هل ستقبل الجزائر أي تفسيرات قد يقدمها لها المغرب؟ وهل سيعرض الأخير عليها ما تريده من شرح؟ لكن قبل ذلك لِما أقدم المغرب على كسر ما اعتبره الجزائريون خطا أحمر؟ وما الذي منعه من أن يغض الطرف، أو أن لا يتجاهل الأمر ويتصرف بالشكل والأسلوب الذي استخدمه منذ أكثر من أربعة عقود في الرد على جارته الشرقية، كلما أثارت مسألة الصحراء؟
لعل السؤال الأهم في سياق ما بات أحدث أزمة تشهدها العلاقة، المتوترة أصلا بين الجارتين المغاربيتين هو، ما الذي أدى إلى تلك النتيجة؟ وبعبارة أخرى ما الذي جعل اجتماعا افتراضيا لمنظمة فقدت وهجها منذ سنوات، يتحول إلى وقود إضافي للنار المشتعلة بينهما؟
لقد كان رمطان لعمامرة أحد أكثر العارفين بأن الرباط ستنظر إلى أي إشارة قد تصدر عنه، في أول ظهور له على الساحة الدولية، بعد استلامه مهامه على رأس الخارجية، حول ذلك النزاع بالذات على أنها المقياس الحقيقي للتعامل معه، ومع بلاده في المستقبل، لكن ألم يكن يدور بخلده، وهو يقول الأربعاء الماضي في كلمته في المؤتمر الوزاري لحركة عدم الانحياز، إنه على الأمين العام للمنظمة الدولية «الاسراع في تعيين مبعوثه الشخصي، وإطلاق عملية سياسية ذات مصداقية بين طرفي النزاع بهدف الوصول إلى حل سياسي عادل ودائم يضمن حق تقرير المصير لشعب الجمهورية العربية الصحراوية، العضو المؤسس في الاتحاد الافريقي»، أن ردة فعلها ستكون على ذلك النحو؟ ربما ذهبت تقديراته إلى أن الرد لن يتجاوز ما كان يحصل عند كل تراشق لفظي بين الجانبين، أو لعله أراد وبطريقة ما أن يختبر المدى الذي قد تصله جارته، إن فكرت في التصعيد. وفي كلا الحالتين فإن الموقف الجزائري الكلاسيكي حول الصحراء، كان يواجه بمتغير مهم وهو تحول الظرف. لقد كان لعمامرة واثقا جدا من أن لا إشكال سيواجهه في مكان الاجتماع، حتى إن كان افتراضيا، فمنظمة عدم الانحياز هي المجال الاستراتيجي للجزائر، والمعقل التقليدي لدبلوماسيتها، غير أنه كان من الوهم أن يفرط الجزائريون في الثقة في قدرتهم على إقناع الدول الأعضاء فيها، بالبقاء على مواقفها المؤيدة لهم. فما كان ممكنا لهم كسبه قبل أربعة عقود مثلا من ذلك الاجتماع، كأن يقابل خطاب وزير خارجيتهم بموجة حارة من الهتاف والتصفيق، يحصدون على إثرها دعما واسعا لمواقفهم الثورية والتقدمية، ولمطالبهم التحررية، لم يعد ممكنا تحصيله اليوم بمثل تلك السهولة، فهناك أشياء كثيرة حدثت في العالم، على مرّ السنوات، وجعلت ما كان يبدو تحصيل حاصل غير ثابت أو مؤكد. وأهم متغير إقليمي جرى في الأسابيع الأخيرة، هو أن الغريم التقليدي للجزائر، بدأ في إظهار مخالبه، والكشف عن وجه آخر في تعامله مع جيرانه. وكان المؤشر الأقوى على ذلك التحول هو، الطريقة التي أدار بها خلافه مع مدريد ومع برلين، والتي اختلفت جذريا عما عرفت به السياسة المغربية من مبالغة في ضبط النفس، وحرص على احتواء أي تصعيد. ومن خلال ذلك برز معطى مهم وهو أن الرسالة التي أرادت الرباط توجيهها إلى أكثر من طرف إقليمي ودولي عبر تصريح وزير الخارجية المغربي الناصر بوريطة، في عز الأزمة مع إسبانيا من أن «مغرب اليوم ليس هو مغرب الأمس» كانت تعبيرا صريحا عن أنه لن يكون بوسع المغاربة أن يقبلوا التعامل مع أي دولة تنتهك حقوقهم، أو تشكك في سيادتهم على الصحراء. ولعل ما عزز ذلك في وقت لاحق، أن الموقف الأمريكي الذي كان ينظر له في عدة عواصم على أنه سيكون قابلا للتعديل، وربما سيخرج إن لم يكن كثيرا فقليلا عما أقرته ادارة ترامب أواخر العام الماضي، من الاعتراف بمغربية الصحراء، قد ثبت وترسخ بشكل رسمي، من خلال تأكيد المتحدث الرسمي باسم الخارجية الأمريكية مطلع الشهر الجاري، على أنه لا تغيير في الموقف الأمريكي من تلك المسألة، وأن ما قررته إدارة ترامب في ذلك الخصوص «سيظل موقف إدارة» جو بايدن. وهذا ما جعل المغرب يبدو مصمما أكثر على تغيير قواعد اللعبة، وكان أكثر بلد أدرك في وقت مبكر من تطور الأزمة المغربية الإسبانية أن جارته لم تعد تقبل بأنصاف المواقف، بخصوص المسألة الصحراوية، هو موريتانيا، التي طار وزير خارجيتها إلى الرباط في زيارة لم يكشف بعد عن تفاصيلها، عدا تأكيد الجانبين على أنها كانت مثمرة وإيجابية.
