تحرر وادي الضيف ولحق به على وجه السرعة معسكر الحامدية وقبضات المعارضة تطبق الحصار ( الآن) على مطار أبو الضهور في ريف ادلب. برقيات الاستغاثة التي يطلقها ضباط (النظام) من داخل أسوار المطار يعود صداها ودون استجابة فقد فرغ ريف الساحل من شبابه وكذلك معظم مناطق سيطرة النظام، ولم تعد تلك الخزانات البشرية قادرة على الزج بدماء جديدة تبقي سلطات النظام قادرة على البقاء. أبناء الطبقة الأولى من أصحاب الحظوة ورؤوس الأموال والمناصب العالية في هرم النظام أصبحوا خارج البلاد بعد حصولهم على إيفادات أو بعثات أو مهمات خارجية، وببطاقات سفر (ذهاب فقط). أما أبناء أصحاب الطبقة الثانية وللتهرب من التجنيد أو دعوات الاحتياط في جيش النظام فقد اعتمدوا على الرشاوى أو التخفي للفرار من المحرقة التي وضعهم فيها النظام أو استطاعوا الهرب عبر زوارق بحرية خاصة أو عبر رحلات سفن الركاب التي تنطلق من مرفأي اللاذقية وطرطوس باتجاه مدينة مرسين التركية ومنها لأوروبا. أما من لا يسعفهم الحظ ويقعون في براثن النظام فيساقون إلى معسكرات الجيش ويزج بهم في المعارك ولكن سرعان ما يعودون إلى ذويهم محملين بتوابيت الموت. على امتداد الجغرافية السورية عانت قوات النظام من شبه انهيار عسكري فتقدم المعارضة في الجبهة الجنوبية وتحرير معظم القطعات العسكرية ومستودعات الأسلحة والذخيرة أصاب النظام بمقتل ولم يفلح وزير دفاع النظام (فهد فريج الجاسم) بوقف انهيار قواته هناك ولم تفلح أيضاً حركة الإعدامات التي طالت بعض الضباط والجنود بـ (تهمة التخاذل)، وقبل عودة (الوزير) حمل معه خبر سيطرة المعارضة على بلدة الشيخ مسكين ومساكن الضباط فيها.
الضربة القاسية الأخرى التي تلقاها النظام كانت بإنهاء تواجد قواته في ريف إدلب الجنوبي بعد تحرير المعارضة لمعسكر الحامدية وكافة الحواجز المحيطة بـوادي الضيف أو (وادي الذئاب) كما يطلق عليه محلياً، سيطرة المعارضة على تلك المنطقة أخلت بالمخططات العسكرية للنظام التي كانت تهدف إلى تقطيع أوصال المساحات المحررة عبر بؤر عسكرية تمنع تواصل جبهات المعارضة أيضاً في الشمال الشرقي لسوريا وما حول مطار دير الزور فوضع قوات النظام ليس بأفضل مما تعانيه في الجنوب وتخوض مع مقاتلي تنظيم الدولة معركة حياة أو موت وهي تدرك أن خسارة مطار دير الزور تعني الخروج نهائياً من كامل المنطقة الشرقية. وفي جبهة حلب فقوات النظام وحلفائه أخفقوا بمعركتهم الهادفة لتطويق حلب وباءت محاولاتهم بفشل ذريع اضطرهم للانكفاء للخلف مع تدعيم دفاعات بلدتي نبل والزهراء (الشيعيتين) خوفاً من سقوطها بيد المعارضة. هذا الواقع المأساوي الذي وصلت إليه قوات النظام وضعت الحليف الإيراني والروسي في حيرة من أمره، ووجدنا رئيس مجلس الشورى (البرلمان) الإيراني علي لاريجاني يطير على وجه السرعة إلى دمشق لاستقصاء الموقف هناك ومن ثم يغادر إلى بيروت لحض جماعة الضاحية الجنوبية على الزج بقوات إضافية لإنقاذ ما يمكن إنقاذه. الرئيس الروسي فلاديمير بوتين الذي عاد من تركيا بعد اجتماع مطول دام حوالي أربع ساعات ونصف مع صاحب الضيافة الرئيس التركي رجب طيب أردوغان قدم شرحاً كافياً ووافياً عن حقيقة ما يجري في سوريا دفعت بـبوتين إلى عزل سفيره في دمشق عظمات محمدوف وتعيين ألكسندر كينشاك بديلاً عنه تعبيراً عن غضبه من القراءة المغلوطة التي وٌضع قصر الكرملين فيها. التردي بأداء قوات الأسد أمام ضربات الثوار واندحاره في معظم المواجهات التي يخوضها مع قوات المعارضة يفسر عسكرياً بأحد خيارين: إما توقف الدعم عن نظام الأسد ووصول حلفائه لمرحلة اليأس من فائدة تقديم أي جرعات إضافية، أو أن شرايين النظام