عمان- “القدس العربي”:
قد لا تتحقق الأمنية العلنية التي تقدم بها الناشط السياسي والنقابي الأردني أحمد زياد أبو غنيمة عندما طالب مراكز القرار في بلاده بـ”تمرير إيجابي” منتج وطنيا لمقترح “ترشيح” القطب البرلماني صالح العرموطي لرئاسة مجلس النواب.
لكن ما قد تحقق بصورة مؤكدة هو “أوراق مخلوطة” الآن في لعبة البرلمان الأردني بكل الاعتبارات السياسية جراء “قرار جريء” من كتلة حزب جبهة العمل الإسلامي بذلك الترشيح.
العرموطي نفسه عندما التقته “القدس العربي” مؤخرا، لم يكن حاسما بشأن ترشيحه، وترك الباب مواربا أمام تقييمات تتفحصها وتقررها الكتلة بالسياق.
ورغم عدم وجود أدلة مباشرة على “ترحيب رسمي عميق” بنصيحة أبو غنيمة، يمكن القول إن التيار الإسلامي الأردني وبقرار ترشيح العرموطي علنا “يقفز” إلى الأمام لمسافة عميقة وطويلة وبجرأة، مقترحا ضمنا “التأسيس” لأول حالة “شراكة محتملة” وفعلية على قاعدة “تحمل مسؤولية الإدارة الوطنية” بعد “انتخابات نزيهة” وفقا لما لاحظه أبو غنيمة.
القرار وهو جريء جدا ولافت وينطوي على رسالة سياسية، لم تُعرف بعد خلفياته ولا حساباته. لكن أهم ما فيه قد يكون “استدعاء ذكريات” بمنتهى الإيجابية عن “شراكات الماضي” عبر جملة تكتيكية مسيسة جدا وعميقة من الإسلاميين بعد فوزهم بـ”شرعية الأغلبية” البرلمانية تستدعي “حالة معروفة” في التراث السياسي الأردني الوطني تمثلها تجربة رئيس مجلس النواب الأسبق لمرتين الراحل عبد اللطيف عربيات أحد رجالات التحول الديمقراطي في عهد الملك الراحل حسين بن طلال.
تجربة عربيات قد لا تكون مهيئة للاستحضار التطبيقي لكن كتلة جبهة العمل الإسلامي على الأقل تطرح ورقتها السياسية المثيرة على جميع الأطراف المعنية و”تختبر” في الأثناء العديد من الاعتبارات والمساحات خلافا لأنها “تخلط” في لعبة البرلمان كل الأوراق.
سيترشح العرموطي وخلفه كتلة برلمانية صلبة قوامها “31” نائبا لديهم دون غيرهم قدرة متماسكة على “التصويت الموحد”.
وهذا الرقم في الواقع لا يحظى به حتى الآن إلا افتراضيا مرشح واحد فقط من 8 مرشحين يعلنون نيتهم ورغبتهم في الجلوس على المقعد رقم 1 في رئاسة النواب.
ورقم أصوات العرموطي في مواجهة انتخابية من الصعب تصور حسمها بوزن يسمح بالمجازفة، لكن ضمن حدود منطقية وتحت السيطرة، فالتيار الإسلامي قادر فيما يبدو على استقطاب 10 أصوات أخرى وما يمكنه أن يخدم ترشيح العرموطي إخفاق بقية الأحزاب الوسطية حتى اللحظة وقبل أسبوعين من انعقاد الدورة البرلمانية فيما يخص الإجماع على مرشح واحد.
طبعا في خلفية “المغامرة” التي قررتها كتلة التيار الإسلامي بصيغة تكتيكية محسوبة بدقة “احتقان وانزعاج” وسط نواب التيار الإسلامي لأن بقية الأحزاب والمرشحين يحاولون التملص من إظهار الاحترام الذي يليق بكتلة أغلبية صلبة كانت تفاوض طوال أسبوعين دون نجاح على الأرجح في منطقة “النائب الأول لرئيس المجلس”.
ثمة الآن من يقدر بأن إعلان ترشيح العرموطي قد ينتهي باتجاهين. الأول البحث عن صيغة لتأسيس تفاهمات مع كتلة التيار الإسلامي تنتهي بتراجع العرموطي عن ترشيح نفسه مقابل “الاحترام الذي يليق بكتلته” وإقصاء كل مقترحات “الشيطنة والإقصاء”.
والاتجاه الثاني تأسيس ردة فعل من تيارات الموالاة والوسط تؤسس على “تكتيك المغامرة” وتنشئ جبهة وسطية كاملة تحرم العرموطي من فرصته بالمنافسة لا بل تمارس مستوى متقدما من “إقصاء المكون الإسلامي” في البرلمان عن “كل المواقع”.
الاتجاه الأول محتمل وممكن وفيه إعادة ترتيب للأوراق. والثاني معقد ومكلف، وأهم ما في قرار الكتلة بالمنافسة على “الموقع الأول” في مؤسسة التشريع، هو أن التيار الإسلامي “كاسب سياسيا” بمعنى كشف الأوراق والنوايا بالحالتين.