لندن- “القدس العربي”: نشرت صحيفة “إندبندنت” مقال رأي للكاتب ريان كوغان رد فيه على المواقف التي انتشرت بعد تعيين حزب المحافظين ريشي سوناك كأول رئيس وزراء بريطاني غير أبيض، وأنه انتصار للتنوع.
وقال كوغان إن حزب المحافظين يمكنه التباهي بأنه عين هذا الشخص أو ذاك بهذا المنصب أو غيره لكن هذا لا يجعله واحة للمساواة الاجتماعية.
وقال “قبل عدة سنوات ذهبت إلى الولايات المتحدة كجزء من التبادل عندما كنت أعد رسالة الدكتوراه، وحدث هذا في الوقت الذي كانت فيه الانتخابات عام 2016 في ذروتها، ولهذا قضيت وقتا طويلا وأنا أتحدث سياسة مع الأساتذة الجامعيين الليبراليين والذين كانوا على يسار ماركس في كل قضية. وربما كانت نقاشاتنا هي غرفة صدى لو أحكمنا الإغلاق على أنفسنا في منطاد وانطلقنا للفضاء”، و”أتذكر أنني دعيت إلى بيت أستاذ للمشاركة في عيد الشكر وكان الموضوع هو تعيين تيريزا ماي، كرئيسة للوزراء. وكان الاجتماع المصغر متفقا أن تعيين امرأة في منصب القيادة هو انتصار لحقوق المهمشين ويوم عظيم”. و”كان من الصعب شرح لمجموعة من الناس وضعوا ثقلهم وراء هيلاري كلينتون لقتل شبح التمييز ضد المرأة مرة وللأبد، أن ماي هي امرأة لكنها وحش”. و”أتذكر أنني قلت لهم، تعرفون هي مثل مارغريت تاتشر وتبادلوا النظرات قائلين: ألم تكن تاتشر جيدة أيضا؟”.
وأضاف الكاتب “نرى الآن نفس الشيء مع ريشي سوناك الذي احتل مكانه في مقعد الأولاد الكبار في مرحلة الثلاثة أسابيع من وزارات حزب المحافظين بعد تعميد كل نواب الحزب له كأول رئيس وزراء بريطاني آسيوي. واعتبر جو بايدن الرئيس الأمريكي تعيينه بأنه علامة اختراق هامة”.
ويشدد الكاتب على عدم فهمه خطأ “فأمر عظيم للبلد ولحزب المحافظين تحديدا الذي استطاع تجاوز تاريخ العنصرية المهين لدرجة أصبح فيها شخص من الأقليات السوداء والآسيوية يحتل أعلى منصب في البلاد” وإن “كان لفترة قصيرة لا تتعدى احتفالات الهالوين”. و”لكن الاحتفاء برجل كان متواطئا ومحوريا في تبني سياسات غير متناسبة أضرت بالأقليات العرقية ليس فقط ضيق نظر بل هو فاحش”. ورمزية الانتصار لتعيين شخص بريطاني آسيوي لا معنى لها عندما يحتل الآسيويون البريطانيون مساحة واسعة من الازدراء بسبب أصولهم وظروفهم المالية “فهل يهم لو كان وزير داخليتك من أصول هندية عندما اقترحت وزيرة الداخلية شحن المهاجرين إلى رواندا بلذة تشبه اللذة الجنسية”.
وربما كان سوناك من الأقليات لكن ثروته تقدر بحوالي 730 مليون جنيه وهو متزوج من امرأة أغنى من الملكة الراحلة. وتباهى بأنه يريد تحويل الأموال من المناطق المحرومة للثرية. وتجربته في الحياة منفصمة عن حياة المواطن البريطاني الآسيوي العادي أو حتى أي بريطاني، والتلويح بهويته كانتصار هو أمر أجوف.
