لوس أنجليس – «القدس العربي» بعد صمود أمام قراصنة الإنترنت دام ثلاثة أسابيع، رضخت شركة «سوني» لمطالبهم وأعلنت صباح أمس عن إلغاء عرض فيلم «المقابلة»، الذي كان مقررا إطلاقه في 25 من الشهر الحالي.
قرار «سوني» صدم هوليوود، وأثار غضب واستنكار نجومها الذين اعتبروا تراجع سوني عن عرض الفيلم هزيمة شنيعة أمام القراصنة وإنتصارا للارهاب. السؤال هو ما الذي دفع «سوني» لاتخاذ هذا القرار؟
آنفا هذا الصيف، لم تكترث الشركة بتهديدات كوريا الشمالية، التي توعدت بانتقام صارم وموجع اذا تم اطلاق الفيلم الكوميدي «المقابلة» وعرضه في دور السينما. الفيلم هو حكاية ساخرة عن مراسلين أمريكيين (جيمس فرنكو وسيث روغان) يكلفهما جهاز «سي أي إيه» باغتيال زعيم شمال كوريا، كيم بونغ اون، عند مقابلته في قصره.
وعندما سألت مخرج وبطل الفيلم، روغين، الشهر الماضي عن تهديدات شمال كوريا، رد ساخرا: «نحن متعودون على بياناتهم المجنونة. هذه هي طبيعتهم وهدف الفيلم كان الضحك من تصرفاتهم. هذه ليست المرة الاولى التي ادلوا فيها هذا النوع من التهديدات الفارغة ضد أمريكا، ولكنها المرة الاولى التي يهددون فيها فيلما. وهذا يدعم ما نعرضه في الفيلم بانهم مجانين، وعلينا ان نتجاهلهم.»
مساء ذلك اليوم، 24 نوفمبر/ تشرين الثاني، اخترق قراصنة الانترنت (الذين يسمون انفسهم حراس السلام) شبكة سوني الإلكترونية الخاصة وسرقوا ملايين الملفات والوثائق السرية، افلام جديدة، مشاريع مستقبلية لم يكشف عنها، رسائل بريد إلكترونية، معلومات الموظفين والمدراء والنجوم الخاصة تضم عناوين سكن وأرقام حسابات بنوك. وشرعوا بتسريبها على الانترنت، فاضحين حوارات محرجة دارت بين رئيسة الاستوديو، ايمي باسكال، وزملائها من المنتجين. بعض هذه الحوارات كانت حافلة بالعنصرية، وخاصة تجاه الرئيس اوباما والاستهتار بمنتجين وبنجوم مهمين مثل انجلينا جولي التي وُصفت بالمدللة معدومة المواهب.
تسريب معلومات موظفي «سوني» الشخصية وخاصة أرقام حسابات بنوكهم أثارت الهلع بينهم، مما دفع «أف بي أي للتدخل الفوري واتخاذ إجراءات لحمايتهم. ولكن المخترقين استمروا بتهديدهم وتهديد عائلاتهم وبتحذيرهم من استعمال حواسيبهم الجوالة.
وكشف لي مسؤول في «سوني» أن شبكة الشركة الاكترونية الخاصة معطلة تماما. وأن الخبراء والمهندسين يكدون ليلا نهارا في تنظيفها من الفيروسات، التي غرسها المخترقون والتي ادت الى خراب شاسع ودمار تام للبنية التحتية لشبكات بعض الاقسام في الشركة. هذا الخراب طال مكاتب سوني في انحاء العالم، شالا معظم فعاليات الشركة، اذ ان الموظفين يستخدمون الآن شبكة الكترونية مصغرة مؤقتة تقدم خدمات أساسية مثل البريد الإلكتروني ولكنها تفتقر ملفات العمل والوثائق اللازمة لاداء وظائفهم، لان ملفات سوني كلها ما زالت ملوثة بالفيروسات. وقد تصل خسارة سوني الى 100 مليون دولار.
