لندن- “القدس العربي: نشرت مجلة “إيكونوميست” تقريراً قالت فيه إن الرئيس الأمريكي جو بايدن محبط جداً من رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، لكنه لا يريد وقف الحرب التي يشنّها.
وقالت إن بايدن، الذي يواجه ضغوطاً محلية وخارجية، يراهن على صفقة تتعلق بالأسرى الإسرائيليين لدى “حماس”.
وأضافت: “الـ66 حزمة غذائية التي أنزلت بالمظلات على شاطئ غزة، في 2 آذار/مارس، خلقت مشهداً غير لائق في الحرب التي مضى عليها خمسة أشهر. ففي الوقت الذي قصفت فيه إسرائيل غزة بالقنابل الأمريكية الصنع، قام سلاح الجو الأمريكي بإنزال وجبات جاهزة.
ولا تعطي عملية الإغاثة التي نفذت بشكل مشترك مع الأردن، وتكررت في 5 آذار/مارس، صورة عن القوة الأمريكية، ولكن عن إحباطها ومحدودية قدرتها للتأثير على حرب إسرائيل ضد حماس”. وأضافت أن بايدن شحذ من نبرته تجاه إسرائيل في الفترة الأخيرة، وقال إنه لن يقبل “أي أعذار” للتأخير في توفير المساعدات الإنسانية لغزة. وهو يواجه ضغوطاً في الداخل والخارج بسبب الحصيلة الرهيبة للحرب وليس أقل من التشريد الجماعي في غزة وموت آلاف المدنيين والجوع الواسع والمرض”.
مات داس: يكشف الإنزال الجوي عن غرابة صارخة في السياسة الأمريكية.. نقوم بإنزال الطعام على سكان تعمل أسلحتنا على تجويعهم
وأبدى بايدن عدم ارتياحه من نتنياهو، وبطرق مختلفة. ففي 4 و 5 آذار/مارس، استقبلت واشنطن وزيرَ الحرب بيني غانتس، حيث منح لقاء مع نائبة الرئيس كامالا هاريس ومستشار الأمن القومي جيك سوليفان من بين عدة مسؤولين آخرين. ما أثار حنق نتنياهو الذي لم توجّه إليه دعوة إلى البيت الأبيض منذ تولي بايدن الحكم.
وترى المجلة أن الرئيس بايدن تبنّى، منذ هجوم 7 تشرين الأول/أكتوبر 2023، إستراتيجية من أربع شعب: دعم حق إسرائيل بالدفاع عن نفسها، وتدمير “حماس”، منع انتشار الحرب في المنطقة، تحديد الضرر على المدنيين الفلسطينيين، واستئناف محادثات السلام بشكل يقود لدولة فلسطينية. ودفع بايدن بالسلاح إلى إسرائيل، ومَنَعَ حرباً إقليمية، في وقت كثّفت فيه إيران وجماعاتها الوكيلة في لبنان واليمن والعراق وسوريا من هجماتها وعرقلت جماعة الحوثيين حركة الملاحة في البحر الأحمر. لكن بايدن لم يستطع حماية المدنيين الفلسطينيين من الانتقام الإسرائيلي. وشعر أن حكومة اليمين المتطرف التي يتزعمها نتنياهو لم تهتم كثيراً بدعواته المستمرة لحماية المدنيين. وقتل أكثر من 30,000 فلسطينياً، بحسب أرقام وزارة الصحة في غزة. وتم دفع معظم سكان القطاع، البالغ عددهم 2,2 مليون نسمة، نحو الجنوب، حيث تم حشرهم مثل معجون الأسنان في أنبوبة. وتحذر الأمم المتحدة من انتشار الجوع والمرض، وخاصة في شمال القطاع.
وتعلق المجلة بأن “حماس” أضعفت، لكنها لم تهزم، مع أن إسرائيل تقول إنها مصممة على تدمير ما تبقى من كتائب “حماس” في مدينة رفح وحولها، جنوب القطاع، وقريباً من مصر، التي تخشى من دفع الفلسطينيين نحو سيناء. وحذّرت أمريكا مراراً إسرائيل من الهجوم بدون خطة لحماية المدنيين. ويقول المسؤولون الأمريكيون إن خطتهم بالإنزال الجوي هي جزء من جهود لـ “غمر المحور” بالمساعدات. وهي طرق غير فعالة لتوفير المساعدة وعادة ما تكلف ثلاثة أو أربعة أضعاف نقل المساعدات براً. ولا يزال نقل المساعدات بحراً بعيداً في الأفق. ويبدو أن إسرائيل أصمّت أذنيها لأيّ نداء من أمريكا وفتح معابر أخرى إلى غزة. وزادت الفوضى عندما قتلت إسرائيل شرطة “حماس” الذين يحاولون منع نهب المساعدات الإنسانية، لأنهم رمز سلطتها. كان هذا واضحاً في 29 شباط/فبراير عندما قتل أكثر من 100 فلسطينيي تجمعوا حول شاحنات، وقتل معظمهم “برصاص جنود فزعين”، على حدّ زعم المجلة، أو ماتوا تحت الأقدام.
