اطردوهم من لغة العرب

حجم الخط
22

إلى أين يقودنا ما تبقى من أشلاء النظام الإقليمي العربي؟
في المنامة، سوف يجتمع الأغنياء كي يبيعوا وطن الفقراء، في مؤتمر أو ورشة عمل أطلقوا عليها اسم «السلام من أجل الازدهار».
أي الأرض العربية في فلسطين مقابل المال النفطي العربي.
هذه هي الإشارة الأولى في مُسلسل صفقة دونالد ترامب مع إسرائيل.
ترامب أعطى إسرائيل القدس والجولان، وغداً سيعطيها ستين بالمئة من أراضي الضفة الغربية.
هذا واضح، فالإنجيليون والمسيحيون الصهاينة القياميون يمسكون من خلال تاجر العقارات بقرني الثور الأمريكي الهائج، ويدفعون به إلى سياسة عمياء أشدّ تصهيناً من الصهاينة.
فحين يتحالف حمقى الرؤى الدينية الدموية مع رأسمالية متوحشة تواجه أزمة تراجعها في العولمة، نصل إلى الفاشية أو ما يشبهها.
نتنياهو وحلفاؤه الذين يؤسسون لإسرائيل ثانية عنصرية دينية وفاشية، يسعون إلى إبادة القضية الفلسطينية. وهذا متوقع، وشهد العالم نماذج متعددة منه زمن الكولونياليات الاستيطانية التي وصلت إلى ذروتها في نظام الأبارتايد الأبيض في جنوب أفريقيا.
ولكن ما علاقة النظام العربي المتهالك بالموضوع؟
«أنتم» ليست «نحن»، فلقد رسمت ثورات الربيع العربي الخط الفاصل بين مواطني العالم العربي البائسين وحكامهم الفاشست أو العسكر أو ملوك النفط والتأسلم الرجعي المتزمت والدموي الذي نشأ بأموال النفط. وهو خط مرسوم بالدم والدموع والمنافي والدمار.
من طلب منكم أن تفاوضوا عن فلسطين؟
أنتم تستغلون فَلَسْطَنة شعوب المشرق العربي من أجل أن تبيعوا فلسطين.
أنتم تتحملون بالشراكة مع العسكريتاريا والمافيا والتدعوش مسؤولية هذه الفَلَسْطنة الشاملة، وبدل أن تُحاسبوا على جرائمكم وتوحشكم، تأتون اليوم لتبيعوا ما لا علاقة لكم به.
ما هذه اللعبة التي تشتري الانقسام في غزة وتضغط على رام الله من أجل توقيع صك الخنوع؟ وكل ذلك له هدف واحد هو حماية العروش عبر تبدبد المال.
هل تعتقدون أن الأمريكيين والإسرائيليين سيشتغلون مرتزقة لحسابكم، في معركتكم الحمقاء ضد تمدد النفوذ الإيراني؟
هل تعتقدون أن ترامب، الذي أهانكم مرات عديدة في أعزّ ما تملكون، أي في ثرواتكم التي لم تكن يوماً إلا بدداً، هل فعلاً تؤمنون أنه مجرد أجير يعمل لحسابكم؟
وهل تعتقدون أن الجيش الإسرائيلي لن يكون عنده سوى همّ واحد، هو الدفاع عن ممالككم وإماراتكم ونفطكم وعزكم؟ شرط أن تساعدوه على شطب همه الفلسطيني أولاً؟
هل صدقتم كذبتكم بأنكم قوى عظمى، تستطيع احتلال اليمن والتدخل في الشأنين السوداني والجزائري، والتلاعب بمصير العرب؟
هل تعرفون بأي عين ينظر إليكم الرئيس الأمريكي والمحتل الإسرائيلي؟

افعلوا ما تشاؤون، بددوا ثروات الطبيعة، وارقصوا مع الأمريكي، وأقيموا مناورات عسكرية مع الإسرائيلي. خذوا وزراء إسرائيل لزيارة المساجد مثلما فعلتم مع الوزيرة العنصرية ميري ريغيف، فليرفرف علم نجمة داود في صحرائكم، اغروا أسيادكم بالدخول في حرب مدمرة وحمقاء ضد إيران.

