بيروت- “القدس العربي”: تتعامل إسرائيل بجدية كبيرة مع تهديدات حزب الله وإيران بالرد على عمليتي الاغتيال في الضاحية الجنوبية وطهران، ويترقّب جمهور الكيان هذا الرد بتوتر وقلق، في وقت يُنتظر فيه وصول الموفد الأمريكي آموس هوكشتاين إلى بيروت آتياً من تل أبيب في مهمة تهدف إلى التهدئة وتفادي التصعيد الذي قد يؤدي إلى حرب واسعة.
واللافت أن جريدة “الأخبار” القريبة من حزب الله وجّهت رسالة إلى لبنان الرسمي لعدم استقبال من وصفته بـ”الوسيط الإسرائيلي”، الذي اتهمته بأنه “شارك في عملية تضليل من خلال نقل رسائل “تطمينية” بأن بيروت والضاحية ستكونان خارج دائرة الاستهداف بعد حادثة مجدل شمس”. وقالت “ربما يُفترض بأهل الحكم تكليف موظف باللقاء معه، ولو أن المؤشرات والسوابق لا تقول بذلك، فكيف وبعض المسؤولين اللبنانيين يتبجحون بأنهم على صداقة مع هوكشتاين الذي يعرف ملفاتنا جيداً”. وأوردت الصحيفة “أن القلق الممزوج بالغضب يسود الأوساط الداعمة للمقاومة من موافقة أركان الحكم في لبنان على استقبال الموفد الرئاسي الأمريكي، وهو لا يعود فقط إلى أن الرجل كان شريكاً في عملية سياسية رافقت العملية الأمنية والعسكرية التي أدّت إلى اغتيال القائد فؤاد شكر قبل أكثر من عشرة أيام، بل إلى أن جميع المؤشرات لا تعكس وجود أي جديد نوعي في سلوك الإدارة الأمريكية حيال جرائم العدو المستمرة في فلسطين ولبنان والمنطقة”.
استباق المفاوضات
ويصل هوكشتاين إلى بيروت ليستقبله رئيس مجلس النواب نبيه بري ورئيس حكومة تصريف الأعمال نجيب ميقاتي ووزير الخارجية عبدالله بو حبيب وقائد الجيش العماد جوزف عون في إطار مهمة جديدة للتهدئة ومنع أي انفجار كبير نتيجة الرد المنتظر وما سيليه من رد إسرائيلي. وتأتي زيارته عشية استئناف مفاوضات الهدنة في 15 آب/أغسطس الحالي بهدف تحذير المسؤولين من نوايا إسرائيل العدوانية في سياق مواكبة الجهود الدولية لإحلال تسوية في المنطقة.
وتم الكشف عن عقد اجتماع رباعي عبر تقنية الفيديو بين كل من الرئيس الفرنسي ايمانويل ماكرون والرئيس الأمريكي جو بايدن ورئيسي الحكومة الألماني أولاف شولتز والبريطاني كير ستارمر، تركّز على وقف إطلاق النار في غزة. واتصل ماكرون قبل أيام بأمير قطر الشيخ تميم بن حمد آل ثاني والرئيس المصري عبد الفتاح السيسي ورئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو من أجل الدفع باتجاه وقف إطلاق النار في غزة ومنع توسيع الحرب إلى لبنان.
في هذه الأثناء، تلقى الرئيس ميقاتي اتصالاً من وزير خارجية بريطانيا ديفيد لامي الذي أبلغه “أنها لحظة حاسمة بالنسبة للاستقرار في الشرق الأوسط، ولا يمكن أن يكون هناك المزيد من التأخير، بل يجب أن يتوقف القتال الآن”، مشدداً “على ضرورة قيام كل الأطراف بتهدئة الوضع بشكل عاجل وفوري”. وقد شكر رئيس الحكومة الوزير البريطاني “على اهتمام الحكومة البريطانية الدائم بلبنان وحرصها على حفظ الاستقرار فيه”.
