات: رفع الضرائب، وتقليص الأجور، والمس بمخصصات التقاعد، وإلغاء الدعم، وتقليص في الرعاية، وتقليص في ميزانية القطار والصحة والتعليم والرفاه. وفي حينه، سيختفي نتنياهو عن شاشات التلفاز وسينشغل كحلون بحفلات الوداع. نحن الأجراء والمستقلون من القطاع الخاص سنبقى هنا لندفع كامل ثمن الاستباحات.
بقلم: نحاميا شترسلر
هآرتس 5/5/2020