كونوا كما تريدون، ولكن لا تقتربوا من أرض فلسطين.
أرض فلسطين قدستها دماء الشهداء والضحايا، وهي ليست للبيع في مزادات العار.
افعلوا ما تشاؤون، بددوا ثروات الطبيعة، وارقصوا مع الأمريكي، وأقيموا مناورات عسكرية مع الإسرائيلي. خذوا وزراء إسرائيل لزيارة المساجد مثلما فعلتم مع الوزيرة العنصرية ميري ريغيف، فليرفرف علم نجمة داود في صحرائكم، اغروا أسيادكم بالدخول في حرب مدمرة وحمقاء ضد إيران. افعلوا ما تشاؤون، لكن إياكم أن تشاؤوا لنا.
نحن لسنا أنتم.
حاربتم العروبة بالمؤتمر الإسلامي وبالجيش الإسرائيلي، عروبتكم الجديدة المتأمركة والمتأسرلة جاءت بعد فوات الآوان.
فات فيكم الأوان، فأنتم لستم سوى دمى إسرائيلية وأمريكية.
ارقصوا للأمريكي، ادفعوا أكثر، انبطحوا كما تريدون، لكن لن نسمح لكم بأن تشاؤوا لنا.
الخدعة واضحة، هؤلاء المخدوعون يعتقدون أنهم يخدعون الأمريكان والإسرائيليين.
يا لبؤسهم وذلهم!
الأمريكان والإسرائيليون سيحلبونهم حتى آخر قطرة نفط وآخر قطرة دم عربية، ثم يرمونهم إلى المصير الذي يستحقون.
يجب طردهم من لغتنا.
اطردوهم من «لسان العرب»، ومن الصرف والنحو.
لا مكان لهم في إعرابنا.
اطردوهم من بحور الشعر وإيقاعات النثر.
اطردوهم من مُثنّى امرئ القيس.
اطردوهم من ظلالنا.
انتهت اللعبة، وماتت لغتهم.
هل لمن لا يمتلك سوى لغة ميتة الحق في أن يبيعنا ويشترينا؟
ما سيجري في البحرين ليس صفقة بل خدعة، وليس سلاماً بل نهاية لزمن عربي كامل تجرجر فوقنا سبعين عاماً وآن لنا أن نطرده من زمننا.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

  1. يقول نظير حسن النصراوي:

    الاستاذ العزيز
    غضبك وسخطك واضح ويجب تقديره
    ولكن سيدي الامر ليس بالحكام والسلاطين والرؤساء والنظام العربي
    العله بمن هم المجتمع المدني فهاك ذالك الكاتب يخلو الى صديقه الاسرائيلي الضابط بجيش الاحتلال ثم يصنع عنهم فيلم قصة محبه بين الأعداء، رغم ان العربي ( لا ادري ان كان عربيا ولكنه من دوله تعرف نفسها ذات وجه عربي)لم يكن يوما عدوا لإسرائيل ويفلسطن شخصيته
    ماذا أقول لك العزيز الاستاذ الياس الخوري فقط المخفي اعظم وكما يقال اللي بيته من زجاج ما يرمي عن الناس حجاره ولا يعمل افلام عن علاقته بالصهاينة او يسارهم
    نرجو ان تكتب المزيد عن ما تعرفه عن هؤلاء!

  2. يقول علي النويلاتي:

    المهزلة هي أن النظام السعودي واللإمارراتي يريدون أن يبرطلوا للفلسطينيين للتخلي عن وطنهم ليعطوه للإسرائيليين! أليس هذا في قمة العمالة والخيانة والإنحطاط؟

  3. يقول محمد الجزائري:

    نتكل نحن على الشعوب لانها لاتنسى اما هم فالى مزبلة التاريخ مصيرهم .ولا يضيع حق وراءه مُطالب ، فكما نزعنا مقولة اسرائيل من النيل الى الفرات ، سوف نلغي نظرية ما حدث للهنود الحمر من الامريكيين ،ان تفعلوه مع الفلسطنين في ارص الشهداء .

