لندن- “القدس العربي”:
نشرت مجلة “إيكونوميست” في عددها الأخير مقالا افتتاحيا تحت عنوان “كيف يمكن احتواء إيران” أشارت فيه إلى أن الولايات المتحدة وإيران تقتربان من الحرب وهناك ضرورة لإجراء محادثات، مشيرة إلى أن المفاوضات لا المواجهة هي الطريق الكفيل لمنع الملالي من الحصول على القنبلة النووية. وقالت المجلة إن الطريق أمام إيران نحو القنبلة عرقل لمدة أربعة أعوام تقريبا. وتم توقيع الإتفاقية مع أمريكا وبقية الدول الكبرى في عام 2015 وحدت من المشروع النووي الإيراني وقصرته على الأغراض المدنية، مثل انتاج الطاقة الكهربائية.
وتم وضع المشروع تحت رقابة دولية صارمة لم يشهد التاريخ مثلها. واتفق الخبراء على التزام إيران ببنود المعاهدة وأنه تم احتواء نشاطاتها النووية. إلا أن الرئيس دونالد ترامب قام برمي الصفقة النووية وبدأت إيران بتخزين اليورانيوم المخفف. وهي الآن على حافة تجاوز كمية 300 كيلوغراما التي سمحت بها المعاهدة. وربما ترددت إيران قبل أن تجتاز الخط ولكنها تهدد بزيادة مستوى تخصيب اليورانيوم بشكل يقربها من الوصول إلى المادة الكافية لإنتاج القنبلة.
وتعلق المجلة: “من حسن الحظ لا تقترب من التحول إلى قوة نووية. ولكنها تستطيع الحصول عليها خلال عام. ولهذا تقوم مرة أخرى باستخدام المشروع النووي لمراكمة الضغط على أمريكا، وهو ما يزيد من عنصر متفجرا للمزيج القابل للإشتعال. وتتهم الولايات المتحدة إيران بالهجوم على ست ناقلات نفط في مضيقة هرمز. وفي 20 حزيران (يونيو) أسقطت إيران طائرة تجسس بدون طيار. وأكدت أمريكا أن الطائرة كانت تحلق في المياه الدولية فيما أكدت إيران انها خرقت أجواءها.
وأمرت الإدارة الأمريكية طائراتها بالرد الإنتقامي على العمل الإيراني ليتم وقف العملية قبل 10 دقائق من التنفيذ. واكتفت الولايات المتحدة بهجمات إلكترونية ضد الجهات التي أسهمت في سقوط الطائرة المسيرة. وتعلق الصحيفة أنه لا الولايات المتحدة ولا حلفاءها أو إيران تريد حربا كبيرة في الشرق الأوسط. لكن استراتيجية “أقصى ضغط” التي تمارسها إدارة ترامب ضد إيران تجعل من منظور الحرب قريبا، خاصة أن كل طرف يصدر تهديدات قوية تدفع كل طرف لقراءة الخطوط الحمر بطريقة غير صحيحة. وتعتقد المجلة أن مجال المناورة يتلاشى أمام ترامب. ومع تزايد دعوات الحرب ترتفع معها دعوات التحرك، وليس أقل من حزبه. وتقول المجلة:” قبل أن تخرج الأمور عن السيطرة هناك حاجة لأن يتحدث الطرفين معا وهذا أمر ليس بالبعيد كما يبدو. وتشير المجلة إن استراتيجية ترامب الإيرانية تقوم على فكرة أن باراك أوباما تنازل وبسهولة عن الكثير عندما تفاوض مع إيران عام 2015. ولهذا قرر الرئيس العام الماضي رفض المعاهدة النووية وأعاد فرض العقوبات نت أجل الحصول على معاهدة جديدة وبشروط أفضل من تلك التي وضعتها السابقة وتنتهي بنودها في عام 2030. وتريد إدارة ترامب الحد من برامج إيران للصواريخ الباليستية ووقف تدخلاتها في شؤون المنطقة. ويرى مايك بومبيو، وزير الخارجية في العدوان الإيراني الأخير إشارة على نجاعة الإستراتيجية التي تطبقها إيران. وتقول المجلة إن العقوبات المشددة جلبت إيران إلى طاولة المفاوضات في عام 2015 ولكنها لن تؤدي إلى التحولات التي تريدها إدارة دونالد ترامب. لأنه شوه من مصداقية الرئيس حسن روحاني الذي دافع عن المعاهدة النووية، فمن يصدر الأوامر في إيران اليوم هم المتشددون.
أما السبب الثاني فهو أن أمريكا تصرفت بمفردها مع أنها حصلت عام 2015 وفي بادرة دولية نادرة على دعم الصين وروسيا ودول الإتحاد الأوروبي. كما أن سياسة أقصى ضغط تأتي بتداعيات خطيرة. فالملالي والحرس الثوري يريدون إظهار عزيمتهم من خلال إثبات أن أفعال ترامب وسياساته لها ثمن يدفعه الجميع. فبالإضافة للهجمات على الشركات والطائرات المسيرة، ضربت الجماعات الوكيلة لأنابيب النفط السعودية ويشك في أنها قامت بضرب القواعد التي تستخدمها القوات الأمريكية. وفي حالة استمرار العقوبات فقد يلجأ الإيرانيون لإغلاق مضيق هرمز الذي يمر منه خمس إمدادات النفط العالمية.
