القاهرة ـ «القدس العربي»: دعت النقابة العامة للأطباء المصريين لعقد جمعية عمومية طارئة يوم الجمعة المقبل، وذلك على واقع أزمات يواجهها تتعلق بفرض ضرائب، وهجرة الآلاف من الأطباء خارج البلاد بسبب ظروف العمل وتدني الأجور، واشتراطات الإدارة المحلية في المحافظات لتراخيص المنشآت الطبية الخاصة، وتحصيل رسوم مخالفة على النفايات ولافتات المنشآت.
وحسب بيان للنقابة «الدعوة تأتي بناءً على مطالبات عديد من الأطباء والطبيبات بعقد جمعية عمومية طارئة لمناقشة أحوال الأطباء ومشكلاتهم، في ظل عدم وجود أي نتائج إيجابية من التواصل مع الجهات التنفيذية في العديد من الملفات الحيوية للأطباء».
موضوعان مهمان
وبيّن أن «جدول أعمال الجمعية يشمل مناقشة موضوعين مهمين هما تعامل مصلحة الضرائب المصرية مع الأطباء بطرق وآليات غير عادلة، واشتراطات الإدارة المحلية في المحافظات بترخيص المنشآت الطبية في أدوار إدارية في المباني».
وحسب عضو مجلس النقابة، الطبيب إبراهيم الزيات، فإن الجمعية العمومية الطارئة «مهمة جداً لاتخاذ موقف بخصوص مشكلة التعامل مع الضرائب وترخيص المنشات».
وأضاف: «الضرائب جزافية ومتراكمة وتصل إلى مبالغ باهظة بسبب تراكم السنوات والفوائد المركبة وتؤدي إلى النيابة والحكم بالحبس الغيابي من دون علم الطبيب».
وأكد أن «هناك حاجة لاتفاق واضح على طريقة عادلة لدفع الضرائب وبطريقة لائقة».
وبيّن أن «اللجنة المشكلة لتحسين بيئة العمل أمامها فرصة كبيرة جداً لإصدار توصيات قابلة للتنفيذ تنقذ الوضع المتدني للأطباء».
وختم «بعد 29 سنة عمل في الحكومة بين وزارة الصحة ثم كلية طب أسوان، راتبي 7 آلاف و800 جنيه مصري».
أما الدكتور إيهاب الطاهر، وهو أيضاً عضو مجلس النقابة الأطباء، فقد بين أن الدعوة هدفها «إطلاع الأعضاء على كافة تفاصيل الموضوعين المقررة مناقشتهما، وهما أزمة الفاتورة الإلكترونية، وتعنت بعض مجالس المدن بخصوص اللافتات، حتى يتسنى للجمعية العمومية تقرير ما تراه مناسبًا من تحركات بخصوص الموضوعين اللذين يهمان جموع الأطباء».
وأضاف «بالنسبة لأزمة الفاتورة الإلكترونية، فالحقيقة أن مصلحة الضرائب تعاملت باستخفاف شديد مع الأطباء، حيث أصدر رئيس الهيئة بياناً يعد استفزازياً للأطباء، حتى قبل إجراء اللقاء الذي طلب النقيب عقده مع المصلحة».
قبل يوم من جلسة نظر الطعن في عدم التسجيل في منظومة الفاتورة الإلكترونية
وتابع: «الأطباء يدفعون الضرائب بشكل عادل منذ سنوات، ولكن النظام الذي تحاول الضرائب فرضه على الأعضاء هو نظام غير عادل، حيث يفرض على الطبيب دفع الضرائب عن كل الإيرادات، في حين يتجاهل الجزء الأكبر من الإنفاق، والذي لا يمكن إثباته بالإيصال الإلكتروني وفق النظام».
وواصل: «مثلاً لا يمكن للطبيب إثبات ما يدفعه من رواتب لطاقم العمل بعيادته الخاصة، وكذلك إيجار الوحدة، أو المصاريف التي يدفعها لاتحاد ملاك العقار الذي تقع فيه عيادته».
