الناصرة- “القدس العربي”:
طالب رئيس حزب “أزرق – أبيض” بيني غانتس، بإنزال ضربات شديدة على غزة والعودة لسياسة اغتيال قادة فلسطينيين نتيجة تجديد إطلاق الصواريخ على مدينة سديروت والمستوطنات في جنوب إسرائيل.
وبالتزامن مع تصاعد التوتر مع غزة، تصاعد تبادل التهم داخل الحلبة السياسية الإسرائيلية ومعها احتمال إجراء انتخابات برلمانية ثالثة، وسط تحذيرات من وقوع اغتيال سياسي جديد بعد اغتيال رابين الذي تحل اليوم الإثنين ذكرى اغتياله عام 1995.
وهدد غانتس أن حكومة برئاسته لن تسلّم بتهديد الإسرائيليين في مستوطنات “غلاف غزة”. وتابع: “سنستعيد الردع بأي ثمن، حتى لو اضطررنا لتصفية من يقود إلى التصعيد “. ودعا غانتس حكومة نتنياهو لتوجيه ضربة عسكرية موجعة وشديدة في القطاع. وقال إنه رغم الخصومة السياسية يدعم أي رد فعل صارم ومسؤول يهدف لتأمين الهدوء لسكان الجنوب.
غانتس حمل على خطاب الكراهية والتحريض وهاجم قيادة نتنياهو “الخطيرة الضعيفة” دون ذكر اسمه ودافع عن الصحافيين والقضاة والمعلمين، وقال إنه يمد يده للمواطنين العرب في إسرائيل وللعالم العربي.
ولم يذكر غانتس نتنياهو في خطابه، ولكنه استهدفه بحديثه عن سياسيين بلا حدود. واعتبر بعض المعلقين الإسرائيليين أن أقوال غانتس هي خطاب الانتصار في الانتخابات العامة السابقة، فيما اعتبرها معلقون آخرون خطاب الانتخابات الثالثة في ظل استمرار الورطة السياسية وعجزه هو الآخر عن تشكيل حكومة جديدة.
حكومة وحدة وطنية
يشار إلى أن نتنياهو يطالب بحكومة وحدة وطنية مع “أزرق- أبيض” بالتناوب على رئاستها، لكنه يشترط أن يكون هو رئيسها الأول، لكن غانتس يستصعب ذلك لاسيما أن حزبه فاز بعدد مقاعد أكبر من “الليكود” وأنه وعد ناخبيه بعدم التحالف مع نتنياهو في حال قُدّمت ضده لائحة اتهام.
من جهتها، وجهت كتلة اليمين برئاسة “الليكود” اتهامات لـ”أزرق – أبيض” بأنه يسير بالاتجاه المعاكس وغير راغب بحكومة وحدة وطنية ويتطلع لتشكيل حكومة ضيقة بدعم من القائمة العربية المشتركة “من خارج الإئتلاف بواسطة توفي سلة أمان أو كتلة مانعة”.
لكن غانتس يواصل رسميا القول إنه راغب بتشكيل حكومة وحدة وطنية دون أن يشطب خيار الحكومة الضيقة من أجندته وتصريحاته. وفي خطابه في مهرجان استذكار رابين، ذكر غانتس رقمه الخاص بالجيش وكذلك رقم رابين في إشارة لرغبته بالسير على طريقه على مستوى العلاقات مع الشعب الفلسطيني ومساعي تسوية الصراع معه، وعلى مستوى التعامل مع المواطنين العرب في إسرائيل الذين اعتمدت حكومة رابين في 1992 على نوابهم في الكنيست (خمسة نواب).
حكومة ضيقة
يشار إلى أن رئيس حزب “يسرائيل بيتنا” أفيغدور ليبرمان خصم نتنياهو، أشار قبل أيام لرفضه حكومة ضيقة بدعم القائمة العربية المشتركة التي وصف نوابها بـ”الطابور الخامس”. كذلك هناك أوساط داخل “أزرق- أبيض” تعارض بشدة فكرة حكومة ضيقة تعتمد على دعم خارجي من “المشتركة”.
لكن هذا الخيار ورغم استبعاد مراقبين كثر له يبدو واقعيا لدى عدد كبير من نواب “المشتركة”. وقال أحد نوابها لـ”القدس العربي” إنه “في حال فشلت مداولات تشكيل حكومة وحدة وطنية وامتناع واحدة من كتل اليمين عن الانضمام لحكومة بقيادة غانتس فإنه سيذهب بنهاية المطاف لتشكيل حكومة ضيقة كونها الخيار الوحيد لمنع انتخابات عامة ثالثة في غضون عام واحد وهو خيار لا تريده أغلبية الإسرائيليين”. النائب العربي الذي فضل حجب هويته اكتفى بالقول إنه “قبيل انتهاء المدة القانونية المتبقية (أسبوعان) لغانتس لتشكيل حكومة سيضع الإسرائيليين أمام خيارين، إما انتخابات عامة جديدة في الربيع القادم أو حكومة ضيقة بدعم المشتركة”.
