الحقيقة صادمة ولا تسعد من يعرفها، على الرغم من زعم الكثيرين البحث عنها، لكنهم بالفعل لا يبحثون إلا عما يشبع أهواءهم، ويرضي غرورهم كبشر يشعرون بالتفوق على الآخرين، بمعرفتهم معلومة يظنون أنها الحقيقة.. وحتى إن شاب تلك المعلومة بضع لمحات من الحقيقة، فإنها سوف تظل على الدوام حقيقة منقوصة لمعلومة جعلت من يمتلكها عبدا لها، ولا يستطيع الفرار من امتلاكها له.
والأديب والفيلسوف الإنكليزي ألدوس هاكسلي (1894-1963) يحذر من اليوم الذي سوف يعرف فيه الإنسان الحقيقة بقوله: «لسوف تنبلج لك الحقيقة، ولسوف تجعلك الحقيقة تفقد عقلك». فالإنسان في العصر الحديث قد وقع في حبائل الجهل، على الرغم من ادعائه المعرفة، وصار عبداً لتيارات عدة تملكت روحه قبل جسده.
في عام 1932، قام الأديب والفيلسوف الإنكليزي ألدوس هاكسلي بنشر رواية «عالم جديد شجاع» وتنبأ فيها بعالم تمتلكه التكنولوجيا، لدرجة استعبدت البشر، وتلاعبت بمشاعرهم وأفكارهم وعقولهم. وأغرب ما في الأمر أن نبوءته تحققت. فقد تنبأ بتكنولوجيا الإنجاب Reproductive Technology التي تستخدم لتساعد البشر والحيوانات على الإنجاب، كما يحدث الآن من أطفال أنابيب وتخصيب صناعي. وتنبأ أيضاً بتكنولوجيا التعلم أثناء النوم Sleep Learning التي تلقِّن المعلومات أثناء النوم وتعرف هذه التكنولوجيا حالياً باسم تكنولوجيا الصدى ECHO، التي شاع استخدامها مؤخرا وعلى نطاق واسع. وكذلك شدد هاكسلي على تكنولوجيا التلاعب النفسي Psychological Manipulation التي يتم فيها التلاعب بالحالة النفسية للفرد، واستقباله للمعلومات والسيطرة على حواسه. وقد تحقق ذلك أيضاً ليس فقط من خلال التجارب النفسية، بل العقاقير الكيميائية، التي صارت حاليا أنواع عدة من المخدرات تسببت في إدمان الشباب لها.
وجميع هذه التكنولوجيات حفرت لنفسها مكانة مميزة في العصر الحديث، حتى صارت عمادا لا يمكن الاستغناء عنه؛ فالحياة دونها شبه مستحيلة. فلا يمكن لأحدهم تخيُّل حياته دون الهاتف النقَّال، أو اللابتوب، أو الإيميل، أو التطبيقات التي سهلت تواصل البشر، ونقل العلوم والفنون بضغطة زر واحدة، بدلاً من السفر أو البحث عنها لساعات وأيام طوال. لقد صار الإنسان عبدا للتكنولوجيا وتطبيقاتها. لكن، يجب الأخذ في الاعتبار أن من أعطى كل هذه التطبيقات التكنولوجية أهمية قصوى هو الإنترنت، الذي جعل منها المخدر الذي سبب للبشرية إدمانا نافذ المقدرة. فدون الإنترنت التكنولوجيات الحديثة والتطبيقات بلا قيمة؛ لاعتياد البشر على البحث والتواصل دون بذل مجهود.
وقد علم أباطرة التكنولوجيا أقصر الطرق لاستعباد البشر، فأثرى رجلين في العالم وهما «إيلون ماسك» مالك شركتي «ستارلينك» Starlink و»سبيس إكس» Space X لأبحاث الفضاء، وجيف بيزوس مالك شركة «أمازون» Amazon يتنافسان لبث الإنترنت عبر الأقمار aالصناعية، وليس عبر محطات أسلاك الفايبر، التي تتحكم فيها الدول. وصرح إيلون ماسك أن الغرض من مشروعه هو إتاحة الإنترنت مجانا لكل البشر في أي مكان في الكون، حتى لو كان صحراء قاحلة.
