القاهرة ـ «القدس العربي»: ركزت الصحف المصرية الصادرة أمس الأربعاء 30 يناير/كانون الثاني على مغادرة الرئيس الفرنسي ماكرون مصر، منهيا زيارته لها. وأبرزت الصحف كذلك الاجتماع بين الرئيس وسكرتير مجلس الأمن القومي الروسي، وتعمد الإشادة بالدور الروسي في بناء محطة الضبعة النووية، وتشبيهها ببناء الروس السد العالي، أيام حكم الزعيم الراحل جمال عبد الناصر. كما شملت المحادثات الأوضاع في سوريا. والمعروف أن مصر تؤيد التدخل الروسي هناك للحفاظ على بقاء الدولة. واستمرار الاهتمام بنشاطات معرض القاهرة الدولي للكتاب.
مطالبة الرئيس باستئناف عملية الإفراج عن المسجونين بمن فيهم شباب الإخوان المسلمين والإهمال يتزايد في مستشفيات الغلابة
وقد أخبرتنا الرسامة سحر في جريدة «الأهالي» بأنها أثناء تجولها في المعرض شاهدت مقدمة برامج تلفزيونية تسأل زائرا عن رأيه ففوجئت به يقول لها: لا حضرتك أنا مؤلف يعني مليش علاقة بموضوع القراية دي خالص.
واهتم كثيرون بمناقشات مشروعات قوانين في مجلس النواب، خاصة مخالفات المباني، وهي تهم الملايين، وتم استبعاد عقوبة الحبس للمخالفين وتحديد غرامة تبدأ من خمسين جنيها للمتر، وحتى ألفي جنيه، حسب مستوى المنطقة، وتحصيل الغرامة بالتقسيط، بشرط أن يتحمل المالك دهان المنزل، إذا كان بالطوب الأحمر. واهتم كثيرون أيضا بانخفاض الدولار أمام الجنيه وتلقوا صدمة عندما علموا أنه لا انخفاض في أسعار السلع والمواد المستوردة. كما اهتم كثيرون بمشروعات الحكومة للكشف المجاني على عيون تلاميذ المدارس الابتدائية، وعلاجهم على نفقة الدولة، واستمرار عمليات الفحص المجاني على ملايين المواطنين للكشف عن الأمراض المصابين بها، وعلاج غير القادرين على نفقة الدولة. أما المقالات والتعليقات فقد كان معظمها مخصصا للهجوم على الرئيس الفرنسي بسبب إثارته قضية حقوق الإنسان وانتقاد أوضاعها في مصر. وكانت الهجمات عنيفة جدا ولاذعة واتهمت فرنسا بالتآمر للإساءة لسمعة مصر وهي التي سنبدأ بها تقرير اليوم.
ماكرون وحقوق الإنسان
ففي «الأهالي» لسان حال حزب التجمع قالت رئيسة تحريرها أمينة النقاش عن تأييد فرنسا لمحاولة الإطاحة برئيس فنزويلا: «كان الرئيس الفرنسي ايمانويل ماكرون يطالب الرئيس السيسي في القاهرة باحترام حقوق الإنسان وقد سبق زيارته بقرار فرنسي يدعم تمردا في فنزويلا على رئيس شرعي منتخب، ما يدفع إلى التساؤل أليست الحريات الديمقراطية جزءا من حقوق الإنسان التي يدافع عنها الرئيس الفرنسي؟».
مواقف متناقضة
وفي «الأخبار» ذكره عصام السباعي بمواقفه المتناقضة وقال عنها: «فرنسا ديمقراطية ولكن رئيسها ماكرون، واجه الاحتجاجات ضده بعنف مفرط. وهي علمانية ولكن ماكرون تسلم من الفاتيكان اللقب التاريخي «كاهن كاتدرائية القديس يوحنا اللاتراني» بعكس من سبقوه، وتحترم حرية الرأي إلا ضد اليهود. وحقوق الإنسان، إلا ضد العرب مثل الجزائر والعراق والأفارقة مثل بوروندي. وكما أراه فهو «ديمقراطي علماني انتهازي» وباقي الأوصاف متروكة لكم».
النية المبيتة
أما محمد أمين وفي العدد نفسه من «المصري اليوم» فيقول: «غادر الرئيس الفرنسي ماكرون والسيدة قرينته مصر، وترك جرحاً غائراً وبعض الأسئلة الصعبة، وأظن أننا لم نستعد للزيارة إلا في إطار البروتوكول فقط.. ولو أن الدولة المصرية استعدت للقاء بأسئلة افتراضية أجابت عنها، لما أصاب الهلع بعض وسائل الإعلام من أسئلة الوفد المرافق للرئيس ماكرون.