وكانت مصلحة الضرائب المصرية أعلنت في فبراير/ شباط الماضي، وضع مجموعة من الإجراءات للأطباء للتعامل بالإيصالات، وطالبت الأطباء بوضع لافتة بأسعار الكشف والاستشارة وأي خدمات يجري تقديمها من قبل العيادات الطبية، وحذرت الأطباء من العقوبات القانونية.
الفاتورة الإلكترونية
وستعقد الجمعية العمومية غير العادية، قبل يوم واحد من موعد الجلسة التي حددتها محكمة القضاء الإداري، لنظر القضية المقامة من الدكتور حسين خيري، نقيب الأطباء، ضد وزير المالية، ورئيس مصلحة الضرائب المصرية، بصفتهما، للطعن على إلزام الأطباء بالتسجيل في منظومة الفاتورة الإلكترونية، وإلغاء القرار، إلى جلسة السبت المقبل.
وقال يحيى الهواري، محامي النقابة، إنه ترافع عن نقابة أطباء مصر، مطالباً بصفة مستعجلة بوقف تنفيذ القرار الصادر بإلزام الأطباء بالتسجيل لدى مصلحة الضرائب بمنظومة التسجيل الإلكتروني والتوقيع والفواتير والإيصال الإلكتروني.
وأضاف: «أكدت خلال المذكرة، التي تقدمت بها، أن هذا القرار المطعون ضده يغير من الطب كرسالة وينحرف بها إلى سلعة تهدف للربح، متجاهلاً الإلزام الإنساني والمهني قبل القانوني للطبيب في حالات الطارئ».
وواصل: «نظام الفاتورة الإلكترونية يضيف إلى الطبيب أعباء مالية غير قيمة الضرائب والتي تتجاهل حساب كافة مصروفات الطبيب بينما تدقق في حساب كامل الإيرادات».
إلى ذلك، طالب ستة آلاف وستمئة وثمانية وخمسون طبيبا وطبيبة، ومختلف أعضاء الفريق الطبي من أطباء الأسنان والتمريض والفنيين، الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، بإعمال سلطاته بالتدخل للتوجيه بصدور قانون عادل للمسؤولية الطبية.
وأكد الخطاب الذي أرسلته نقابة الأطباء صباح أمس إلى السيسي، أن «نقابة الأطباء تقدمت بعدة مقترحات لمشروع قانون المسؤولية الطبية إلى مجلس النواب في دورات انعقاده المختلفة على مدار أكثر من سبع سنوات إلا أنه لم يصدر قانون حتى الآن».
وحث الخطاب السيسي على «سرعة التوجيه بتشريع قانون المسؤولية الطبية حفاظاً على استقرار المنظومة الصحية وحماية حقوق مقدم الخدمة الطبية والمريض على حد سواء».
نقص أعداد
وزاد: «عجز أعداد الأطباء والتمريض يتفاقم في مصر، ودول العالم تسعى لجذب الأطباء والتمريض للعمل بها بعوامل جذب عديدة منها توفير بيئة عمل آمنة، من أهمها تطبيق قانون للمسؤولية الطبية».
وخاطب الأطباء السيسي بالقول «تدركون أن إصدار قانون المسؤولية الطبية في هذه الدول ومنها العربية كان عاملاً مهماً في استقرار المنظومة الطبية وجذب الاستثمار الصحي خاصة في السياحة العلاجية».
وزادوا «فلسفة قانون المسؤولية الطبية، هي تناول أسباب الضرر البيئي الناتج عن إجراء طبي من مقدم الخدمة المرخص والمؤهل لهذا الإجراء، فإذا تم ثبوت أن الضرر الطبي سببه خطأ من مقدم الخدمة يكون الحكم بتعويض مادي للمتضرر تبعاً لنسبة الضرر، وتخلو عقوبات هذا القانون من عقوبة الحبس أو الغرامة، وأما مقدم الخدمة الطبية غير المرخص له أو غير المؤهل فلا ينظره قانون المسؤولية الطبية وتتم مساءلته بقانون العقوبات الذي يتضمن الحبس والغرامة».
