القاهرة ـ «القدس العربي»: خيمت الأخبار التي تشير لعزم الحكومة إغلاق كافة المتنزهات والحدائق خلال أعياد الربيع «شم النسيم» على معظم الصحف المصرية الصادرة أمس الأربعاء 15 إبريل/نيسان.. تلك الصحف التي تناست معركة وجودية يعد لها بعناية في أديس أبابا، وعلى الرغم من المخاطر التي يواجهها المصريون في قضية حرب المياه، التي تشنها إثيوبيا باحترافية، مستغلة انشغال العالم بحرب كورونا، إلا أن تراجع اهتمام الكتاب بالقضية بات لافتاً.
لم يطل تفاؤل المصريين، حينما استبشروا برحيل الإرهاب عن أرضهم، مما اعتبروه أحد وجوه رحمة كورونا، حيث كشفت وزارة الداخلية عن وجود خلية إرهابية يعتنق عناصرها المفاهيم التكفيرية، تستغل عدة أماكن للإيواء في شرق وجنوب القاهرة، كنقطة انطلاق لتنفيذ عمليات إرهابية بالتزامن مع أعياد المسيحيين. وتابعت، في بيان لها، إنه تم رصد عناصر تلك الخلية والتعامل معها، ما أسفر عن مصرع 7 عناصر إرهابية عثر في حوزتهم 6 بنادق آلية و4 أسلحة خرطوش، وكمية كبيرة من الذخيرة مختلفة الأعيرة. وقالت إن التعامل مع الخلية الإرهابية، أسفر عن استشهاد المقدم محمد الحوفي في قطاع الأمن الوطني، وإصابة ضابط آخر واثنين من قوات الشرطة.
ملء سد النهضة أخطر من فيروس كورونا والبحث عن حاكم لسيناء يفتح النار على كاتب في «المصري اليوم»
من جهة أخرى، دعت دار الإفتاء أمس المواطنين إلى اتباع الأساليب الحكيمة في الإنفاق، وأن نستعين بالمؤسسات القوية مثل صندوق «تحيا مصر» الذي يقوم بدور كبير خلال هذه الأزمة. فيما أعلنت وزارة الصحة والسكان، أنه تم تسجيل 160 حالة جديدة ثبتت إيجابية تحاليلها معمليًا للفيروس، بينهم أجنبيان، ضمن إجراءات الترصد والتقصي التي تُجريها الوزارة، وفقًا لإرشادات منظمة الصحة العالمية، لافتًا إلى وفاة 14 حالة. وتعد هذه النسبة من الإصابات، أعلى نسبة إصابات تسجلها وزارة الصحة في يوم واحد. وتصدّر نشاط الرئيس عبدالفتاح السيسي وجهود الدولة في تنشيط الاقتصاد، رغم جائحة كورونا، وسعيها للحد من آثاره، أخبار الصحف المصرية. واهتمت الصحف كذلك باجتماع الرئيس السيسي مع الفريق أول محمد زكي القائد العام للقوات المسلحة، وزير الدفاع والإنتاج الحربي، والفريق محمد فريد، رئيس أركان حرب القوات المسلحة وقادة الفروع الرئيسية للقوات المسلحة، بمشاركة مدير إدارة المخابرات الحربية والاستطلاع. وذكرت الصحف أن السيسي اطلع على جهود القوات المسلحة في معاونة جميع أجهزة الدولة لدعم تنفيذ الإجراءات والتدابير اللازمة لمواجهة انتشار فيروس كورونا المستجد.