ويقول جون بولتون، مستشار الأمن القومي المتشدد أنه في حالة رغبت إيران بحرب فستحصل عليها، خاصة لو قررت التخلي عن المعاهدة النووية بشكل يؤدي لانتشار التسلح النووي في منطقة الشرق الأوسط. وتظل حسبة بولتون والمتشددين معه خاطئة لأن أمريكا خرجت من اتفاقية ناجعة، وعليه فلن تحصل على دعم القوى الأوروبية حالة قررت توجيه ضربة لإيران، أما روسيا والصين فستعارضانها بالكامل. وربما أدت الحرب أو العقوبات لانهيار النظام الإيراني، إلا أن هذا ليس استراتيجية. فقد قاومت كوبا العقوبات ولعقود. وأكثر من هذا فقد تتعلم إيران من دروس كوريا الشمالية النووية وتضاعف من جهودها للحصول على القنبلة النووية. ويعترف بولتون أن ضرب المنشآت النووية الإيرانية لن يقضي على معرفتها بكيفية تصنيع القنبلة. وفي حالة منع إيران المفتشين الدوليين من منشآتها النووية فستقوم بالعمل سرا، بشكل يجعل من الصعوبة وقف تقدمها نحو القنبلة النووية. وترى المجلة أن الحل هو المفاوضات والتي تبدو بعيدة، خاصة بعد العقوبات التي فرضتها أمريكا على آية الله خامنئي والتي وصفها وزير الخارجية الإيراني بأنها أغلقت أبواب المحادثات مع إيران. واقترح الرئيس روحاني أن واشنطن تعاني من “عجز عقلي” عندما هدد ترامب بمحو بلاده. ويتذكر المتفائلون المواجهة الكلامية بين أمريكا وكوريا الشمالية قبل أن يصف ترامب علاقة “الحب” بينه وبين كيم جونغ- أون. فعندما لا يهدد ترامب إيران يتحدث عن فرص تحويل إيران عظيمة مرة أخرى. فهو لا يريد حربا جديدة في الشرق الأوسط تحوم فوق الإنتخابات المقبلة وتهدد فرص إعادة انتخابه. وبالمقابل يعاني الإقتصاد الإيراني من وطأة العقوبات وترتفع الأسعار مما يعني “علاقة حب جديدة” في طريقها للإزدهار. وقد تدفع أمريكا إيران مرة أخرى إلى طاولة المفاوضات من خلال إعادة الإعفاءات التي ألغتها وسمحت للدول باستيراد النفط الإيراني مقابل تعهد طهران بالبقاء في الإتفاقية النووية. وخلف الأضواء، عبر قادتها عن استعداد للتوقيع على معاهدة جديدة مثل السابقة مع تمديد شروطها لما بعد 2030. ولن تكون المفاوضات سهلة، ويمقت الإيرانيون التعامل معها، ولكنها قد تقود لزعم الرئيس النصر تماما مثلما فعل مع اتفاقية التجارة بين الولايات المتحدة وكندا والمكسيك والتي لم تختلف عن اتفاقية التجارة الحرة لشمال أمريكا. وتعتقد الصحيفة أن ترامب بات يعتقد أن قضم كل شيء مرة واحدة غير عملي، فلن يحصل على اتفاقية جديدة تشمل الحظر على البرامج الصاروخية. فلن تحل اتفاقية جديدة كل المشاكل ولن تقود لتطبيع العلاقات بعد عقود من العداوة. وربما لن تؤدي لرفع كل العقوبات، وهذا لم يحصل مع الإتفاقية الأولى. ولم حصلت فستضع إيران برامجها النووية في الصندوق بشكل يؤدي لحل المشاكل الأخرى بدون داع للحرب.
منذ الحرب العالمية الثانية بات أمن واقتصاد دول العالم الحر عالةً على أمن واقتصاد أمريكا وبات أمن واقتصاد دول عالم إشتراكي عالةً على أمن واقتصاد اتحاد سوفياتي وبعد إنهياره لم تعد عالةً على الاتحاد الروسي بينما أصبحت معظم دول العالم خاصةً مجموعة العشرين عالةً على أمريكا عدا العرب، وبانطلاق إدارة جديدة لأمريكا أوقفت ذلك وتركتهم عالةً على بعضهم البعض وأعادت استثمارات العالم لأمريكا وهذا سبب إيصال مواطني أمريكا إدارة جديدة كلياً لحكم أمريكا بهدف تحرير أمنها واقتصادها إضافةً لوقف هجرة غير شرعية وجرائم