الأمريكيون شركاء
في المواقف، استغرب عضو “كتلة الوفاء للمقاومة” النائب علي فياض “كيف يعبّر الأمريكيون أمام العالم بأكمله أنهم يريدون وقفاً لإطلاق النار ولا يريدون تصعيداً وأنهم يختلفون مع نتنياهو، ثم يقدمون له مساعدة مالية بقيمة 3.5 مليار دولار لشراء الأسلحة؟”. وقال: “هذا تشجيع لنتنياهو على التشدد قبل جولة مفاوضات 15 آب، وبالتزامن مع مجزرة مدرسة التابعين في غزة، إنما هذا تشجيع لنتنياهو على إرتكاب المزيد من المجازر”. ورأى فياض من بلدة حاروف “أن الكلام الأمريكي يتناقض مع الأفعال وأن الكلام للتضليل والأفعال هي الموقف الفعلي. لذلك الأمريكيون منافقون ولديهم مواقف مزدوجة هدفها التآمر وهم شركاء كاملون في جريمة الإبادة التي يتعرض لها الشعب الفلسطيني”. وذكّر بأن “هدفنا من معركة الإسناد هو الضغط على العدو لإيقاف العدوان على غزة وهذا مسار تمضي به المقاومة وفق حساباتها ومعادلاتها المعروفة. أما مسار الرد على اغتيال القائد الجهادي الكبير فؤاد شكر والقائد الفلسطيني الكبير إسماعيل هنية، فهو مسار آخر، والرد فيه آتٍ لا محالة، وأما التأخر في الرد فهذا جزء مدروس من أداء المقاومة وإدارتها للمعركة”.
خطط إسرائيل العسكرية
في المقابل، أفادت الإذاعة الإسرائيلية “بأن رئيس الأركان هرتسي هاليفي صدّق على خطط عسكرية لمواجهة هجوم من إيران وحزب الله”. ونقلت صحيفة “يديعوت أحرونوت” عن مسؤول كبير في جيش الاحتلال قوله إن “لبنان قلق بأربعة أضعاف ما تشعر به إسرائيل وإذا أخطأ أمين عام حزب الله حسن نصر الله وشن هجوماً غير متناسب فستتاح لإسرائيل الفرصة لقلب الطاولة”، معتبراً “أن شن حرب ستغيّر الواقع في الشمال”.
أما عضو الكنيست بيني غانتس فقال “سنعرف كيف نصمد في وجه أي هجوم والثمن الذي ستدفعه إيران وحزب الله سيكون باهظاً للغاية”، مشيراً إلى “أن نتنياهو غير مؤهل لإنجاز مهمته وحكومته غير مؤهلة لتحقيق هدفها”.
العمليات الميدانية
على الصعيد الميداني، أغارت مسيّرة إسرائيلية على سيارة على طريق بيت ياحون برعشيت ما أدى إلى استشهاد عنصرين من حزب الله. وجاءت هذه الغارة بعد غارة على بلدة شيحين وقصف مدفعي على أطراف مركبا وعيتا الشعب وكفركلا وطيرحرفا وزبقين. وخرق الطيران الإسرائيلي جدار الصوت في صور وصيدا والزهراني ومنطقتي النبطية واقليم التفاح.
مسيرة تستهدف سيارة بين بلدتي #برعشيت و #بيت_ياحون (قضاء #بنت_جبيل) جنوبي #لبنان ما أدى إلى إصابة شخصين pic.twitter.com/sWa3rwnaMf
— جريدة الأخبار – Al-Akhbar (@AlakhbarNews) August 13, 2024
في المقابل، أعلن حزب الله أنه استهدف “التجهيزات التجسسية في موقع مسكاف عام بالأسلحة المناسبة وحقق إصابة مباشرة”. كما أعلن استهداف جنود العدو في محيط ثكنة ميتات بالأسلحة الصاروخية وانتشار للجنود في محيط موقع السماقة في تلال كفرشوبا. ولفتت الإذاعة الإسرائيلية إلى “أن الدفاعات الجوية اعترضت مسيرتين في منطقة كريات شمونة في الجليل الأعلى”.