لصالح من؟
من أبرز المعارك التي خاضتها صحف أمس الأربعاء الهجوم المباغت، الذي شنه خالد ميري في «الأخبار» ضد نيوتن الكاتب في «المصري اليوم» قال ميري: «الصفقات المشبوهة دائماً، نشتمها من بين السطور المشبوهة، وآخرها ما كتبه نيوتن مجهول الاسم والهوية والانتماء في مقال في الزميلة «المصري اليوم» تحت عنوان «استحداث وظيفة». المجهول «نيوتن» يطالب بتعيين حاكم لسيناء لمدة 6 سنوات ليديرها بقوانين دول أخري وليس القانون المصري.. نيوتن الذي يبدو أنه يحمل الجنسية الإسرائيلية وليس المصرية، لا يرى في سيناء إلا إنها مهجورة جرداء وملعب مفتوح للجماعات المتطرفة، والصفقات المشبوهة. من حقنا أن نسأل هذا النيوتن عن الصفقات المشبوهة، التي تجري فوق أرض سيناء، من حق الشعب أن يعرف ما يعرفه الأخ نيوتن عن صفقات، هو وحده يعرفها ويصفها بالمشبوهة. ولأن نيوتن لا علاقة له بمصر، فهو قطعا لا يعرف أن سيناء تجري فوق أرضها الطاهرة أكبر عملية تحديث وتنمية لم تشهدها طوال تاريخها، من مشروعات زراعية وصناعية وصحية وبناء وتعليم، وفي كل المجالات، هو لا يعرف أو يعرف لكنه يتجاهل لغرض خبيث في نفسه، ولأنه ليس مصرياً فهو لا يعرف أن سيناء لم تعد ملعبا مفتوحا لجماعات الإرهاب والتطرف، وأن أبناء مصر الأوفياء من رجال الجيش والشرطة نجحوا في تطهير أرض الأنبياء من نجاسة الإرهاب، نجحوا في حصاره حتى يكاد يلفظ أنفاسه الأخيرة. وإذا كانت الحقائق الساطعة في عين الشمس تؤكد أن عمليات تنمية سيناء تجري بشكل متواصل، وأن الإرهاب يترنح ويلفظ أنفاسه الأخيرة، وأن الصفقات المشبوهة مكانها فقط بين السطور المشبوهة.. فهذا يدفعنا للتساؤل عن الغرض الحقيقي من وراء مقال نيوتن. نجد أنفسنا أمام دعوى مشبوهة أو عملية إرهابية، أو شائعة جبانة لا هدف لها إلا عرقلة المسيرة. وسؤالي للمجلس الأعلى لتنظيم الإعلام.. أليس من حقنا أن نعرف من هو هذا النيوتن، وما جنسيته، ومن وراء ما يكتب ولماذا؟».
فلتحذر إثيوبيا
في غمار القلق من وباء كورونا ينتاب مصطفى الفقي شعور بالقلق تجاه أزمة سد النهضة، مؤكداً في «المصري اليوم» على: «أن الإثيوبيين يدبرون أمرًا ويضمرون شرًا ويتخذون العدة لملء السد في أقرب فرصة، منتهزين حالة الانشغال الدولي بكارثة كورونا، وهنا أتساءل: ألا يشعر الأشقاء والأصدقاء بمخاطر العبث بالمياه، التي تجري في واديها الخصيب من المنبع إلى المصب منذ آلاف السنين؟ وهل اختار الإنسان بإرادته أن يصنع مشكلات تضر غيره، وسوف تنعكس عليه هو الآخر بالضرورة ذات يوم؟ هل غفل الجميع عن المخاطر المشتركة التي تواجه الإنسانية جمعاء وتضرب الكبير والصغير، وتغلف الدنيا بغلالة من الغموض وتهدد المستقبل في كل مكان؟ أكد الفقي على أنه يجب أن ندرك أن هناك محاولات تشارك فيها قوى كبرى معلنة أو خفية، تسعى للحد من الحجم المتزايد لتعداد الجنس البشري، بافتعال الحروب ودعم الإرهاب وإشعال الحرائق في الغابات، والسعي نحو مرحلة الشح المائي حتى لا تزدهر الحياة ولا تخضر الأرض، وحتى يعطش الإنسان والحيوان، إنها رؤية خبيثة أشار إليها خبراء علوم السكان، بدءًا من مالتس ودوركايم، حتى يومنا هذا، خصوصًا أن الانفجار السكاني في العالم خلق بؤرًا من زحام البشر وصدام المصالح والمخاوف المتبادلة بين الدول، لهذا فإنني أرى أن وباء كورونا يلتقي مع سد النهضة ضمن مجموعة المشكلات والأزمات مع اختلاف نوعيتها، وتعدد درجاتها، إلا أنها تستهدف جميعًا الجنس البشري كله، وقد أبرزت مأساة كورونا الأخيرة درجة الجفاء الإنساني والتقاعس عن دعم الآخر، ويكفي أن نتذكر أن دولًا أوروبية استنجدت بشقيقاتها ولم تجد ذلك الصدى الذي كانت تتوقعه، إننا أمام بروفة ليوم الحشر يوم لا يسأل الابن عن أبيه ولا يهتم الأخ بأخيه، فالصراع أمام الموت مخيف وجائر وتجوز فيه كل الاحتمالات».