القضية الصحراوية صارت جزءا راسخا من عقيدة النظام الجزائري، رغم أنها فقدت كثيرا من الداعمين والمؤيدين لموقفها
لكن العقدة الكبرى بقيت الجزائر، فالقضية الصحراوية صارت جزءا راسخا من عقيدة النظام، ومطالب تقرير المصير فيها ظلت بندا ثابتا على جدول أعماله. ومع أنها فقدت كثيرا من الداعمين والمؤيدين لموقفها حتى في معاقلها التقليدية، كبعض دول أمريكا اللاتينية وتراجع نفوذها وبشكل ملحوظ داخل القارة الافريقية، ما سمح لعدد من دولها، إما بسحب اعترافات سابقة بالبوليساريو، أو حتى بفتح قنصليات لها في المناطق الصحراوية، تأكيدا على اعترافها بمغربية الصحراء، إلا أن ذلك لم يدفعها للإقدام على أي مراجعات في سياساتها، أو إدخال أي تغيير على خطها أو أسلوبها في التعامل مع ذلك الملف. وكان واضحا أن الرباط لم تكن تعول كثيرا على حدوث اختراق مهم من جانب جارتها، وكانت تعرف جيدا أن ذلك لن يحدث، ببقاء الأدوات والوجوه والتوجهات القديمة نفسها، وأنه سيكون من الصعب جدا على النظام الجزائري أن يتخلص من البوليساريو، حتى إن باتت تشكل عبئا حقيقيا عليه. وبالمقابل فقد كانت تتوقع أن يقرأ الجزائريون بشكل جيد طريقة تصرفها مع الألمان والإسبان ويستخلصوا بعدها بأنفسهم ما قد يترتب عن ذلك، لكن لماذا ردّت الصاع صاعين، وقابلت قصفهم بقصف أشد؟ هل لأنها تأكدت أن لا طائل من منحهم فرصة أخرى، وأن الباب قد أوصد تماما أمام أي تفاهم أو تفاوض مقبل معهم؟ المؤكد أنها أرادت أن تسحب منهم أحد أقدم أوراقهم، فحين قلب المندوب المغربي في الأمم المتحدة الطاولة على الوزير الجزائري، وأشار إلى أن هناك تناقضا صارخا في تصريحاته، حيث إنه وفي الوقت الذي يقف فيه مدافعا قويا عن حق تقرير المصير «ينكر هذا الحق نفسه لشعب القبائل أحد أقدم الشعوب في افريقيا، الذي يعاني من أطول احتلال أجنبي»، على حد تعبيره، ليخلص إلى أن «تقرير المصير ليس مزاجيا، ولهذا السبب يستحق شعب القبائل الشجاع أكثر من أي شعب آخر التمتع الكامل بحق تقرير المصير». كان يشير ضمنيا إلى أن السلاح الذي طالما أشهرته الجزائر على جارتها، بات من الممكن أن يرتد عليها. لكن هل سيتوقف الأمر عند ذلك الحد؟ أم أن مغرب اليوم سيستمر في كسر القواعد للآخر؟ المؤكد أن توازنات وحسابات عديدة ستحكم ذلك، غير أن الثابت هو أن علاقة مغرب اليوم بجزائر الأمس لن تكون أسوأ مما كان عليه.
كاتب وصحافي من تونس
تحليل منطقي ، كان المفروض أن تخفف الجزائر من لهجتها وأن تجلس مع المغرب على طاولة المفاوصات ، ليتبين بالضبط ماذا تريد الجزائر ، وليتمكن الطرفان من تقديم بعض التنازلات وتنتهي هذه المشكلة المختلقة من طرف النظام الجزاىري والتي عمرت طويلا واستنفذت كل قدرات الجارة وصارت تطرح أكثر من علامة استفهام بالنسبة للشعب الجزائري .