قد تقطعت ولم تعد تستفيد أو تمتلك القدرة على احتواء أي ضخ عسكري وبالتالي وصول الأسد لمرحلة الموت السريري كما وصفه سياسي لبناني مؤخرا. هذا الانهيار العسكري وهذا الانفلات بالسيطرة الذي تعاني منه قوات النظام نجم عن أخطاء وقعت بها منظومة القيادة التي يسيطر عليها قائد فيلق القدس الإيراني قاسم سليماني ومنها: تهميش دور معظم قادة قوات النظام وتنوع مراكز السيطرة وغرف القيادة والتخبط في القرارات المتخذة إضافة إلى النقص بالطاقات البشرية. ولتدارك هذا الوضع العسكري المتردي فقد أُنشأت وعلى عجل وكخطوات إسعافية العديد من الفصائل التي زج بها إلى جانب جيش النظام. فمن قوات الدفاع الوطني إلى وحدات الحماية الشعبية إلى المجموعات المناطقية والمحلية إضافة إلى الفصائل الحليفة القادمة من خارج الحدود كقوات الباسيج والحرس الثوري الإيراني وعناصر حزب الله اللبناني والكتائب الشيعية العراقية ( أبو الفضل عباس، عصائب أهل الحق وغيرها) إضافة إلى مرتزقة الهند وأفغانستان، هذا الخليط غير المنسجم والذي أعطي وتحت ضغط الحاجة إلى خدماته الكثير من الاستقلالية بالعمل والتقاسم بجغرافية السيطرة والتغاضي عن تجاوزاته مما أوجد محميات أمنية وجزر تشبيحية ودخلوا في تنازع صلاحيات بين تلك الفصائل وصلت لمرحلة الاشتباكات كما حصل في الفترة الأخيرة في مدينة يبرود عندما اندلعت اشتباكات قوية بين حزب الله وقوات الدفاع الوطني بعد اختطاف قائدهم من قبل عناصر حزب الله، وتلك حادثة من حوادث كثر نجمت عن خلافات في تقاسم المنافع أو السيطرة على مناطق النفوذ.
الروس والإيرانيون يبدو أنهم وصلوا لقناعة مفادها أن مرحلة بشار الأسد قد انتهت وتستحيل معها قدراتهم على إخراجه سليماً من غرفة الإنعاش والموت السريري الذي وصل إليه لكن روسيا تحاول الاستفادة من وجوده وفي اللحظات الأخيرة لاستثماره كـ (خيال المآتة) عبر الضخ بمبادرات حلول تدخلها في (بازار) سياسي لإنقاذ ما يمكن إنقاذه.
العميد الركن أحمد رحال
هذا أفضل تحليل عسكري قرأته عن حال عسكر نظام الأسد
وخاصة أنه أتى من مختص عسكري على دراية بالحالة السورية
شكرا لك عميد ركن أحمد رحال وأتمنى أن لا تحرمنا مستقبلا من تحليلاتك
ولا حول ولا قوة الا بالله
الفرس منذ بداية انتفاضة الشعب السوري كانوا على قناعة بانتهاء بشار ونظامه لكن عاملان مهمان جعلا التشبث به ودعمه للتتضاعف خسارتهم طوال هذه المدة، العامل اﻻول: قناعتهم بان الغرب وعلى رأسه امريكا لن يتدخل ﻻسقاط النظام خوفا على امن اسرائيل وخوف من انتقال شرارة الثورة الى حلفائهم العرب وكذلك وقوف الروس معهم في نفس الخط والتوجه وهو ما ثبت صحته بعد ذلك.
العامل اﻻخر: وهو ان الفرس ﻻيهمهم بشار بقدر ما يهمهم مشروعهم الذي عملوا على بنائه وانفقوا عليه المليارات ﻻ يمكن ان يضحوا به دون مقابل وهو ان يكون غي سوريا نظاما كالذي في لبنان والعراق يحفظ لهم مصالحهم وهو ما يعمل عليه الغرب والروس معهم حتى تكون الدول المحيطة بإسرائيل ضعيفة وهذا حتى اﻻن لم يتحقق بسبب المعارضة المسلحة التي تعارض ذلك رغم التضحيات الجسيمة والمؤامرات التي تحاك ضدها من اصدقاء السعب السوري
الجيش السوري كلما انسحب من موقع الا ووضع خطة لاعادته او نصب كمينا لاعدائه .. لانه يخطط لحرب طويلة الامد الغرض منها انهاء شراذم المرتزقة من دجاج الكهرباء الوافدين من كل اصقاع العالم لمحاربه قوى الممانعة نزولا عند رغبة اليهود …
قلوبنا مع “ثورة الأخلاق” التي ترويها دماء الشرفاء في سوريا ضد مافيا الحكم .. ونرجو أن تكون رؤية العميد العسكرية صحيحة، حيث أن الوقائع على الأرض أثبتت أنها ليست مع التمنيات طيلة سنوات أربع ..