الفقر أم كورونا؟
أيهما أصعب.. الإصابة بفيروس كورونا واحتمال الموت؟ أم الإصابة بفيروس الفقر؟. هذا هو السؤال المطروح الآن في مصر، وغالبية بلدان العالم التي اضطرت، كما تابع أحوالها عماد الدين حسين في «الشروق» إلى الدخول في موجة إغلاقات جزئية وشاملة، سببت خسائر متعددة للأفراد والحكومات والدول، بصورة جعلت الاقتصاد العالمي يعيش موجة أسوأ من أزمة الكساد الكبير عام 1929. ومن خلال مطالعة العديد من الآراء والمواقف، يرى الكاتب، أنه لا يوجد صح كامل وخطأ كامل في هذه القضية، بل هي مواقف ورؤى تقديرية لكل شخص أو طرف أو حكومة حسب معطيات كثيرة. وبالتالي علينا ألا نقوم بتخوين بعضنا بعضا، حينما تصر الجهات الصحية على الاستمرار في الحظر خوفا على حياة البشر، أو حينما تصر الجهات الاقتصادية على استئناف العمل، حتى يضمن البشر موارد يعيشون منها. خلال الأيام الأخيرة، كان واضحا أن الفريق الذي يرى ضرورة استئناف عمل الاقتصاد يتزايد، وفي مقدمة هؤلاء الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، المعارض بشدة لتوقف الاقتصاد منذ البداية، لكنه أيضا قال يوم الجمعة إنه سيلتزم بنصائح الأطباء إذا قالوا إنه يصعب استئناف عمل الاقتصاد في مايو،أيار المقبل. وزير الصحة الألماني بينس شبان، قال إن هناك إمكانية لتخفيف الإجراءات بعد عيد الفصح، شرط أن تبدأ أعداد الإصابات في التراجع، وأن يلتزم الناس بالإجراءات الاحترازية. إيران قررت استئناف النشاط، وقال رئيسها حسن روحاني: لا بد من نزول بعض الناس للعمل من أجل الإنتاج والنقل وباقي الاحتياجات». قبل إيران فإن الصين قررت أن تعيد النشاط لمدينة ووهان، بؤرة ظهور الفيروس الأولى، وأعلنت أنها سيطرت على الفيروس، وأنها وضعت خطة لاستئناف النشاط الاقتصادي. وهناك بلدان مثل النمسا والدنمارك والنرويج قررت الرفع التدريجي للحظر».
الجهل آفتنا
خلص طلعت إسماعيل في «الشروق» لما يلي: «أظهرت الأيام الأخيرة أننا لا نحارب قاتلا خفيا اسمه فيروس كورونا فقط، ولكننا نواجه في الوقت ذاته ميراثا من الجهل والتخلف المتراكم عبر عقود طويلة، يخلط أصحابه بين الخرافة والأوهام، ولا يقبلون بالحقائق العلمية، التي سعى الإنسان للتوصل إليها عبر أجيال من الباحثين والعلماء، ورجال الفكر وصناع الحضارة. تقول منظمة الصحة العالمية، التي يتبع العالم كله إرشاداتها في التعامل مع فيروس كورونا، أن جثث وفيات فيروس «كوفيدــ19» غير معدية ولا تنقل العدوى، فيتجمهر نفر من أهالي قرية شبرا البهو، في محافظة الدقهلية، لمنع دفن جثمان الدكتورة سونيا عبدالعظيم، رحمها الله، بمقابر القرية في مشهد مهين للمصريين جميعا.ورغم محاولة الأجهزة الصحية إقناع أهالي القرية بالحقيقة العلمية وطمأنتهم، إلا أنهم كابروا وتجبروا، فلم تنفع معهم إلا لغة الأمن، الذي تولى تفريقهم، وفتح الطريق لمرور عربة الإسعاف التي تحمل جثمان الشهيدة، التي لاقت ربها متأثرة بوباء لا ذنب لها فيه. واقعة شبرا البهو لم تكن الوحيدة في سجل مخز حاول فيه بعض قساة القلوب، ومن تملكهم الخوف بفعل الجهل، وربما بتحريض من قوى تحاول استغلال الموقف، منع دفن متوفين بمرض كورونا، فقد سبقتها واقعة مشابهة في قرية بولس في محافظة البحيرة، وأخرى في بهتيم في القليوبية عندما حاول أهل سيدة مسنة توفيت بالوباء دفنها فرفض البعض، فتوجهوا بجثمانها إلى بلدتها في محافظة الغربية. ما حدث في هذه المحافظات على علاقة وثيقة أيضا بواقعة التنمر، التي تعرضت لها الطبيبة الشابة في حميات الإسماعيلية، عندما سعي جيرانها لإخراجها من مسكنها خشية نقلها للعدوى من المصابين بفيروس كورونا بحكم عملها، ناهيك من عشرات الوقائع التي تنمر فيها قلة من الجهلاء بالمتعافين من المرض في مناطق متفرقة من البلاد».
