أقرت الحكومة بلحظة مباركة خطة خماسية بميزانية نحو 30 مليار شيكل، ستستثمر في البلدات العربية في الجليل والمثلث والنقب، بما في ذلك البلدات الدرزية والبدوية التي لها مكانة خاصة بسبب معدلات الخادمين منها في الجيش الإسرائيلي.
يعنى قسم معتبر من الخطة بتنمية وتحسين خدمات قائمة كالمواصلات العامة، وشبكات الصحة والتعليم، وبحكم دور الدولة في الاهتمام بمليوني مواطن عربي، دون صلة بهويتهم السياسية. يدور الحديث عن مواطنين يدفعون الضرائب ويقدمون مساهمتهم بقدر لا يقل عن كل فئة سكانية أخرى. أما النقد لتخصيص الميزانية في هذه الخطة، ولا سيما من الجانب اليميني من الخريطة السياسية، فهو شعبوي ويستهدف أساساً إحراج الحكومة.
الانطباع الذي يظهر أن هذه الميزانيات تحققت بفضل الموحدة “راعم” التي هي جزء من الائتلاف، هو انطباع مغلوط. فثمة حكومات سابقة، بقيادة أولمرت ونتنياهو، كانت قد أفرزت ميزانيات بل وأقرت خططاً تضمنت نحو 15 مليار شيكل، رغم عدم تحويل الميزانيات أو استغلالها كلها. ثمة تطابق في الآراء؛ لأن تنمية البلدات العربية هي محرك نمو كبير جداً للاقتصاد، فما بالك أن البلدات اليهودية باتت ميسورة، اقتصادياً بالأساس!
ولكن المفاجئ والغريب أن تقر الحكومة الآن تحديداً خطة للمجتمع العربي دون أن تتضمن السكان العرب في المدن المختلطة مثل عكا، واللد، والرملة ويافا، والتي فيها أكثر من 120 ألف عربي، في أماكن يفترض أن تكون نموذجاً صحيحاً لاندماجهم في الحكم المحلي والاقتصاد والتعليم. يبدو أن ثمة تجاهلاً مقصوداً، رغم ما حدث في تلك المدن قبل أقل من نصف سنة، نابعاً ضمن أمور أخرى من إحساس التمييز وانعدام الانتماء لدى السكان العرب، ولا سيما أبناء الجيل الشاب.
في إسرائيل نحو 80 بلدة عربية، نصفها يخلو من أي منطقة صناعية، وهو أمر يخلد البطالة والفقر. وعملياً، فإن النصف الآخر الذي يتضمن مناطق صناعية، لا يتعدى الأمر فيها مشاغل صغيرة تشغل عاملين قليلين، الأمر الذي يصعّب على السلطات المحلية تنمية البلدات والاستثمار من المداخيل والأعمال التجارية. وعليه، فإن أي خطة لا تتضمن إقامة وتنمية مناطق صناعية حديثة وإعطاء أولوية لمصانع وللشركات لإقامة أعمالها هناك أو لنقل أعمالها إليها، ستبقى مثابة مساعدة موضعية ولن تسهم في تنمية اقتصادية واستقلالية للسلطات المحلية العربية.
كما أن الخطة لم تعط ما يكفي من الانتباه لتوسيع مناطق الحكم في البلدات العربية، كجزء من مكافحة غلاء السكن. فالأملاك العقارية في البلدات العربية، ولا سيما في الجليل، أغلى بكثير مما في البلدات والمدن في الوسط اليهودي، كون الطلب كبيراً والعرض شبه صفري. الوضع الحالي سيدفع الأزواج الشابة لمواصلة تفضيل شراء الشقق في مدن مثل عكا، و”كرميئيل” و”نوف هجليل” والخروج من بلداتهم.
بقلم: جلال البنا
إسرائيل اليوم 27/10/2021