وتحسباً لأي طارئ، واصل رئيس الحكومة نجيب ميقاتي عقد سلسلة اجتماعات في السراي، وشدد على “أن الهم الأوحد الذي يجمع اللبنانيين في هذه المرحلة، هو مواجهة التهديدات الاسرائيلية المستجدة والعدوان المستمر على لبنان منذ أشهر”. وأكد “وجوب قيام المجتمع الدولي والهيئات والمنظمات الدولية بواجبهم تجاه لبنان ودعمه في هذه الظروف الصعبة، خصوصاً وأنه يرزح تحت اعباء كبيرة جداً بفعل النزوح السوري”. وقال “إن العدوان والتهديدات الإسرائيلية يجب أن يشكلا حافزاً إضافياً وأساسياً للتضامن بين اللبنانيين وعدم فتح سجالات جانبية ليس أوانها حالياً”، مشيداً “بالمبادرات الأهلية لاستقبال اللبنانيين النازحين”.
وكان ميقاتي التقى بحضور منسق لجنة الطوارئ الوطنية الوزير ناصر ياسين، منسق الأمم المتحدة في لبنان للشؤون الإنسانية عمران ريزا . وأوضح الوزير ياسين “أن الاجتماع كان لمتابعة موضوع المساعدات من قبل المنظمات الدولية للبنان، لمواكبة العمل الحكومي على ان تعقد اجتماعات لاحقة مع عدد من ممثلي الدول المانحة”.
هرولة الحكومة
تزامناً، وجّه حزب الكتائب انتقاداً شديداً للحكومة بسبب “هرولتها لتغطية التكاليف الباهظة لنزوح الجنوبيين بعشرات الآلاف من مناطقهم وإعلانها صراحة أنها لا تلقى التجاوب الدولي المطلوب مع الأرقام الكبيرة للخسائر المحتملة”، وسأل الحزب “ألم يكن من الأجدى أن تجتمع هذه الحكومة لاستلام زمام الأمور وتجنيب لبنان حرباً عبثية بدل التباكي والاستجداء شرقاً وغرباً؟”. وقال “إن المسؤولية الأولى لما يحصل اليوم تقع على حزب الله اولاً وعلى المجموعة الحكومية التي رضيت وانصاعت إلى ضغوطه وتنازلت عن قرارها وعن سيادة الدولة ورضيت بأن تكون واجهة لميليشيا مسلحة تتباهى بوضع الخطط وتنفيذها على الإيقاع الذي يناسبها ويناسب إيران جارةً معها لبنان واللبنانيين إلى المجهول. وفي هذا الإطار يؤكد حزب الكتائب ان النازحين من كل لبنان هم أبناء الوطن ومرحب بهم في كل المناطق وهذا امر لا يحتاج إلى مزايدات أو منَة، إلا أن الكتائب يرفض تحويل كل المناطق اللبنانية إلى دروع بشرية وبؤر مواجهات ومنصات صواريخ خدمة لحرب يرفضها معظم اللبنانيين، وهذا الأمر يحتّم معالجات جادة وحثيثة درءاً لأي مواجهات على غرار ما يحصل في بعض المناطق”.
وأكد حزب الكتائب “أن المخاطر التي تحيط بالمطار والطرقات المؤدية إليه وتراجع حركة الطائرات قيّدت اللبنانيين قاطنين وزائرين ووضعتهم في مرمى الأخطار. ومن هنا ضرورة اعتماد مطارات ومرافئ تكون قادرة على إبقاء متنفس يستطيع اللبنانيون من خلاله تأمين بعضٍ من قدرة على البقاء والتواصل مع العالم بثقة وأمان”.