الجيل الخامس قدوتنا
اهتم محمود خليل في «الوطن» بالجدل الدائر حول تقنية الجيل الخامس وعلاقتها بكورونا: «تخيل مثلاً أن لديك برنامج ذكاء اصطناعي خاصاً بقيادة السيارة. البرنامج في هذه الحالة سيدخل إلى خرائط غوغل والمعلومات المتوافرة عليه، ويحدد بمنتهى السرعة الطرق الأقل ازدحاماً. ولكي ينجح مثل هذا البرنامج، لا بد أن تتوافر سرعة معينة في نقل البيانات ومعالجتها، مهما كانت درجة ضخامتها، وأياً كانت دقة التفاصيل التي تحملها. هنا تكمن قيمة «الجيل الخامس». فهو الأكثر قدرة على مساعدة مثل هذا البرنامج ودعمه. لعلك تذكر ما حدثتك عنه حول تأثيرات الذكاء الاصطناعي على حجم العمالة، وكيف أنه سيمهد للتخلص من نسبة 80٪ من العاملين في الكثير من المجالات، وهي ببساطة النسبة التي تؤدي أعمالاً آلية، أو أعمالاً لا تحتاج إلى ذكاء بشري بتعبير أدق. لذا فدخول الجيل الخامس يمهد للتحول الكبير نحو الذكاء الصناعى، وتمدد برامج الذكاء الصناعي يمهد العالم للتخلص من نسبة لا بأس بها من العمالة البشرية. إن العلاقات المتشابكة بين الجيل الخامس والذكاء الاصطناعي وكذا تداعيات انتشار فيروس كورونا على العمالة، التي أصبحت حبيسة البيوت داخل دول العالم المختلفة، والخريطة الاقتصادية المتوقعة للعالم، بعد انجلاء غمة كورونا، هي التي أدت إلى الربط بين موبايلات الجيل الخامس وعدوى كورونا. وتبدو منظمة الصحة العالمية محقة في نفي وجود أي علاقة مادية بين الجيل الخامس وتهمة نشر العدوى، لكن مسألة العلاقة بين انتشار هذه التكنولوجيا وتكنولوجيا الذكاء الصناعي وفيروس كورونا مسألة تثير الحيرة. وهي حيرة تزداد عند مراجعة تلك النبوءة التي ترددت على لسان بيل غيتس – قبل عام من ميلاد كورونا – حول ظهور فيروس في الصين يضرب العالم كله في مرحلة لاحقة».
لصوص وخونة
احتفى محمد بركات في «الأخبار» باسترداد مزيد من الأراضي التي قام بالسطو عليها تجار الأراضي قائلا: «أوقع هؤلاء الذين استباحوا لأنفسهم بغير الحق الاستيلاء على أراضي الدولة، والبناء المخالف على الأراضي الزراعية، ووضع اليد بالقوة على ما لا يملكون، والاستحواذ على ما لا يستحقون، مستغلين انشغال الدولة في مواجهة الوباء، ومتوهمين أن أحدا لن ينتبه إليهم، وأنه سيفلتون بجريمتهم في غفلة من الزمن. وشقا الرحى اللذان سقط أو وقع بينهما هؤلاء، هما ميزان الحق وسلطة القانون، وكل منهما كفيل بإعادة الأمور إلى نصابها الصحيح، واستعادة الدولة لحقوقها التي انتزعت بالبلطجة، ومحاولة فرض الأمر الواقع في ظل الاعتداء على القانون، والتصور الخاطئ لغياب سلطة الدولة وضياع هيبتها. ولعلنا نتفق جميعا على أن أخطر الظواهر الاجتماعية التي طفت على السطح خلال السنوات الماضية، كانت بدون شك متمثلة في التصور الخاطئ لدى البعض من أصحاب الذمم الخربة، عن غيبة حضور الدولة وغياب سلطتها النافذة، خاصة في فترات الانشغال العام بالأزمات الكبرى، وفي فترات وأيام الإجازات القومية والأعياد وغيرها. وكان ذلك الغياب متوقعا ومعتادا وسائدا في ظل سنوات الفوضى العامة، التي عاصرت عواصف وزوابع الخامس والعشرين من يناير/كانون الثاني 2011، وما أعقبها من غياب الانضباط العام في المحليات بصفة عامة، ولدى ضعاف النفوس بصفة خاصة، وهو ما أتاح الفرصة للفاسدين، بالخروج على القانون واغتصاب حقوق الدولة والبناء العشوائي وإهدار الأراضي الزراعية. وخطيئة هؤلاء أنهم لم ينتبهوا إلى أن الدولة المصرية استردت قوتها وقضت على الفوضى، واستعادت هيبتها وبسطت سلطتها النافذة، بقوة القانون وسلطان العدالة والحق على كل شبر من أرضها، وأن عليهم الآن أن يدفعوا ثمن جريمتهم كاملا وغير منقوص لأن ساعة الحساب حانت».
