“إيكونوميست”: الناتو العربي سينتهي كما انتهت مبادرات عربية أخرى

إبراهيم درويش
حجم الخط
0

لندن – “القدس  العربي”: هل تحتاج المنطقة لحلف ناتو جديد، وهل سينتهي كما انتهت تحالفات أخرى للتعاون الدفاعي المشترك؟ تعلق مجلة “إيكونوميست” بأن كل مبادرات التعاون العسكري المشتركة انتهت بخيبات وهزائم ومعظمها أمام إسرائيل. وعليه ففرص نجاح التحالف الجديد الذي تدعمه إدارة الرئيس دونالد ترامب ضئيلة. فدول المنطقة لديها مشاكلها الكافية وكذا خلافاتها وهي ليس في موضع للتعاون فيما بينها. ولكنها علقت قائلة: “عندما وضع الرئيس دونالد ترامب والملك سلمان وعبد الفتاح السيسي أيديهم على مجسم لكرة أرضية مضيء في الرياض العام الماضي، كانت اللفتة المسرحية محلاً للدهشة والسخرية. ولكن يبدو أن مجسم الكرة الأرضية أنتج سحراً”.

وتضيف أن وزير الخارجية الأمريكي مايك بومبيو التقى في 28 إيلول (سبتمبر) مع ممثلي دول مجلس التعاون الخليجي بالإضافة إلى كل من الأردن ومصر وأكد أنهم يقومون بتشكيل تحالف الشرق الأوسط (ميسا). وقدموا تصريحات للاستهلاك حول مواجهة الإرهاب وتهدئة سوريا مع أن الهدف الرئيسي من هذا التحالف كان واضحاً: “وقف نشاطات إيران الخبيثة”. ووصف المسؤولون الأمريكيون والعرب المنفعلون التحالف بـ “الناتو العربي”.

وتعلق المجلة أنه إذا استبعدنا الولايات المتحدة فستزيد ميزانية الحلف عن 100 مليار دولار بقوة من 300.000 جندي و500 دبابة وألف طائرة مقاتلة. إلا أن “ميسا” لن يعيش ويحقق التوقعات من لقبه. فلن يعمل كما تقول بناء على قاعدة أن أي هجوم على عضو فيه هو هجوم على الجميع، وهو مبدأ حاضر في التحالف الغربي، حلف الناتو الأصلي والذي أفرغه ترامب من معناه.

وتشير المجلة إلى أن جهوداً عربية سابقة للتعاون العسكري انتهت بالخيبة. فقد هزمت التحالفات العربية في كل الحروب التي خاضتها ضد إسرائيل. وبعد ظهور مجلس التعاون الخليجي في عام 1981، أعلن عن قوات درع الجزيرة التي أثبتت أنها ليست مفيدة في حرب الخليج ولكن القوات السعودية والقطرية قتلت بعضها البعض على الحدود بعد ذلك بعام. وتم إحياء فكرة القادة العسكرية المشتركة في عام 2014 إلا أن القليل تحقق منها. وترى المجلة أن مشكلة التحالف العسكري العربي تنبع من تخلي القوة الصغيرة عن القيادة لجاراتها الأكبر.

 ففي الستينات من القرن الماضي كانت مصر هي التي أثارت “نرفزة”، أما اليوم فهي السعودية في ظل حاكمها الفعلي محمد بن سلمان وولي عهدها الطامح. فهوسه بإيران هو سبب آخر للقلق. ومع أنه يحظى بدعم من الإمارات العربية المتحدة إلا أن الكويت وعمان لا تريان أن هناك تهديداً تمثله إيران. وهناك مشكلة ثالثة وهي أن الدول العربية غالباً ما تحمل القوى الخارجية مسؤولية الاحتجاجات والإرهاب. وحتى الرئيس ترامب قد لا يكون راغباً بمساعدة المستبدين من حلفائه لقمع معارضة باسم الدفاع.

وتعتقد المجلة أن أكبر مشكلة ستعيق مسار “ميسا” هي الخلافات بين الدول العربية نفسها. فمنذ أكثر من عام فرضت السعودية والبحرين والإمارات ومصر حصاراً على قطر لمواقفها المخالفة. وأثر الخلاف على التعاون العسكري حيث ألغت الولايات المتحدة مناورة عسكرية في تشرين الأول (أكتوبر) الماضي كي تشجع التعاون المشترك بين الدول، خاصة أن القاعدة العسكرية الأمريكية الرئيسية هي في قطر. وربما انتهى “ميسا” بالطريقة التي انتهت إليها مبادرات مشتركة غير متقنة من مجلس الدفاع المشترك التابع للجامعة العربية في عام 1950 إلى التحالف العسكري الإسلامي لمواجهة الإرهاب الذي دعت إليه السعودية عام 2015.

وتشير المجلة إلى تصريحات إميل هوكايم من المعهد الدولي للدراسات الإستراتيجية في لندن والتي قال فيها “كل سنوات عدة يخرج علينا البعض بفكرة كبيرة” و”يعملون عليها مثل المجانين وتنتهي بعمارة جديدة ومنصات تعرض منها شرائح باور بوينتس”.

وتثير المجلة قضية أخرى ذات دور في حظوظ “ميسا” القليلة وهي التزام الولايات المتحدة لهذا التحالف المتعدد. وتلاحظ المجلة ثغرة بين الكلمات والأفعال، فقد تعهدت الولايات المتحدة بالحفاظ على قواتها “طالما بقي الإيرانيون خارج الحدود الإيرانية” وفي المقابل اختفت حاملات الطائرات الأمريكية من الخليج منذ ستة أشهر وهي أطول مدة تختفي فيها منذ 20 عاماً. وفي العام المقبل ستسحب أمريكا بطاريات الصواريخ من البحرين والأردن والكويت في الوقت الذي تهدد فيه إيران بشن هجمات صاروخية ضد عواصم الخليج. ويريد وزير الدفاع الأمريكي جيمس ماتيس تخفيف الوجود العسكري الأمريكي بعد 17 عاماً من الحرب المستمرة. وفي النهاية ربما أظهر ترامب حماساً قوياً لبيع أسلحة لحلفائه العرب أكثر من خوض معركة إلى جانبهم.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

إشترك في قائمتنا البريدية