لا حول ولا قوة الا بالله
كيف تساوي بين قضية صدرت في حقها العديد من القرارات الاممية وابرزها القرار 1514 وبين مشكلة داخلية اساسها المطالبة بحقوق هوياتية وثقافية -والا فالاولى استقلال الريف الذي خاض من اجله ع الكريم الخطابي المعارك ومات منفيا ودفن في المنفى لان جثمانه يخيف النضام في المغرب
من السهل استصدار قرارات في هذه القضية على غرار سابقتها.الامر لا يتطلب الا وقتا ليس الا.ان شءتم تقزيم الامم فالامر سهل في المغرب كما في الجزاءر وغيرها من دول العالم هناك اكثر من مبرر لجعل الاقاليم و الجهات مستقلة متشردمة .ان كان من توجه لحفظ حقوق المواطنين فهو السهر على صياغة دساتير تفصل فيها السلط من اجل احقاق الحق و الضرب على ايدي المختلسين والمتسلطين الا بشرعية وحق يستند الى مرجعية .انذاك يحق لي ولك دعم اي انفصال
نعم مغرب اليوم ليس مغرب الأمس، في مغرب الأمس عندما كانت تفتح الحدود مع اسبانيا كان يفر فقط من الجنة إلى النار حوالي100 او 200 في 24 ساعة اما مغرب اليوم فالجميع يعرف العدد او كما اطلق عليه السلاح القوي الذي ركع أوروبا
الحمد لله رب العالمين..الصحراء مغربية وستبقبى مغربية رغم كيد المكيدين
تبارك الله عليكم اخي الصحافي التونسي على ماجاء في مقالكم. مقال جامع مانع. يقول المثل المغربي فيما خلصتم اليه في هذا المقال:”الله افيقنا العيبنا قبل مايفيق ليه غيرنا”. العالم كله يعترف بالسيادة المغربية على صحرائه. الا النائمين. عشت اخي الصحافي مبدعا وعاشت تونس الحرة.
كمسلم ومغربي أشعر بالاسف والعار من حال الساسة في الجزائر والمغرب وأعاتب بالخصوص الجزائرين فالرسول أوصى بالجار ونحن اولى بالدعم الجزائري لوحدة المغرب و أولى بجهود ديبلوماسيته للدفاع عن المغرب الذي نعتبره جزء من الجزائر التي حارب أجدادنا لإستقلالها أكيد هناك أخطاء هنا وهناك لكن الاخوة يتعاتبون ولا يتحاربون كما هو الحال اليوم فاللهم أصلح ساسة البلدين وجميع أحوال المسلمين ووحد كلمتهم
يا اخي المسلم ما محل من الاعراب بتدخل الإسلام في هذه الأمور. القضية سياسية فيها ظالم و معتدي على حقوق بلد استرجع أرضه و وحد ترابه. المعركة سياسية وليست قضية عواطف و دين. أن كنت تؤمن بقضية بلدك فدافع عنه بحجج تاريخية و مقنعة. و ستلقى الخير و التفهم من غير المسلمين. خلي الدين بعيد من هاد شي. والسلام.
سلام الله عليكم
.
أشكرك سيدي على هذا التحليل الاستراتيجي الوجيه،لم يعد يخفى على أحد في العالم مدى قبح هذا النظام العسكري القبيح الذي سلب الشعب الجزائري الشقيق إنتخابات 1992,ونزع تقرير المصير لشعب من أجل الاستيلاء على خيراته.
نتمنى من الله أن ينصر ه
المغرب يعتقد ان الجزائر في حالة ضعف معتمدا على قناة المغاربية والماك الارهابية كما فعل سنة 1994حين فرض التاشيرة فكان على الجزائر غلق الحدود وكما فعل في حرب الرمال سنة 1963مغتنما حركة القبائل الذين توجهوا الى الحدود مباشرة بعد الاعتداء المغربي الذي يظهر ان حساباته خاطئة
نظام العسكر انتهى سنة 2015 و لكنه لم ينتبه إلى التغييرات الاستراتيجية و جيوسياسية التي طرأت في المنطقة و أن المغرب تحول الى قوة إقليمية و كان فقط يحاول ترك هامش للمناوة للنظام الجزائري للخروج من الأزمة تحت شعار رابح – رابح ، غير أن الجنرالات الثمانينيون لم يكن بمقدورة قراءة التحولات و التجاوب بإيجابية مع اليد الممدودة لملك المغرب سنة 2018 ، بل كان ردهم بالسب و الشتم و مزيدا من نشر الكراهية و العداء و الحقد و زرع الفتن و التفرقة و الشقاق بين الاخوة و الاشقاء حتى أخدهم الطوفان.