سيتعافي البشر
من بين المتفائلين الدكتور مصطفى حجازي في «المصري اليوم»: «ستزول الغمة.. بحول الله وحده، وإن بدا أنها طالت. مع كل أزمة أو نازلة تعترينا، أمامنا خياران لا ثالث لهما.. إما أن نبقي مأزومين في الأزمة، نتباكى ونتكايد، كلٌّ يهرب للأمام درءًا للملامة والمحاسبة، أو أن نستنفر إبداعنا ونعمل عقولنا لنعي مآل ما نحن فيه، فنتحسب لخطواتنا التالية، ونستشرف مستقبلنا قريبه وبعيده. وعلي هذا النحو يكون الحديث عن ما بعد الزوال، أوجب من اللغو في ماض وحاضر أسسا لتلك الجوائح وكرسا قدرتها على صرعنا. ففي مسار البناء المستقبلي – الحقيقي لا المتوهم – ستكون حقيقة إخماد نار كل كارثة، أكثر من الصخب حولها. سَمِّهِ «بعد الزوال» أو «شمس اليوم التالي»، أو «عالم ما بعد الوباء».. أيًا ما كان الإطار الزمني الذي تشي به تلك العناوين من مستقبل قريب أو بعيد أو أبعد.. سيظل هو الأولي بوعينا وحركتنا. أن يتعافي البشر من الداء لا جديد في ذلك، ولكن الجديد هو شكل الأوطان والعالم بعد الزوال، الذي نستطيع أن نجزم بأن ما بعده لن يكون كما قبله. أن ينهزم الفيروس – ذاك الضئيل الخبيث – كما انهزم كل سابقيه، فليس ذلك حري بالدهشة، فهو ليس الأول في تاريخنا ولا تاريخ البشرية، ولكن فداحة الخراب الذي أحدثه هو الأولى بالدهشة والتأمل وقراءة منصفة للواقع تقول ذلك. سيتعافي البشر لأن توقهم للحياة والحرية أقوى من كل داء يمنعهم الحرية ويهدد حلم الحياة الأكرم والأسعد والأعدل.. ولكن ستبقي مساراتنا لحماية الحرية والحياة، أولى من مجرد قدرتنا على انتزاعهما من براثن داء خبيث. سينحسر الوباء وينتهى، ولكنه سيسلم العالم وبلادنا إلى تحديات – أو اضطرابات – اقتصادية واجتماعية وسياسية جمّة قد تستمر لأجيال».
موت الأفكار
أكد الدكتورعبد الله ظهري في «الشبكة العربية»: «الجائحة تجاوزت الواقع بشكل لا يصدقه عقل، كورونا إعصار يضرب في كل الاتجاهات.. يضرب بلا رحمة ولا هوادة ولا تمييز. وقبل أن تضرب كورونا الأجساد تضرب الأفكار والتصورات والمسلمات، إذا لم تكن مستعداً لتغيير أفكارك وتطوير تصوراتك ومراجعة مسلماتك، فاستعد لانتقام كورونا. كورونا تستطيع أن تطوي صفحتك أو صفحات كتابك بين عشية وضحاها. يبدو أن كورونا كما أشار الكاتب، على الأرض لتجبر أهلها على تغيير أفكارهم. يبدو أن الأرض ضاقت ذرعاً بأفكار أهلها، ويبدو أن الأرض تبحث عن أفكار جديدة تبدل حالها. حياتنا تصنعها أفكارنا وسلوكياتنا، تشكلها أفكارنا وأهدافنا، تبنيها أفكارنا وصراعاتنا، تشعلها أفكارنا. كورونا تضرب أفكارنا لنعرف أن الحياة كان ممكناً أن تكون أفضل من هذا بكثير.. وسلوكياتنا كان ممكناً أن تكون أفضل من هذا بكثير، وأهدافنا كان ممكناً أن تكون أرقى من هذا بكثير، وصراعاتنا كانت لها حلول أنفع من هذا بكثير، كورونا تضرب الجميع، أفرادا ومؤسسات ومجتمعات.. الجميع عليه أن يعيد التفكير في طريقة تفكيره، حتى هؤلاء الذين يسيرون على الطريق الصحيح ـ أو يتصورون أنهم على الطريق الصحيح- عليهم أن يعيدوا صياغة أفكارهم من جديد! العالَم مثل الإنسان في أكثر حالاته يحتاج إلى حدث جلل يفرض عليه التغيير فرضاً. وتوصل الكاتب لنتيجة مفادها، المؤكد أن العالَم سيتغير لأن طريقة تفكيره ستتغير.. ويظل سؤال المصير، ما الذي سيتغير في تفكير العالَم؟».
