عمان ـ ‘القدس العربي’: يؤشر التداول الواسع لشريط الفيديو الذي يعترض فيه أحد قادة جماعات المعارضة السورية على مداخلة برلمانية حاولت التشهير باللاجئات السوريات على مستوى تعاطف الشارع الأردني مع اللاجئين السوريين وسخطه على محاولات الإساءة لهم.
وفي الشريط المذكور يطالب قائد كتائب الحق في الجيش السوري الحر عشائر السردية شمالي الأردن بإسكات لسان ممثلته في البرلمان ميسر السردية التي تحدثت في مداخلة مثيرة للجدل لها قبل أسبوعين عن انتشار ظاهرة العاهرات والدعارة في الأوساط المحيطة بمخيم الزعتري للاجئين السوريين.
كلام المقاتل السوري انطوى على تهديد بأن الإساءة لشرف السوريات أمر غير مقبول وبأن الشعب السوري سيتصرف مهما تطلب الأمر حفاظا على كرامته وشرفه إذا لم تتدخل عشائر السردية للرد على ما ورد على لسان ممثلتها في البرلمان وهي صحافية سابقة أصبحت عضوا في البرلمان وأثارت عاصفة من الجدل عندما أطلقت تعميما اتهمت فيه أوساط اللاجئين السوريين بتوريد الدعارة للمجتمع الأردني.
لكن هذا الخلاف يصلح مثالا على مستوى التجاذب الذي يثيره في أوساط الدولة والمجتمع الأردني ملف اللاجئين خصوصا بعدما اعترض الأخوان المسلمون أيضا على مداخلة السردية معتبرين أنها إساءة غير منصفة لإن المواطن السوري يغادر وطنه حرصا على شرفه وكرامته بسبب ممارسات النظام السوري البشعة.
على الأرض رغم كثرة النقاش فرض اللاجئون السوريون إيقاعهم الحقيقي في أعماق المجتمع وبدا أن الشعب الأردني يرحب بهم عموما وأن كانت بعض النخب تخشى من ‘إقامة طويلة’ أشار لها رئيس الوزراء عبد الله النسور في لقاء مغلق عندما تحدث عن توقعات بأن يصل عدد اللاجئين السوريين لنحو ثلاثة ملايين، ملمحا إلى أن الكثير من هؤلاء لن يغادروا حتى وإن استقرت الأحوال في بلادهم.
اللافت أن السلطات الأردنية تكثر من الشكوى المتعلقة بملف اللاجئين والعبء الناتج عن تزايد واضح في أعدادهم لكنها تمتنع عن إغلاق الحدود وتستقبل يوميا الآلاف منهم وبدأت فعلا خطوات عملية لإقامة مخيمات إضافية تحت عنوان اللجوء السوري في عدة أماكن ومحافظات أردنية.
وداخل مخيم الزعتري أقام اللاجئون وسائل الإقامة الطويلة حيث افتتحت صالونات حلاقة وأرصفة لبيع الملابس والمواد الغذائية وبقاليات صغيرة تباع فيها الحلويات والساندويتشات ومطاعم ومقاه متنقلة في خطوة يقول الناشط المدني خليل إسكافي أنها طبيعية في إطار التفاعل التلقائي مع احتياجات ومتطلبات اللجوء والافتقار إلى الإيمان بحتمية العودة المبكرة.
وفقا للإسكافي تستطيع شراء بطانيات وكميات من الأرز والزيت والسكر والمعلبات وحتى بعض خيم الأمم المتحدة في السوق التلقائية التي تشكلت داخل أروقة مخيم الزعتري في الوقت الذي أصبح فيه من شبه المستحيل الحصول على شقة فارغة للإيجار في مدن شمال الأردن مثل المفرق وإربد والرمثا والقرى المحيطة بها.
وعلى الأرض أيضا بدأت السفارة الأمريكية تجري الترتيبات اللازمة لإقامة صندوق مالي متخصص يعتقد أن مقره سيكون في عمان وهدفه جمع المال من المجتمع الدولي لخدمة اللاجئين السوريين فيما بدأت تتخذ خطوات في الأردن لإجراء دراسات ‘رسمية’ نادرة بعنوان اللاجئين وكيفية التعاطي معهم.
وهذه الدراسات فيما يبدو تستهدف ‘تأهيل’ فريق من الخبراء البيروقراطيين لإدارة ملفات اللاجئين بعد تزايد السوريين تحديدا، خصوصا ان مظاهر القناعة الأمنية والسياسية بأن إقامة اللاجئين قد تصبح طويلة نسبيا بدأت الشهر الماضي فعلا في الأردن عبر الإعلان عن تعيين قوة دركية دائمة تحمي مخيم الزعتري برئاسة جنرال في الأمن العام.
ويعتقد على نطاق واسع بأن ملف اللاجئين أصبح بمثابة ورقة سياسية بالنسبة لمؤسسة القرار الأردنية يضمن هامشا لعمان في مستوى الدور الإقليمي ويتيح الحفاظ على المصالح الحيوية الأردنية المتعلقة بالملف السوري عند الجلوس إلى طاولة التسوية الكبرى في أي وقت مستقبلا.
لكن هذا الطموح يصدم في الواقع المتعلق بالخدمات والإعانات وضعف القدرات المحلية في إستضافة كميات كبيرة من اللاجئين الذين يعتبرهم رئيس الحكومة عبد الله النسور التحدي الأهم الذي يواده بلاده.