مهم أن نستقبل الرؤساء بترتيبات «مسبقة» لا بحُسن نية. ومن المؤكد أن وزارة الخارجية تعلم أن النية مبيتة لأسئلة من هذا النوع، ومن المؤكد أن السفير المصري في باريس يتابع ما يذاع وينشر، فماذا فعلت الخارجية؟ وماذا فعل السفير؟ كان من المهم تجهيز بعض الأسئلة، ونقل ما يدور في الشارع الفرنسي والصحافة الفرنسية عنا.. وفي هذه الحالة فقط يمكن أن تستعد الأجهزة بالأسئلة، ويستعد الرئيس بالإجابات، ولستُ مع الشعور بالصدمة تجاه «أسئلة ماكرون»، ولست مع مقابلة هذه الأسئلة بالهلع والرد الغاضب، فقد لاحظتُ أن البعض «شتم» ماكرون، ولاحظت أن آخرين جددوا الثقة في الرئيس.. باختصار، لا الرجل يريد الإساءة للرئيس ولا لمصر، فقد غرّد في اليوم التالي داعماً لنا.. فمن الجائز أنه جاء يحمل «نصيحة»، وكان علينا أن نقابل «النصيحة» بقبول حسن، فلم يسأل بعضُنا نفسه كيف أن الرئيس الفرنسي جاء «يتفسح» ويزور معبد أبوسمبل وكاتدرائية العاصمة، مع أن بلاده تشتعل بمظاهرات «السترات الصفراء».. ولو كان أي رئيس آخر، ربما كان يقطع الزيارة لو قامت في بلده مظاهرات، والمفاجأة أن ماكرون جاء للسياحة، بينما المظاهرات هناك، وقال: إنهم «أصحاب حقوق» وهو يؤيد مطالبهم المشروعة ويبحث حلها، فالمظاهرات هناك لا تغضب ماكرون، التخريب هو الذي يغضبه، وهو الذي تواجهه الشرطة بدون تعليمات.. يعني أي قتيل فرنسي لن يُسأل عنه ماكرون، لأن الشرطة هي التي تعاملت معه طبقاً لواجباتها.. أما الرئيس فلا يملك أن يقول أضرب أو لا تضرب.. ثم هناك محاكمات عادلة.. هذا هو ما قاله ماكرون بهدوء شديد، بدون أي انفعال، وربما خرج ليبحث عن الحل وعلى فكرة، لم يتغير موقف فرنسا مما جرى على أرض مصر.. فلم تكن تؤيدها سابقاً ولا تعارضها الآن. ولا يعني ذلك أن العلاقة بين الرئيس السيسي وماكرون قد توترت.. ولا ماكرون يملك بقاء الرئيس من عدمه.. نحن الشعب الذي انتخب الرئيس بأغلبية كاسحة، لم يسمع عنها ماكرون ولا ترامب ولا تيريزا ماي.. نحن الشعب الذي يؤيد رئيسه أو لا يؤيده وأخيراً، قدم الرئيس مفهوما جديدا لحقوق الإنسان.. ولكنهم يرون أنها «خدمات مستحقة».. هذه فروق ثقافية.. وبالتأكيد أصدر الرئيس قرارات بالإفراج عن السجناء، وخرج آلاف المساجين والغارمين.. كان مهماً الإشارة لذلك، ومهماً أن نعرف أن «الاستثمار» مرتبط بالحرية والديمقراطية أيضاً».
اللعبة الديمقراطية
عماد الدين حسين» في «الشروق» تناول الموضوع نفسه قائلا: « ربما هي المرة الأولى منذ عام 2013، التي يقف فيها رئيس أو مسؤول أجنبي كبير، ليتحدث فيها بمثل هذا الوضوح عن موضوع حقوق الإنسان. الرئيسان المصري والفرنسي اتفقا في العديد من الملفات الأساسية، من التعاون الثنائي في معظم المجالات، نهاية بالحرب على الإرهاب، والملف الليبي.
لكن كان واضحا أن هناك خلافا حادا في ملف حقوق الإنسان. الرئيس الفرنسي السابق فرانسوا أولاند زار مصر أكثر من مرة، ولم يطرح الموضوع علنا، ربما طرحه في الغرف المغلقة. ماكرون مختلف كثيرا، ويتعامل باعتباره مسؤولا عالميا، وقد وضح ذلك في دعواته لإنشاء جيش أوروبي، أو خلافاته العلنية مع دونالد ترامب، وأخيرا في صدامه مع الحكومة الإيطالية، وبالأخص نائب رئيس الوزراء ماتيو سالفيني، وبالتالي علينا أن ندرك أنه لم يقصد خصيصا استفزازنا، وكان ينبغي أن ننتبه لهذا الأمر.
