ادارة اوباما تخشى من انتقال المعركة للبنان وطلبت من الحر عدم ملاحقة مقاتلي حزب الله الى اراضيه

حجم الخط
2

لندن ـ ‘القدس العربي’ تقوم الولايات المتحدة بحملة ضغط على دول الاتحاد الاوروبي لرفع الحظر عن تصدير السلاح للمعارضة السورية التي تخوض مواجهات شرسة مع القوات السورية ومقاتلي حزب الله في بلدة القصير.
وتقود بريطانيا الدعوة لرفع الحظر حيث دعا جون كيري، وزير الخارجية الامريكي دول الاتحاد للتوصل الى اجماع بهذا الشأن. وتقول مصادر دبلوماسية ان بريطانيا تحظى الان بدعم كل من فرنسا وايطاليا واسبانيا، فيما تقف المانيا على الحياد، وتعارض كل من النمسا ودولة التشيك وفنلندا والسويد. وقد اخبرت الخارجية الامريكية سفراء الاتحاد الاوروبي الـ27 بموقف الادارة الجديد عندما دعتهم لمقر الخارجية في واشنطن.
وجاء التدخل الامريكي قبيل انعقاد اجتماع مهم لوزراء خارجية دول الاتحاد الاوروبي في بروكسل يوم الاثنين المقبل. وقد عبر جون كيري عن موقف الولايات المتحدة يوم الاربعاء في عمان بعد لقاء مجموعة اصدقاء سورية حيث وعد المعارضة بتقديم الدعم لها ‘للقتال من اجل حرية بلدها’ ان لم تنجح المحادثات وعملية الانتقال السياسي التي ستتم مناقشتها في المؤتمر الدولي الذي يجري التحضير له بتعاون روسي في جنيف الشهر المقبل.
وعلى الرغم من الموقف الامريكي الداعم لجهود بريطانيا الا ان الدعوة لتسليح المعارضة تواجه بخلافات في حكومة الائتلاف بين المحافظين والليبراليين الديمقراطيين، حيث يدور حديث حول مخاطر تقديم السلاح للمعارضة وامكانية وقوعها في يد المقاتلين الجهاديين. وكان هيغ الذي حضر الاجتماع في عمان قد اكد ان بريطانيا عازمة على تعديل قرار منع نقل السلاح لسورية من اجل مراكمة الضغوط على النظام السوري، ولكنه قال ان الحكومة لم ترسل بعد اي سلاح. ومن الخيارات موضع الدراسة هو تعديل القرار بحيث يسمح بارسال الاسلحة للائتلاف الوطني السوري، او شطب عبارة ‘اسلحة غير فتاكة’ من محضر القرار. وهناك خيار اخر وهو تمديد قصير للقرار الذي تتنتهي صلاحيته بداية الشهر المقبل وانتظار ما سيخرج من مؤتمر جنيف.

ازمة داخل حكومة الائتلاف

وتقول صحيفة ‘الغارديان’ انه في حالة عدم التوصل لاتفاق فان المنع سيصبح غير ساري المفعول مما يفتح المجال امام الدول لاتخاذ قرار فردي وتسليح المعارضة لكن في الحالة البريطانية فانه سيؤدي الى ازمة داخل الحكومة. ويواجه نائب رئيس الحكومة، نيك كليغ، زعيم الليبراليين الديمقراطيين معارضة شديدة داخل حزبه، وبحسب مينزي كامبل، مسؤول ملف الشؤون الخارجية في الحزب فهناك مغالطة كبيرة تعتري موقف الحكومة’، فهي تقول ان ‘الهدف من تقديم اسلحة متقدمة للمقاتلين هو ارسال رسالة للاسد ولكن نظامه يتلقى الدعم من روسيا، وحالة حصل عدم توازن في ميزان القوة فستقوم موسكو باصلاحه’.
وبنفس السياق اتهم دوغلاس الكسندر، وزير خارجية الظل في حزب العمال المعارض رئيس الوزراء ديفيد كاميرون بفتح الباب امام التكهنات حول استعداد الحكومة لتعديل قرار الحظر ‘ولكن كيف ستمنع الحكومة الاسلحة البريطانية المقدمة للمعارضة من الوقوع في الايدي الخطأ؟’ وتساءل ايضا ‘كيف سيسهم تسليح المعارضة بتحقيق سلام دائم.
ويقول العمال انه بعيدا عن وضعية قرار الحظر فأي شحنة اسلحة للمعارضة يعتبر خرقا لاتفاقيات الاتحاد الاوروبي والامم المتحدة والملتزمة بها بريطانيا.

