استجابة واسعة لدعوات العصيان المدني… ولجان المقاومة تغلق شوارع الخرطوم

ميعاد مبارك
حجم الخط
0

الخرطوم ـ «القدس العربي»: استجاب عدد من القطاعات المهنية والعمالية الثلاثاء لدعوات العصيان المدني والإضراب السياسي التي أطلقها المجلس المركزي لقوى الحرية والتغيير ولجان المقاومة وتجمع المهنيين، استنكاراً للعنف الذي استخدام تجاه المتظاهرين الإثنين، في وقت قال فيه رئيس بعثة الأمم المتحدة في السودان، فولكر بيرتس، إن اجتماع «مجموعة أصدقاء السودان» انعقد وسط قلق عميق من العنف المستخدم ضد المحتجين.
وأغلقت لجان المقاومة في مدن العاصمة السودانية الثلاث، الخرطوم، الخرطوم بحري وأمدرمان، معظم الطرق الأساسية والفرعية، منذ ليلة الإثنين، احتجاجا على استخدام الأجهزة الأمنية للقوة القاتلة ضد المتظاهرين السلميين، ومقتل سبعة اشخاص وإصابة أكثر من 100 في تظاهرات الإثنين، مؤكدة أنها ستواصل التصعيد حتى اسقاط الانقلاب وتسليم السلطة للمدنيين، بينما أغلق العديد من المؤسسات والمصارف والمحال التجارية في العاصمة السوداني أبوابها، وكان الإقبال محدودا جدا من المواطنين على المرافق المفتوحة.
وبدأ الإغلاق في بداية اليوم الأول للعصيان الذي تم الإعلان عنه مساء الإثنين، بشكل جزئي وزاد مع نهاية يوم أمس، خاصة بعد انتشار دعوات العصيان وبناء لجان المقاومة لمزيد من المتاريس، التي أغلقت بها معظم شوارع العاصمة السودانية.

أدوات مجرّبة

وقال المتحدث الرسمي باسم لجان مقاومة مدينة الخرطوم، عثمان أحمد لـ«القدس العربي» إن لجان المقاومة ستواصل الإغلاق وبناء التروس حتى الأربعاء، معتبرا العصيان المدني والإغلاق ناجحين مبدئيا، ووصلا نسبة تجاوزت الـ70٪.
ولفت إلى أنهم يدركون أن ما يقومون به لن يصل إلى العصيان الكامل بشكل فوري، وإنما تدريجيا وصولا للعصيان المدني والإضراب السياسي الشامل.
وأوضح أن العصيان المدني من الأدوات المجربة وغير الجديدة على الشارع السودانيـ مشيرا إلى أنها سبق وأسقطت نظام عمر البشير.
وبين أن العصيان هو الأداة الأقل كلفة في ظل الارتهان لسلطة قمعية تواصل قتل وقمع المتظاهرين السلميين، دون مراعاة لحرمة الدماء.
وأكد أنهم سيمضون في خطوات الإضراب السياسي وصولا لشل حركة البلاد والوصول للإضراب الشامل.
فضلا عن العصيان المدني، قال أحمد إنهم سيواصلون التظاهرات المركزية وغير المركزية، مشددا على أن السلطة الانقلابية اختارت القمع والقتل والاغتيال سواء كانت التظاهرات أمام القصر الرئاسي أو غير ذلك.
وأضاف: لجان المقاومة تدرك أن طريق التغيير محفوف بالمخاطر، مؤكدا أنهم سيواصلون التظاهر واستخدام كل أدوات النضال السلمية.
وبخصوص المبادرات الداخلية والخارجية المطروحة، قال إنهم يرحبون بأي مبادرة داخلية أو خارجية شرط أن تضمن سقوط الانقلاب.
ولفت إلى أن جلوسهم مع بعثة الأمم المتحدة في السودان كان في إطار شرح موقفهم الرافض لأي حوار مع العسكريين، وأنهم بانتظار رؤية المبادرة وموقفها من قادة الانقلاب.
وشدد على أنهم سيرفضون مبادرة الأمم المتحدة إذا اعترفت بالمجلس العسكري الانقلابي، واعتبرته جزءا منها.
وأكد أنهم في لجان المقاومة مدركون لأهمية دور المجتمع الدولي، ولكن تعويلهم الأكبر على النضال الشعبي.