أما جيف بيزوس، فقد طور نظام كويبر Kuiper System لبث الإنترنت وعلى مدارات أكثر انخفاضا من مدارات أقمار ستارلينك، ومن ثم كانت النتائج المبدئية للمشروع مذهلة، ويخطط لأن يكون الجهاز المستخدم لاستقبال الإنترنت صغيرا لدرجة أنه يمكن وضعه في الجيب مثل جهاز الموبايل.
أضف إلى التخطيط لجعل سرعات نقل البيانات والتحميل للإنترنت الفضائي فائقة. وإن السبيل للحصول عليه هو امتلاك طبق استقبال وجهاز إزالة التشفير؛ من أجل استقبال شبكة الإنترنت من أيٍ من آلاف الأقمار الصناعية التي ينثرها لتغطي تقريبا سطح الكرة الأرضية. فقد استطاع ماسك، من خلال شركة ستارلينك لأبحاث ورحلات الفضاء أن يصنع أقمارا صناعية خفيفة وصغيرة الحجم غير معقدة، وأن يطلق كل شهرين نحو 60 قمرا صناعيا بأقل تكلفة، وأعرب عن أن الهدف منها هو نقل ونشر شبكة الإنترنت، علماً بأن إيلون ماسك هو الوحيد في الكون الذي طوَّر وامتلك صاروخ فالكون لاين Falcon Line العملاق، الذي يمكن تحميله بأعداد هائلة من الأقمار الصناعية لإطلاقها في الفضاء، ثم يرجع ليعيد الكرة لمرات لانهائية، على عكس الصواريخ المعتادة التي تستخدم لمرة واحدة، ونجح في أن يجعل مدار هذه الأقمار قريباً من الأرض حتى يسهل التقاط إشارة الإنترنت، وسيجعله متاحا مع نهاية عام 2021 للدول الست التي يغطيها المشروع، مع التخطيط لمد شبكة الإنترنت الفضائي لباقي أنحاء العالم بأرخص الأسعار، مع أفضلية عدم انقطاع الشبكة وسرعة نقل البيانات. ومن المريع أن العقود المبدئية لشركة ستارلينك تحتوي على فقرة تؤكد على أن كوكب المريخ كوكب حر وغير خاضع لسلطة أو سيطرة أي دولة، ما يؤكد التخطيط لجعل كوكب المريخ – الذي تجري بالفعل تجارب لإعماره – سوف يكون مركز السلطة في المستقبل.
أما جيف بيزوس، فقد طور نظام كويبر Kuiper System لبث الإنترنت وعلى مدارات أكثر انخفاضا من مدارات أقمار ستارلينك، ومن ثم كانت النتائج المبدئية للمشروع مذهلة، ويخطط لأن يكون الجهاز المستخدم لاستقبال الإنترنت صغيرا لدرجة أنه يمكن وضعه في الجيب مثل جهاز الموبايل. وهناك صراع مرير قائم بين أغنى رجلين في العالم حول استحواذ كل منهما على شبكة بث الإنترنت الفضائي. والغرض من الصراع الاستحواذ على الكون؛ لأن الإنترنت صار عصب الحياة، ومن يمتلك ويسيطر على معاملات الإنترنت، بدءًا من ألعاب الفيديو جيم وصولًا لترسانة إطلاق الصواريخ النووية. لقد سيطر الإنترنت على معلومات ليس فقط الأفراد، بل الدول جمعاء، ويستطيع التحكم فيها حسب الأهواء. وبسبب قدرته تلك صار مطمعا؛ لأنه يُفقد الحكومات الهيمنة على شبكات الإنترنت، ويجعل لمالك الإنترنت الفضائي القدرة على بث ما يرغبه من معلومات، وحجب ما لا يرغب فيه. أي أن السطوة كلها ستكون في أيدي أصحاب شركات الإنترنت وليس الحكومات، وهي شركات خاصة قد تنصاع لرغبات من يدفع لها أكثر لتحقيق مصالحه، ولا يهمها مصالح الدول.