نختار المعتدلين

ويتم التحقق من المقاتلين ‘المعتدلين’ من قبل ضباط استخبارات امريكيين (سي اي ايه) وضباط بريطانيين من الاستخبارات الخارجية (ام اي-6) في الاردن، ويعتقد ان الاستخبارات الامريكية تقوم بعملية تنسيق نقل الاسلحة المشتراة بأموال سعودية وقطرية الى المعارضة. ولا يعرف الكثير عن الآلية التي يتم من خلالها التحقق من هويات الجماعات المعارضة الا ان هيغ قال في بيان مكتوب للبرلمان ‘نحن على اتصال مع المجلس العسكري الأعلى التابع للائتلاف الوطني من اجل تحديد المستفيدين من برامجنا التدريبية ومن تنطبق عليهم معايير قانون التدريب الخاص بالحروب’.
واضاف هيغ انه من اجل التأكد من شرعية المرشحين للتدريب فانهم يتعرضون لعملية فحص دقيقة قبل دعوتهم للتدريب. وتقول ‘الغارديان’ ان مظاهر القلق من تزويد المعارضة بالسلاح نابعة من تشرذم فصائلها، واختطاف موظفي الامم المتحدة، وانتهاكات حقوق الانسان.
وتواجه المعارضة المسلحة معركة حاسمة في القصير حيث دعا المجلس الوطني السوري كافة فصائل المعارضة للدفاع عن بلدة القصير الذي يعتبر سقوطها ضربة قاصمة للمعارضة من الناحية المعنوية واللوجيستية، حيث ستؤثر على عمليات نقل وتهريب السلاح من لبنان.
وتعتبر العملية في القصير جزءا من محاولات النظام السوري تعزيز مكاسبه على الارض قبل مؤتمر جنيف، اضافة لتأمين وسط وجنوب البلاد والمعابر الرئيسية للساحل. وفي نظر الخبراء فانجازات النظام السوري دليل قوة وانه لم ينهر بعد اكثر من عامين من القتال وعلى مختلف الجبهات، اما جون كيري فقد اعتبر الانجازات ‘وقتية’ وليس اشارة على ان الاسد ‘اصبحت له اليد العليا’، حيث شجب في الوقت نفسه ‘الدور المدمر’ الذي يلعبه حزب الله في سورية، مشيرا الى ان تدخله زاد في الايام القليلة الماضية بشكل محدد.

لا نريد مشاكل في لبنان

وعبرت الادارة الامريكية عن مخاوفها من اثر مشاركة حزب الله في سورية واثرها على لبنان حيث اكدت انها تحاول التأكد من انتقال عدوى الحرب الى لبنان، حيث عبر الرئيس الامريكي يوم الاثنين عن هذه المخاوف في مكالمته مع الرئيس اللبناني ميشيل سليمان. كما ونقلت ‘نيويورك تايمز’ عن مستشار بارز لاوباما قوله ‘لا نريد تصعيدا او انتشارا للحرب الى لبنان’ ، فالاخير حسب المسؤول، لديه ما يكفيه من تحديات فهناك 500 الف لاجىء مسجل ومليون سوري في بلد تعداده اربعة ملايين ‘واخر شيء يريده البلد هو عنف طائفي’، ولهذا قامت الحكومة الامريكية بتوصيل رسالة الى رئيس هيئة اركان الجيش الحر، اللواء سليم ادريس حيث طلبوا منه ضبط المقاتلين وحثهم على عدم ملاحقة مقاتلي حزب الله الى داخل الحدود اللبنانية، ونقلت ‘نيويورك تايمز’ عن مسؤول قوله ‘سنواصل حثهم على عدم التورط في لبنان، ولكن الضغوط موجودة وخارج سيطرة المجلس العسكري الاعلى السوري، وهناك سنة او سوريون قد لا ينصاعون للاوامر’. وقال المسؤول ان الادارة قد تضع شروطا على تزويد المعارضة بالسلاح الفتاك وهو تعهد المقاتلين بعدم ضرب لبنان. وفي الوقت الذي يمكن للادارة التأثير على ادريس وجماعته الا انها لا تؤثر على جبهة النصرة المصنفة كجماعة ارهابية. ونقل عن مقاتلين في المعارضة قولهم ان الاسلحة التي تصل الى حزب الله تأتي من البقاع اللبناني حيث علق المسؤول في الخارجية ان الادارة تريد اخراج لبنان من معادلة الحرب ‘ونريد العثور على طرق لوقف نقل الاسلحة من لبنان’ الى سورية. وتقول ان اللواء ادريس الذي نشأ قرب القصير يتعامل مع المعركة كشأن شخصي حيث وصف مقاتلي حزب الله ‘بالغزاة، الكلاب الذين يتصرفون كوحوش’، ‘اقسم بالله العظيم، بأن يدفع حسن نصر الله الثمن’.