غضب شعبي

أما المتحدث باسم تجمع المهنيين السودانيين، الوليد علي فأكد لـ«القدس العربي» أن الدعوة للعصيان المدني رغم أنها جاءت دون ترتيب مسبق، وجدت استجابة واسعة من الاجسام المهنية، مشيرا إلى أن معظم الأجسام المهنية واللجان التسيرية، أعلنت الاستجابة لدعوة العصيان المدني.
وأكد أن الاستجابة للدعوة على مستوى المؤسسات بلغت 80٪، مشيرا إلى الغضب الشعبي من الانتهاكات والمجازر التي حدثت في تظاهرة الإثنين وما سبقها منذ انقلاب قائد الجيش في الخامس والعشرين من أكتوبر/ تشرين الأول الماضي.
ولفت إلى أن تجريب العصيان المدني لا يعني إيقاف التظاهر.
وطالب علي بعثة الأمم المتحدة لدعم الانتقال الديمقراطي بمغادرة البلاد، مشيرا إلى أن المجازر التي تمت كانت تحت بصر كل المبادرين الدوليين والداخليين.
وشدد على أن المبادرة الأممية تشير لتشاور غير مباشر يفضي إلى طاولة حوار في النهاية مع العسكريين، وأن تجمع المهنيين لا يمكن أن يوافق عليها.
وبيّن أن المطلوب منهم حاليا إلغاء المبادرات والوقوف مع المتظاهرين، مشيرا إلى أن المساواة بين الجاني والضحية واعتبارهما طرفي أزمة أمر مرفوض.
وقال إن البعثة الأممية جاءت الى السودان بغطاء الوثيقة الدستورية التي كفر بها الشارع وأصبحت غير موجودة، وبالتالي أصبحت بلا غطاء دستوري أو سياسي وعليها الذهاب بلا عودة.
وزاد أن تجمع المهنيين لن يقبل بأي مبادرة إلا إذا كانت تشترط الخروج الفوري للانقلابيين من السلطة.
كذلك اعتبر القيادي في «الحرية والتغيير» شهاب الدين الطيب لـ«القدس العربي» أن السلطة الانقلابية كلما زادت من العنف والقمع والقتل ستزيد كلفة أي تدخل أو حل للأزمة الراهنة في البلاد.

تجمّع المهنيين يطالب بعثة الأمم المتحدة بالخروج من السودان

وجدد تأكيد قوى «الحرية والتغيير» على ضرورة الضغط الدولي وتكوين آلية دولية للدفع في هذا الاتجاه، مشيرا إلى أن المجلس المركزي لقوى الحرية والتغيير على اتصال بالمجتمع الدولي.
وحسب الطيب، التعويل الأكبر هو على تماسك الجبهة الداخلية الرافضة للانقلاب والعمل على وحدة القوى المدنية، مشيرا إلى أن الحراك والتصعيد الداخلي هما اللذان يحركان المجتمع الدولي.
وأضاف: لولا رفض الشارع للانقلاب لكان المجتمع الدولي سيتعامل بسياسة الأمر الواقع ويقبل الانقلاب في نهاية الأمر.

بيان «كاذب»

ووصف بيان الشرطة حول تظاهرات الإثنين بـ«الكاذب» مشيرا إلى أن الشواهد كثيرة منذ بداية الثورة على كذبهم الذي كان يتكشف كل مرة بعد ارتكابهم للجرائم ضد الشعب السوداني.
وقالت الشرطة السودانية في بيان أمس إن 50 من أفرادها أصيبوا أثناء تظاهرات الإثنين، مؤكدا أنها تعاملت مع المتظاهرين بأقل قدر من القوة النظامية وأن أقسام الشرطة – لم تحددها – تعرضت للتعدي، مشيرة إلى أنها استخدمت الغاز المسيل للدموع وخراطيم المياه في مواجهة التظاهرات.
وأضافت: في نهاية اليوم سجلت مضابط الشرطة 7 حالات وفاة لمواطنين جميعها بمحلية الخرطوم وأصيب 50 من منسوبي الشرطة و22 من المواطنين إصابات متفاوته، فضلا عن اعتقال 77 من المتظاهرين. وقالت إنها اتخذت الإجراءات القانونية في مواجهتهم بدوائر الاختصاص بإشراف النيابة، حسب البيان
واتهمت الشرطة المتظاهرين، باستخدام العنف المنظم ضد أفرادها ومراكزها دون تقديم تفاصيل في الصدد.