وهنا نسأل: هل كان من الأفضل الدخول في هذه المناظرة؟ أم كان من الأجدى أن نترك ماكرون يقول «الكلمتين» وينتهي الأمر، عند هذه النقطة؟ لا توجد إجابة قاطعة، وهناك فريق يرى أن مصر كسبت؛ لأنها طرحت وجهة نظرها بصورة مفصلة في مؤتمر نقله الإعلام الدولي المؤثر، وأكدت أن حقوق الإنسان الاجتماعية والاقتصادية، تتقدم على ما عداها، وبالأخص السياسية. وبالتالي، لن تكون مضطرة لإعادة شرح وجهة نظرها في كل مرة يثار فيها هذا الموضوع. فريق آخر يرى العكس تماما، وهو أن النظام خسر كثيرا؛ لأنه أعطى لماكرون فرصة ذهبية، ليعطينا محاضرة في حقوق الانسان من قلب قصر الرئاسة، والأهم أن من لم يكن يعرف أن هناك مشكلة لدينا، صار يعرف ذلك وأكثر، وبالتالي فالخسارة مضاعفة؛ لأنها ستجعل العالم يركز على هذا الملف باعتباره نقطة ضعف لدينا.
ظني أن هناك سوء فهم لدى بعضنا، بشأن مفهوم حقوق الإنسان في الغرب. الأمر هناك جزء من ثقافة الحكم لدى المجتمع بأكمله، ولا يشبه ما يحدث في العالم الثالث، وهناك سنوات ضوئية تفصل بيننا وبينهم في هذا الأمر، لديهم حياة سياسية وأحزاب ومنظمات مجتمع مدني قوية جدا، ولديهم قوى اقتصادية ومجتمعية راسخة، تؤسس للتوازن الاجتماعي، وتحمى نموذجهم الديمقراطي من أي شطط. ظني أن سؤال محمد الباز بشأن: «هل غير ماكرون من رأيه أو رؤيته للقضية»، كان صحيحا، لكن الذي حدث في بقية المؤتمر، هو أننا أعطينا ماكرون «الميكروفون» ليخطب ويعظ ويستعرض في حقوق الإنسان. النقطة الأخرى المهمة على هامش المؤتمر هي: من نخاطب ومن نريد أن نقنعه بوجهة نظرنا.. هل نركز على الداخل المصري، أم الخارج العالمي؟ لو أجبنا عن هذا السؤال بدقة، فربما نستريح من مشكلات كثيرة. لو أننا نخاطب الداخل المصري، فهناك أدوات وطرق مختلفة لذلك، وجزء كبير من الرأي العام المصري كان يهتم بحقوق الإنسان الاقتصادية والاجتماعية، وكان مستعدا أن يقايضها بالحقوق السياسية، لكن ماذا سيحدث إذا لم يحصل على الحقوق الاقتصادية؟ أما إذا كنا نخاطب الخارج، فالأمر يصعب أن ينجح بهذه الطريقة. الغرب لديه قناعات راسخة بشأن مفهوم حقوق الإنسان، وهي بالنسبة له تشبه البديهيات. وترامب مثلا الذي يراه البعض فاشيا وعنصريا، يتقبل كل يوم انتقادات غير مسبوقة في شخصه وفي سياساته، ورغم ذلك لا يعتقل معارضين مثلا.
هو طرد مراسل سي أن أن، لكن رضخ لعودته بحكم قضائي؛ لأنه يعرف قواعد اللعبة الديمقراطية، حتى لو كانت لا تعجبه. ظني الشخصي أن حجم الخسائر كان أكبر من حجم المكاسب في الجدل الذي جرى بشأن حقوق الإنسان، وإذا صح هذا الأمر، فأتمنى أن تتم إعادة النظر في الطريقة التي نخاطب بها أنفسنا ونخاطب بها الخارج. لا أملك وصفة سحرية، لكن علينا أن نسأل أنفسنا بصراحة: ما هي الطريقة الأفضل للتصرف في هذا الملف؟ لا أتحدث عن العواطف والمشاعر والتمنيات، بل عن الواقع.. وأول سؤال جوهري هو: هل نحن في حاجة إلى الغرب، حتى نسمح له أن يعطينا محاضرات في حقوق الإنسان أم ماذا؟».
على حساب مصالح فرنسا
وإلى «الأهرام» التي سخر فيها هاني عسل من معلومات ماكرون الخاطئة وقال عنه: «أما في مصر التي زارها ماكرون للمرة الأولى فبعد أن كان يرفض إعطاء محاضرات لأحد فيها بشأن أوضاعها الداخلية، لأنه بدوره لا يقبل محاضرات من أحد حول بلاده، رضخ الرئيس الشاب لضغوط واستفزازات الناشطين والمنظمات الحقوقية والإعلام، من أجل تسميم العلاقات مع مصر، فتسرع في الإدلاء بتصريحات غير موفقة للصحافيين في اليوم الأول من الزيارة وقبل ساعات من لقائه الرئيس السيسي في الاتحادية، سعيا لإرضاء هذه الأصوات ولو على حساب مصالح فرنسا، التي يفترض أنها تحتفل هذا العام مع مصر بعام الثقافة، ثم كانت محاضرته في المؤتمر الصحافي مع الرئيس، التي حولها الرئيس إلى محاضرة حقيقية لضيفه وكتيبة الصحافيين الذين جاءوا معه بأسئلة سابقة التجهيز.