مؤامرة الاسد في طرابلس

القصير شغلت اهتمام ادريس والمعارضة حيث اخبر اجتماع اصدقاء سورية ان مقاتلين من ايران والعراق اضافة الى حزب الله يقاتلون الى جانب النظام، ولكن السنة في طرابلس لبنان يتهمون النظام السوري بفتح جبهة جديدة في المدينة، حيث يتهمون الاسد باثارة العلويين في جبل محسن للتأكيد من عدم ذهاب المقاتلين السنة الى القصير. ونقلت ‘واشنطن بوست’ عن ابو البراء قوله ‘ تلقى العلويون اوامر باثارة المشاكل من اجل عودة رجالنا’ من القصير. وقال ان 90 مقاتلا خرجوا الاسبوع الماضي للدفاع عن القصير عادوا الثلاثاء بعد اندلاع العنف في طرابلس. ونقلت عن زعيم مجموعة من المقاتلين قولهم ان النظام السوري يريد حرف انظار اللبنانيين عن الجرائم التي يرتكبها حزب الله في سورية.

عسكري وسياسي

ويواجه الحزب على الاقل الجناح العسكري منه امكانية وضعه على القائمة السوداء في الاتحاد الاوروبي حيث انضمت المانيا وفرنسا الى الدعوة البريطانية لاعتباره جماعة ارهابية. وتقول صحيفة ‘نيويورك تايمز’ ان اي خطوة بهذا الاتجاه ستترك اثرا كبيرا على نشاطات الحزب وجمع الاموال له في اوروبا. وكان وزير الخارجية الالماني غويدو ويسترفيل قد عبر عن دعم حكومته لاعتبار ‘الجناح العسكري على الاقل’ جماعة ارهابية. وتشير الصحيفة انه حالة اقر الاتحاد الاوروبي الطلب البريطاني فانه سيخنق نشاطات وتمويل الحزب من الاعضاء والمتعاطفين معه في وقت يعاني منه الحزب من ازمة ‘صورة’ وتحوله من جماعة تحرير الى متورط في الحرب الاهلية السورية. وسيكون الحزب وناشطوه عرضة لسلسلة من الاجراءات منها الملاحقة القانونية، ومراقبة الاعضاء حيث تقول المخابرات الالمانية ان هناك 950 من الناشطين والموالين للحزب يعيشون في المانيا حتى عام 2011. ومع ذلك يقول البعض ان تصنيف الجناح العسكري قد لا يمنعه من مواصلة جهوده السياسية وجمع التبرعات لانه ليس من الممكن الفصل بين ما هو سياسي وعسكري. وبحسب سيلك تيمبل محرر مجلة ‘انترناشونال بوليتك’ الصادرة عن مجلس العلاقات الخارجية الالماني ‘لا اعرف ان كان هذا منطقيا اي ان تقول ان هناك جناحا سياسيا وآخر ارهابيا’.
ومن المتوقع ان تقوم لجنة العمل الامنية في الاتحاد اتخاذ القرار في الرابع من حزيران (يونيو) المقبل وان يقوم وزراء الخارجية الاوروبيون بتبنيه في نهاية الشهر نفسه. وينظر للتغير في الموقف الالماني على انه مهم لانها الدولة الاقوى اوروبيا ويبدو انه متأثر بهجوم بورغاس، البلغاري العام الماضي، ومحاكمة ناشط مرتبط بحزب الله في قبرص. وتشير الصحيفة الى ان فرنسا التي ترددت في الماضي مع السويد بتصنيف حزب الله كانت تخشى من اثر القرار على الوضع اللبناني. فعلى نفس القائمة حركة حماس، حيث يرى الكثير من الاوروبيين ان قرار وضعها كان خطأ نظرا للدور الهام الذي تلعبه في السياسة الفلسطينية وفي غزة كذلك. ومع ان المسؤولين الالمان او الفرنسيين لم يذكروا علاقة حزب الله بسورية الا ان تورط الحزب في معارك القصير لم يكن بعيدا عن اذهان الساسة الاوروبيين هؤلاء حسب تيمبل ‘فمن الواضح انهم جالسون في عمان ويشعرون بالقلق من حزب الله’.