المساواة
تساوت الرؤوس، كما تعترف منى ثابت في «المشهد»: «جاء فيروس لم ينفع فيه علم ولا مال، عاد البشر هم ثروات الأوطان، وحكمة الحكام هي الدرع، والتكافل هو صمام الأمان.. رؤساء أقوى الدول علما واقتصادا، في ورطة أمام واقع مُذهل ومقبل مجهول.. لذلك هدوء خطاب السيسي للشعب، واستعراضه الواثق لجاهزية التأمين والمساعدة، تواءم مع تميز مصر كأرض للأديان، وأثمرا المرجو من الرضا والاطمئنان.. توقعنا الأسوأ لمصر لسببين، ميراث تواكل وانسياق أعمى لأي سلطان، منبعه جهل الغالبية، واعتياد حكامنا على التعمية، أو حجب نصف الحقيقة.. لكننا نستبشر خيرا من واقع توافر السلع التموينية وأماكن العزل، وعودة الأمن للشارع، والقرارات الاحترازية الخاصة بالطلبة والموظفين والعمال. مع العزل أصبح التلفزيون حاضنا وقائدا، أظن أن لماسبيرو وزير إعلام، ومسؤوليته تخصيص قناة بث مباشر 24 ساعة، تنقل الحقائق مجردة من مواقع الأحداث، فهل الكاميرات صدئت أم أصابها رُهاب الخروج من الاستوديو بالكساح! مرفوض التقاط أخبار مصر من خارجها، مطلوب رصد سلبيات سلوك الشارع.. وحصد الإيجابيات اليومية، من تتبع حالات التعافي، واستعراض مواقع العزل، مع فواصل تكرار سُبُل الوقاية، بلغة تتناسب وخطورة الموقف، ومضاعفة رسائل التأهيل النفسي. على التلفزيون إغلاق برامج الكراسي، واستعراض مصائب العالم لنفرح بحالنا، ونسبح في التغييب والاستهتار! لأن الإعلامي مقاتل. واجب التلفزيون استثمار الأزمة في مطاردة السلوكيات المرفوضة لتعديلها، ورصد حال الغافلين، واستنفار همم الأحياء لرفع القمامة في ساعات الحظر، ودفعها لتأمين صحة عامل النظافة دائما وليس مؤقتا.. لقطات حية مع موجز ذكي ستدفع المجتمع إلى تغيير سلبيات تعودها ولم تعد تزعجه، أخطرها النظافة والاستهبال وحداقة مخالفة القانون.. واجبه تجميع إيجابيات فرضها الفيروس والحظر».
وداعاً أيتها الجميلة
الصحافية الشابة غادة الشربف غيبها الموت فجأة فنعاها حمدي رزق في «المصري اليوم»: «لم أسمع منها وعنها إلا كل طيب، كانت مثل النسيم تحس به رقيقا بدون أن تسمع هسيسا، سبحانه وتعالى يختار من عباده إلى جواره ولا راد لقضائه، راضون بمشيئته، ونتمنى رحمته. إن العين تدمع والقلب يحزن ولا نقول إلا ما يرضي ربنا، وإنا لفراقك يا غادة لمحزونون، كانت حاسة بقرب الأجل، ألم أقل لكم يوما إن من ناداه المولى عزّ وجلّ يحس بدنو الأجل، فينفض وعثاء المرض، ويطوف على الأحبة مودعًا، تستغرب ماله يودعنا هكذا، لا تصدق، فيرحل فتُذهل، ولكنه قضاء الله، ولا راد لقضائه، راضون بالقضاء. قبل أن تغادرنا على لقاء في الجنة إن شاء الله، ودعتنا، وكان آخر ما دونته الراقية عبر حسابها على فيسبوك «دفتر الأحياء في وداع الأحباب»: «من كان في قلبه لي شيء من الحب.. فليدعو لي.. ويا رب تكون آخر عملية لي النهاردة وتكون فيها راحتي من كل وجع يا رب.. فوضت أمري كله ليك يا رب». كانت تودعكم وأنتم عنها غافلون، ونشرت غادة الشريف، صورتها أم عيون جميلة، مدونة عليها: «أستودعك لحظة خروج روحي يا الله.. فاجعل آخر عهدي بهذه الدنيا شهادة تدخلني الجنة»، كانت في حالة وداع لدنيانا الفارغة، التافهة، التي لا تساوى الأحلام فيها قبضة تراب، وتحت التراب نستودع ربنا الأمانات جميعا. تكفيني مؤمنة، كلمات طيب الذكر بيرم التونسي بصوت العظيمة أم كلثوم، مؤمنة النحيب على رحيل فتاة لم تَرَ دنيا سوى دنيانا الصعبة، وآلامها البرحة وقسوتها على الطيبين، يقول عم بيرم في نياحة تقطع نياط القلوب:«حطيت على القلب إيدي/ وانا بودع وحيدي وأقول يا عين اسعفيني/ وابكي وبالدمع جودي».