نعم من حق ماكرون التعبير عن رأيه في أي موضوع ولكن ما حدث أن ماكرون ترك كل جوانب التوافق مع القاهرة واحتياجه لها في ملفات المنطقة والهجرة وإفريقيا وحرب الإرهاب، وتفرغ للحديث المريب إياه عن انتهاكات حقوق الإنسان المزعومة في مصر لمجرد أنه قرأ كام تقرير من إياهم حول هذا الأمر».
أصحاب «السترات الصفراء»
وفي «اليوم السابع» تعرض ماكرون لهجوم من كريم عبد السلام الذي أحرج ماكرون بسؤاله عن اعتقال أصحاب السترات الصفراء وقال: «ماكرون عندما سئل في القاهرة خلال زيارته الأخيرة عن موقفه من سحل واعتقال المتظاهرين قال، إن التعامل العنيف مع هؤلاء المحتجين الغاضبين والمخربين يتم ليس لأنهم حاولوا التعبير عن أفكارهم ومواقفهم السياسية، ولكن لأنهم اشتبكوا مع الشرطة واعتدوا على الممتلكات العامة والخاصة، وأنهم جميعا سيحاكمون بالقانون.
والله كلام جميل ومنطقي وموزون يا عم ماكرون أمال أخبار حقوق الإنسان أيه، أخبار الحرص على الحريات، وفي مقدمتها حرية الرأي والتعبير، أيه الأخبار، الانحياز الوردي الدائم لفرنسا مع هؤلاء المحتجين الغاضبين في بلاد أخرى أيه».
بعيون مصرية لا أوروبية
وانتقل الهجوم على ماكرون إلى مجلس النواب وإلى بعض المسؤولين عن منظمات حقوق الإنسان ونشرت «الوفد» تحقيقا موسعا لمحمود فايد وسيد العبيدي جاء فيه: «قالت مارغريت عازر وكيلة اللجنة الخاصة بحقوق الإنسان في البرلمان، خلال اجتماعها الثلاثاء لمناقشة تصريحات الرئيس الفرنسي عن حالة حقوق الإنسان في مصر: «لا توجد دولة في العالم ملف حقوق الإنسان فيها كامل، ولكن نحن كلجنة برلمانية ممثلة من الشعب للحفاظ على حقوق الإنسان نرى أن الرئيس عبدالفتاح السيسي رد ردا مناسبا عما أثاره الرئيس الفرنسي، وطالب الغرب وأمريكا بأن ترى مصر بعيون مصرية وليس بعيون أوروبية». وتابعت عازر قائلة: على الجميع أن يعلم أن مصر تتواجد في منطقة تمر بظروف غاية في التعقيد وتموج بمخاطر كبيرة. كما أننا نحارب الإرهاب الذي هو عدو للحياة وللأمن، وللحفاظ على حق الحياة للمواطن والإنسان، واعتقد أن محاربة الإرهاب والقضاء عليه حق من حقوق الإنسان، وأعلى مراتبه الحق في الحياة، ونحن كممثلين عن الشعب، نرى أن حقوق الإنسان في كافة المجالات وليس السياسية فقط. وعلى الرغم من ذلك لدينا تشريع ينظم التظاهرات ويصون الحقوق، كما أننا كلجنة قمنا بزيارات عديدة للسجون للتعرف على كل ما يدور فيها على أرض الواقع.
وقال مجدي سيف عضو اللجنة أيضا أن مصر لا تأخذ دروسًا من أحد أيا كان، وعلى الرئيس الفرنسي قبل أن يذكر حالة حقوق الإنسان في مصر، أن يقول لنا كيف تعاملت الدولة والحكومة الفرنسية وجهاز الشرطة والجيش مع مظاهرات السترات الصفراء وضربهم بمنتهى الوحشية، فهل هذه حقوق الإنسان في فرنسا؟ وهل لو قامت الشرطة المصرية بمثل ما قامت به الشرطة الفرنسية فكيف كان سيكون الوضع؟».