وحسب الخطاب، مشروع قانون المسؤولية الطبية المقدم من بعض أعضاء مجلس النواب المصري والمعروض على نقابة الأطباء لإبداء الرأي «مناقض للأركان الأساسية في قوانين المسؤولية الطبية بجميع الدول التي تطبقه، وأهم أوجه هذا التناقض إقرار عقوبتي الحبس والغرامة على مقدم الخدمة الطبية المؤهل والمرخص له الإجراء الطبي الذي نتج عنه ضرر طبي».
وأكد على ضرورة أن ينص القانون على أن «خطأ مقدم الخدمة الطبية تكون عقوبته التعويض المادي للمتضرر تبعاً لنسبة الضرر، ولا تجوز بأي حال عقوبة الحبس أو الغرامة، على أن يكون تعويض المتضرر من صندوق مخاطر المسؤولية الطبية والذي موارده من المنشآت الطبية واستقطاعات من راتب مقدم الخدمة».
هجرة الأطباء
وتمثل هجرة الأطباء أحد أهم الأزمات التي تواجه القطاع الصحي في مصر.
وقال الطبيب حسام عبد الغفار المتحدث الرسمي باسم وزارة الصحة والسكان، إن «الحكومة تعي جيداً جذب الدول العربية والأجنبية للطبيب المصري، لأنه على كفاءة عالية، ولوجود عجز شديد في الأطباء على مستوى العالم، ما ذكرت على أثره منظمة الصحة العالمية أن العالم بحلول عام 2030 سيحتاج إلى مليونين ونصف مليون من أعضاء الفرق الطبية، وعلى رأسهم الأطباء».
وأضاف في تصريحات متلفزة، أنه «حسب منظمة الصحة العالمية فإن المعدل العالمي لعدد الأطباء هو 2.1 طبيب لكل 10 آلاف مواطن، بينما المعدل الحالي في مصر هو 1.8 طبيب لكل 10 آلاف مواطن».
ولفت إلى أن الحكومة «تسعى لتحسين أوضاع الأطباء لاستبقائهم في مصر».
أخطاء
وتعليقاً على حديث عبد الغفار، قال الطبيب أحمد حسين عضو مجلس النقابة العامة للأطباء ومقرر لجنة الإعلام، إن البيانات التي ذكرها المتحدث حملت أخطاء.
وبين أن المعدل العالمي للأطباء هو 23 طبيبا لكل 10 آلاف مواطن، والمعدل الحالي في مصر أقل من 8.7 طبيب لكل 10 آلاف مواطن، حسب دراسة أعدها المجلس الأعلى للجامعات ووزارة الصحة، تم نشرها في مارس/ آذار 2019، ونشرتها نقابة الأطباء ضمن تقرير لها في أبريل/ نيسان العام الماضي.
وأضاف أن الأهم في حديث المتحدث الرسمي هو تشكيل لجنة لبحث تحسين أحوال الأطباء، لأن وزارة الصحة، خاصة قيادتها الحالية، تعلم جيداً أسباب هجرة الأطباء.
وزاد: «الحديث عن لجنة تتناول ذلك، إضافة إلى قانون المسؤولية الطبية الذي يناقش على مدار أكثر من سبع سنوات في مجلس النواب في دوراته المتعاقبة، يثير إحباط الأطباء أكثر مما يعطيهم الأمل» لافتا إلى أن الأطباء «يريدون أفعالا حقيقية». ودلل حسين على ذلك باجتماع وفد مجلس النقابة العامة للأطباء مع وزير الصحة والسكان في 28 أغسطس/ آب الماضي والذي صدرت عنه عدة قرارات لم ينفذ منها أبسطها، ومنها تفعيل اللجنة النقابية الوزارية لحل مشكلات الأطباء الروتينية. وحسب إحصائيات كشفت عنها نقابة الأطباء، فقد غادر مصر ما يقرب من 110 آلاف طبيب خلال السنوات الثلاث الماضية، ما يمثل نصف عدد الأطباء المقدرة أعدادهم بحوالى 215 ألف طبيب.