إنَّهم مسعورون…

حجم الخط
24

كنت في زيارة لأحد أقربائي في حيفا، في أحد الأحياء القريبة من البحر، كانت الليلة الأخيرة من شهر الصيام، خرج من الشقّة لإحضار شيء ما من البقالة، وعندما عاد قال لي إن الطرق مغلقة، كان حيّ الألمانية في تلك الأثناء مشتعلاً بين المتظاهرين العرب ومجموعات من الفاشيين المدعومين من قبل الشّرطة.
كنت مخطئاً في تقديري بأنها مواجهة تقليدية كما أعرفها، حيث يقفُ المتظاهرون عادة على الرَّصيف، وبعد وقت من الهتافات، ينزل بعضهم إلى الشارع، يتبعهم آخرون ويغلقونه أمام حركة السير، حينئذ تبدأ الشرطة في محاولتها لتفريقهم بالقنابل الصّوتية، ثم بالغاز المسيِّل للدموع، وخراطيم مياه ذات رائحة كريهة وألوان، كي تستطيع اعتقال المشاركين فيما بعد، وأخيراً الهجوم على المتظاهرين بالخيول الضخمة المدرَّبة والمعدّة إلى مثل هذا العمل القمعي.
هذه المرة كانت مختلفة، فالمواجهة ليست مع الشرطة، بل مع عصابات فاشية منظّمة، يستدعون بعضهم بعضاً من خلال مجموعات التواصل، فيصلون إلى المكان المحدّد بأعداد كبيرة مسلحين بالسواطير والجنازير والعصي والمسدّسات، وتتعامل الشرطة معهم برفق كرفاق وشركاء في المهمة، وليس كمثيري شغب ومجرمين.
هؤلاء الفاشيون معروفون بتسميات مختلفة منها «فِتية التِّلال»، و»اللّهبة» و»نواة التوراة» وغيرها، هم الذين يؤسّسون للبؤر الاستيطانية الجديدة في الضفة الغربية، وهم الذين يحرقون المحاصيل الزراعية ويقطعون أشجار الزيتون ويهاجمون الفلاحين الفلسطينيين ويقتلون مواشيهم، وهم الذين يحاولون احتلال حي الشيخ جراح وتشريد سكانه، وهم الذين يقتحمون باحات المسجد الأقصى، وهم الذين يبادرون إلى إقامة بؤر استيطانية استفزازية في المدن المختلطة بهدف تهجيج العرب منها، وهم عصابات «تدفيع الثمن»، الذين يخرّبون ممتلكات العرب كعقوبة لهم، مقابل كل موقف سياسي لا يعجبهم من قبل حكومة إسرائيل، وهؤلاء هم الذين يهدّدون الصحفيين اليهود بالقتل إذا ما لاحظوا رائحة من الموضوعية في خطاب أحدهم، وهم الذين يضربون الصحفيين ويكسرون أجهزة عملهم، وهم الذين يهددون عربياً ويهودية متزوّجين أو متحابّين بذريعة عدم شرعية التمازج.
في الليلة نفسها، تعرّض أحد أبناء يافا العرب إلى هجوم هؤلاء الغوغاء خلال عودته من عمله في «بات يام» جنوب تل أبيب، سحبوه من سيارته التي حوصرت، وضربه العشرات منهم حتى ظنّوه ميتاً.
أثناء عودتي من حيفا، تلقيت مكالمة هاتفية من البيت، تحذرني من دخول عكا، لأن الوضع مشتعلٌ بين العرب واليهود، اتصل ابني لأنه يعرف عندما أتوجَّه في سيارتي إلى الغرب، فهذا يعني عكا وليس حيفا أو غيرها.
لم يكن اليهود يدفنون موتاهم في عكا حتى عام 1929، وذلك لأن أجدادهم من يهود فلسطين كانوا يؤمنون بأن عكا ليست ضمن أرض الميعاد الموعودة، ولهذا كانوا يدفنون موتاهم في قطعة أرض في قرية كفر ياسيف عند أقدام الجليل الغربي، أصبحت اليوم في وسط القرية.
على مدخل عكا الشرقي الخارجي نصبوا حاجزاً للشرطة لمنع الدخول إليها، فواصلت طريقي من الشارع الالتفافي باتجاه بلدتي مجد الكروم.