نظام شاخ في السلطة
«تصريحات الرئيس السوداني عمر البشير في القاهرة حين قال إن هناك «محاولات لاستنساخ الربيع العربي» في بلاده، وهاجم «تضخيم بعض وسائل الإعلام» الاحتجاجات المناهضة لحكمه منذ أكثر من شهر. كانت لافتة في رأي عمرو الشوبكي في «المصري اليوم»، مشكلة هذه التصريحات أنها نسيت أو تناست أن سبب «عملية الاستنساخ» هذه- (تعبير غير دقيق)- هو بقاؤه في السلطة 30 عاماً، وأن الاحتجاجات التي تشهدها السودان سببها وجود نظام شاخ في السلطة وبقي فيها لأكثر من 3 عقود، وهو في حد ذاته سبب طبيعي للتظاهرات. والحقيقة أن مشكلة هذه الجملة أنها تلغي مسؤولية السلطات الحاكمة في حدوث ثورات وانتفاضات، أي أن أصل الأزمة في الفعل، أي الحكم السيئ، وليس رد الفعل، أي الثورة.
وإذا كانت الغالبية الكاسحة من شعوب الأرض لا تميل إلى الثورة ولا تعتبرها هدفاً، بل فعلا اضطراريا يُفضل تجنبه، لأن الكثير من نتائج الربيع العربي، ولأسباب مختلفة كانت أسوأ من الأوضاع السابقة عليه، يصبح المطلوب معالجة الأزمات في بنية النظام السياسي نفسه، حتى لا نصل إلى مخاطرة الثورة أو الفوضى أو العنف. معضلة ما يجري في السودان هو عدم اعتراف الرئيس بأن جوهر المشكلة في بقائه 30 عاماً في الحكم بكل ما يمثله ذلك من جمود وتكلس وفشل اقتصادي وسياسي، وأن إعلانه عدم ترشحه في الانتخابات المقبلة «العام المقبل» قد يمثل مخرجاً آمناً للسودان، أو القبول بمرشح من داخل الدولة تقبله القوى المدنية، أو آخر من القوى المدنية تقبله الدولة.. كل هذه سيناريوهات آمنة للخروج من الأزمة الحالية، والمسؤول الأول عنها الحكم.
تصريحات الرئيس السوداني في القاهرة عكس تصريحات الرئيس الفرنسي عن الاحتجاجات التي تجري في بلاده، فقد انطلق البشير من أن هناك مؤامرة على السودان يقودها مأجورون وخونة، (استخدم هذه التعبيرات حرفياً)، ولم يعتبر الشعب رقماً في معادلة الحكم، واعتبر أن الاحتجاج على سياسات الحاكم سلمياً بالاعتراض أو التظاهر يعني مؤامرة على الدولة والنظام وعلى الشعب نفسه، في حين انطلق ماكرون من أن هناك أزمة في بنية نظامه السياسي، وفي أدائه هو شخصياً وأداء حكومته، وأن هناك أزمة في الديمقراطية التمثيلية، وأيضاً في التأثيرات السلبية للعولمة على قطاع واسع من الشعب.
وهذا فارق كبير بين مشاكل النظم الديمقراطية، التي تقوم على دولة القانون وتمتلك القدرة على تصحيح الأخطاء، وتفتح الباب لتغيير الحكام سلمياً، والنظم الاستبدادية التي تضع شعوبها أمام معادلة بقاء الحكام للأبد في السلطة أو الفوضى. الربيع العربي لا يُستنسخ، إنما هناك ظروف موضوعية تؤدي إلى تكراره بكل المخاطر التي يحملها، والحل مازال في يد الرئيس السوداني، بأن يكتفي بثلاثين عاماً في السلطة ويرتب البيت لانتقال آمن للسلطة».
دعوة للتسامح والعفو
«لماذا توقفت قوائم العفو عن الشباب المحبوسين على ذمة قضايا سياسية؟ لماذا نعفو عن الخارجين من المجرمين ونترك أولادنا الذين تورطوا في قضايا سياسية خالية من العنف؟ سؤالان يطرحهما علاء عريبي في «الوفد»، ويقول قبل فترة طرح على الرئيس فكرة العفو عن الذين لم يتورطوا في قضايا عنف من الشباب، سواء كانوا من جماعة الإخوان أو من غيرها، وبالفعل تم الإفراج عن البعض في قوائم متتالية، وعلى ما أتذكر أن أعداد من أفرج عنهم بعفو من الرئيس حوالي 460 شابًا فقط، بينهم 82 حالة في القائمة الأولى، و203 حالات في الثانية، و175 حالة في القائمة الثالثة، وقيل ساعتها إن هؤلاء فقط من توافقوا مع شروط العفو الرئاسي، التي تتمثل في قضايا التظاهر والرأي.
وأيامها طالبنا بأن نوسع من قاعدة الاختيار، وبالتالي شروط التسامح والعفو، وأن يكون للطلبة الأولوية في العفو مراعاة لمستقبلهم، واقترحنا أن نعطى من تورطوا في عنف أو اشتباكات عنيفة بدون إراقة دماء فرصة جديدة، هم في النهاية أولادنا، وبمقدورنا أن نعيد تأهيلهم وتصحيح المفاهيم المغلوطة لديهم، وهذا دور الحكومة والنظام الحاكم وواجبه تجاه هؤلاء الشباب، فما الذي يجنيه المجتمع من الدفع بمئات الشباب إلى الزنازين وحرمانهم من الدراسة وضياع مستقبلهم.
