إقالة نائب البنك المركزي التركي بعد أيام من تغيير رئيسه وسط تراجع تاريخي جديد في قيمة الليرة

إسماعيل جمال
حجم الخط
1

أنقرة- “القدس العربي”: في ثاني زلزال يضرب الأسواق والأوساط الاقتصادية في تركيا خلال أقل من أسبوعين، أقال الرئيس التركي رجب طيب أردوغان نائب رئيس البنك المركزي التركي بعد أيام قليلة من إقالة رئيس البنك في ظروف غامضة أثارت هلعا واسعا في الأوساط الاقتصادية ما أدى إلى تراجع الليرة التركية إلى مستوى تاريخي جديد غير مسبوق.

وبحسب مرسوم رئاسي نشر في الجريدة الرسمية في ساعة مبكرة من فجر الثلاثاء، أقيل نائب رئيس البنك المركزي التركي مراد جيتينكايا من منصبه، ليحل محله مصطفى دومان، دون ذكر أي أسباب لهذا القرار المفاجئ.

ووفقاً للسيرة الذاتية التي نشرها البنك المركزي، شغل النائب الجديد لرئيس البنك المركزي مناصب تنفيذية في مورغان ستانلي وعمل في الخزانة وأقسام إدارة المخاطر والتدقيق المحاسبي خلال مسار عمله المصرفي، وعلى الرغم من السجل الاقتصادي القوي لنائب الرئيس الجديد إلا أن التغييرات المتلاحقة وغموض الأسباب أثار مزيداً من التخوفات وجلب متاعب أكبر لليرة التركية التي لم تفق بعد من صدمة إقالة رئيس البنك.

على الرغم من السجل الاقتصادي القوي لنائب الرئيس الجديد للبنك المركزي إلا أن التغييرات المتلاحقة وغموض الأسباب أثار مزيداً من التخوفات وجلب متاعب أكبر لليرة التركية التي لم تفق بعد من صدمة إقالة رئيس البنك

والثلاثاء، فقدت الليرة التركية مجدداً 2.7 في المئة من قيمتها ووصل صرفها أمام الدولار الأمريكي إلى أكثر من 8.3 ليرة للدولار، ليصل إجمالي خسائر الليرة منذ إقالة رئيس البنك المركزي قبل نحو عشرة أيام إلى أكثر من 15 في المئة، إلى جانب الخسائر التي تلقتها بورصة إسطنبول أيضاً.

وفي 20 مارس/آذار، أقال أردوغان رئيس البنك السابق ناجي إقبال وعين بدلا منه شهاب قوجي أوغلو، الذي يدعم رؤية الرئيس بأن أسعار الفائدة المرتفعة تؤدي إلى زيادة التضخم وهو القرار الذي أدى إلى اضطراب في السوق وتراجع خاد في قيمة العملة التركية.

وما زاد من تراجع الليرة التركية وجود مخاوف متصاعدة لدى شريحة من الاقتصاديين والمستثمرين من أن الحكومة التركية ربما تعود إلى سياسات اقتصادية غير تقليدية، من بينها فرض قيود على رؤوس الأموال لحماية عملتها، لكن كبير مستشاري الرئيس للشؤون الاقتصادية قال إن تركيا لا تدرس فرض أي قيود على رؤوس الأموال، وهي التصريحات التي يبدو أنها لم تكن كافية لطمئنة المستثمرين.

وفي هذا الإطار، أفادت تقديرات دويتشه بنك بأن التدفقات الأجنبية التي نزحت من الأسهم التركية الأسبوع الماضي أي عقب قرار إقالة رئيس البنك المركزي، بلغت على الأرجح نحو 750 مليون دولار إلى مليار دولار، مع خروج ما يتراوح بين 500 و700 مليون دولار من السندات المحلية للبلاد.

وفي محاولة لاحتواء الأزمة، أكد محافظ البنك المركزي التركي، شهاب قاوجي أوغلو، مواصلة البنك استخدام كافة أدوات السياسة النقدية المتاحة بشكل فاعل ومستقل، وأكد الثلاثاء خلال أول اجتماع للبنك المركزي أنه مصمم على تحقيق خفض دائم للتضخم، قائلاً إن “الفترة الحالية تتطلب سياسة نقدية متشددة، نظرا لارتفاع نسبة التضخم والتوقعات المرتفعة”.

