استعدادات جارية لتنظيم المنتدى الاقتصادي الموريتاني المغربي

حجم الخط
0

نواكشوط-«القدس العربي»: دعا المركز المغاربي للدراسات الاستراتيجية، في ندوة علمية نظمها أمس في نواكشوط تحت عنوان (العلاقات الموريتانية المغربية بين عمق التاريخ وتحديات المستقبل: أي نموذج للشراكة؟) إلى إقامة شراكة اقتصادية وتجارية خاصة بين موريتانيا والمغرب.
وأكد الدكتور ديدي ولد السالك، رئيس المركز، في مداخلة تأطيرية للندوة
«أن الشراكة المتقدمة تعني علاقات خاصة تتجاوز التعاون التقليدي بين موريتانيا والمغرب، أي علاقات متشابكة تسير نحو اندماج تكاملي بين البلدين يجعلهما نموذجاً لاندماج أقطار المغرب العربي المنشود، بعد أن تعثر مشروع الاندماج المغاربي الذي يسعى إليه اتحاد المغربي العربي».
وقال: «لتحقيق التعاون الاندماج بين موريتانيا والمغرب وتسريع خطواته، ينبغي العمل على إزالة العراقيل التي ظلت تاريخياً تحول دون ذلك، وتأسيس البنى الضرورية الداعمة لتحقيقه، كإقامة منطقة حرة على الحدود بين البلدين، وبالذات في منطقة «لكويرة»، لتحويلها من منطقة توتر إلى أرضية تكامل، والعمل على تشييد الطريق السريع المغاربي عبر الأراضي الموريتانية، وبناء جسر على نهر السنغال، يربط بين موريتانيا والسنغال، وكذلك إطلاق جملة من المشاريع التي تعزز استمرارية ذلك، مع العمل على خلق رؤية استراتيجية موحدة للسياسة المغربية الموريتانية اتجاه إفريقيا.
وجاءت هذه الدعوة بينما تتواصل في نواكشوط التحضيرات حالياً لتنظيم المنتدى الاقتصادي المغربي الموريتاني، وذلك ضمن صراع اشتغل مؤخراً حول موريتانيا وإمكاناتها وبرزخيتها بين شمال وغرب إفريقيا بين جاريتيها الكبيرتين المغرب والجزائر.
وأعلنت الكونفدرالية العامة لأرباب العمل في المغرب أن وفداً من الهيئة يستعد للتوجه إلى نواكشوط للمشاركة في تنظيم المنتدى الاقتصادي المغربي الموريتاني ما بين 16 و18 نوفمبر الجاري في نواكشوط، بالتعاون بين اتحاديتي أرباب العمل في المغرب وموريتانيا.
وأوضحت في بيان وزعته أمس «أن المنتدى سيمكن رجال الأعمال المغاربة من استكشاف فرص الاستثمار في موريتانيا، كما أنه سيكون فرصة لتنشيط الروابط التجارية».
ويتضمن برنامج زيارة وفد المقاولين المغاربة لقاءات مع رجال الأعمال الموريتانيين وزيارة لمنطقة نواذيبو الحرة. وحول القطاعات التي سيجري التركيز عليها خلال المنتدى، أكدت الكونفدرالية المغربية «أن من بينها الصناعة والصيد والتجارة والطاقة والخدمات والمعادن والزراعة والمواد الغذائية والبناء والعقار والمصارف والتأمين والسياحة والصناعة الدوائية. وأكد الدكتور ديدي ولد السالك،في مداخلته أمام الندوة، «أنه بعد فشل محاولات الاندماج المغاربي المتكررة التي تمت خلال النصف الثاني من القرن العشرين، بداية بلقاء الأحزاب المغاربية بطنجة 1956 وانتهاء بتجربة اتحاد المغرب العربي، التي انطلقت من مراكش سنة 1989، ورغم ما كان معلقاً عليها من آمال، عملت أجيال متعاقبة على تحقيقها، فإنه من المتعين انطلاقاً من تلك التجارب المتعثرة لاندماج بلدان المغرب العربي الكبير بشكل جماعي، البحث عن خيارات أخرى لبناء شراكات متقدمة بين بعض تلك الأقطار التي تجمعها عوامل تعزز فرص نجاح التعاون والشراكات المتقدمة، كحالة موريتانيا والمغرب».