نحن لا نمتلك أي معلومات عن أعداد الطلبة المحبوسين في السجون المصرية، ولا نعرف حتى الجرائم أو التهم التي وجهت إليهم، وقد سبق وطالبنا وزارة العدل بأن تعلن أسماء وأعمار الطلبة الذين حكم عليهم في جرائم سياسية، ونوعية الجرائم التي قاموا بها، والأحكام التي صدرت ضدهم، والمراحل التعليمية التي كانوا فيها.
الأمل معقود في الرئيس وفي الحكومة، لكي نعيد النظر في التهم الموجهة لأولادنا الشباب، وأن ينظر لهم بعين الرحمة والرأفة مهما كانت انتماءاتهم السياسية، فهم في النهاية مجرد شباب، وليس من المنطق أن نقسو عليهم فقط لأنهم يتبعون جماعة بعينها. تعالوا نكرر ونقول: يجب أن نعيد قوائم العفو، ويجب أن تتسع لجميع أولادنا الشباب والطلبة الذين لم تلوث أيديهم بالدماء، أن تصدر القائمة الرابعة بآلاف من أولادنا، تعالوا نعطى أولادنا وأنفسنا فرصة أخرى، تعالوا نبعد الكراهية ونغلب التسامح والحب، لن نخسر كثيرًا إذا حاولنا وفشلنا، السجون على بعد مرمى حجر، والزنازين تتسع للمئات، تعالوا نبدي المحبة والتسامح، فالمؤكد أننا سوف نكسب أنفسنا، سوف ننقذها من الانزلاق في الكراهية والثأر والعنف، والمؤكد أيضا أننا سوف نكسب الكثير من أولادنا، وسنسعد بعودتهم إلى أحضاننا مرة أخرى، كما أن تسامحنا وعفونا سوف يخرس المتربصين، ويحد من الاتهامات التي نتلقاها يوميا من إعلام وحكومات البلدان الأوروبية. تذكروا أن هؤلاء الشباب أولادنا، وتركهم بالسجون سوف يعمق الأحقاد والكراهية، في وقت نحتاج فيه إشاعة الحب والتسامح لكي نبني بلادنا».
هل من مجيب؟
«منذ أكثر من شهر وصلت طارق يوسف في «الوفد» رسالة من إحدى السيدات يقول الكاتب، اعتصرتني ألماً وزادتني إصراراً وقتها على توصيل آهاتها إلى الدكتورة هالة زايد وزيرة الصحة لتعرف عن قرب مدى ما وصل إليه الإهمال في مستشفيات الغلابة، ووقتها سردت لسيادتها مأساتها، ظناً مني أن المسؤولين في المستشفى سيحققون في ما تم نشره بعد تدخل الوزارة، ولكن ما حدث أن المقال المنشور بتاريخ 2 يناير/كانون الثاني وهو تاريخ الجراحة التي أجريت للمواطنة فاطمة عبدالخالق بهنساوي، لم يُقرأ ولم يصل إلى إدارة المستشفى كأن الأمر موجه لوزارة الصحة في الغابون، ونص الرسالة كما جاء على لسان المريضة: أبلغ من العمر 65 عاماً وتعرضت لحادث منذ ثلاثين عاماً وقام الدكتور حسين عبدالفتاح إبراهيم أستاذ جراحة العظام المشهور، رحمه الله، بتركيب مفصل للحوض ونجحت العملية نجاحاً ساحقاً وتم عقد مؤتمر صحافي عالمي لنجاح أول عملية تركيب مفصل صناعي لعظم مفصل الحوض في مصر، وظل المفصل على حاله حتى تعرضت لحادث سقوط عام 2016 وشاء القدر أن أتوجه إلى المستشفى نفسه لإجراء جراحة تركيب مفصل آخر خلاف المفصل القديم، ودخلت حجرة العمليات وفوجئت بأن الجراحة تمت بدون تركيب المفصل ولم أعلم بذلك إلا بالمصادفة عندما شعرت بألم شديد وإفرازات كثيرة بعد أيام من الجراحة استدعت التدخل الجراحي مرة أخرى، وفوجئت بالطبيب نفسه يؤكد لنا أنه لم يقم بتركيب المفصل الصناعي من أصله، رغم أن قرار العلاج يشمل تركيب المفصل مع الجراحة، وعندما شكونا الطبيب للمسؤولين أكدوا لنا أن الأمر بسيط وسنضع مادة لاصقة تصل العظام ببعضها، بدون الحاجة للمفصل الصناعي الذي لا