غزة – “القدس العربي”:
تستعد الجهات الرسمية في حكومة الاحتلال لتصعيد متوقع على “جبهة غزة”، التي أرسلت خلال الأيام الماضية “رسائل حارقة” إلى إسرائيل، تنذر من المخاطر المترتبة على تنفيذ مخطط الضم في الضفة، رغم استمرار العمل بتفاهمات التهدئة السابقة، التي تسير ببطء، حيث شرعت مؤسسة الاحتلال العسكرية بوضع خطط عسكرية جديدة، شملت إجراء تمرينات لقواتها الموجودة على الحدود.
وتشير تقارير إسرائيلية إلى أن الأوضاع الميدانية في قطاع غزة الآن “معقدة”، وباتت على مفترق طرق وفق المؤسسة الأمنية، رغم وجود جهود تسعى للتوصل إلى تسوية وتهدئة بعيدة الأمد بين حماس وإسرائيل، حيث تأخذ أجهزة الأمن الإسرائيلية، ضمن تحليلاتها لما هو قادم، أن تؤدي التحركات في الضفة الغربية، حال طبقت خطة الضم، إلى تصعيد ميداني في قطاع غزة.
ويأتي ذلك رغم الحديث الذي يدور حاليا عن تدخل وسطاء التهدئة لمنع انزلاق الأمور تجاه التصعيد في غزة، بعد أكثر من ستة أشهر من الهدوء، خاصة بعد تفعيل المجموعات الشبابية خلال الأيام الماضية، عمليات إطلاق “البالونات الحارقة” تجاه المستوطنات الإسرائيلية المقاومة بالقرب من حدود غزة.
قادة جيش الاحتلال الإسرائيلي أخبروا وزير الجيش بيني غانتس بأن الوضع في قطاع غزة “متفجرٌ للغاية”
وقد كشف النقاب أن قادة جيش الاحتلال الإسرائيلي أخبروا وزير الجيش بيني غانتس بأن الوضع في قطاع غزة “متفجرٌ للغاية”، وأن الأوضاع قد تتصاعد لحد إطلاق للصواريخ وعودة المواجهات بالقرب من السياج الفاصل، بسبب مخطط الضم، وتعمد إسرائيل تأجيل تفاهمات التهدئة.
وجرى ذلك خلال نقاش معمق لقادة جيش الاحتلال قبل ثلاثة أسابيع، شارك فيه مسؤولون في شعبة الاستخبارات العسكرية، والقيادة الجنوبية في جيش الاحتلال، وضباط في جهازي الاستخبارات “الشاباك” و”الموساد”، خاصة أن المجتمعين ناقشوا تسلح حركة حماس في السنوات الأخيرة، مستغلة حالة الهدوء الحاصل، من خلال تطوير قدراتها الصاروخية من نواحي القوة والمدى ودقة الإصابة، وتطوير منظومة الطائرات المسيرة، استعدادا لأي جولة قادمة.
ولا يعرف إن كان ذلك النقاش قد شارك فيه وزير الجيش بيني غانتس أم لا، خاصة أنه زار قواته في “جبهة غزة” في ذلك الموعد، واستمع منهم لشرح واف عن منطقة الحدود.
لكن التطورات المحتملة، وتعامل قيادة جيش الاحتلال مع الأمر، تشير كلها إلى وجود مخاوف حقيقية لدى إسرائيل من انفجار الأوضاع وتصاعدها لحد الوصول إلى مواجهة مسلحة، حيث قامت قيادة الجبهة الداخلية بإجراء “مناورة مفاجئة” مساء الأحد، بعنوان (ذخر وطني)، لجنود الخدمة النظامية وعدد من جنود الاحتياط، وقد شملت المناورة فتح غرف الحرب وتقييمات للوضع شملت التعامل مع إطلاق صواريخ كبيرة على الجبهة الجنوبية من غزة.
وقد ذكرت إذاعة جيش الاحتلال الإسرائيلي أن الجيش يعد نفسه لسيناريوهات التدهور الأمني على جبهة غزة خلال الفترة المقبلة، من خلال تجهيز “ردود عملياتية” على التدهور المحتمل، مشيرة إلى تنفيذ الجيش في الأيام الأخيرة الماضية سلسلة من الخطوات التي تدل على الاستعدادات الخاصة على جبهة غزة، وذلك تحسباً لحدوث تدهور في الوضع الأمني في الجنوب خلال فترة زمنية قصيرة، على خلفية عملية الضم، وفي ظل الاتصالات للتوصل إلى تسوية مع حركة حماس، وأيضاً عدم التقدم في عملية تبادل أسرى، والوضع الاقتصادي السيئ في غزة.
وتطرقت الإذاعة في تقريرها إلى الزيارة التي أجراها وزير الجيش بيني غانتس إلى “فرقة غزة” بعد توليه منصبه، حيث عرض عليه جميع الاستعدادات بموضوع غزة والخطط، وقد نقلت عن مسؤولين أمنيين قولهم إن ما سيحدث في غزة إذا وصل الأمر لمواجهة عسكرية، لن يكون مشابهاً لما حدث في الماضي، ونحن نأمل بألا نصل إلى هذا الحد بأي شكل من الأشكال.
