ازمة الكويت وانعكاساتها الخليجية
ازمة الكويت وانعكاساتها الخليجيةيتابع الخليجيون، حكاما وشعوبا، تطورات الازمة الكويتية الحالية بقلق شديد، وفضول كبير، لان ما سيتخمض عنها من حلول او نتائج سيكون سابقة، تنعكس بصورة او باخري، علي المنطقة بأسرها.فالخريطة السياسية الراهنة في الكويت تتكون من ثلاث كتل رئيسية، اثنتان منها تتصارعان، وثالثة تنتظر هوية الفائز في هذا الصراع، اذا ما حسمت الامور لهذا الطرف او ذاك، واذا لم تحسم فان تدخلها سيكون فاصلا.الكتلة الاولي: تضم فرع الجابر من الاسرة الحاكمة ويتزعمها الشيخ صباح الاحمد رئيس الوزراء والحاكم الفعلي للبلاد منذ ثلاثة اعوام علي الاقل، اعتكف خلالها الامير بسبب مرضه.الكتلة الثانية: تضم فرع السالم الذي ينتمي اليه الشيخ سعد العبدالله الامير الدستوري للبلاد بمقتضي نظام الحكم، ويتزعمه الشيخ سالم العلي الصباح، ومجموعة من الشيوخ الاقل اهمية الذين جري تهميشهم طوال فترة حكـــم آل الجابر.الكتلة الثالثة: تتكون من الشعب الكويتي الممثل في مجلس الامة المنتخب. وهؤلاء يتوزعون بين الكتلتين كل حسب اهوائه ومصالحه. فرئيس مجلس الامة الحالي السيد جاسم الخرافي يميل الي جناح الجابر، ويساند الشيخ صباح الاحمد الذي لعب دورا كبيرا في وصوله الي منصبه الحالي. اما السيد احمد السعدون رئيس مجلس الامة السابق فيؤيد الشيخ سعد العبدالله وجناح السالم نكاية بالشيخ صباح الاحمد الذي اطاح به من رئاسة البرلمان لصالح غريمه الخرافي وبصوت واحد فقط.الشيخ صباح الاحمد السياسي المخضرم يري ان الامير الجديد رجل مريض جدا، لدرجة انه لا يستطيع قراءة القسم، فكيف سيدير امور الدولة، ومن الافضل ان يستريح اكراما له، واختيار امير جديد للبلاد، بينما يري الشيخ سالم الصباح ان هذه الخطوة غير دستورية، علاوة علي كونها كسرا لعرف تداول السلطة بين جناحي آل الصباح، ولهذا لا بد ان يتولي الامير الجديد السلطة، ولهذا جري تحديد يوم غد موعدا لعقد جلسة خاصة لمجلس الامة لتمكين الامير الجديد من اداء القسم الدستوري.من الواضح ان كل ما تردده وسائل الاعلام الكويتية حول تماسك الاسرة ووحدتها هو نوع من التضليل، والا لتمت تسوية الازمة والصراعات داخل الاسرة بسهولة، ودون اللجوء الي البرلمان، وتعريض الامير الجديد للمهانة والاحراج.وعندما نقول ان دول الخليج تراقب الازمة، فذلك لان الكويت صورة محسنة لأزمة الحكم وصراعات الاجنحة في هذه الدول، وخاصة المملكة العربية السعودية.فاذا كانت دول مثل قطر والبحرين قد ثبتت مسألة انتقال السلطة من الامير او الملك الي ابنه، وتردد ان السلطان قابوس وضع ترتيبات خاصة بالوراثة في حال وفاته من خلال تسمية شخص معين والاحتفاظ بالوصية في مظروف مغلق يفتح لاحقا، فان الصورة مختلفة في السعودية حيث ما زال مبدأ التبادل قائما بين الاشقاء ومغلفا بصراع حاد بين الاجنحة المتنافسة، جناح السديريين وجناح غيرهم من ابناء الملك الراحل عبد العزيز بزعامة الملك عبد الله العاهل الحالي.وبسبب التشابه بين الموقفين في الكويت والسعودية، من حيث صراع الاجنحة، جري الابقاء علي الملك فهد في قمة السلطة لاكثر من عشر سنوات رغم مرضه الشديد، وفقدانه الذاكرة كليا. والشيء نفسه يقال ايضا عن الشيخ جابر الاحمد الجابر امير الكويت الذي بلغ به المرض درجة عدم قدرته علي نطق كلمتين لافتتاح الدورة الاخيرة لمجلس الامة (البرلمان).السعوديون سيطالبون، مثل نظرائهم في الكويت، بفصل ولاية العهد عن رئاسة مجلس الوزراء وتعيين شخص من خارج الاسرة الحاكمة لهذا المنصب، وصراعات العائلة الحاكمة ستظهر الي العلن في يوم قريب جدا، لان العاهل السعودي وولي عهده فوق الرابعة والثمانين علي اقل تقدير، ومسألة الرجل الثالث في التسلسل لم تحسم بعد، تماما مثلما هو حادث حاليا في الكويت، فهل سيكون ابن الملك ام ابن ولي العهد، ام وزير الداخلية القوي الامير نايف، ام امير الرياض الطامح الي السلطة، ام من الجيل الثالث الشاب المتعلم من احفاد الملك عبد العزيز؟ما يحدث في الكويت يمكن وصفه بانه علي درجة كبيرة من الاهمية، وحسم الصراع بين الكتل المتنافسة سيكون نقطة تحول رئيسية في المنطقة، قد تؤدي الي تغيير هيكلية الاسر الحاكمة، وتوسيع دائرة المشاركة الشعبية في السلطة.9