عندما وصلت البلدة كانت بضع سيارات من الشرطة الخاصة على المدخل الغربي الذي يبعد عن بيتي حوالي المئة متر فقط، كان الهواء مشبعاً برائحة الغاز المسيّل للدموع والمهيّج للبشرة، فقد شهدت ساحات البيوت القريبة كلها كرّاً وفرّاً بين الشرطة والشبان، ولاحقوا الشبان والفتيان حتى داخل البيوت لاعتقال بعضهم، بعدما اشتبكوا مع الشرطة غضباً ونصرة لإخوانهم في المدن المختلطة والقدس والضّفة الغربية والقطاع، هذه المواجهات استمرت لبضع ليالٍ.
لا أعرف معظم الشُّبان، حتى وهم سافرو الوجوه، في الليل يتلثّمون بكِمامات الكورونا أو بالجوارب، لتخفيف حدة الغاز المسيل للدموع ولإخفاء وجوههم، بعضهم ممن يمرُّون أمام بيتي، يحييني باسمي وكنيتي، أردُّ التحية دون أن أعرف المحيِّين وأحذِّرهم «انتبهوا، لأنهم مسعورون اليوم».
تعتقل الشرطة من تستطيع الإمساك به في محيط المنطقة، حتى ولو لم يكن مشاركاً في أي نشاط، أحدهم كان في زيارة لأهل زوجته، أخذوه من ساحة البيت، رغم أن ساقه ملفوفة بالجبص.
فاقت حصيلة الاعتقالات من بين الشبان العرب الألف معتقل، بينما وزير الأمن الداخلي طلب من الشرطة إطلاق سراح الفاشي قاتل الشاب موسى حسّونة من اللد، ورغم ذلك يزعم الإعلام العبري بأن اليهود يتعرّضون إلى هجمات متواصلة من قبل الشبان العرب، حتى العربي الذي يتعرض للضرب أو إلى حرق ممتلكاته، يتحوَّل إلى جانٍ، فالإعلام الإسرائيلي ليس سوى بوق للشرطة وحتى للفاشيين، سوى ما ندر منه.
ومن فمك أدينك، فقد أعلن القائد العام للشرطة الإسرائيلية كوبي شابتاي، بأن «عضو الكنيست بن جبير من حزب الصهيونية القومية هو الذي يشعل النيران كلما أطفأناها»، وحمله مسؤولية تفجير الوضع في القدس وفي المدن المختلطة، وبالمقابل طالب هؤلاء بإقالة شابتاي واتهموه بالفشل.
كوبي شابتاي عاد يوم الثلاثاء الأخير وصرّح بأن هناك «إرهابيين» من العرب واليهود، ولكن هذا لم يعجب وزير الأمن الداخلي أمير أوحانا، الذي رفض هذه المقارنة، وردّ عبر حسابه في تويتر: «يجب الاعتراف بأن مثيري الشغب العرب هاجموا اليهود والشرطة والكُنس اليهودية، وسياستنا هي العمل بقوة ضد مثيري الشغب الإرهابيين، ولا يوجد تناظر بين الجانبين».
واستدرك بصورة دبلوماسية: «وسوف نعالج القلّة من اليهود الذين هاجموا عرباً». كيف؟! وهو نفسه الذي طالب بإطلاق سراح قاتل الشاب موسى حسونة في اللد؟
المواجهات بين العرب واليهود هي في الحقيقة مواجهات بين الفاشيين المُغتصبين وبين العرب الذين تصدّوا لهم دفاعاً عن أنفسهم وعن ممتلكاتهم، وخرجوا للتعبير عن تضامنهم مع أنفسهم ومع مقدساتهم ومع إخوتهم في القدس وقطاع غزة.
أحداث الأسبوع الأخير أيقظت ذكرى النكبة والتَّهجير القسري الذي نفذته عصابات الاحتلال الصهيونية في العام 1948، حيث لم تكن فضائيات، ولا هواتف ولا سيارات إلا ما ندر منها.
مرَّت في ذاكرتي القرى النائية المعزولة عن العالم، التي أرهبوا أهلها العزل، فقتلوا بعضهم في الساحات والطرقات وفي بيوتهم، ثم أرغموهم على ترك قراهم ومدنهم تحت التهديد بالسّلاح، تذكّرت أنني من بقايا هذه الأسر التي تشظّت في عام النّكبة.
عندما ترى ما يجري اليوم تحت أنظار العالم في البث المباشر، وتزييف الحقائق وقلبها رأساً على عقب، تدرك هول ما حدث لأهلك وأبناء بلدك وشعبك في عام النّكبة الأولى في ظلمة تلك الأيام.