وشدد أوغلو على أن البنك المركزي عازم بشدة على تحقيق هدف خفض التضخم إلى 5 في المئة على الأمد المتوسط (في 2023)، من خلال استخدام أدوات السياسة النقدية بشكل مناسب، مشيراً إلى أن من شروط تحقيق بيئة التضخم المنخفضة هو تحقيق الاستدامة في النمو والعمالة، وقال إن “السياسة النقدية المتشددة ستكون السلاح الرادع ضد التقلبات العالمية وتقلبات الأسواق المالية”.

وفيما اعتبرت أنها رسالة بأنه لن يلجأ إلى خفض الفائدة بشكل حاد وقريب، قال قاوجي أوغلو: “قرارات البنك المركزي ستتخذ وفق نهج يعتمد على تدفق بيانات الاقتصاد الكلي، إذ إن الاستقرار الذي سيتم تحقيقه في المستوى العام للأسعار سيؤثر بشكل إيجابي على استقرار الاقتصاد الكلي والاقتصاد المالي، كما سيخفض من مؤشر علاوة المخاطر وبدء استبدال العملة العكسي زيادة احتياطات النقد الأجنبي والانخفاض الدائم في تكاليف التمويل”.

وعززت القرارات الجديدة من حالة عدم الاستقرار في الإدارة الاقتصادية والسياسية بالبلاد، حيث يعتبر الرئيس الجديد للبنك المركزي هو الرابع على التوالي في السنوات القليلة الأخيرة، وذلك منذ منح النظام الرئاسي الجديد في تركيا الرئيس صلاحية إقالة رئيس البنك المركزي الذي كان سابقاً يواصل مهامه بشكل مستقل على مدار فترة كاملة من خمس سنوات.

منذ عقود طويلة، ما زال سعر الفائدة المتغير الأكثر جدلاً في تركيا سياسياً واقتصادياً، لا سيما في العقدين الأخيرين من حكم أردوغان الذي يصر على ضرورة خفض أسعار الفائدة ويصف نفسه بـ”عدو الفائدة” لكنه ما يلبث أن يواجه صعوبات اقتصادية تدفعه مجبراً على القبول مجدداً برفع أسعار الفائدة

وما زاد من الآثار السلبية للخطوة الأخيرة، أن الرئيس الجديد للبنك المركزي ليس لديه سجل قوي في الأسواق الداخلية والخارجية ولم يتول مناصب اقتصادية هامة في السابق، كما أن لديه تصريحات ومقالات سابقة صرح فيها بأنه يعارض رفع أسعار الفائدة بشكل مطلق، ويعتبر أن التضخم هو نتيجة لرفع أسعار الفائدة، وأن خفض التضخم يمر عبر خفض أسعار الفائدة.

وفي ظل ظروف اقتصادية صعبة تمر بها البلاد لأسباب مختلفة أبرزها الآثار الاقتصادية التي خلفتها جائحة كورونا على الاقتصاد العالمي، يعتبر ارتفاع نسبة التضخم من أبرز التحديات الاقتصادية التي تواجه البلاد في الأشهر الأخيرة، وذلك بعدما وصل التضخم في شباط/فبراير إلى 15.6٪ بمعدل سنوي.

ومنذ عقود طويلة، ما زال سعر الفائدة المتغير الأكثر جدلاً في تركيا سياسياً واقتصادياً، لا سيما في العقدين الأخيرين من حكم أردوغان الذي يصر على ضرورة خفض أسعار الفائدة ويصف نفسه بـ”عدو الفائدة” لكنه ما يلبث أن يواجه صعوبات اقتصادية تدفعه مجبراً على القبول مجدداً برفع أسعار الفائدة.

ولا تلبث أن ترتفع أسعار الفائدة حتى يتم خفضها بناء على رغبة أردوغان، ولا تلبث أن تنخفض حتى يُجبر صناع القرار الاقتصادي والسياسي على رفعها لمواجهة الآثار الصعبة لها على الاقتصاد، وهو ما خلق حالة من عدم الاستقرار أضرت بالاقتصاد بشكل عام والعملة التركية والمستثمرين بشكل خاص.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

  1. يقول داوود الاردني:

    متى ينتهي مسلسل الاقالات حتى يكون هناك استقرار لعملة البلاد. اقترح على اردوغان استلام منصب حاكم البنك المركزي بالاضافه لموقع الرئاسه حتى يتوقف مسلسل الاقالات وينفذ ما يريده لان اي شخص يستلم المنصب سيقوم بما قام به اسلافه من رفع الفائده للحفاظ على استقرار العجز قبل تخفيضه..

إشترك في قائمتنا البريدية