عالمية الإسلام
يثبت الدين الإسلامي، كما أقر بذلك إبراهيم أبو كيلة في «البوابة نيوز»: «إنه دين عالمي شامل كامل.. صالح لكل زمان ومكان.. لم يكن فقط دين عبادات.. وإنما اشتملت شريعته بخلاف العبادات، على أحكام المعاملات في كل أمور الحياة، وكان اهتمامه بصحة الإنسان وسلامته البدنية ونظافته الشخصية، لا يقل عن اهتمامه بالعبادات والفروض، لأن الصحة ضرورية لأداء الإنسان للعبادات والفروض، والقيام بالعمل وكسب الرزق، وهي التي تساعده على استمرار حياته والحفاظ عليها. وقد اشتمل القرآن الكريم والسنة النبوية على الكثير من الآيات والإرشادات التي تحض على النظافة والحفاظ على الصحة، وكل ما يصلح النفس البشرية ويحفظها من المهالك.. فقد أمر الله تعالي بطهارة الجسم والملبس، حيث قال في كتابه الكريم: «يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا قُمْتُمْ إلى الصَّلاةِ فَاغْسِلُوا وُجُوهَكُمْ وَأَيْدِيَكُمْ إلى الْمَرَافِقِ وَامْسَحُوا بِرُؤُوسِكُمْ وَأَرْجُلَكُمْ إلى الْكَعْبَيْنِ وَإِنْ كُنْتُمْ جُنُبًا فَاطَّهَّرُوا». وقال تعالى: «لا تقم فيه أَبَدًا لَمَسْجِدٌ أُسِّسَ على التَّقْوَى مِنْ أَوَّلِ يَوْمٍ أَحَقُّ أن تَقُومَ فِيهِ. فِيهِ رِجَالٌ يُحِبُّونَ أن يَتَطَهَّرُوا وَاللَّهُ يُحِبُّ الْمُطَّهِّرِينَ». أما السنة النبوية التي جاءت كتفصيل لأحكام القرآن، فقد تضمنت الكثير عن النظافة والطهارة وأهميتها لحفظ الجسد والنفس.. وكذلك الطعام الصحي وآدابه ومكروهاته ومنهياته، فقد وضع رسولنا الكريم أسس التعامل مع الأوبئة.. والوقاية منها.. فقال صلى الله عليه وسلم: «إذا سمِعتم بالطاعون بأرضٍ.. فلا تدخلوها.. وإذا وقَع بأرضٍ وأنتم فيها.. فلا تَخرجوا منها».
ماذا لو؟
محمد أحمد طنطاوي في «اليوم السابع» يتساءل: «ماذا لو استمرت أزمة كورونا لمدة عام؟ سؤال يدور فى رأسي منذ عدة أيام.. خاصة أن هذا السيناريو حدث من قبل في جائحة الأنفلونزا الإسبانية، التي اجتاحت العالم خلال 1918 ـ 1919، وحصدت أرواح من 20 إلى 50 مليون شخص وفق العديد من التقديرات، التي لا يمكن الحكم بدقتها بنسبة 100٪.. شكل العالم حال استمرار كورونا لمدة عام سيتغير كثيرا، فأتصور أن الدول العظمى سيقاس تصنيفها بقدر ما لديها من وسائل وأدوات لإنتاج الكمامات والمطهرات وأجهزة التنفس الصناعي، وأسرة المرضى، وأعداد المستشفيات، بل قد يكون كل ما لدى الدول من عملات صعبة وذهب وبترول، يتحدد سعره قياسا على ما لديها من هذه الأدوات، أو قد نصل إلى سيناريو أبعد من ذلك كأن يكون احتياطي البنوك «كمامات ومطهرات» بدلا من النقد الأجنبي، أو يحصل المواطن على كمامته من خلال بطاقة التموين لنضمن عدم وجود احتكارات أو ارتفاعات فى الأسعار. لو استمرت أزمة كورونا في العالم لمدة عام ستفقد كل العمالة الموجودة في القطاع الخاص وظائفها، وستعلن شركات العقارات والسيارات إفلاسها لغياب الطلب، وستتحول الأراضي الزراعية والمساحات الخضراء إلى ثروات قومية لا تقدر بثمن، فستلجأ كل قرية أو مدينة لتحقيق اكتفائها الذاتي واحتياجاتها الغــــذائية، من خلال ما لديها من أراض زراعية، فلن يكون للأموال أي قيمة مقابل حفنة القمح أو الذرة، التي تخرج من الأرض.