كلمات مفتاحية

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

  1. يقول ابو خليل:

    تحيه طيبه لك اخي سهيل و قراءك الافاضل و الحمدلله انك بخير. الوضع صار لا يطاق و الاحتلال العنصري البغيض تمادي بشكل وقح همجي متوحش لانه يشعر بانه اصبح يسيطر علي العالم بشكل كامل و خاصه ان الانظمة الخنيعه المتأمره علي شعوبها و قضيتها المركزيه – القضيه الفلسطينيه. و ذادت شهيته و غروره اكثر من خلال معاهدات الذل و العار. لكن هيهات! ها هو شعبنا الجبار الواعي الصامد في كل انحاء فلسطين التاريخيه يقلب الطاوله علي رأسه و رأس عملاءه و يثور و ينتفض علي الظلم و الاطهاد و العنصريه و الاحتلال و يفضح وجهه الصهيوني البشع للعالم بالرغم من سيطرته الشبه كامله علي الاعلام العالمي و الحكومات الغربيه المنافقه. لقد خرج الملايين في جميع انحاء العالم رافضين لسياسة الاحتلال العنصري البربري قاتل الاطفال الأبرياء و مدمر للبني التحتيه مطالبين بالحريه لفلسطين.
    اعتقد اننا بحاجه لذيادة اعدادنا في فلسطين و خاصه الداخل لتثبيت و جودنا و الدفاع عن أنفسنا من خلال ذيادة الإنجاب (اتمني ان تكرس مساحه لهذا الموضوع) . ايضا” يجب علينا ان نظل متحدين في نضالنا حتي ننال حقوقنا المشروعه و النصر حليفنا انشالله

  2. يقول أسامة كلّيَّة سوريا/ألمانيا:

    شكرًا أخي سهيل كيوان. رائع جدًا هذا التوصيف! من أول الأسياء التي خطرت إلى ذهني، هذت التشابه بين العصابات الصهيونية وشبيحة بشار الأسد!، النكبة عادت إلى الذاكرة بكل تفاصيلها وكما يقال ماأشبه اليوم بالأمس، ومن جهة أخرى لقد أثبت أخوتنا في فلسطين،الشعب الفلسطيني أنه شعب مناضل حي لن يموت ولن يموت حقه ورغم أنف الصهاينة.

  3. يقول رسيله:

    مقاله سياسيه واقعيه تحليليه قيمه ؛ فاذا ما عدنا الى البدايات يتضح بانه لم يكن ارتباط صدور وعد بلفور, وبداية الاستعمار الاستيطاني الصهيوني في فلسطين, مع تاريخ الحرب العالمية الأولى, مجرد مصادفة تاريخية كما لم يكن ارتباط إعلان الدولة الصهيونية في فلسطين مرتبطا بالحرب العالمية الثانية أيضا مجرد صدفة, فارتباط أخطر محطتين في بناء الكيان الصهيوني, جاء مرتبطا بالحرب والتدمير والخراب, للارتباط الحقيقي بين النزعات العدوانية للاستعمار عموما, والحركة الصهيونية خصوصا. لكن الارتباط بين الاستعمار الغربي وإسرائيل, لم يكن ارتباطا في الظرف التاريخي, بل كان ارتباطا أيديولوجيا عضويا بأحط الأفكار التي نتجت عن هذه المرحلة البغيضة, ألا وهي الأفكار الفاشية والنازية, والأفكار الصهيونية.. فالفاشية والنازية.. من جهة والصهيونية من جهة اخرى وجهان لعملة واحدة .. أو هما ذات أصول أيديولوجية واحدة. فإذا كان جوهر فكرة الفاشية والنازية يقوم على تفوق عرق إنساني على ما عداه وباعطاء هذا العرق حقوقا على حساب غيره, وبارتكاب المذابح بدم بارد وابادة الشعوب والأعراق الأخرى(يتبع)

  4. يقول رسيله:

    ( تكمله ثانيه ) فإن جوهر الفكر الصهيوني قام على أن اليهود هم شعب الله المختار, وأن غيرهم هم من ( الأغيار) وعلى بناء دولة عرقية يهودية, وإبادة شعب اخر, بارتكاب المذابح والعدوان العسكري المستمر على المحيط, ومحاولة بناء امبراطورية عسكرية على حساب أرض الغير. وإذا كان هتلر وموسوليني, اللذان قادا الحركتين النازية والفاشية, قد شنا حروبا عدوانية أبيد خلالها ما يقارب الأربعين مليونا من البشر, واحتلوا أراضي غيرهم من الشعوب والدول, وشكلوا أخطر أجهزة القمع, وأبدعوا أكثر وسائل التعذيب رعبا وبشاعة, فإن الصهاينة مارسوا كل هذه الأفعال تجاه الشعب الفلسطيني, فاحتلوا أرضا ليست أرضهم, وارتكبوا المذابح والبشائع والجرائم بصفة مستمرة ودون انقطاع منذ الحرب العالمية الثانية, وبنوا دولة تقوم على العرق اليهودي, وإبادة الأعراق الأخرى.
    وواقع الحال أن العصابات الصهيونية وقبل إقامة دولة فلسطينية, قد مارست أبشع عمليات البطش والتنكيل بالشعب الفلسطيني, وكان ارتكاب المذابح هو الأسلوب الذي اعتمدته لطرد وتهجير الشعب الفلسطيني من أرضه, ملتقية في ذلك مع الأساليب النازية والفاشية( يتبع)

  5. يقول رسيله:

    ( تكمله ثالثه ) وهو الأمر الذي ظل ممتدا, حتى اليوم, باعتبارها جزءا أصيلا من الفكر الصهيوني. لقد قامت دولة إسرائيل على يد العصابات الصهيونية التي ارتكبت مذابح دير ياسين والقسطل, والفالوجا وعراق المنشية, وغيرها , وقد ارتبطت المذابح بهدم القرى وحرقها وليس إجلاء السكان فقط, وقد بلغ عدد القرى التي تم هدمها في شمال فلسطين في عام ,1947 وحدها حوالي 70 قرية وفي قضاء طبرية وحدها غربي فلسطين تم هدم واحراق 25 قرية, وفي عكا هدم وحرق 25 قرية وفي الناصرة هدمت 5 قرى, وفي قضاء حيفا حرقت وهدمت 39 قرية وفي يافا 23 قرية, وفي منطقة القدس 30 قرية الخ. ومن ثم فإنه وعندما يدور الحديث عن الجرائم الصهيونية الحالية ضد الانتفاضة, لابد أن نذكر بالمذابح الأولى في بداية إنشاء هذه الدولة العنصرية, كما يجب أن ننظر الى المسلسل الطويل, الممتد عبر صبرا وشاتيلا ومذبحة قانا. لقد كان الذبح للعرب هو الأسلوب المعتمد لدى الحركة الصهيونية منذ بدايتها, ولم يتغير باعتباره يمثل جوهر فكرة النقاء العرقي العنصري الصهيوني اليهودي, وأسلوب طرد الشعوب الاخرى من أرضها, الذي هو الأسلوب الذي اعتمدته الفاشية والنازية في دولها( يتبع)

  6. يقول رسيله:

    ( تكمله رابعه ) وفي الدول التي احتلتها خلال الحرب العالمية الثانية. ولذلك لم يكن مصادفة أن تعلن دولة إسرائيل في ظل أجواء حرب أشعلها الفاشيون والنازيون هي الحرب العالمية الثانية. وإذا كان التمثيل في الأهداف والطرق والأساليب قاطع الدلالة بين الفاشية والنازية والصهيونية, عبر الممارسات الأولى للعصابات الصهيونية, فإن الأحزاب التي تشكلت فيما بعد داخل إسرائيل, كانت في مجموعها, أحزابا تمثل الفاشية العنصرية الصهيونية تماما, فقد قامت على طرد العرب وبناء دولة العرق الواحد المتفوق, وعلى ابادة الشعب العربي الفلسطيني بل والشعوب العربية.
    هذا وقد اصبح زعماء العصابات رؤسـاء وزارات كـابن غـوريون وإسـحاق شـامير ومناحيم بيغين وأرئيل شارون… وبجانب «الإرهاب الرسمي» نشأ ما يمكن أن نطلق عليه: «الإرهاب شبه الرسمي»؛ وهي الظاهرة التي برزت في أعقـاب حرب يونيو 1967م والاحتلال الصهيوني لمزيد من الأراضي العربية، وإعلان المدينة المقدسة بكاملها (عاصمة موحدة وأبدية لإسرائيل). تبلورت وتنامت هذه الظاهرة في مطلع السبعينيات من القرن الماضي متمثلة في تنظيمات صهيونية عنصرية إرهابية ترفع شعار «أرض إسرائيل الكاملة» وتدعو إلى طرد العرب من فلسطين المحتلة(يتبع)

