إلارهاب من غزة ينتصر

حجم الخط
1

إن منظومة القبة الحديدية انجاز تقني مدهش، يحق للاسرائيليين الفخر به. فقد نجح مهندسو رفائيل في احراز ما كان يعتبر غير ممكن ألا وهو اعتراض صاروخ أطلق من مدى قصير نسبيا، في الجو. وهذه شهادة اخرى على قدرات رفائيل الممتازة التي لا يُقدر اسهامها في أمن اسرائيل وقدرتها الردعية بشيء
تطلب تطوير هذه المنظومة بالطبع نفقة عظيمة من الموارد، والمنظومة نفسها باهظة الكلفة جدا في حين أن الصواريخ التي يفترض أن تعترضها رخيصة الى حد السخافة. وهذه علاقة نسبية غير متزنة اذا حسبناها حسابا اقتصاديا خالصا، لكن اذا كانت القبة الحديدية قد نجحت في انقاذ عدة اشخاص زمن الهجمات الارهابية من غزة فان أكثر الناس سيوافقون على أن الكلفة لم تذهب هدرا.
وبرغم ذلك فان أمل أن تزود القبة الحديدية المواطنين في الجنوب بمظلة دفاعية دائمة يستطيع السكان تحتها الاستمرار على الاشتغال بأمورهم دون خشية الهجمات الارهابية، ليس سوى حلم. فلا توجد أية منظومة قادرة على اغلاق السماء تماما فوق منطقة واسعة جدا واحكام اغلاقها في مواجهة هجوم صواريخ. فسينجح عدد من الصواريخ مع كل ذلك في الدخول ويحسن أن يهتم المواطنون بالبحث عن فضاء وقائي في اللحظة التي تظهر فيها العلامات الاولى على هجوم صاروخي. وتأمر قيادة الجبهة الداخلية السكان وبحق باغلاق المدارس حينما يزداد الخوف من هجوم صاروخي من غزة. ومن هذه الجهة يحرز الارهابيون هدفهم برغم قدرة القبة الحديدية المدهشة. فأيديهم هي العليا وما زالوا يجعلون أكثر من مليون مواطن اسرائيلي رهائن.
يميز هذا الوضع المواجهة العسكرية بين ارهابيين وجيش تقليدي. فالهدف الذي يصوب الارهابيون اليه هو مواطنون غير محميين يمكن تحديد مواقعهم بسهولة في حين يجب على الجيش التقليدي أن يحدد اماكن ارهابيين يختبئون بين سكان مدنيين وأن يمنعهم من الخروج لتنفيذ عمليات ارهابية. وليس من الممكن تقريبا ردع ارهابيين عن هجومهم على سكان مدنيين. ولا يمكن ردعهم إلا حينما يسيطرون سياسيا على منطقة يعملون فيها ويراهم السكان المدنيون مسؤولين عن مصيرهم. وهذا ما حدث على نحو لحزب الله في لبنان منذ اللحظة التي زادت فيها أهميته في الجهاز السياسي اللبناني، ولحماس في غزة منذ أصبحت القوة الحاكمة لقطاع غزة والمسؤولة عن السكان المدنيين الكثيرين هناك.
إن مهمة ردع الارهابيين من غزة صعبة على نحو خاص، فحماس منظمة ارهاب تلتزم ايديولوجيا بأن تبرهن على أنها لا توقف حربها لاسرائيل. وعلى إثر كل وقف اطلاق نار يأتي بالضرورة تجديد الاعمال الارهابية وتشتغل المنظمة بزيادة ما عندها من الصواريخ التي ستوجه على اسرائيل في اللحظة المناسبة. وإن وجود منظمات ارهابية اخرى في القطاع كالجهاد الاسلامي الذي يبدو أنه لا يقبل سلطة حماس يُعقد الوضع. ولذلك فان اضطرار السكان في الجنوب الى الجري بحثا عن الملاجيء مرة اخرى مسألة وقت فقط. والقبة الحديدية غير قادرة على تغيير هذه الحال ولا يستطيع فعل ذلك سوى دخول الجيش الاسرائيلي البري الى قطاع غزة وتدمير مخازن سلاح الارهابيين.
تواجه حكومة اسرائيل اذا الاختيار بين الاستمرار على الوضع القائم الذي يشوش فيه على حياة السكان في الجنوب مرة في كل بضعة اشهر ويزيد فيه الارهابيون في غزة في مدى اصابتهم، أو تنفيذ عملية تطهير في قطاع غزة. يبدو الخيار الاول أسهل حينما يُفحص عنه من القدس وتل ابيب لكن لا من وجهة نظر سكان الجنوب على الخصوص.
هآرتس 18/3/2014

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

  1. يقول Dr. Abufahd UK:

    نعم …. إلارهاب من غزة ينتصر… كما إنتصر إرهاب العصابات الصهيونية قبل و بعد عام 1948 بدون القبة الحديدية و والآباتشي و قنابل المخزن . طريق السلام معروف و طريق القتل والدماء المسكوبة معروف حتي ولو حصلتم على طائرات شمشون الجبار الجديدة التى يطلق عليها C130 و غواصات الدولفين النووية.

إشترك في قائمتنا البريدية