إمارات اليوم الوطني بالأمطار والأخيار

حجم الخط
0

إبني قد يقول لكم: ورثتُ بيتا متواضعاَ من أبي عن جدّي، يُسقطه المطر، يُحرقه البرق ويعصفه الرعد قاعاً صفصفا.ً
فقولوا له: ولكنّك يا إبني ورثت بلداً أميناً يحكمه شيخَ كريم عن شيخ حكيم عالج الوطن قبل البدن.
إماراتُ عيدنا الوطني 42 هذا العام، تزامن قدومه بقدوم بشائرالخير (المطر) والمطرُ قدومه خير مهما تفاوتت آثاره من بلد لبلد، وشعب لشعب بين الأقاليم والقارات إذ لا إدانة ولا محاكمة للمطر في الشريعة والقانون، إن كانت السيول جرفت السيارات والأجساد بالأرواح من الشوارع لتحولها إلى هياكل وأشباح في الوديان.
إعلم يا بُني إن الجائزة الكبرى (البريمو) لن تأتيك من الفضاء على صهوة جواد أبيض مع رذاذ المطر، إن لم تكن قد اشتريت على الأرض بطاقة اليانصيب .. (زايد وراشد) رحمهما الله يوم إجتمعا 2 ديسمبرعام 1971 في منطقة (سيح شعيب) ببقية أخوانهما أعضاء المجلس الأعلى لدولة الإمارات العربية المتحدة العامرة، كانت (البريمو) على الطاولة هي فيتامين (إتّحاد).
أخي المواطن (إبن الوطن) .. وأخي الوافد (ضيف الوطن)
العلمُ هذا الذي يرفرف فوق رأسك، ليس بثلاثة ألوان ولا أربعة وخمسة، إنه ينفتح على كل الألوان بلون الإتحاد الذي رحب بكل من أحب الإنضمام، والشقيقتان البحرين وقطر كانتا من أوائل المُرحّبات (بفتح الحاء) بهما إلى تلك المائدة المستديرة (بريمو يانصيب) .. ذاك يومٌ وُلد فيه الإتحاد بالشمعة الأولى للعلم، واليوم علم الاتحاد بشمعته 42 يرفرف من الخليج الى المحيط على كل بقعة ترحب بها في عواصمها الثقافية والسياسية والإقتصادية .. فيرحب بها الإتحاد في ربوع إماراته النفطية والتجارية والصناعية والسياحية .. وما بين إمارة وإمارة اصداءٌ واصداء لما جرى ويجري على الأمتين العربية والإسلامية من بوسنة وهرسك الى بغداد ودمشق وبيروت والقاهرة.
يوم 2 كانون الاول/ديسمبر2013 تستحضره ذاكرة كل من عايش يومه عام 1971، كيف كانت الإمارات السبع يومذاك بين رذاذات السواحل المتصالحة!؟ وكيف الإتحاد اليوم بفولادات الإمارات السبع الواحدة!؟ إمارات ذات 42 شمعة اليوم، تملأ الروح بنفحات السمو والصفاء، تعمر حالتها ولا تدمر جارتها، إنها نووية لكنها ودية، إنها إقتصادية مادية لكنها بالزكاة والفطرة من الإقتصاد الإسلامي، إنها سياحية لكنها أيضا بالسياحة الدينية وبرمضانيات المنابر والمآذن ومصلى العيد في كل مكان، إنها تطلب التسامي عن آلامها، لكن آلامها آلام الوطن بحكم تبنّيها آلام الوطن الكبير، نعم إمارات الوطني42 اليوم بالإرتقاء، إرتقاء المسلمين والعرب.
لكن هل ارتقاء المسلمين (كل المسلمين) والعرب (كل العرب) ممكن؟
إنه سؤال متوارث وقديم يسكنه غبار النفي قبل الإيجاب، لكننا بشمعة 42 الإتحادية نصرّ على إحلال جنين الإيجاب موقع النفي الموروث، بكل ما منحه روح الاتحاد من بوادر النجاح في هذه البقعة الآمنة من الوطن الحبيب الذي كثُر الحديث عن إنفتاحها الرصين .. ومهما زادت ثرواته وارتقت الطاقات الإنتاجية لأبنائه علما ودراية وحضارة وثقافة، إلا والإمارات حافظت على روح الدين الإسلامي الحنيف في مآثرها الجغرافية والديموغرافية، وظلت بعاداتها العربية الأصيلة المزروعة في عروق أبنائها الشرعيين من التواضع والجود والكرم ونكران الذات.
إمارات اليوم، تذكرنا بنمر آسيوي شرس (ماليزيا) يقفز وينط على حبال السيرك الإقتصادي والتقني والسياحي والصناعي، متفرّساً في وجوه العواصم الأوروبية والأمريكتين، مودعة الفقر والزحام والعنف دون ان يتخلى عن جوهر الروح الإسلامي الحنيف .. وعليه شمعة42 هى لحفل فرح مادي وروحي، ولتضميد جروح أخوة لنا يعيشون الظلام دون الشموع في فلسطين العرب وقدس الإسلام .. وفلسطين موضوع الإمارات من شمعته الأولى ولازالت قضيتها الأولى، والحقائب الدبلوماسية الإماراتية تجاه فلسطين لا تختصر على الأوراق المختومة، بل وتتبعها أساطيل السفن والبواخر بالمعونات الإقتصادية والطبية والأكاديمية، وليس أكثر من هذا في قوى التجديد لدينا كدولة صغيرة الحجم وكبيرة العطاء.
ولكن يا بنيّ التجديد هو عنصر النجاح في حياتك ويجب ان يبقى، كنا تعودنا على إنجاز معاملاتنا في أعوام نزلت الى شهور ثم أصبحت أياما، واخيرا بدأنا نسمع في الدوائر الحكومية (تعال بكرة.!) .. ذلك لانك يا ولدي واقف مستعد للوقوف 24ساعة بروح المثابرة والعطاء، ولان مفرادت قاموس العطاء عندك يُفتح بـ: (نعم) قبل (لا) إن طلبوا منك العودة للطاولة في الساعة 25
ولدي حبيبي كما أرى فوق سيارتك علمٌ وفوق بيتك علم .. كذلك يجب أن تسقي باطن عقلك بألوان هذا العلم. إنه علم التجديد في جوانحنا مع كل 2 كانون الاول/ديسمبر في آن الخير ولد مع الشر يا بني! لولاهما (الخيروالشر) توأمان، لما ميّزنا الخير من الشر ولا الجودة عن الرداءة. وعليك مع كل شمعة قادمة تجاوز الرداءة والإصرار على الجودة، الإماراتيون معروفون محليا، إقليميا وعالميا بالسلوك الحضاري الإنساني، سلوكٌ لا هو دخيل ولا مفتعل، وإنما متوارث من ذلك الأب الرؤوم بقلب الإتحاد الذي تقبّل الجروح على البدن لإنقاذ الوطن، فما عليك الا بنفس السلوك يا ابن الوطن، وليكن إتحادك شمعة تضيء بها الدروب العربية كلها.
أحمد إبراهيم دبي
[email protected]

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

إشترك في قائمتنا البريدية