يصلح لحالتك، ومن وقتها ومنذ ثلاث سنوات وأنا في عذاب يومي ولا يمر شهر إلا وينفجر الجرح وتخرج إفرازات كثيرة بسبب التلوث الذي انتقل إليّ أثناء الجراحة، والذي لم تنجح معه أي مضادات حيوية، وأظل على هذا الوضع أياماً ثم تعاود الرجوع مرة أخرى، وكلما ذهبت للعلاج في أي مكان يكون الرد (روحي العجوزة هما اللي بوظوا رجلك)، ومنذ أكثر من شهر ونصف الشهر وأنا أتردد لإجراء الجراحة، وفوجئت أن الطبيب الذي حدث التلوث في وجوده أصابني بالصدمة عندما قال لي التلوث لن يتوقف حتى بعد عملية التنظيف ولن تنفع أي مضادات حيوية لحالتك، ولم يكن أمامى وقتها للتخلص من الآلام والبهدلة إلا أن أجري الجراحة مهما كان الوضع وأجريت الجراحة في 2 يناير/كانون الثاني الماضي وصدق كلام الطبيب وعادت الإفرازات والآلام بعد أيام قليلة من الجراحة ولا أدري ماذا أفعل؟ فهل توقف الطب عاجزاً أمام حالتي؟ وهل مستشفى العجوزة منذ ثلاثين عاماً أرقى وأفضل عشرات المرات من العجوزة عام 2019؟ وهل ستتدخل الدكتورة هالة زايد وزيرة الصحة هذه المرة لمساعدة هذه السيدة المسكينة في إجراء جراحة تنظيف أو تركيب مفصل يعيدها إلى الحياة مرة أخرى في أي مكان بعيداً عن العجوزة ومحاسبتهم على الإهمال؟ أم أن هذه السيدة ستكتفى بالبكاء فقط؟».
معارك المسلمين
وإلى المعركة المكتومة بين كل من وزارة الأوقاف ومستشار الرئيس للشؤون الدينية الشيخ الدكتور أسامة الأزهري، خطيب مسجد الفتاح العليم، في العاصمة الإدارية الجديدة بسبب الدعوة التي أطلقها من فوق منبره لجمع شمل المؤسسات الدينية، وعقد اجتماع مع وزير الأوقاف والمفتي، ما أثار حفيظة الأزهر واعتبره محاولة لأخذ دوره بدون أن يفصح شيخه الدكتور أحمد الطيب عن ذلك، ما دعا محمد الأبنودي رئيس تحرير جريدة «عقيدتي» الدينية لأن يقول: «إذا كانت الدعوة إلى حوار التضامن والتآلف والتواد من أهم ما يطالب به الأزهر الشريف خلال استقباله لضيوفه من علماء المسلمين وسياسيين ومسؤولين كبار من كل أنحاء الدنيا، ممثلين لكل الاتجاهات، فمن باب أولى أن يكون هذا الحوار في المؤسسة الدينية مجتمعة، بروح التسامح الإسلامي، وبعواطف الأسرة الواحدة، وبما يفرضه العلم من صلة رحم بين أهله، خاصة أنه بات واضحا وجليا أن هناك فرقة وأيادي خبيثة هدفها بث روح الخلاف بين المؤسسة الدينية، ولا يريدون لها أن تكون مجتمعة على كلمة سواء، ونحن يجب أن لا نخوض مع الخائضين في توسيع هوة الشقاق، الذي بدا واضحا، لكن يجب أن لا يكون لهذه التداعيات تأثير على الجهود الدعوية المبذولة من هنا أو هناك، وألا نؤثر أيضا على مكانة المؤسسة الدينية في مصر والعالم.
من هنا فإنني أحيي صنيع الدكتور أسامة الأزهري مستشار الرئيس للشؤون الدينية، وخطيب مسجد الفتاح العليم، الذي أطلق مبادرة جمع الشمل وتوحيد الرؤى، وتضافر الجهود لخدمة الدين والوطن، وتوحيد جهود المؤسسة الدينية. كنت أتمنى أن يكون هذا الاجتماع برئاسة فضيلة الإمام الأكبر باعتباره رأس المؤسسة الدينية، لكن الرسالة التي خرج بها هذا الاجتماع والمبادرة الطيبة من الدكتور أسامة الأزهري هي كل الاعتزاز والتقدير لفضيلة الأمام الأكبر شيخ الأزهر مؤكدين ثلاثتهم أنهم جميعا أبناؤه وجنوده ورجاله ويعملون تحت مظلته الإيمانية».