طريق رابين
في خطابه لم يذكر غانتس الفلسطينيين رغم حديثه المسهب عن السلام، واستذكر اتفاق وادي عربة مع الأردن، وقال إنه يقدم يد السلام لكل القادة العرب دون أن يقول كلمة واحدة عن سبب قتل رابين، وهو المفاوضات مع منظمة التحرير الفلسطينية بعد توقيع اتفاق أوسلو في 1993.
وهناك من يرى ذلك محاولة لتحاشي صرف نظر الإعلام والإسرائيليين عن تهم الفساد المنسوبة لنتنياهو واستبداله الحديث حوله بحديث عن مستقبل الصراع والعلاقات مع الشعب الفلسطيني.
يذكر أن غانتس وقادة “أزرق – أبيض” تجاهلوا ككتلة اليمين الشعب الفلسطيني وواقع الاحتلال والصراع واحتمالات التسوية في دعايتهم الانتخابية التي تمحورت حول قضايا حزبية وشخصية ويبدو أن ذلك تم لاعتبارات انتخابية.
وعشية المرحلة الحاسمة في انتظار قرار المستشار القضائي للحكومة حول تهم الفساد، يواصل نتنياهو التمترس خلف كتلة اليمين (55 نائبا من بين 120 نائب في الكنيست) التي تحافظ على وحدة أحزابها خلف قيادته.
من جهته جدد ليبرمان حملته على نتنياهو، وقال إنه يقود البلاد نحو جولة انتخابات جديدة، وقال في منشور على صفحته في فيسبوك إن حزبه عرض على “الليكود” صيغة لتشكيل حكومة وحدة، لكنه لم يتلق أي رد عليها رغم أنها تقضي بأن يكون نتنياهو رئيسها في الفترة الأولى.
الدين والدولة
وتابع ليبرمان: “نتنياهو بمماطلته يدفع إسرائيل نحو انتخابات ثالثة والشعب لن يسمح له، وهو يتحمل مسؤولية حالة الشلل الملازمة لإسرائيل”.
ونقلت الإذاعة الإسرائيلية عن جهات في كتلة اليمين قولها إنها تسعى لضم “يسرائيل بيتنا” بقيادة أفيغدور ليبرمان لائتلاف حاكم جديد، وذلك من خلال الضغط على حزبي المتدينين المتزمتين “يهودات هتوراه” و”شاس” ( الحريديم) لإبداء ليونة وتقديم تنازلات في القضايا المختلف عليها خاصة المتعلقة بالعلاقات بين الدين والدولة.
وعقّب رئيس حزب “يهدوت هتوراه” النائب الحاخام موشيه غفتي إن حزبه يرفض أي تسوية في قضايا الدين والدولة، حتى لو أثار ذلك غضب ليبرمان. يشار إلى أن نتنياهو فشل في تشكيل حكومة جديدة بعد انتخابات أبريل/نيسان الماضية لرفض ليبرمان إشراك “الحريديم” بالحكومة دون موافقتهم على عدة شروط، منها ما يتعلق بالعلاقة بين الدين والدولة، وبخدمتهم العسكرية في جيش الاحتلال.
حماقة سياسية
من جهتها اعتبرت رئيسة حزب “اليمين الجديد” وزيرة القضاء السابقة أييلت شاكيد جولة انتخابات ثالثة هي خيار سيئ لإسرائيل ولليمين. فيما قال زميلها وزير التعليم السابق نفتالي بينيت، إن انتخابات جديدة من شأنها أن تحطم كتلة اليمين لشظايا وتسبب خسارة اليمين للحكم.
أما وزير المواصلات عضو قيادة حزب “البيت اليهودي” باتسلئيل سموطريتش فقال إن تفكيك كتلة اليمين يعني حماقة سياسية كبيرة ستفضي لتشكيل حكومة يسار مؤيدة لاتفاق أوسلو الذي تسبب بكوارث كثيرة.
وتابع: “الانتخابات الجديدة سيئة لكن تفكيك اليمين وبناء حكومة أوسلو جديدة أكثر سوءا وعلى قادة أحزاب اليمين الإدراك أن الحاجز دون إقامة حكومة وحدة يتمثل بإصرار غانتس على إلغاء نتنياهو وليس وحدة أحزاب اليمين”.
يشار في هذا السياق إلى أن بعض خريجي المؤسسة الأمنية الإسرائيلية قد حذروا من وقوع اغتيال سياسي جديد في ظل الاستقطاب وتبادل التهم بين أقطاب السياسة المتصارعين على دفة الحكم.