باريس: لطالما شكّلت غوتشي قوة الدفع الرئيسية لمجموعة كيرينغ، لكن مبيعات العلامة التجارية الإيطالية الشهيرة تشهد حالياً انخفاضاً ملحوظاً، في سوق المنتجات الفاخرة العالمية التي تسجل تباطؤاً، وليس أمام كيرينغ أي خيار آخر سوى إعادة إطلاقها من خلال طرح منتجات أغلى ثمناً.
ويوضح إريك بريون، مؤلف كتاب “Luxe et digital” (الفخامة والعالم الرقمي- إصدار دار “دونو”) لوكالة فرانس برس أن “اعتماد مجموعة لهذه الدرجة على دار معينة أمر خطر”.
وتمثل العلامة التجارية الإيطالية، المعروفة خصوصاً بحقائبها وأحزمتها من جلد الثعبان، 50% من حجم مبيعات المجموعة التي يرأسها فرنسوا هنري بينو، وثلثي أرباحها التشغيلية.
لكن الربع الأول من عام 2024 يظهر مساراً تراجعياً، إذ يُتوقع أن تنخفض مبيعات غوتشي بنسبة 20% تقريبا، وفق ما حذرت مجموعة كيرينغ في آذار/ مارس، مع انخفاض متوقع “بنحو 10%” للمجموعة بأكملها.
ويضيف بريون أن منافس كيرينغ الرئيسي، “ال في ام اتش”، “لديه قوّتان دافعتان هما ديور وفويتون”، “لكن من الواضح أن خريطة الطريق المقدّمة لمايكل بيرك (الرئيس التنفيذي لمجموعة ال في ام اتش فاشن غروب التي تجمع علامات تجارية مثل سيلين، وجيفنشي، ولوي، وكنزو)، هي أن يكون لدى المجموعة خمس دور رائدة في خمس سنوات”.
وفي مثال آخر، يُسجَّل “هوس” لدى مجموعة “برادا” الإيطالية المنافسة بـ”تنمية ميو ميو”، إحدى علاماتها التجارية.
تعتمد غوتشي بشكل كبير على العملاء الآسيويين والزبائن ذوي “التطلعات الكبيرة”، وهم إجمالاً أشخاص أصغر سناً وأقل ثراءً، فضلاً عن محبي المنتجات “العصرية”. ومع ذلك، فإن سوق السلع الفاخرة الآسيوية لم تستعد نشاطها المسجل قبل جائحة كوفيد-19، فيما يتأثر العملاء ذوو “التطلعات الكبيرة” بالتضخم.
في عام 2019، قبل أشهر قليلة من تفشي وباء كوفيد-19، بدأت غوتشي استراتيجية تقوم على طرح منتجات أغلى ثمناً، إذ صنعت سلعاً “أكثر تعقيداً ورقياً، لعملاء يتمتعون بقدرة شرائية أعلى”، بحسب رئيس المجموعة فرنسوا هنري بينو.
وتقول جولي الغوزي مؤلفة كتاب “Manuel du Luxe” (كتيّب المنتجات الفاخرة – منشورات برس أونيفرسيتار دو فرانس) لوكالة فرانس برس إن “ما يُسمّى باستراتيجية الارتقاء هي الصحيحة من الناحية النظرية”.
الموضة تتغيّر مع الزمن، فيما المنتجات الفاخرة تعمّر أطول. وتوضح الغوزي “كان لدى غوتشي في البداية نموذج اقتصادي أقرب إلى نموذج الموضة، ومن الضروري تجديد نفسها بسرعة أكبر. ونتيجة لذلك، يُسجّل تناوب (في المشاعر لدى الزبائن) بين الإعجاب بالعلامة التجارية والابتعاد عنها”.
وتشير الغوزي إلى أن سياسة الارتقاء “هو القدرة على الحصول على قطع أيقونية عابرة للزمن”.
وإجراء مجموعة كيرينغ هذه الانعطافة “يعني أيضاً إعادة النظر في تموضع في قطاع الأزياء كان قوياً للغاية ومفيداً لغوتشي”، خلال حقبة المدير الفني السابق في المجموعة أليساندرو ميكيليه: في الواقع، بفضل المجموعات الأصلية لهذا المصمم الذي غادر المجموعة في عام 2022، زادت مبيعات غوتشي، من 3,9 مليارات يورو عام 2015 إلى 10,5 مليارات يورو عام 2022.
وتقول الغوزي “هناك قدر كبير من السردية يتعين القيام به حول القطع المميزة: يجب ألا نجعل المدير الفني نجماً، بل المنتجات”.
في الوقت نفسه، أعادت كيرينغ النظر في إدارة غوتشي من خلال تعيين أحد أقرب المتعاونين مع فرنسوا هنري بينو، وهو جان فرنسوا بالوس، على رأس العلامة التجارية والذي يُشكّل فريق جديد حوله منذ أشهر.
وأعلنت غوتشي الخميس تعيين نائب للمدير العام للشركة هو ستيفانو كانتينو، الآتي من المجموعة المنافسة لوي فويتون، والذي سيكون مسؤولا عن “تحديد وتنفيذ استراتيجية العلامة التجارية”.
وأوضح فرنسوا هنري بينو في شباط/ فبراير “لم تكن لدينا الخبرة والموهبة الكافية في المناصب الرئيسية في الشركة”، مشدداً على أن السلع الفاخرة تتطلب خبرة “قوية جداً” في المبيعات أو الترويج أو تحديد المصادر.
(أ ف ب)