لندن- “القدس العربي”:
نشرت مجلة “إيكونوميست” تقريرا قالت فيه إن حزام النار انتشر في معظم أنحاء السودان، وقالت إن الغارات وإطلاق النار الذي تم استشعاره من الفضاء، كشفت أن الحالة غير طبيعية، ففي الجنوب من البلاد والعاصمة الخرطوم، توسع العنف.
وقالت المجلة إن الحرب الأهلية شردت نحو 3 ملايين شخص، لكن هذا التقدير غير دقيق، نظرا لعدم توفر المعلومات. فالصحافيون المحليون والناشطون محاصرون، ولا يستطيع الصحافيون الأجانب الاقتراب من المعارك، ودمر الجنود بنى الاتصالات حتى لا تخرج الأخبار.
إلا أن هناك شهود عيان خارج سيطرة المتحاربين في السودان: الأقمار الاصطناعية التي تحلق فوق البلد.
وتقدم البيانات التي تجمعها هذه الأقمار أدلة على جرائم الحرب مثل حرق القرى. كما تكشف البيانات عن المدى الذي وصلت إليه المذابح مقارنة مع تلك التي حدثت في الماضي. وتدير وكالة ناسا الأمريكية نظاما يقوم على الأقمار الاصطناعية اسمه “فيرمز” ويقوم بالتقاط وتحديد الأماكن ذات الحرارة العالية.
وهو نظام صمم لمتابعة حرائق الغابات، لكنه يلتقط في الوقت نفسه الحرائق الطبيعية وتلك التي يتسبب بها البشر. فالحرائق في السودان تتباين وتصل ذروتها في موسم الجفاف من أيلول/ سبتمبر إلى آذار/ مارس. إلا أنه تم التقاط الكثير من الحرائق أثناء الموسم الماطر الحالي وأكثر من العقد الماضي.
ولعزل الحرائق المرتبطة بالحرب، تمت تصفية المناطق الساخنة قرب مصانع الإسمنت ومحطات توليد الطاقة ومنشآت النفط، إلى جانب مناطق تمت الإشارة إليها بأنها غير مأهولة في خرائط أعدت باستخدام نظام “غيرد 3″، أي البيانات السكانية والبنى الجغرافية للتنمية. فمنذ بداية الحرب في نيسان/ أبريل، سجل نظام “فيرمز” حرائق اندلعت بمعدل خمسة أضعاف في هذه المناطق من تلك المسجلة ما بين 2013- 2022.
في البداية انحصر معظم الدمار بالعاصمة الخرطوم، حيث تنافس الطرفان المتحاربان للسيطرة على مراكز الحكومة. وفي نهاية نيسان/ أبريل، أظهرت الصور الفضائية اندلاع حرائق غير طبيعية في الجنوب وغرب السودان. وتؤكد صور الأقمار الاصطناعية أن الحرائق التي تم تحديدها في دارفور، مركز أول حرب إبادة في القرن الحادي والعشرين وتلك التي في الخرطوم، نابعة من الحرب.
وكشفت الصور ذات الجودة العالية التي التقطها نظام “فيرمز” بنايات محترقة بشكل تام. وبحسب مرصد النزاع السوادني، وهو مركز في جامعة ييل، ومكلف من وزارة الخارجية الأمريكية لمراقبة اتفاقيات وقف إطلاق النار التي لم يتم الالتزام بها بشكل كامل، فقد تأثرت مساحة 0.7 كليومتر مربع في الجنينة، غرب دارفور بالنيران في حزيران/ يونيو.
وفي بلدة مورني، احترقت مساحة 2 كيلومتر مربع في يومين فقط هذا الشهر. وتقول المجلة إن زيادة الحرائق تتطابق مع التقارير التي تتسرب من داخل البلد، فبحسب “أرمد كونفليكت لوكيشين داتا بروجيكت” (أكليد) وجدت أن معدل تقارير العنف الحالية من السودان هي أكثر بضعفي المعدل الأقصى منذ بداية التسجيل في عام 1997.
ومثل خرائط الحرائق، تكشف بيانات “أكليد” أن القتال في منطقة الجنوب، وهي منطقة ابتعدت في الماضي عن العنف الجماعي، لكن الحرائق المشتعلة التي سجلتها الأقمار الاصطناعية تتفوق على ما سجلته “أكليد”.
ويظل تقدير عدد الوفيات في الحرب الحالية مهمة صعبة، فعملية إحصاء الحرائق لا تكشف الكثير عن الضحايا والحالات التي سجلتها “أكليد” وعددها 1150 حالة منذ 15 نيسان/ أبريل، ومن بينها 388 حالة وضعت على القائمة “بدون معرفة عدد الضحايا”، وعندما تبدأ الأخبار بالخروج، فستكشف عن واقع قاتم.
وفي 13 تموز/ يوليو، قالت الأمم المتحدة إنها اكتشفت مقبرة جماعية دفن فيها 87 شخصا في الجنينة، غربي دارفور.