معارك الأقباط
ومن معارك المسلمين إلى معارك أشقائنا الأقباط حيث شن السياسي والكاتب جمال أسعد عبد الملاك هجوما على بعض العناصر في الكنيسة الأرثوذكسية خاصة الأنبا مكاريوس أسقف المنيا الذي يلقبه الأقباط بأسد المنيا وقال عنه وعن غيره: «لا يزال بعض رجال الدين المسيحي يتخيلون حفاظا على مواقعهم ودورهم الاستثنائي وليس الطبيعي، الذي فرضته الظروف التاريخية التي تغيرت كثيرا الآن، أنهم يتوهمون خطأ أنهم ما زالوا رؤساء تلك الطائفة القبطية، التي عفى عليها الزمن.
ما زالوا يتمسكون بنظام الطوائف الذي يسقط حق المواطنة للمواطن المسيحي، فالمواطنة هي الانتماء للوطن، وليس للكنية الدولة أو البابا، وحتى الآن هناك من يستلمح هذا إرضاء للغرور الذاتي، والإبقاء لأنفسهم على مكانة وأهمية وزعامة زائفة في غير موقعها، فنرى الانبا مكاريوس في المنيا يغرر به بعض الشباب ويطلقون عليه مسمى أسد الصعيد، ما جعله يشعر شعورا لا يليق بموقعه الديني الجليل، فتصور أنه الممثل والحامي لحمى الأقباط، فهو يصدر البيانات والتصريحات التي لا علاقة لها بأي حق دستوري، أو قانون في ظل الدستور، يعني المواطنة، لا يحقق أي مواطنة، بل يعيدنا إلى نظام الطائفية، الذي يبرر ويعيد للسلفيين وغيرهم نظام الذمة والذميين، لذلك فدعوتي لأمثال مكاريوس، لا تجعلوا الأمر صراعا بين الكنية وهؤلاء، فالامر بينهم وبين الدولة والقانون والمواطنة، إرفعوا أيديكم عن الأقباط وقوموا بدوركم الروحي الذي لا نرى له وجودا الآن حمي الله مصر والمصريين».
أسد مصر
ولم يكن جمال أسعد يدري أن الأنبا مكاريوس سوف يحصل على لقب أكبر من أسد المنيا وهو اسد مصر كلها، وهو ما أطلقه عليه الدكتور مينا بديع عبد الملك في مقاله في «الدستور» بعنوان «الأنبا مكاريوس أسد مصر» قال فيه: «الأنبا مكاريوس الأسقف الفعلي للمنيا وأبوقرقاص والمحبوب من شعبه، رغم محاولات البعض فصلهما، هو ليس فقط «أسد الصعيد» كما يُطلق عليه، بل هو في الحقيقة «أسد مصر»، إذ أنه يعرف ويعلم وظيفة الأسقف، وعندما نطالع تصريحات الأنبا مكاريوس، التي تكلم بها بشجاعة منقطعة النظير قال:
1 ـ نحن دائمًا نسعى للسلام والتهدئة، ولكننا نرفض الذُل والهوان والذُمية والتنازل عن الحقوق. 2 ـ سواء توجد كنيسة بروتستانتية أم لا، فهو أمر لا نناقشه وإنما ما يعنينا هو توفير مكان لأولادنا ليصلوا فيه، إذ ليس هناك مبرر للانتقال إلى قرية أخرى للصلاة هناك. 3 ـ أعجب من استمرار معاتبة الضحية لأنها تحتج على الظلم، بينما يُترك الجُناة بدون عقاب، بل يتم التماس الأعذار لهم. الأنبا مكاريوس لا يسعى- ولم يسع- لكلمة مديح من أحد، بل إنه يقدم نموذجًا للخادم الأمين في رعاية شعب، فهو الذي يتوجه إلى الأسر الفقيرة في منازلهم ويجلس ليأكل معهم على «الطبلية» ويجلس معهم على الأرض بدون تعالٍ، ولا ينتظر أن يتوجه أحد إليه لنيل بركاته من الكلمات المأثورة للبابا شنوده: «أتعجب من الذي يقول للمضروب لا تبك ولا يقول للضارب لا تضرب». لقد انطبق على الأنبا مكاريوس الكلمة التي قيلت عن القديس يوحنا المعمدان «النبي يحيى»: «الرجل الذي آثر أن يكون بلا رأس من أن يحيا بلا ضمير» هذا هو يوحنا المعمدان الجديد».
آه يا صحا فيي السيسي انتم في وادي و الديمقراطية في اخر ما هذا الخوى كما قال المرحوم إيش المناظرة وتحضير المقابلة نحن في مسابقة ولا ايه الرجل منتخب و في دولة ديمقراطية الرءيس يحاسب وهو يسافر بلا خوف من عدم الرجوع اللذين ماتوا هو قال ليست الشرطة من قتلتهم
هذا كلام مهرجين لا صحفيين فرنسا بلد ديمقراطي وأنا من السترات الصفراء مسكينة يا مصر