رغم الصعوبات والتحديات التي واجهتها سوني، رفضت التراجع عن قرارها طرح الفيلم في فترة عيد الميلاد، وحاولت أن تمنع الاعلام من نشر تسريبات المخترقين، ولكن دون جدوى.
تسريبات البيانات السرية والحساسة استمرت في تدفقها على صفحات الانترت والصحف مثل أمواج التسونامي. و»أف بي أي» الذي مسك بزمام التحقيق والبحث عن هوية المخترقين بات عاجزا عن انقاذ سوني من محنتها.
من جهتهم، حذر المخترقون قبل يومين صالات السينما من عرض الفيلم، مهددين بهجمات تشبه ضربة «سبتمبر 11». هذا التهديد لم يثر قلق الصالات وحسب، بل ايضا استوديوهات هوليوود الاخرى التي تستعد لإطلاق أفلام عطلة عيد الميلاد وتخشى أن تتفادى الجماهير صالات السينما خوفا من التهديد. وهكذا بدأ الضغط على سوني في الغاء عرض الفيلم.
بالأمس أعلنت سوني أنها ستحترم قرارات صالات سينما بعدم عرض الفيلم. وخلال ساعات بدأت الصالات الواحدة تلو الاخرى بالغاء عرض الفيلم. وهذا الصباح استسلمت سوني وألغت طرحه، صادمة هوليوود وامريكا. هذه هي المرة الاولى التي تستجيب فيه مؤسسة أمريكية لمطالب فئة من هذا النوع.
عقب هذا القرار، تصاعدت أصوات نجوم هوليوود ومسؤولون في واشنطن في التنديد بقرار «سوني» واصفينه بعمل جبان وإهانة لحرية التعبير والقيم الامريكية. حتى الرئيس أوباما دعا الناس للذهاب الى صالات السينما ومشاهدة الأفلام.
الحقيقة هي أن سوني لم تركع لوحدها للقراصنة، اذ أن استوديوهات هوليوود الأخرى سبقتها في الخضوع وحثتها على تلبية مطالبهم، فضلا عن الغاء فيلم آخر هذا الصباح من بطولة ستيف كاريل تدور احداثه في شمال كوريا.
كما ان «أف بي أي» لم يطرح حلا أفضل لسوني ولهذا كان شريكا في القرار. فملخص الحديث هو ان هذه الفئة الصغيرة وغير المعروفة، «حراس السلام»، انجزت ما لم تنجزه اكبر منظمات الارهاب العالمية، اذ حققت مطالبها من مؤسسة امريكية ضخمة مدعومة من قبل الحكومة الامريكية خلال 3 اسابيع وبدون ان تطلق رصاصة واحدة او تسفك دماء الابرياء او تخاطر بارواح افرادها.
الخوف في أمريكا الآن هو ان نجاح فئة «حراس السلام» في ابتزاز سوني سوف يلهم منظمات ارهابية واعداء امريكا بمحاكاتها. ولكن السؤال هو هل «حراس السلام» فئة صغيرة أم هي دولة؟ فحسب آخر تصريح من السلطات الامريكية فان كوريا الشمالية كانت وراء الاختراق وسوف تقدم الادلة في وقت لاحق.
بغض النظر عن هوية المخترقين، فان هذا الحدث سوف يترك اثرا قويا على هوليوود ووسائل التواصل بين مسؤوليها وتعاملها مع التكنولوجيا الحديثة. فمنذ اختراق شبكة «سوني»، شرعت استوديوهات هوليوود بتعزيز حصانات شبكاتها الإلكترونية. وصار المسؤولون يتفادون استعمال البريد الالكتروني في تبادل معلومات حـساسة.
من حسام عاصي:
الغرب الاستعماري لا يعرف سوى القوه ولا يحترم سوى القوي.
اتمنى ان يتعلم العرب هذا الموضوع ويواجهوا الغرب الاستعماري بالقوه حتى يحترمهم ويسمع مطالبهم.(ولنا مثل اخر في ايران)
لكني ليس لي امل في القيادات العربيه الحاليه لان كل منها يهادن الغرب حتى يضمن ان يساندوه اما الانقلاب عليه