الناصرة ـ ‘القدس العربي’ وجه محلل الشؤون العسكرية في موقع صحيفة ‘يديعوت أحرونوت’ على الإنترنت، (YNET)، رون بن – يشاي، صاحب الباع الطويل في المؤسسة الأمنية الإسرائيلية انتقادات لاذعة جدا لروسيا الاتحادية ولرئيسها فلاديمير بوتن، زاعما أنهما رفضا نقل الرسائل التي وجهها عبرهما رئيس الوزراء الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو، خلال زيارته الأخيرة إلى موسكو، إلى الرئيس السوري، د. بشار الأسد، الأمر الذي دفع القادة الأمنيين في تل أبيب إلى تغيير خطهم وموقفهم والانتقال من الدبلوماسية الهادئة، على حد تعبيره، إلى تهديد دمشق بصورة مباشرة، مؤكدا على أن هذه التصريحات لا تدور في فراغ، ولم تأت من فراغ، على حد وصفه.
وزعم أيضا أن تهديدات وزير الأمن، موشيه يعالون، وقائد هيئة الأركان العامة، بيني غانتس، وقائد سلاح الجو، الجنرال أمير أيشيل، كانت بمثابة دبلوماسية عامة إعلامية هدفها منع حصول تصعيد حربي بسبب ما أسماها بأخطاء في تقديرات الوضع وفهم النتائج من قبل الرئيس السوري د. بشار الأسد، على حد تعبيره.
وزاد قائلا إن تصريحات القادة المذكورين تتلخص في أن الدولة العبرية حذرت سورية من عدم مواجهتها، وأن أي تصعيد في هضبة الجولان العربية السورية المحتلة، أوْ نقل أسلحة نوعية لحزب الله، أوْ نقل أسلحة كيميائية إلى أياد أجنبية، سيتم الرد عليه من قبل إسرائيل بشكل هجومي، الأمر الذي سيُسبب لسورية أضرارا كبيرة جدا، وربما تؤدي في نهاية المطاف إلى إسقاط نظام الرئيس الأسد، مشيرا إلى أنه بهدف توفير الغطاء لمثل هذه التصريحات بادر جيش الاحتلال إلى رفع الجاهزية لردٍ رادعٍ وسريع وشامل، على حد قوله.
وساق بن يشاي قائلا إنه على الرغم من إدراك الدولة العبرية للأضرار الكبيرة التي ستلحق بها، وخصوصا العمق الإسرائيلي، نتيجة الهجوم على سورية، فإن هذا الأمر لا يُشكل لها رادعا لتفعيل قوة عنيفة على نطاق شامل، لكونها غير مستعدة لحرب استنزاف طويلة الأمد تتساقط فيها عشرات آلاف الصواريخ على الجبهتين الداخلية والعسكرية، بحسب المحلل، الذي أضاف أن السبب المباشر لهذه التهديدات من قبل المسؤولين المذكورين هو أن صناع القرار في تل أبيب باتوا على قناعة بأن الرئيس السوري لا يقرأ الوضع بشكل صحيح، كما أنه، أيْ الرئيس الأسد، يخطئ في تقدير النوايا الإسرائيلية.
وزعم المحلل الإسرائيلي أنه بموجب تقديرات استخبارية غربية فإن رجال الأمن في النظام السوري، في الدوائر المقربة من الأسد، لا ينقلون له كل الحقيقة، في الزمن الحقيقي، وكل الحقائق التي تحصل في بلاده، ويجعلونه يعتقد بأنه يستطيع التحرك بحرية وأن قدرته على البقاء كبيرة جدا أكبر مما هي عليه في الواقع، وبناء على ذلك، فقد تراكمت لدى الأسد كمية كبيرة من الثقة بالنفس، وأصبح مستعدا لشد الحبل مع إسرائيل أكثر من الماضي، على حد قوله.
وتطرق المحلل بن يشاي إلى قضية التدخل الإسرائيلي في ما أسماها بالحرب الأهلية الدائرة في سورية، وتحولها إلى لاعب في الحرب الدائرة بين القطبين، الروسي الأمريكي في بلاد الشام، وبحسبه، فإن هذه الخطوة جاءت بناء على طلب من واشنطن، زاعما أن الرئيس الأمريكي لا يستطيع العمل في سورية لأسباب سياسية أمريكية داخلية، ولذلك أطلق كلاب الهجوم الإسرائيلية على الأسد، على حد وصفه، بينما المقابل الذي تحصل عليه إسرائيل يكون في السياق الإيراني، وبحسبه فإن المستشارين في الحلقة الضيقة من الرئيس الأسد يجيبون على ذلك بالقول إنه يتحتم تشكيل تهديد مضاعف لردع تل أبيب، الأول تهديد المستوطنات الإسرائيلية في الجولان المحتل، والثاني تهديد الجبهة الداخلية بالصواريخ، علاوة على التهديد الروسي المتمثل بتزويد سورية بصواريخ حديثة من طراز SA300، على حد قوله. وتابع بن يشاي قائلا إن الدولة العبرية تراقب ذلك عن كثب، وتخشى من حصول تصعيد رغم أن الطرفين لا يرغبان بذلك، ولهذا السبب قرر يعالون وغانتس وإيشيل إطلاق رسالة علنية قاطعة ومفصلة لكي تصل مباشرة إلى الرئيس السوري بدون وسطاء أو محللين، باعتبار أنه في الظروف الحالية لا يمكن استخدام الدبلوماسية السرية التقليدية والناجعة.
وخلص بن يشاي إلى القول أنه بسبب عدم وجود أي مندوب أمريكي في دمشق، وعدم وجود وسطاء يُمكن الاعتماد عليهم، فلم يتبق أمام تل أبيب سوى اللجوء لروسيا للحصول على مساعدتها في نقل الرسائل، ولكن الروس، كما زعم، لديهم عادة نقل الرسائل بصياغة وتحليل يتماشيان مع المصالح الروسية، ويسيئان لمصالح واشنطن وتل أبيب، على حد قوله، وبحسبه فإن المصلحة الروسية تكمن في دفع الزبون إلى التمسك بالاعتقاد بأنه أمام هجوم كبير، وذلك بهدف زيادة تعلقه بإرساليات السلاح والمساندة السياسية الروسية، زاعما أن هذه الأمور سُجلت خلال الحرب الباردة مع الرئيس السوري الراحل حافظ الأسد، وأن الأمر عينه يتكرر مع الأسد الابن، وقال أيضا أن عدم ثقة تل أبيب بموسكو، كانت السبب وراء مبادرة المسؤول الإسرائيلي، الذي لم يُكشف النقاب عنه، في الولايات المتحدة للاتصال بصحيفة ‘نيويورك تايمز’ والإدلاء بتصريح قال فيه إن الدولة العبرية ليست معنية بضرب النظام السوري، ولكنها ستعمل على منع وصول أسلحة نوعية لحزب الله، ولكن المحلل لم يُشر لا من قريب ولا من بعيد إلى أن الناطق العسكري الإسرائيلي، الجنرال يوآف مردخاي، كان قد نفى نفيا قاطعا ما نُسب للمسؤول الإسرائيلي من تهديدات نشرتها الصحيفة الأمريكية المذكورة.