خيارات اسرائيل

وفي تقرير اخر، تساءلت فيه الصحيفة عن الموقف الاسرائيلي من سورية، فقد اكدت اسرائيل خلال العامين الماضيين ان ليست لديها نوايا بالتورط في سورية، لكن الغارتين على مواقع في دمشق بداية الشهر الحالي وتدمير موقع عسكري سوري في الجولان جعلت الحديث عن خيارات اسرائيل في سورية امرا ضروريا.
وترى ان هناك اعترافا من المسؤولين الاسرائيليين بتغير المشهد السوري عما كان عليه قبل عامين وبالتالي تعقد خيارات التحرك. ولاحظت الصحيفة تصعيدا في اللغة من الجانبين، حيث اعلن المسؤولون السوريون انهم مستعدون لمعركة كبيرة مع اسرائيل، فيما يرد الجيش الاسرائيلي محذرا من عواقب خطيرة.

المشهد تغير

وفي الوقت الذي تم فيه استبعاد هذه الافكار الا ان هناك اجماعا داخل القيادة الاسرائيلية بتغير الوضع السوري. وعليه فحسابات الحرب تحمل مخاطرها لكل الاطراف فمواجهة سورية مع اسرائيل قد تحرف الانتباه عن المجازر التي يرتكبها النظام وقد تحشد الدعم العربي له هذا من جهة، اما من جهة اخرى فانها قد تؤدي الى تدمير جيش النظام وحرف ميزان القوة لصالح المعارضة. اما من جهة اسرائيل فتورطها في سورية سيؤدي الى نتائج لا تريدها، وهي تعجيل انهيار النظام مما يعني ترك المناطق القريبة من خط وقف اطلاق النار بيد الجهاديين.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

  1. يقول دحمان:

    أمريك تخشى من انتقال الحرب الى لبنان ! ساذج من يعتقد ذلك انها مسعرة الحرب فامريكا هي الطاعون و الطاعون امريكا اوليس الهدف الرئيس شغل المقاومة و دفعها الى المعارك الجانية التناحرية لاستنزافها و تحقيق التفوق الصهيوني في المنطقة ؟

  2. يقول مشكورين:

    السمة البارزة لقصاصات الأنباء هذه هو التخبط التام لمعسكر امريكا فمن جهة “تقوم الولايات المتحدة بحملة ضغط لرفع الحظر عن تصدير السلاح للمعارضة” ومن جهة “تطلب من المقاتلين وتحثهم على عدم ملاحقة مقاتلي حزب الله الى داخل الحدود اللبنانية”…بأي سلاح سيلاحقون جند حزب الله؟ و لا أوربا متفقة على وصم الحزب بالإرهاب كونه جزء من الحكومة وإسرائيل لا تدري ما تفعل حيال ما يحدث… مشهد بديع. كل الشكر و الإمتنان للجيش العربي السوري.

إشترك في قائمتنا البريدية