طرابلس – «القدس العربي»: قال تقرير صادر عن صحيفة “كاثيميريني” اليونانية إن حكومة الوحدة الوطنية اعترضت على قيام اليونان بأعمال تنقيب غير قانونية جنوب كريت في مناطق تابعة لليبيا.
وحسب الصحيفة، فإن الاعتراض كان عبر رسالة أرسلت إلى السفير اليوناني في طرابلس، نيكوس غاريليديس، قبل وقت قصير من الاجتماع بين رئيس الوزراء اليوناني كيرياكوس ميتسوتاكيس والرئيس التركي رجب طيب أردوغان في أنقرة، “ما يثير الشكوك حول وجود دور تركي في هذه القضية”.
وأوضحت مصادر يونانية لـ”كاثيميريني” أن السفارة تلقت مذكرة شفوية بشأن التنقيب الذي جرى جنوب كريت، موضحة أنه “سيتم الرد عليها بشكل مناسب في الأيام المقبلة من قبل وزارة الخارجية اليونانية”.
وأشارت المصادر إلى أن رد أثينا سيكون بشكل أساسي لتسجيل رد فعلها، وليس الاعتراف بأي أساس “للادعاءات الليبية”.
وحسب الصحيفة اليونانية، فإن الاعتراض الليبي يأتي تعليقاً على المسوحات الزلزالية التي أنجزتها السفينة النرويجية “رامفورم هايبريون” قبل أسابيع، حيث تشكك حكومة الوحدة الوطنية في حدود المياه الإقليمية التي تستخدمها اليونان في المناطق البحرية غرب وجنوب غرب كريت (بموجب قانون يانيس مانياتيس 4001/2011)، والذي يقرر، في غياب اتفاق بين أثينا وطرابلس، بأخذ الخط المتوسط كحد أقصى.
وفي عام 2019، لجأت اليونان إلى الأمم المتحدة، كما طلبت من الاتحاد الأوروبي فرض عقوبات على تركيا، لإبرامها اتفاقاً مع ليبيا بشأن ترسيم الحدود البحرية بين البلدين، في حين أكد الرئيس التركي رجب طيب أردوغان على أهمية الاتفاق في ما يتعلق بالتنقيب عن الثروات الطبيعية في شرق البحر المتوسط، وجدد استعداد أنقرة لإرسال قوات إلى ليبيا في حال طلبت ذلك حكومة الوفاق الوطني الليبية.
ووجهت اليونان رسالتين إلى الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش ومجلس الأمن الدولي عرضت فيهما أسباب اعتراضها على مذكرة التفاهم التي أبرمتها تركيا وليبيا في 27 تشرين الثاني/نوفمبر الماضي بشأن تحديد مناطق النفوذ البحرية بين البلدين.
وفي السياق، قال رئيس الوزراء اليوناني كيرياكوس ميتسوتاكيس، إن الاتفاق التركي الليبي يلغي من الخريطة بعض الجزر اليونانية، وإن الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي ومصر وإسرائيل أدانته.
وترسم مذكرة التفاهم التركية الليبية ممراً مائلاً من الحدود البحرية عند أقرب النقاط بين ليبيا وتركيا، وفي ذلك الوقت نشرت صحيفة “دايلي صباح” التركية خريطة تتضمن حدوداً للنطاق المشمول بتحديد النفوذ البحري التركي الليبي.
ويسمح الاتفاق البحري لأنقرة بتأكيد حقوقها في مناطق واسعة شرق البحر المتوسط، وهو ما يثير استياء اليونان والاتحاد الأوروبي.
وصادق البرلمان التركي على مذكرة تحديد مناطق الصلاحيات البحرية مع ليبيا في 5 كانون الأول /ديسمبر 2019، ونُشرت بعد يومين في الجريدة الرسمية للدولة التركية.
في المقابل، ساعدت تركيا عسكرياً حكومة طرابلس في صد هجوم منتصف عام 2020 على العاصمة شنه اللواء المتقاعد خليفة حفتر.
وفي مقابل التصعيد الدبلوماسي من قبل اليونان، قال الرئيس التركي إن اليونان ومصر وإسرائيل لا يمكنها التنقيب في البحر المتوسط دون إذن تركيا بعد توقيع مذكرة التفاهم التركية الليبية بشأن رسم الحدود البحرية.
وفي عام 2022 وقعت حكومة الوحدة الوطنية الليبية برئاسة عبد الحميد الدبيبة اتفاقاً مبدئياً مع تركيا بشأن التنقيب عن النفط والغاز، ما دفع اليونان ومصر لإعلان معارضتهما مجدداً لأي نشاط في “المناطق المتنازع عليها” شرق البحر المتوسط.
وقوبل الاتفاق بالرفض أيضاً من البرلمان الليبي الذي يتخذ من شرق البلاد مقراً له، ويدعم حكومة بديلة برئاسة فتحي باشاغا في ذلك الوقت.
وقال وزير الخارجية التركي مولود جاويش أوغلو، ووزيرة الخارجية الليبية نجلاء المنقوش السابقة، في حفل أُقيم في طرابلس، إن الصفقة واحدة من عدة اتفاقات ضمن مذكرة تفاهم حول قضايا اقتصادية تهدف إلى استفادة البلدين.
يعتبر تحديد مناطق الصلاحيات البحرية مسألة بالغة الأهمية لوجود ثروات هيدروكربونية (نفط وغاز طبيعي) في منطقة شرق المتوسط التي تتجاور فيها سوريا ولبنان وإسرائيل ومصر وليبيا واليونان وجمهورية شمال قبرص التركية والإدارة القبرصية الجنوبية مع تركيا.
وبالرغم من عدم حل القضية القبرصية، فإن الإدارة الجنوبية أبرمت اتفاقيات حدودية بحرية مع كل من مصر في 2003 ولبنان في 2007 وإسرائيل في 2010، متجاهلة الحقوق المشروعة للقبارصة الأتراك.
واعترضت تركيا على هذه الاتفاقيات لأسباب عديدة، لا سيما انتهاكها لحقوق الجرف القاري.