القاهرة ـ «القدس العربي»: ألقت أجهزة الأمن المصرية القبض على رجل الأعمال، حسن راتب، بتهمة تمويل عمليات تنقيب عن آثار في القضية المتهم فيها أيضاً البرلماني السابق علاء حسنين.
وقالت مصادر أمنية إن قرار الضبط جاء تنفيذا لقرار النيابة العامة، بعد إقرار شقيق علاء حسانين المتهم الثاني في القضية، بأن راتب كان يمول عملية التنقيب عن الآثار منذ عدة سنوات بملايين الجنيهات، ومسؤولا أيضا عن بيعها خارج مصر.
وكانت أجهزة الأمن ألقت قبل أيام القبض على 17 شخصا كوّنوا فيما بينهم تشكيلا عصابيا يقوده النائب السابق علاء حسانين، لتنفيذ عمليات تنقيب عن آثار في عدة مناطق.
وعثرت قوات الأمن على 201 قطعة أثرية مع المتهمين، وعلى أماكن الحفر والمخازن المستخدمة للإيهام بأنها مقابر أثرية تم استخراج الآثار منها، وجاء من أبرز المضبوطات 36 تمثالا، و52 عملة مختلفة، كما تم ضبط العديد من الأدوات التي استخدمها المتهمون في التنقيب عن الآثار.
ومن بين القطع الأثرية التي ضبطتها الأجهزة الأمنية، 2 لوح خشبي لتابوت منقوش بالهيروغليفية، و36 تمثالا مختلفة الأطوال من 8سم، إلى 12 سم، وعدد 4 تماثيل أشابثي نصفي، تمثال خشبي طوله 40 على هيئة أوزورية، و2 تمثال من البرونز أحدهما مكسور الرأس ورأس تمثال صغير الحجم من البرونز وتمثال خشبي طوله حوالى 10 سم، وتمثال حجري منقسم لجزأين وتمثال لمهرج يرجح أن يعود للعصر اليوناني وتمثال حجري من الفخار، و52 عملة مختلفة الأشكال يرجح أن تعود للعصور اليونانية والرومانية، و6 عملات من البرونز يرجح أن تعود للعصر اليوناني.
كما ضبطت الأجهزة الأمنية 3 إبر جراحية يرجح أن تعود للعصر الإسلامي، وعقودا فيها مجموعة من التمائم تمثل آلهة مختلفة ومجموعة أخرى من التمائم، و3 قطع حجرية مدونة عليها نقوش فرعونية.
وحسن راتب، رجل أعمال مصري، تتركز استثماراته في سيناء خاصة محافظة شمال سيناء، حيث يمتلك مصنعا للإسمنت وجامعة سيناء ومؤسسة تنمية سيناء ومدينة سما سيناء، وكان صاحب ثاني تجربة لإنشاء قناة فضائية مستقلة في مصر تحمل اسم المحور عام 2001.
وفي مارس/ آذار الماضي، كشف الإعلامي والبرلماني مصطفى بكري عن تفاصيل بيع قناة المحور التي كان يمتلكها راتب.
وحسب بكري، فقد تمّ بيع قناة المحور وفقا لما يلي: 50٪ لعضو مجلس الشيوخ عن حزب مستقبل وطن ورئيس جمعية من أجل مصر، محمد منظور، و38٪ لإحدى الجهات الإعلامية الرسمية (لم يذكر اسمها) و12٪ للنايل سات ومدينة الإنتاج الإعلامي.
علاقات راتب
وأثار القبض على راتب الذي عرف بعلاقاته برجال دين، على رأسهم الشيخ الراحل محمد متولي الشعراوي، ومفتي مصر السابق علي جمعة، جدلا واسعا على مواقع التواصل الاجتماعي.
جدل على مواقع التواصل لعلاقته مع رجال دين
واحتل وسم «حسن راتب» قائمة الوسوم الأعلى تداولا في مصر على موقع التغريدات «تويتر».
ففي الوقت الذي اعتبر البعض أن علاقاته برجال الدين كانت محاولة لإخفاء نشاطه في مجال التنقيب عن الآثار وتهريبها، اعتبر آخرون أن القبض عليه محاولة للانتقام منه بعد رفضه بيع عدد من ممتلكاته لرجال أعمال محسوبين على النظام الحاكم.