اجتماع أصدقاء السودان

في السياق، انعقد أمس الثلاثاء، اجتماع مجموعة أصدقاء السودان في العاصمة السعودية الرياض.
وقال رئيس بعثة الأمم المتحدة لدعم الانتقال الديمقراطي في السودان فولكر بيرتس، في تغريدة على حسابه في «تويتر» إن مجموعة أصدقاء السودان عقدت اجتماعها في الرياض، وسط قلق عميق بشأن العنف ضد المتظاهرين أول أمس الإثنين.
وأكد على ضرورة وجود حاجة إلى الدعم الدولي والضغط، وأن يتماشى ذلك مع دعم العملية السياسية مع الدعم الفعال لوقف العنف.
ونددت بعثة الأمم المتحدة في السودان في بيان أمس، باستمرار القتل العسكري المستمر للمتظاهرين، مؤكدة على أن قتل 7 أشخاص على الأقل وجرح العشرات، في تظاهرات الإثنين «أمر غير مقبول».
وجددت الدعوة للسلطات للتوقف عن اللجوء للعنف ضد المتظاهرين السلميين وإجراء تحقيقات ذات مصداقية في مثل هذه الحالات.
وفي الأثناء أصدر قائد الانقلاب عبد الفتاح البرهان قرارا بتشكيل لجنة تقصي حقائق حول أحداث الإثنين، تتكون عضويتها من الأجهزة النظامية والنيابة العامة.وحدد 72 ساعة للجنة لرفع إجراءاتها.
وأعلنت لجنة المعلمين السودانيين وتجمع المهندسين السودانيين والاتحاد المهني لأساتذة الجامعات والكليات والمعاهد العليا الدخول في العصيان المدني المقرر يومي الثلاثاء والأربعاء.
وأيضا دعا عدد من النقابات المنخرطين فيها للعصيان المدني، منها نقابة تكنولوجيا المعلومات والاتصالات، فرعية ولاية الخرطوم، واللجنة التمهيدية لنقابة الأشعة، وتجمع المصرفيين السودانيين ونقابة الأطباء السودانيين، وآخرون.
ودعا المكتب الموحد للأطباء كوادره للانسحاب الكامل والمفتوح من المستشفيات النظامية وتفعيل وتشكيل لجان الإضراب بالعاصمة والولايات.
وأعلن الاتحاد المهني لأساتذة الجامعات والكليات والمعاهد العليا في بيان، عن تعرض الثوار والثائرات في موكب أمس في الخرطوم لإبادة بشعة.
ودعا جموع الشعب السوداني وأساتذة الجامعات الخاصة لوقفة ضد الظلم والقتل بالإضراب السياسي والعصيان المدني الشامل كما أعلنه تجمع لجان التسيير للنقابات والاتحادات المهنية ليومي الثلاثاء والأربعاء.
وحث كل المنظمات الدولية، ومنظمات حقوق الإنسان، وكل الشعوب لمحاصرة الانقلاب ووقف إبادة الشعب السوداني، والتحقيق في الجرائم ضد الإنسانية وقتل المتظاهرين السلميين وتقديم الجناة لمحكمة الجنايات الدولية.
في الموازاة، كشف الاتحاد الأفريقي، الثلاثاء، عن تقديم «مساعٍ وأفكار نيرة» من أجل إيجاد مخرج يؤمن الاستقرار والتحول الديمقراطي في السودان. جاء ذلك لدى لقاء الممثل الخاص للاتحاد الأفريقي، السفير محمد بلعيش، عضو مجلس السيادة السوداني، الطاهر حجر، في القصر الرئاسي في الخرطوم، وفق بيان مجلس السيادة الانتقالي.
وأوضح بعليش، وفق البيان، أن «اللقاء تناول دور الاتحاد الأفريقي ومساهمته في تقديم التسهيلات والمساعدات اللازمة للخروج من الأزمة السياسية الراهنة في السودان وفق ما يرتضيه أهله».
وأشار إلى ما أسماها «المساعي والأفكار النيرة التي تم تقديمها من أجل إيجاد مخرج يؤمن الاستقرار والتحول الديمقراطي المنشود».
وأضاف أن «اللقاء بحث الكيفية التي يمكن من خلالها تأمين حصص ودورات تدريبية لترقية وتطوير قدرات أبناء السودان في المجالات المختلفة».
وامتدح عضو المجلس السيادي السوداني «دور الاتحاد الأفريقي وجهوده لترسيخ دعائم الاستقرار في دول القارة».
وعزا ذلك «لإلمام الاتحاد الأفريقي ومعرفته بالواقع السوداني وما يحظى به من قبول وثقة لدى السودانيين».
والثلاثاء الماضي، طرحت الهيئة الحكومية للتنمية بشرق أفريقيا «إيغاد» مبادرة «لتسهيل الحوار بين كافة الأطراف لإيجاد حل جذري للأزمة السودانية».
وجاءت مبادرة «إيغاد» عقب يوم من إعلان بعثة «يونيتامس» بدء مشاورات «أولية» منفردة مع الأطراف السودانية كافة، تمهيدا لمشاورات (لم يحدد موعدها) يشارك فيها أصحاب المصلحة الرئيسيون من المدنيين والعسكريين.
وعلى صعيد منفصل، رفضت الجبهة الثورية قرار مجلس الأمن والدفاع إخراج قواتها من العاصمة السودانية، والمدن الأخرى.
وقالت الجبهة، التي تضم عددا من الحركات الموقعة على اتفاق سلام مع الحكومة السودانية : «وردنا خبر مفاجئ من وزارة الدفاع بعد انعقاد جلسة طارئة حول الوضع الراهن في البلاد الإثنين، نص على إخراج قواتنا خارج دائرة العاصمة السودانية».
وأضافت: «نؤكد للشعب السوداني أننا ما زلنا في انتظار عملية الترتيبات الأمنية وهيكلة القوات النظامية حتى تصبح جيشا واحدا يخدم إرادة الشعب» مشيرة إلى أن «كل هذا باء بالفشل بسبب بعض الإجراءات التي قام بها المجلس العسكري وحده». وأكدت أن «قواتها بريئة من العنف الذي يقمع به المتظاهرون، وأن الإجراءات التي قامت بها وزارة الدفاع يراد بها تلبيس التهمة لقوات الحركات المسلحة»
وزادت: « قواتنا باقية داخل العاصمة السودانية وكل الأماكن التي خصصت لها وعلى القوات النظامية استخدام صوت العقل مع المتظاهرين وعدم استخدامهم كبش فداء لأعمالهم».

كلمات مفتاحية

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

إشترك في قائمتنا البريدية