ربما كان سوناك من الأقليات لكن ثروته تقدر بحوالي 730 مليون جنيه وهو متزوج من امرأة أغنى من الملكة الراحلة. وتباهى بأنه يريد تحويل الأموال من المناطق المحرومة للثرية. وتجربته في الحياة منفصمة عن حياة المواطن البريطاني الآسيوي العادي أو حتى أي بريطاني، والتلويح بهويته كانتصار هو أمر أجوف
ويدعونا هذا للتساؤل لماذا نلوح بهذه الانتصارات بالمقام الأول. فهل يعني أنه يجب عدم فعل هذا، لا علينا لكن من الجيد أن نتساءل عن أهمية هذه المعالم. فأن يكون لديك شخص آسيوي أو امرأة سوداء أو من المثليين في منصب السلطة، ليس أمرا جيدا في حد ذاته ولكنه دليل ملموس على التقدم الاجتماعي. وعندما يتجسد هذا التقدم بشخص تعتبر معتقداته وحركاته وسياساته رجعية، فإن ذلك يخلق شيئا يلغي الأثر.
ويمكن للمحافظين التفاخر بأن لديهم هذا الشخص أو ذلك أو هذا المنصب كل يوم، لكن هذا لا يجعلهم وبشكل سحري واحة للمساواة الاجتماعية. بل يعني ذلك أننا وصلنا إلى نقطة لم تعد فيها خصائص الهوية مرتبطة وبطريقة أوتوماتيكية بقضايا الطبقة كما في الماضي. ولأن هذا ما ينتهي إليه الأمر: الطبقة، فيجب علينا عدم الحديث عن أمور الطبقة في هذا البلد بطريقة تدفعنا للتصفيق لملياردير وصل إلى المنصب الأعلى في البلد لكي يفعل سياسات ستقتل كل المنافع التي يحتاجها الناس. ونجد أحيانا أنفسنا وسط دلالات رمزية تتجاهل وبشكل كامل الوقائع الملموسة مثل إذا كان الشخص قادرا على العيش أم لا.
ما يقوله تعيين سوناك عن بريطانيا هو أنك تستطيع الوصول لمنصب رئيس الوزراء بدون أن تكون أبيضا أو مسيحيا، أو وصلت بدون انتخاب، ولكنك لا تستطيع أن تكون رئيس وزراء بدون أن تكون ثريا
وما يقوله تعيين سوناك عن بريطانيا هو أنك تستطيع الوصول لمنصب رئيس الوزراء بدون أن تكون أبيضا. ويمكن أن تصبح رئيس وزراء بدون أن تكون مسيحيا، ويمكن أن تصبح رئيس وزراء بدون انتخاب، ولكنك لا تستطيع أن تكون رئيس وزراء بدون أن تكون ثريا. يمكن أن نصرخ ونصفق ونفرح مثل الليبراليين الجدد في كل مرة يصبح فيها ثري أو ملون في منصب لقيادة البلد، ولكن لا يعني كثيرا إلا في حالة ملء المقاعد بأشخاص يعرفون حقيقة أن تعيش هنا. وبعيدا عن العرق والدين والجنس ومليون خاصة أخرى تتزاوج مع “الثري” أو “الأبيض/الذكر” فكل انتصار سيكون فارغا حتى نستطيع اختراق أروقة السلطة بطريقة تمثيل تحمل معنى. ولا معنى لتحويل مجلس العموم إلى استعراض سي دبليو عندما يكون الشخص الذي يمثل التنوع لا يعرف كيفية استخدام بطاقة الدفع المتلامس (سوناك). وسوناك ليس انتصارا للتنوع، فهو مثلهم، وكلما اكتشفنا هذا كلما عرفنا أهمية شحن سياستنا بتنوع حقيقي. وعلينا أن نسرع، فسيكون قد استبدل قبل نهاية هذا المقال.
فعلا، كلام منطقي ??
تعيين سوناك ليس انتصارا للتنوع ولا يجعل حزب المحافظين واحة للمساواة الاجتماعية لكن يؤكد ان احقية الحقائب تذهب للاحسن وليس للمقرب كما تجري العادة في كثير من البلدان وخاصة العربية منها!