ويعد ذلك مؤشرا خطيرا قد ينبِّه العالم إلى أن المستقبل سيكون في أيدي كيانات خاصة تحكمها المنفعة والمصالح، وليس في أيدي الحكومات والدول. فمثلًا جائحة كورونا بينت أن شركات الأدوية ذات استقلالية عالمية، ما يهدد مستقبلًا بإنشاء كيان مستقل للدواء، كما هو الحال عند الخطر الوشيك بإنشاء كيان للإنترنت يملكه الأقوى، ولربما يصير هناك كيان للأعمال وآخر للمال، وهكذا. فتقسيم العالم تبعًا لتلك الكيانات المستقلة التي يمتلكها أفراد، وتفكر جديا في جعل كوكب المريخ مقرا ومستقرا لها، سوف تجعل تقسيم الأرض إلى دول بلا قيمة، وسوف يهدد الثقافات واللغات المحلية بنشره لثقافة ولغة واحدة مسيطرة تستعبد جميع البشر. لسوف يصير المستقبل كرواية ألدوس هاكسلي عالم جديد، لكن ليس «شجاعا» بل «مريعا».
كاتبة مصرية
انها الرأسمالية الاعلامية، والبعض يصر على اقصاء الدين كمنظم للانانية البشرية؟!!
مع الأنظمة العربية الديكتاتورية لن نخسر الكثير لان هذه الانظمة عميلة بالفعل للغرب او النظام الذي يدير العالم و يلقي بالقروض لديكتاتور سفاح مثل السيسي و لذلك ستكون علاقتنا مباشرة مع نظام العالم الرئيسي و الذي يقتل اي رئيس منتخب كما فعل مع الرئيس مرسي رحمة الله عليه
” ويعد ذلك مؤشرا خطيرا قد ينبِّه العالم إلى أن المستقبل سيكون في أيدي كيانات خاصة تحكمها المنفعة والمصالح، وليس في أيدي الحكومات والدول. ” إهـ
هذه الكيانات الخاصة يا أستاذة أصبحت تدير العالم!
فهم يدعمون السياسيين لتنفيذ أجنداتهم!! ولا حول ولا قوة الا بالله
تحول العالم تدريجياً لقرية واحدة بعد ثورة زراعية وصناعية تعززت بتعدين ونفط وسكك حديد وأساطيل تجارة بحرية ومؤسسات تمويل وأسواق أسهم فانتشر اقتصاد حر عبر العالم وتعزز بمواصلات وطيران تجاري ثم طفرة إتصالات وأقمار صناعية وكوابل بحرية ثم طفرة تكنولوجيا معلومات وتسوق عن بعد وتطبيقات تواصل اجتماعي، وتوالدت خلال ذلك شركات عملاقة متعددة جنسيات عبر العالم بكل مجال بمساهمين وممولين وعمالة ومخترعين ومطورين من كل الأعراق والأديان بما في ذلك عرب ومسلمون سواء كأفراد أو شركات أو بنوك أو استثمارات صناديق سيادية.
الخوف هو التخطيط لتوكيل شركات مسلحة تسيير و استغلال دول ضعيفة و غنية بالموارد كالدول العربية.
و ما شركة بلاك ووتر الروسية في ليبيا إلا نموذج تجريبي مدعوم من أمريكا .
عندما يصبح حكم العالم كله في يد واحدة تكون عملية اصلاحه وتوجيهه الى الخير سهلة وميسرة فهو ضروري لبقائه وهذا لان الشر والباطل لا يمكن ان يحكم العالم بمفرده والا ذهب الى الزوال والفناء
أظن المفتاح (وإن السبيل للحصول عليه هو امتلاك طبق استقبال وجهاز إزالة التشفير؛) للغز عنوان (استعدوا لعالم دون دول!) من ضمن ما نشرته (د نعيمة عبدالجواد) في مقال جريدة القدس العربي، أي من وجهة نظرها هناك صراع بين عقلية الدولة، وبين عقلية اللا دولة، ومفتاح الحل هو فهم واستيعاب واتقان مهنة التشفير، والتشفير المضاد،
وفي ذلك أبدع الألمان في خلق آلة التشفير الآلي (نيجما)، والتي من أجل فك التشفير،
خرجت لنا بريطانيا بتمويل تقنية آلة الحاسوب، للفوز بالحرب العالمية الثانية، حسب ما وثقته هوليوود في فيلم (The Imitation Game لعبة الهندسة العكسية)
يتجه العالم منذ فترة إلى محاولة تهميش الحكومات واعلا كلمة الكيانات وبالتأكيد المال يكسب ويتحول البشر لعبيد أصحاب رؤوس الأموال