  4. يقول سعد الحمداني:

    كلام له وقع احد من السيف لكن جلود ولحوم وأعصاب الحكام الجرب قد اصبحت مخدرة لا تشعر بالم

  5. يقول ابو اسلام:

    مقال رائع وكلمات تخرج من صميم القلب وما هي الا حسرة في القلب والنفس لما حل بنا.
    انا اشكرك على هذه المقاله الجميلة وهذه الكلمات القوية المعبره عن آخر انفاس العربي.
    اما آن اوان العرب لكي يستذكروا الماضي القريب البعيد.
    فليتذكروا الاندلس وآخر معاقلها غرناطه ،كم من الوقت احترم الإسبان اتفاقهم مع امير بني الاحمر وماذا حصل للمسلمين بعدها.
    الم يدرك العرب بعد ماذا يحصل في العالم اليوم ولماذا هذا الخنوع وهذا الذل لكل الأمم.
    لا حول ولا قوة الا بالله

  6. يقول سامح //الأردن:

    *حتى لا نظلم جميع حكام (العرب )
    من مهزلة ورشة المنامة السخيفة..
    *ثلاث دول فقط أساسية مع بيع
    (فلسطين ) للعفاريت ما تفرق عندهم..
    هذه الدول هي(السعودية والامارات ومصر ) باقي الدول إما معارضة
    أو مترددة أو مجبرة وتحضر رغما عنها.
    *عموما يبقى الأمل كبير بشعب
    فلسطين الصابر الأبي ومعه كل
    شرفاء الوطن العربي والعالم.

  7. يقول سوري:

    مؤتمر البحرين هو القطرة التي ستطفح منها الكأس، وقطرة الماء التي ستهدر أنهارا من الدماء، ما كل ما يتمنى الصهيو أمريكي والأعاريبي يدركه، هي معركة مصير، هي حرب الوجود واللاوجود، هي البدء في أول خطوة إلى باب جهنم الذي سيفتح على مصراعيه
    وسيحرق الاخصر قبل اليابس وقد تحرق النار يوما موقد النار

  8. يقول Omar ramadan:

    صحيح
    بقي من عروبة هؤلاء اللغة.
    و بقي من انسانيتهم الشكل..
    انهم لدوات احتلتل و تخريب و قتل و عمالة. الامثلة بكل الاماكن و الاوقات لمن اراد التفكر.. و يجب على الشعوب مناهضتهم و لفظهم اذا ارات ان لا تستنسخهم و صفاتهم السيئة..

  9. يقول خليل ابورزق:

    في كامب ديفيد رفعوا شعار الازدهار مقابل السلام بل و اعطوا الارض و لو بدون سيادة لمصر مقابل معونات سنوية ضخمة و تشدق السادات انها آخر الحروب و انه لن تكون حروب بعد اليوم وان مصر ستتفرغ للتنمية و الازدهار سيناء ارض الفيروز سيتم بنائها و كانت النتيجة ما نرى و هي افلاس مصر و تراجعها في كل المؤشرات
    الدروس المستفادة:
    1- ما ترك قوم الجهاد الا ذلوا
    2- التنمية لا تتم بالمنح و الصدقات و لا المصانع و لا الموانئ و لا المناطق الحرة..التنمية تتم بالحرية..التنمية الحقيقية تحتاج الى رؤية ثاقبة و موارد بشرية و ارادة حرة و ادارة جيدة. و اهم مصانع الموارد البشرية هو التعليم و البحث.
    3- 3- وجود اسرائيل ذاته هو المشكلة لان وجودها معناه قبول سيف للغرب مسلط على رقبة الشرق لضمان ابقاء الشرق تحت السيطرة.. وهذه هي المشكلة… لا يوجد حل الا بزوال اسرائيل الاصطناعي و يمكن ان يكون ذلك مرحليا بحل الدولة الواحدة التي يتمتع فيها جميع مواطنيها بحقوق متساوية

  10. يقول Naila:

    سلم قلبك الذي خطّ وسطّر هذه النثر العربي الوطني الاصيل .
    دمت لنا .

1 2 3

إشترك في قائمتنا البريدية