لا أتمنى أن يكون ما أكتبه فى السطور السابقة يعبر عن سيناريو مستقبلي قد يحدث بصورة جزئية أو كلية، لأن هذه الفرضيات تعني أن العالم سيبدأ من نقطة الصفر، وإن كنا نتكلم الآن عن التحول الرقمي وتطور التكنولوجيا والعمل من المنزل، إلا أنه حال استمرار هذه الجائحة العالمية سنترك كل هذا، بحثا عن مصدر للطعام وتأمين احتياجاتنا الأساسية، ولو كانت عند حد الكفاف، فهذه السيناريوهات تدفعنا إلى ضرورة التفكير في المستقبل والاستعداد جيدا بتأمين الاحتياجات من الغذاء والدواء، لأطول فترة مقبلة، لعل الأزمة الراهنة تجد قاعا تتوقف عنده، فالفترة المقبلة ستختبر مدى قدرتنا على الصمود والبقاء فى مواجهة الأزمة. يجب أن نضع الخطط المستقبلية وفق أحلك السيناريوهات المتوقعة، حتى نخرج من هذه الجائحة العالمية بأقل خسائر ممكنة، فالوقت الراهن يحتاج إلى استعداد حقيقي من الشعوب أولا قبل الحكومات، فالمقبل لا يمكن أن تنظمه القوانين وحدها، لكن يحتاج إلى إرادة من المواطن ووعي حقيقي بخطورة الأزمة، وعلينا أن نقرأ جيدا السيناريوهات المماثلة، ونبحث في الدفاتر والأوراق القديمة عن كل ما أحدثته الأنفلونزا الإسبانية من آثار في العالم، وقياس أرقامها على أعداد سكان العالم اليوم، ووضع الخسائر في ضوء المستجدات الراهنة وما قد ينتج عنها من نتائج سلبية. الفرصة الوحيدة فى أزمة كورونا أن العالم كله في «مركب واحدة»، فالوباء لم يفرق بين دولة غنية أو فقيرة، بل ضرب الجميع وإن كان بدرجات متفاوتة، لذلك علينا انتهاز هذه الفرصة والتفكير بصورة تخدم المستقبل الذي لا نعرف ما يختبئ فى جعبته».
حماية المواطنين
اثنى عباس الطرابيلي في «الوفد» على قرار محافظات السواحل بمنع استقبال رحلات اليوم الواحد إليها، حماية للصحة العامة من كورونا، وبالذات المحافظات القريبة من القاهرة الكبرى، وفي مقدمتها محافظات السويس والفيوم ودمياط والإسكندرية.. ولكن ماذا عن الساحل الشمالي الغربي.. أضاف الكاتب: «إذا كانت الدولة تؤكد إغلاق الحدائق العامة والمتنزهات أمام من تعودوا زيارتها في يوم شم النسيم، فالإسكندرية أغلقت كل شواطئها أمام الزوار.. سواء من أهل الإسكندرية أنفسهم، أو ممن تعودوا زيارتها في هذه المناسبة، أما رأس البر فكانت تستقبل من زوار اليوم الواحد حوالي مليون شخص لينعموا بشواطئ المصيف.. وأيضاً بشاطئ الجربي، وكان يدخل المصيف – في هذا اليوم – مئات الألوف من السيارات. وخوفاً من كورونا وتوابعه سوف يتوقف احتفال كل المصريين بيوم شم النسيم.. ولكن هل يتوقفون عن تناول الفسيخ والسردين والرنجة.. وهل تبور كل هذه السلع التي ينتظرها صناع الفسيخ، من العام للعام.. وهي صناعة وتجارة مربحة وينتظرها الكل، ويستعدون لهذا اليوم، حتى باعة الخس والملانة والبصل الأخضر. وهل يتوقف الناس عن دخول حديقة الحيوانات وحديقة الأسماك، وكذلك الأورمان.. وماذا عن حدائق القناطر الخيرية التي تعود الناس على الذهاب إليها لينعموا بشمة هواء بين رحاب حدائقها ومياه النيل، عند المنطقة التي يتفرع من عندها نهر النيل إلى فرعي دمياط ورشيد.. وهل تتوقف رحلات المراكب النيلية التي تنتظر هذا الموسم من عام إلى عام، بل تحلم بمزيد من الرزق في هذه المناسبة التي يحتفل بها كل المصريين ومن آلاف السنين».
وهل في عهد السيسي بقي شم نسيم في مصر!!!