إلى أين يمضي قطار مصر؟

حجم الخط
30

شهدت مصر أمس الأحد انقلاب أحد قطارات ركاب خط القاهرة – المنصورة في مدينة طوخ بمحافظة القليوبية، وقد تحدثت مصادر محلّية عن إصابة أكثر من 100 شخص وسقوط ثمانية قتلى «وفق حصر مبدئي»، على حد تعبير مصادر أمنيّة وطبيّة مصريّة.
الحادثة هي الثالثة من نوعها خلال أقل من شهر، فقد شهدت محافظة سوهاج في 26 آذار/مارس الماضي تصادم قطاري ركاب، مما أسفر عن سقوط 32 قتيلا و165 جريحا، كما أسفر خروج قطار عن سكته في محطة منيا القمح في 15 نيسان/ابريل الماضي عن إصابة 15 راكبا.
تعد حوادث خروج القطارات عن مسارها أو اصطدامها من بين أكثر الحوادث تسببا في الخسائر البشرية والمادية، وحسب الجهاز المركزي للتعبئة والإحصاء فإن أرقام حوادث القطارات في مصر منذ 2006 وحتى 2020 لا تقل عن ألف حادث سنويا، ويمكن تتبع سلسلة طويلة من كوارث القطارات في مصر منذ تسعينيات القرن الماضي.
يمكن اعتبار هذا جزءا من عطب بنيوي في منظومة الدولة الوطنية المصريّة يدفع المواطنون المصريون، وخصوصا الفقراء منهم، ثمنها بأرواحهم، ولا يقتصر هذا العطب على حوادث القطارات، بل يشمل وسائل نقل أخرى، كما حصل في غرق «عبّارة السلام» عام 1998، والتي أدّت إلى غرق ووفاة 1033 شخصا، وقبلها عبّارة «سالم إكسبريس» التي أودت بحياة 464 مصريا، كما يشمل أنواعا أخرى من الكوارث التي تتسبب بها حرائق أو انهيار مبان أو جسور.
بدلا من تحمّل مسؤولية هذه الكوارث ومحاولة حل قضايا الفشل المتكرر والفساد الضارب الجذور يلجأ المسؤولون إلى استخدام أساليب لإبعاد المسؤولية عن أنفسهم، عبر إنشاء لجان تحقيق تتمخض، كما حصل في حادثة سوهاج الشهر الماضي، إلى تحميل المسؤولية لأخطاء فرديّة من سائق القطار أو مساعده أو الركاب، أو إحالة الأمر إلى القضاء، وهو أمر يمكن القبول به فيما يخص حادث فرديّ بعينه لكن عندما تكون الحوادث الخطيرة ظاهرة مستمرة و«معمّرة» فلا يُعقل، والحال هذه، تحميل المسؤولية لموظفين صغار أو للمواطنين المصريين أنفسهم، بدعاوى التكدّس الزائد، أو عدم اتباع الإجراءات الرسميّة، أو بالحديث عن عدد السكان وفوائد تحديد النسل!
تحيل حوادث القطارات (وغير القطارات) بشكل مباشر وواضح إلى مسؤولية النظام والحكومات المتعاقبة عن هذه الكوارث، وإلى ضعف شديد في أشكال المحاسبة الشعبية للحكام والمسؤولين الكبار، وبذلك يدفع المصريون الثمن مرّتين، مرّة بخسارتهم لأرواحهم وأرواح أقاربهم، ومرة بتحميل الفئات الأضعف في منظومة الدولة للمسؤولية بدلا من محاسبة الحيتان الكبار الذين يستهترون بأرواح الشعب المصريّ.
من الطبيعي أن توجّه الأسئلة في الحوادث إلى سائق القطار أو قبطان السفينة والطائرة، وأن يفتش المحققون في الصندوق الأسود لمعرفة مجريات الحوادث، لكن الطبيعي أيضا أن يتساءل المصريون ما الذي يفعله الرئيس عبد الفتاح السيسي، باعتباره سائق قطار مصر، وماذا تفعل حكومته ووزراؤه، ولماذا لا يتحملون هم مسؤولية هذه الكوارث المتواترة بدل تحميلها للضحايا؟

كلمات مفتاحية

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

  1. يقول اسماعيل علي:

    السيسي لا يعرف اخلاق و لا دين و لا قانون و لا دستور لايعرف القوة هي التي توقفه و الامر متروك لملايين المصريين الذي جعل السيسي حياتهم في كفه و حياته في الكفه الاخرى

  2. يقول محمد المخيلف:

    حين يطبل الشعب لجلاده ويؤلهه يستحق ما يجري به

1 2 3

إشترك في قائمتنا البريدية