وفي هذا السياق، تطرقت تقارير إسرائيلية إلى إطلاق صاروخ من غزة على إحدى المستوطنات القريبة من القطاع ليل الإثنين، وقالت إنه كان محاولة توصيل رسالة من حماس لإسرائيل، بعدم تجاهل مطالبها، والعودة لمباحثات التهدئة.
وقد جاء الكشف عن تلك التحليلات والمناورات العسكرية، مع قيام نشطاء المقاومة في غزة بإطلاق صواريخ تجريبية تجاه البحر خلال اليومين الماضيين، يقال إن من بينها صاروخا من ذوي المدى البعيد، ليتلو ذلك ليل الإثنين إعلان جيش الاحتلال عن إطلاق صاروخ من القطاع، سقط قرب إحدى المستوطنات الإسرائيلية المحيطة بالقطاع، دون أن يتسبب بأي أضرار أو إصابات كونه سقط في أرض خلاء، لكن هذا الصاروخ الذي جاء بعد توقف دام لأشهر، حمل رسائل من المقاومة للمؤسسة العسكرية والسياسية في تل أبيب، بأن أيام الصيف الذي يقترب، ربما تكون ساخنة على كل الصعد.
الصاروخ الذي جاء بعد توقف دام لأشهر، حمل رسائل من المقاومة للمؤسسة العسكرية والسياسية في تل أبيب
والمعروف أن المقاومة الفلسطينية تمكنت سابقا من إطلاق صواريخ تمكنت من الوصول إلى مناطق وسط وشمال إسرائيل، وصل مداها لأكثر من 120 كيلومترا، حيث أصاب بعضها مدينة تل أبيب.
كما سجلت عدة حرائق في المستوطنات الإسرائيلية المحيطة بغلاف غزة، بفعل إطلاق دفعات من “البالونات الحارقة”، وسط تهديدات من قبل المجموعات الشبابية بزيادة عمليات الإطلاق، ما ينذر بزيادة الحرائق وتكبيد إسرائيل خسائر كبيرة، على غرار ما كان الوضع قائما عليه حتى منتصف العام الماضي.
وأعلنت قوات الاحتلال أنه بخلاف نشوب الحرائق، عثر قرب إحدى المستوطنات القريبة من حدود غزة، على عنقود بالونات مربوط بجسم مشبوه تم إطلاقه من قطاع غزة، وأن خبير متفجرات قام بتفكيكه.
ويتردد أيضا أن السبب في عودة إطلاق تلك البالونات، وحتى إطلاق “الصواريخ التحذيرية”، كان بالدرجة الأساس لحالة الرفض العام لمخطط الضم الذي تنوي حكومة تل أبيب تنفيذه ليطال مساحات واسعة من أراضي الضفة.
وبما يشير إلى وجود خشية من التصعيد، التقى وزير الجيش الإسرائيلي غانتس، بمبعوث الأمم المتحدة إلى الشرق الأوسط نيكولاي ملادينوف، وهو أحد وسطاء التهدئة، وقال غانتس عبر تويتر: “التقيت بمبعوث الأمم المتحدة إلى الشرق الأوسط نيكولاي ملادينوف، وأخبرته أن تحسين واقع سكان غزة مرتبط بإعادة الإسرائيليين ووقف الأعمال العنيفة من قطاع غزة تجاه إسرائيل”.
والإثنين أعلنت حركة حماس عن انطلاق واستمرار فعالياتها الوطنية في مواجهة خطة الضم التي ينوي الاحتلال الشروع في تنفيذها، ودعت للاتفاق على إستراتيجية وطنية قائمة على مقاومة الاحتلال بكل الأشكال، وتحريم التنسيق والتعاون الأمني، وجاءت هذه التطورات مع استمرار العمل بتفاهمات التهدئة، التي تشمل تقديم مساعدات إنسانية لسكان غزة المحاصرين.
وقد أعلن رئيس اللجنة القطرية لإعادة إعمار قطاع غزة السفير محمد العمادي أن دولة قطر تواصل جهودها لإدخال أموال المنحة القطرية لقطاع غزة خلال الأسبوع الحالي أو المقبل.
وأضاف العمادي، في بيان للجنة، أن تأخر وصول أموال المنحة القطرية للقطاع يأتي بسبب الإجراءات المتبعة لمواجهة تفشي فايروس “كورونا”، نافيا ما يتم ترويجه حول تعمّد دولة قطر تأخير إدخال أموال المنحة إلى القطاع أو منعها من قِبل الجانب الإسرائيلي.
كما نفى ما يتم تداوله عبر وسائل الإعلام بأن قيمة الأموال التي سيتم إدخالها خلال الأيام المقبلة تبلغ 50 مليون دولار، مؤكدًا استمرار جهود دولة قطر في دعم الشعب الفلسطيني بشكل عام وقطاع غزة خاصةً.
والمعروف أن دولة قطر تصرف منذ نحو عامين منحة مالية بمبلغ 100 دولار لعشرات آلاف الأسر الفقيرة، كما تدعم مشاريع إنسانية أخرى، من بينها توفير الوقود لمحطة توليد الطاقة، وإمداد مشافي غزة بالدواء، علاوة عن تنفيذها مشاريع إستراتيجية أخرى.
لن تسلم الجرّة في كل مرّة أيتها القطعان المتلاقطة؟