ومع ذلك واصلت الولايات المتحدة استخدام الفيتو في مجلس الأمن ضد قرارات تطالب بوقف النار في غزة. ودافعت عن إسرائيل أمام محكمة العدل الدولية، والتي طلبت برأي حول التداعيات القانونية لاحتلال إسرائيل المناطق الفلسطينية منذ عام 1967. ووصفت أيضاً دعوى الإبادة التي تقدمت بها جنوب أفريقيا أمام نفس المحكمة بأنها “بدون قيمة”.
وقالت المجلة إن دعم بايدن لإسرائيل له ثمن، فقد قرر حوالي 100.000 من الديمقراطيين والناخبين العرب الأمريكيين التصويت بـ “غير ملتزم” لدعم الرئيس في الانتخابات التمهيدية في ميتشغان، وهي ولاية متأرجحة مهمة. وكان توبيخاً لبايدن الذي يواجه سباقاً رئاسياً صعباً، في تشرين الثاني/نوفمبر. ودعا بيرني ساندرز، الذي رشح سابقاً نفسه مرتين في انتخابات الرئاسة، لوقف المساعدات العسكرية لإسرائيل، حالة استمرت الأخيرة بمنع دخول المساعدات الإنسانية.
وقال مات داس، من مركز السياسة الدولية بواشنطن، والذي عمل سابقاً مع ساندرز: “يكشف الإنزال الجوي عن غرابة صارخة في السياسة الأمريكية” و”نقوم بإنزال الطعام على سكان تعمل أسلحتنا على تجويعهم”.
وبالمقابل يتهم الجمهوريون بايدن بأنه يحاول تقييد أيدي إسرائيل.
ومع استمرار الحرب الطاحنة، زادت إدارة بايدن من الضغط على إسرائيل في الضفة الغربية، حيث فرضت عقوبات مالية وحظر سفر على أربعة مستوطنين تورطوا بالعنف ضد الفلسطينيين.
دفع معظم سكان القطاع، البالغ عددهم 2,2 مليون نسمة، نحو الجنوب، حيث تم حشرهم مثل معجون الأسنان في أنبوبة
وأعلن أنطوني بلينكن، وزير الخارجية، أن المستوطنات لا تتوافق مع القانون الدولي، حيث ألغى سياسة سلفه مايك بومبيو وزير خارجية دونالد ترامب. ويرى بايدن أن المخرج من الأزمة هو التوصل إلى اتفاق وقف إطلاق للنار قبل بدء شهر رمضان.
ويقول ديفيد ماكوفسكي: “تحاول الولايات المتحدة جمع الأمور لأسبوع آخر، ووضعوا كل بيضهم في سلّة صفقة الرهائن”، و”لو نجحوا فستتدفق المساعدات الإنسانية ويأملون بتوقف القتال الأسوأ”.
وتقول الولايات المتحدة إن إسرائيل وافقت على الخطوط العريضة لهدنة ستة أسابيع، وإن الأمر بيد “حماس”، حسب ما قال المتحدث باسم البيت الأبيض.
وتأمل الولايات المتحدة أن تؤدي الهدنة إلى النقاش حول من سيدير غزة بعد الحرب، وإصلاح السلطة الوطنية التي تدير أجزاء من الضفة الغربية وإنشاء دولة فلسطينية، وعقد اتفاق سلام بين السعودية وإسرائيل بضمانات أمنية أمريكية.
ويرفض نتنياهو الدولة، وخطته لليوم التالي في غزة تصل إلى حدّ الاحتلال الدائم للقطاع.
ورغم انزعاج بايدن من نتنياهو إلا أنه رفض استخدام أوراق النفوذ الأمريكية، مع أن غيره فعل هذا، فقد منع رونالد ريغان شحنات أسلحة لإسرائيل في أثناء اجتياح لبنان، ومنع جورج هيربرت بوش في التسعينات ضمانات قروض لإسرائيل.
ويبدو أن الدبلوماسية المستقلة التي قام بها غانتس هي تحذير من أن بايدن قد يضع إبهامه على ميزان السياسة الإسرائيلية غير المتزنة. لكن غانتس ليس من معسكر الحمائم، حيث أكد بعد لقائه مع هاريس على “وجوب إكمال المهمة” ضد “حماس”، لكن الأمريكيين يعتقدون أنه شخص مرن وجدير بالثقة. ومن التقوه قالوا إنه حريص على إنجاز اتفاقية تبادل الأسرى.