ويمثل ملف الآثار المهربة في مصر أحد أهم الملفات الشائكة للسلطات المصرية، إذ أن 32 ألفا و638 قطعة أثرية اختفت من مخازن وزارة الآثار المصرية على مدار عدة عقود، طبقا لما أعلنته الوزارة بشكل رسمي، هذا بالطبع بخلاف عمليات التنقيب خارج القانون التي تسفر عن اكتشاف آلاف القطع الأثرية التي يتم تهريبها دون تدوينها في سجلات الوزارة.
استعادة آثار من فرنسا
وتمكنت السلطات المصرية حسب بيان للنيابة العامة أمس الأول الإثنين، من استعادة 124 قطعة أثرية سبق تهريبها إلى فرنسا.
وقالت النيابة المصرية في بيان: كانت تحقيقات النيابة العامة في القضية التي استُرِدَّت فيها تلك القطع بدأت منذ عام 2019، حيث أَبلغ فَرنسي الجنسية، سفارةَ جمهورية مصر العربية لدى فرنسا، باقتناء فرنسيٍّ – متوفى- القطع الأثرية في مسكنه في باريس بعد دخولها بطريقة غير مشروعة، وأُخطِرت النيابة بالواقعة، وباشرت إجراءات التحقيق، وكذا اتخذت سبل التعاون القضائي الدولي مع السلطات القضائية الفرنسية، وأُلقي القبض على فرنسي في البلاد ومصريَيْنِ اثنين شاركوا في الواقعة، وكانوا على صلة بالمتوفى، فاستُجوبوا فيما نُسب إليهم من اتهامات، وانتهى التنسيق بين السلطتين القضائيتين إلى تعاون مثمرٍ أسفر عن وقف التعامل إزاء القطع الأثرية سواء بالبيع أو بأي صورة أخرى، وردها إلى الدولة المصرية».
وعادة ما تتضمن القضايا المتعلقة بتهريب الآثار أسماء شهيرة في مصر، وكانت أشهر القضايا خلال الفترة الأخيرة، القضية التي عرفت إعلاميا بقضية «الحاويات الدبلوماسية» التي تعود إلى مايو/ أيار 2018، حين كشفت وسائل إعلام إيطالية ضبط السلطات الإيطالية سفينة تحمل حاويات فيها قطع أثرية مصرية نادرة آتية من ميناء الإسكندرية.
وذكرت وزارة الآثار المصرية في حينه أن شرطة مدينة نابولي في إيطاليا ضبطت حاويات تحتوي على قطع أثرية تنتمي لحضارات متعددة، من بينها قطع تعود للحضارة المصرية القديمة.
وأضافت أن القطع الأثرية عثر عليها في حاويات دبلوماسية في ميناء سالرنو في إيطاليا.
وأسفرت التحقيقات وقتها عن إدانة عدد من أعضاء البعثة الدبلوماسية للسفارة الإيطالية السابقين في القاهرة، وبطرس رؤوف، شقيق يوسف بطرس غالي، وزير المالية والاقتصاد في عهد الرئيس الأسبق حسني مبارك، ونجل شقيق الأمين العام السابق للأمم المتحدة بطرس بطرس غالي مع شركاء إيطاليين، بالتورط في تهريب قرابة 22 ألف قطعة أثرية من ميناء الإسكندرية. وقررت محكمة النقض، تأجيل طعن شقيق بطرس غالي على حكم سجنه 15 سنة في واقعة اتهامه بتهريب الآثار الكبرى إلى أوروبا، لجلسة 4 نوفمبر/ تشرين الثاني المقبل.
يذكر أن محكمة جنايات القاهرة المنعقدة في عابدين، قضت في وقت سابق، بمعاقبة بطرس رؤوف بطرس غالي، بالسجن المشدد 30 عاما وتغريمه 6 ملايين جنيه، لاتهامه بالقضية.
وكانت المحكمة قضت بمعاقبة القنصل الفخري السابق لدولة إيطاليا في الأقصر، لاديسلاف سكاكال أوتاكر، بالسجن المشدد 15 عاما «غيابيا» وبغرامة مليون جنيه.