ابن المعيدي

حجم الخط
0

أكمل حديثك للنهاية
لا تخجل من الأشجار
ومن ضوء القمر
من كرم الحديقة
من بنت تبادلها العشق
ووردة ذبلت دون أن تدري
خلف أشجار تين
اكمل حديثك مثل أمك
حين تروي قصة يوسف
ورحلة الأخوة إلى مصر القديمة
فالنهاية حكمة القصة
أما البداية
فلكي تخفف ظلمة الليل في تشرين
ولكي يعم الصمت
وتنفتح العيون لأقصى مدى
كان يا ما كان قنطرة على نهر صغير
حقول القمح حتى الأفق
وعلى الطريق موقف للحافلة
شمس تعد عدتها لكي تغيب
أنت الوحيد على الطريق
تنظر في أعماق وحدتك
تقول للفكرة : كفي عن أذاي
فغدا أسافر للبعيد.
كان يا ما كان طفل
له من السنوات سبع
ومن الضحكات ألف
ومن الحب ما يملأ البحر
لكن يوما، في المساء
أتاه الحزن على صورة طائر سحري
بجع من خزف بمنقار ذهب
نزع الرداء
استبدل جلده بالريش
وطار بعيدا في الفضاء
حين جن الليل
غلبه البكاء
وظل سنين حياته يطير
من غصن لآخر
بحثا عن قميصه الأزرق
فالريش لا يحمي من الوحدة
وإن كنت طائرا سحريا بمنقار من ذهب.
يوسف في مصر كان وزير فرعون
وتعشقه النساء
يقطعن راحات أيديهن حين يمر أمامهن
ليتركن ندبا بأيدينا مدى الحياة
فرعون لا يدري أن يوسف لا يسكن مصر
بل خيام أبيه على مسير أيام
وفي الليل يصنع أحلام عودة.
مضت الليالي
مضت النجوم من فوق سطح الدار
وصار الهواء مزيفا
والكل صار مزيفا
الورد في أصص الحديقة
مضامين الكتب
الجبنة البيضاء
مرارة الزيتون
طعم الخمر في القنينة
شمس الخريف
لغة الكلام
حتى «أحبك « لوثها الغبار.
وصرنا نقاتل ظلالنا بدل العدو
نعد الحرب ولا ندري من نقاتل؟
والقمح في البيادر يحترق
وتجار السياسة يعدون نقودهم
ويوسف لا يدري لأي أخ سيكيل صاع القمح
فالأخوة الطلقاء يتشابهون
في الغدر وفي المكر وفي الذل
حين يصير الصاع رمزا للحياة
هل يصير الذئب شعار أخوة؟
هل تصير الحماقة حكمة؟
هل تخجل الكلمات من أفواه من يتحدثون؟
لا شيء مطلق في هذي البلاد إلا التشفي
ولا شيء نسبي إلا الحياة
وتبادل الأدوار بين الضحية وجلادها
وأنا أسير على إيقاع منفاي
أطل من البعيد فلا أرى
أطل من عتمة الليل وقد أرى
نهرا بلا ماء
لا قنطرة ترفل فوقه
ولا حقل قمح واحد
والأفق صحراء ملح
يوسف في أقصى بلاد
مازال يحلم
ولن يعود.

شاعر من العراق

كلمات مفتاحية

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

إشترك في قائمتنا البريدية