اختتام معرض بيروت العربي الدولي للكتاب : أنشطة علي عجل وغياب دور النشر العربية وتراجع في المبيعات والشعراء أبرز الحاضرين

حجم الخط
0

اختتام معرض بيروت العربي الدولي للكتاب : أنشطة علي عجل وغياب دور النشر العربية وتراجع في المبيعات والشعراء أبرز الحاضرين

ناظم السيداختتام معرض بيروت العربي الدولي للكتاب : أنشطة علي عجل وغياب دور النشر العربية وتراجع في المبيعات والشعراء أبرز الحاضرينبيروت ـ القدس العربي اختتم معرض بيروت العربي الدولي للكتاب فعالياته بعدما أنهي أيامه العشرة علي عجل، وهي أيام كانت ضمت أنشطة متنوعة ما بين تكريمات وندوات وتواقيع كتب وأمسيات شعرية. أنشطة لم تكن هي الأخري أكثر من ارتجالات سادها سوء التنظيم وقلة الوافدين إلي حد ما. حدث هذا رغم تأجيل المعرض نحو أربعة أشهر بسبب الأوضاع السياسية والأمنية. وفجأة قرر المنظمون ـ النادي الثقافي العربي بالتعاون مع اتحاد الناشرين ـ إقامة هذا الحدث الثقافي الذي يكاد يكون الأبرز في لبنان، يسابقون الوقت الذي يهدد بانفجار البلد، مختصرين أيام المعرض وأنشطته، ما وشي بالهدف التجاري وراء هذا الحدث، ولا سيما بعد غياب الغالبية الساحقة من دور النشر العربية التي اقتصرت علي نحو 13 دارا توزعت علي سورية ومصر والسعودية والكويت والإمارات العربية المتحدة. وهذه الدول الثلاث الأخيرة غلب حضور مؤسساتها الرسمية الأمر الذي يطرح سؤالا عن مدي الفعل الثقافي من وراء حضور مؤسسات رسمية بعضها ليس لديه أي مساهمة ثقافية بالمعني الجدي لهذه الكلمة. علي سيبل المثال، امتد الجناحان السعودي والكويتي علي مساحة تعادل مساحة سبعة أجنحة علي الأقل من دور النشر، لكن هذين الجناحين كانا فارغين من الكتب إلا ما ندر منها، وهي كتب مخصصة للعرض وليس للبيع. إذا، ما الجدوي من فرد جناحين تم ملؤهما بالأقمشة والأشغال اليدوية وبعض عناوين الكتب غير الثقافية وغير المخصصة للبيع، سوي الهدف الدعائي لهاتين الدولتين من جهة والهدف التجاري للمنظمين من جهة أخري. الأمر نفسه انطبق علي مؤسسة الحريري التي امتدت واسعة وطويلة في وسط القاعة، وقد عُرض فيها كتاب أو كتابان مع صور للرئيس الشهيد رفيق الحريري وعبارة كُتب عليها عملنا يدل علينا . هذه ثلاثة أمثلة لمعرض كان ينبغي أن يكون فعلا ثقافيا خالصا. في كل حال، نسأل عن الفعل الثقافي قاصدين الفصل بين المال والكتاب، لكن في الحقيقة، لا يحدث هذا الفصل علي مستوي دور النشر فكيف نطلب مثل هذا الطلب من معرض يلزمه المال لإتمام عمله؟ ولئلا يتم فهم المسألة بشكل خاطئ لا بد من التوضيح: ليس الهدف أن تكون الثقافة مشروعا غير مربح، لكن أن تتحول دور النشر اللبنانية إلي مستودع لإصدار الكتب الخليجية ـ مثلا ـ التي تُنشر لسبب مالي، ومالي فقط، فهذا ما يجعل عملية النشر كما عملية تنظيم المعارض محل مساءلة. أليس من حق الصحافة الثقافية أن تسأل عن غياب لجنة القراءات في دور النشر كما هي حال الغرب وعن وجود أجنحة للعرض في معرض دولي للكتاب ليس لها علاقة بالكتاب؟ وعليه، يستدرج هذا السؤال سؤالا آخر ليس عن غياب دور النشر العربية لأسباب أمنية ربما بل عن صفة الدولي الملحقة بهذا المعرض في ظل غياب أي مشاركة دولية فاعلة إذ اقتصرت المشاركة علي ألمانيا وفرنسا. إنه سؤال عن الفرق بين الجعجعة والطحن. وهذا الخلط بين الجعجعة والطحن لطالما وقعت فيه الثقافة اللبنانية التي تجيد التسويق أكثر مما تجيد الإنتاج. والحال، لم يقتصر مثل هذا الغياب علي المشاركات العربية والدولية، فثمة في لبنان من اتخذ موقفا من المعرض كما هي حال بعض دور النشر في الضاحية الجنوبية التي تعرضت 30 مؤسسة منها للتدمير الكلي أو الجزئي في حرب تموز/ يوليو الفائتة من غير أن تنال تعويضا من الدولة كما ألمح نقيب اتحاد الناشرين اللبنانيين محمد إيراني في كلمة الافتتاح. كذلك غاب هذه السنة جناح حزب الله الذي غدا تقليدا ووسيلة دعائية للمقاومة في سنوات المعرض السابقة.وحدهم الشعراءفي كل حال، ليست هذه المقدمة القاسية نوعا ما إلا جزءا من عمل الثقافة. ربما كانت وظيفة الثقافة النقد وفي عدم استلحاقها بالسوق وفي عدم تطويعها وتدجينها بواسطة القوي المالية والسياسية. الثقافة انشقاق أما النشاط فعلي أهميته وضرورته ليس إلا مظهرا اجتماعيا. لكن النقد هنا لا يعني تعمية الجوانب الإيجابية لهذا الحدث سواء إصرار النادي الثقافي العربي علي إقامة المعرض رغم كل شيء أم ما تضمنه المعرض من أنشطة ثقافية. هكذا امتلأت الأيام العشرة ببعض التكريمات منها تكريم إحدي عشرة دار نشر اشتركت في المعرض منذ تأسيسه عام 1965، وتكريم المفكر عبد الرحمن مرحبا الذي انتقل من موقع رجل الدين إلي نقد الفكر الديني وتكريم الكاتبة والفنانة الراحلة مي غصوب. كما عُقدت ندوات عدة منها ندوات حول الكتب من الحقيقة إلي العدالة لمحمد قبيسي، تاريخ بيروت لسمير قصير، رفيق الحريري وقدر لبنان للخبير الاقتصادي مروان إسكندر، إضافة إلي الندوات المناهضة اليهودية للصهيونية لياكوف م. رابكن، مئوية ابن خلدون ، الذكري الثانية لرحيل هشام شرابي ، الدراما اللبنانية ، كتاب في جريدة، عشر سنوات . كما شهد المعرض لقاء مع الفنان رفيق علي أحمد قدمه فيه الناقد أحمد بزون، واحتفالا بمرور 75 سنة علي وفاة جبران خليل جبران و125 سنة علي ولادته، وندوة عن جوزيف سماحة تحدث فيها طلال سلمان مع نشر صحيفة السفير مختارات من افتتاحيات الصحافي الراحل في صفحتها الأولي، وندوة عن محمد الماغوط في ذكراه السنوية الأولي تحدث فيها الشاعر عبده وازن مع عرض فيلم عن الراحل للشاعرة السورية هالة محمد. لكن بعض هذه النشاطات أجري في الوقت نفسه، ما جعل الحاضرين يختارون نشاطا علي حساب آخر. من جهة أخري أحيا عدد من الشعراء أمسيات كان أبرزها أمسية محمود درويش التي حشدت جمهورا غفيرا ملأ قاعتين معا، ثم أمسيات منفردة لكلٍ من