«فبالإضافة إلى عمق الروابط التاريخية والثقافية بين موريتانيا والمغرب، يضيف ولد السالك، والامتدادات الاجتماعية بين الشعبين الموريتاني والمغربي، كأرضية صلبة يمكن أن تؤسس لبناء شراكة مفيدة وناجحة لصالح شعبي البلدين، فإنهما يواجهان نفس التحديات، كمشاكل التخلف، وبناء التنمية الاقتصادية والاجتماعية المتوازنة، ومخاطر الإرهاب والجريمة المنظمة والهجرة السرية، وفي نفس الوقت، فإن البلدين يمتلكان الكثير من المصادر المتنوعة ويوفران فرصاً واعدة للاستثمار، خاصة في موريتانيا، إلى جانب تراكم خبرات بشرية في مختلف المجالات لدى المغرب، وما يعزز من فرص نجاح تلك الشراكة أكثر».
وأضاف: «إن هناك عوامل تهيئ للتكامل بين موريتانيا والمغرب، بينها التموقع الجيو/استراتيجي لموريتانيا في الجوار الإفريقي، الذي يلتقي مع توجه السياسة المغربية الجديدة في إفريقيا، بتخليها عن سياسة الكرسي الفارغ إزاء المؤسسات الإفريقية، بعد خروجها من منظمة الوحدة الإفريقية 1984 بسبب النزاع في الصحراء الغربية، من خلال اهتمام المغرب في السنوات الأخيرة بتوسيع وتنشيط علاقاتها مع دول القارة الإفريقية، إثر تراجع دورها في هذه القارة خلال العقود الثلاثة الأخيرة، بعودتها للاتحاد الإفريقي وسعيها للانضمام للمجموعة الاقتصادية لدول غرب إفريقي».
وأكد مدير المركز المغاربي «أن اهتمام المغرب المتجدد بعلاقاته الإفريقية، منطلق من جملة عوامل، من بينها العلاقات التاريخية التي تربط المغرب بأغلبية الدول الإفريقية، وبالذات الدول المسلمة بمنطقة غرب إفريقيا، وكون القارة الإفريقية تشكل عمقاً استراتيجياً للمغرب ومجالاً حيوياً، ورئة اقتصادية لا غنى عنها للاقتصاد المغربي الصاعد، ويمكن أن تشكل منطقة نفوذ في المستقبل وبديلاً لكثير من الأسواق العالمية التي تكثر فيها المنافسة».
ومما يدفع المغرب نحو الاهتمام بإفريقيا، يقول الدكتور ولد السالك، الأهمية الاستراتيجية للقارة الإفريقية بوصفها قارة بكر، تتوفر على الكثير من الثروات غير المستغلة حتى الآن، وهي ثروات محط أنظار كل الفاعلين دولياً، وكذلك الأطراف الإقليمية الساعية لاحتلال موقع على الساحة الدولية، المتسمة بالمنافسة الشديدة في ظل العولمة المتسارعة، وقد كرس المغرب ذلك من خلال ضخ الكثير من التمويلات وإقامة الكثير من الشراكات في العديد من البلدان الإفريقية، عبر توسع نشاط البنوك المغربية في بعضها وكذلك شركة اتصالات المغرب، وتوفير خدمات النقل الجوي عبر ربط الخطوط الملكية المغربية لأغلبية العواصم الأفريقية بالعالم».
وأكد«أن المغرب في سعيه الدائم لحسم ملف الصحراء الغربية لصالحه، سيكون محتاجاً لدعم الدول الإفريقية، لعلاقتها بالموضوع وحجمها العددي في الأمم المتحدة».
وقال: «ولتعزيز الدور المغربي المتنامي في إفريقيا سيكون من الضروري إقامة علاقات خاصة مع موريتانيا، عبر تأسيس شراكة متقدمةـ أساسها «شراكة رابح – رابح»- لما تمتلكه موريتانيا من ثروات متنوعة وفرص واعدة للاستثمار، إلى جانب حاجتها إلى الخبرات البشرية والمؤسسية للمغرب، كما أن المغرب يحتاج إلى تلك الثروات الكبيرة الموجودة في موريتانيا، وله القدرة والخبرة على المشاركة في استغلال الفرص الاستثمارية المجودة بها، والأكثر أهمية للمغرب من كل ذلك، هو أن موريتانيا، يقول ولد السالك، تشكل جسراً جغرافياً للمغرب مع دول القارة الإفريقية ومدخلاً رئيسياً نحوها، وبخاصة أن موريتانيا ظلت تاريخياً تشكل جسراً حضارياً للتواصل خلال القرون الستة الماضية بين الحضارة العربية الإسلامية في الشمال والدول المسلمة في غرب إفريقيا، وكذلك إفريقيا جنوب الصحراء، كما أن موريتانيا ظلت ترتبط بعلاقات خاصة مع العمق الإفريقي، تعززت مع الزمن عبر حمل أبنائها رسالة الإسلام إلى تلك الربوع، ودورهم المتميز كذلك في تنشيط تجارة القوافل بين الشمال والجنوب».

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

إشترك في قائمتنا البريدية