  7. يقول رسيله:

    ( تكمله خامسه ) والاستيلاء على أراضيهم وممتلكاتهم وضم الضفة الغربية وقطاع غزة والجولان وشرق سيناء إلى ما يسمى «الحدود التوراتية» التي يروَّج لها الآن بدعم من بعض الأنظمة العربية، في ما عرف بـ «صفقة القرن».
    فقضية «حي الشيخ الجراح»، وتهجير بعض ساكنيه، ومنع وصول المصلّين إلى المسجد الأقصى، كلها كان الغاية منها التطبيق الحرفي لصفقة القرن، وأيضًا عودة الاعتبار لزعامة نتن ياهو.
    لقد كان الرهان على دفن وإنهاء قضية فلسطين 1948، وظن قبول الفلسطينيين بالمواطنة الدونية، ثم انقسامهم أيضًا، وتشجيع الانقسام بين غزة ورام الله، ووصم غزة بالإرهاب وحصارها، وارتهان السلطة للتنسيق الأمني الذي يجعلُ منها جزءًا مساعدًا للأمن الإسرائيلي، والأخطر من ذلك عدم القبول بإجراء الانتخابات في القدس الشرقية باعتبارها العاصمة الموحدة لإسرائيل.
    لن ينسى فلسطينيو 48 أو 67، أو المشردون خارج وطنهم – وهم قرابة الثلاثة ملايين- قضيتهم؛ فرغم مرور ما يقرب من ثلثي قرن على النكبة، واحتلال 48 و67، والاستيطان المتواصل، والتهويد الممنهج،(يتبع)

  8. يقول رسيله:

    ( تكمله سادسه ) والإصرار على نهج التهجير، إلا أنَّ فلسطين ما تزال حاضرةً في نفوس أبنائها، وهو جوهر الصراع الدائر الآن، والذي لن يحل إلا بتحرير فلسطين، وخروج المحتلين من أراضي ومنازل السكان الأصليين، وسقوط اليمين الصهيوني العلماني والديني الفاشي.
    يجمع اليمين الإسرائيلي على طمس القضية الفلسطينية، وعدم الاعتراف بالحقوق الوطنية للشعب الفلسطيني، ويختلفون فيما بينهم على اقتسام التركة والزعامة. هذا الانقسام المتفجر في صف اليمين يعكسُ عمق الأزمة، وفشل هذا اليمين عن تحقيق أهدافه الأساسية بالاستمرار في فرض احتلال استيطاني يرفضه أصحاب الأرض.
    مع استمرار الدعم الأمريكي المطلق والأوروبي بدأت تُطرح الآن أسئلة مختلفة إلى حدٍّ ما عن نهج ترامب الفاشي واليمين الشعبوي.
    توحد فلسطينيِّي 48 و67، واللاجئين في الشتات وداخل وطنهم، والهبّة الكبرى هي الخلاص من نير أسوأ وآخر احتلال استيطاني على وجه الأرض في هذا العصر، ولعل أهم ما تؤكده هذه الهبّة الكبرى أنّ القوة مهما يكن جبروتها لا تستطيع إلغاء الحق إلى الأبد، وأنّ شعبًا صغيرًا يستطيعُ تحدّي أقوى قوة إذا ما تصدى لنيل حقوقه( يتبع)

  9. يقول رسيله:

    ( تكمله اخيره ) وأنَّ مصير الاحتلال الإسرائيلي لا يختلفُ عن مصير نظام الفصل العنصري في جنوب أفريقيا إنْ لم يكن أسوأ.
    الهبة الكبرى توقظُ الأمة العربية من السُّبات، وتهيئ المنطقة للخلاص من أوضاع وأنظمة الفساد والطغيان، والأهم من كلّ ذلك انكشاف طبيعة النظام العنصري في فلسطين كلها، والتحول في ضمير الرأي العام الدولي إيذانًا بفجرٍ جديد، وأهم دلائل نهاية دولة إسرائيل هو تماهيها مع الأنظمة الفاسدة والاستبدادية في المنطقة، بل والتفوق عليها في التوحش والبربرية والهمجية.
    المتألق سهيل كيوان لقد نجحت في رصد واقعنا المؤلم بطريقة جذابة مشوقة اخذتنا خلالها إلى رحلة عبر رحاب بلادنا المغتصبة فكنا معك في حيفا عكا ومجد الكروم …مقاله مميزه ورائعه.

1 2

إشترك في قائمتنا البريدية