شوقي بزيع، شوقي أبي شقرا، جودت فخر الدين، محمد علي شمس الدين، لامع الحر، إضافة إلي أمسية مشتركة للشعراء، المغربي حسن نجمي، المصري حلمي سالم واللبناني جوزيف عيساوي. كما وقع الشعراء كتبهم الصادرة هذا العام ومن بينهم درويش في حضرة الغياب ، بزيع صراخ الأشجار و لا شيء من كل هذا ، أبي شقرا أكياس الفقراء و خطوات الملك ، شمس الدين الغيوم التي في الضواحي ، يحيي جابر كأنني امرأة مطلقة ، إضافة إلي الشاعرين الشابين الوافدين إلي المشهد الشعري: شادي علاء الدين عنكبة ورامي الأمين أنا شاعر كبير . هذا وشهد المعرض تواقيع كتب عدة في السياسة والقانون والبيئة والاجتماع والدين والتاريخ والاقتصاد وغير ذلك. وعليه، يطرح حضور الشعراء في أمسياتهم وتواقيعهم سؤالا علي دور النشر التي لطالما اعتبرت الشعر سلعة غير مربحة إزاء الرواية، ولا سيما بعد استنكاف عدد من الدور اللبنانية عن نشر الشعر متذرعة بحرب تموز/ يوليو والحصار الذي تلاها. الزمخشري بين بري والسنيورةشهد المعرض خلال فترة إقامته حضورا جيدا ولا سيما الطلاب الذين توافدوا بالمئات إليه في رحلات منظمة علي الأرجح، مع حضور متوقع لمفكرين وشعراء وروائيين وصحافيين وإعلاميين وأساتذة جامعيين وحقوقيين. كذلك حضر رجال السياسة بكثرة ومن بينهم النائب غسان تويني بالطبع تغلب صفته الصحافية علي السياسية ووزير الإعلام غازي العريضي اللذان شاركا أيضا في ندوة كتاب في جريدة، عشر سنوات مع الشاعر العراقي شوقي عبد الأمير ومدير مشروع اليونسكو في بيروت عبد المنعم عثمان. كذلك حضر الوزير المستقيل طراد حمادة الذي وقع كتابين صدرا له في دار رياض الريس للكتب والنشر ووزير التربية خالد قباني ونواب ورؤساء أحزاب. أما رئيس الحكومة فؤاد السنيورة الذي افتتح المعرض في كلمة نقلت علي الهواء من القصر الحكومي لدواعٍ أمنية، فقد عاد وزار المعرض في اليوم الرابع وجال في أرجائه. وقد اشتري السنيورة كتاب تفسير الزمخشري المؤلف من أربعة أجزاء وأرسله إلي رئيس المجلس النيابي نبيه بري الذي لطالما استشهد به في مؤتمراته الصحافية علي سبيل الدعابة. والحال، لم يعكس الحضور الجيد للزائرين قوة شرائية توازي الأعوام السابقة. كما غابت عناوين مثيرة باستثناء بعض كتب الشعر وبعض الترجمات المتنوعة في هذه الدار أو تلك. لقد غابت أجواء البهجة في معرض بيروت العربي الدولي للكتاب في دورته الخمسين التي كان من المفترض أن تكون استثنائية مثلما غابت المشاحنات السياسية والمذهبية التي قد يكون اشترك فيها بعض الذين زاروه. وحدها الكافتيريا كانت تجمع الكلَ، العلمانيين والدينيين، العرب واللبنانيين، القراء والفضوليين، الطوائف باختلافها والأحزاب باتجاهاتها. بدا المعرض جزيرة مختلطة في وسط انقسامات حادة في الخارج تنذر بانفجارات نتمني ألا تكون قادمة. QRE0

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

إشترك في قائمتنا البريدية