اعتمادا على نموذجي مصر والجزائر بوتين يستقطب الدول عبر بيع الأسلحة النوعية لضرب هيمنة الغرب

حجم الخط
13

توظيف بوتين للسلاح كعامل إغراء لجلب اهتمام الدول واستقطابها إلى فلك روسيا على طريقة الحرب الباردة يهدف أساسا إلى تحقيق هدف الكرملين الرئيسي هو إضعاف هيمنة الغرب على العالم.

لندن ـ «القدس العربي»: كشف الرئيس الروسي فلاديمير بوتين عن استراتيجية جديدة لاستقطاب الدول إلى صف بلاده خاصة في ظل التطورات الجيوسياسية التي يشهدها العالم في أعقاب الحرب في أوكرانيا، وتقوم على مخطط موسكو بيع أسلحة متطورة ونوعية إلى الدول الصديقة لكي تبتعد عن هيمنة الغرب. وهي تكملة لاستراتيجية سابقة طرحها منذ سنوات حول ضمان الأمن القومي للدول الصديقة في حال تعرضها لاعتداء خارجي.

وكشف بوتين عن الاستراتيجية الجديدة خلال افتتاح المعرض السنوي للأسلحة الروسية بداية الأسبوع الجاري. وشددت روسيا على ذلك خلال مؤتمر موسكو للأمن الدولي وهو منتدى مخصص للتباحث حول القضايا العالمية لاسيما من الناحية العسكرية. واطلعت الوفود المشاركة والقادمة من 80 دولة أفريقية وآسيوية ومن أمريكا اللاتينية على آخر ما توصلت إليه الصناعة العسكرية الروسية، لاسيما التي دخلت الخدمة في الجيش الروسي ويتم الترخيص بتصديرها في حين لا يتم استعراض بعض الأسلحة التي تدخل في نطاق السرية.
وخلال هذا المنتدى، قال بوتين «مستعدون لنقدم لحلفائنا أحدث أنواع الأسلحة؛ من الأسلحة الصغيرة، إلى المركبات المدرعة والمدفعية، إلى الطائرات الحربية والطائرات المسيرة» وتابع قائلا «في جميع أنحاء العالم، يُقدّر الخبراء (هذه الأسلحة) لموثوقيتها ونوعيتها وفعاليتها الكبيرة خصوصًا؛ إذ وُظّفت جميعها تقريبًا عدة مرات في ظروف قتالية عديدة. هذا المنتدى سيتيح الفرصة للتعرف على الذكاء الاصطناعي والمدارس العلمية والتصميمية». وفي نقطة تستهدف استقطاب الدول التي ترغب موسكو في تطوير العلاقات معها، أوضح زعيم الكرملين «هناك روابط قوية تجمع موسكو بدول من أمريكا اللاتينية وآسيا وأفريقيا، وهي دول لا تنحني أمام ما تسمى بالهيمنة (الغربية) وأن قادتها يظهرون رجولة حقيقية». وكان يشير بذلك إلى رفض عدد من الدول إدانة الحرب الروسية ضد أوكرانيا رغم ضغوطات الغرب.
ويأتي هذا المنتدى وأساس هذه الاستراتيجية بعد مرور قرابة ستة أشهر على الحرب التي تخوضها روسيا ضد أوكرانيا، وترتب عنها دخول العالم مرحلة جديدة، حيث تبحث معظم الدول على تعزيز قوتها العسكرية في ظل تهافت كبير على سوق السلاح. وارتباطا بهذا، تتجلى استراتيجية موسكو في بيع أسلحة نوعية إلى الدول التي ستتقرب من روسيا وتقيم معها علاقات استثنائية، وتحاول موسكو استغلال نواقص سياسة بيع الغرب السلاح إلى دول غير غربية. ارتباطا بهذه النقطة، عندما تبيع الولايات المتحدة ودول أخرى مثل فرنسا وبريطانيا أسلحة إلى دول ثالثة غير غربية تكون نسخ العتاد العسكري ثانوية لا تتوفر على مزايا السلاح الغربي. مثلا، يوجد فرق كبير بين مقاتلة أمريكية من نوع ف 16 أو ف 15 تعمل في سلاح الجو الأمريكي وتتمتع بخصائص جد متطورة مقارنة مع المقاتلة نفسها التي جرى بيعها إلى دول عربية أو آسيوية وبها خصائص محدودة. وعليه تقوم استراتيجية موسكو على ما يلي:
في المقام الأول، تقديم أسلحة متطورة ونوعية مع الصيانة والمعدات بل حتى إمكانية تصنيع الذخيرة في البلد المشتري حال تطوير العلاقات، وكل هذا بأسعار رخيصة مقارنة مع أسعار السلاح الغربي. ومن باب المقارنة، مقاتلة روسية مشابهة لمقاتلة أمريكية من حيث الجودة وربما امتيازات أخرى تساوي تقريبا ما بين النصف وثلثي سعر الأمريكية.
في المقام الثاني، تقدم روسيا ضمانات مسبقة بأنها طبقت هذا الالتزام مع عدد من الدول التي تقف في صفها أو على الأقل تتبنى مواقف غير متحيزة للغرب. وبالتالي، أصبح في القاموس الروسي العسكري أن كل دولة تطور العلاقات مع موسكو يعني حصولها على الأسلحة الروسية المتطورة.
ارتباطا بالنقطة الأخيرة، إلى جانب الصين والهند أكبر زبونين للسلاح الروسي، باعت موسكو أسلحة نوعية ومتطورة لثلاث دول وهي تركيا التي اشترت منظومة الدفاع الجوي الشهير إس 400. وتعد تركيا مثالا رئيسيا، فرغم عضويتها في الحلف الأطلسي، فقد نسجت حوارا سياسيا مثمرا مع موسكو انتهى بقرار الأخيرة بيعها إس 400 وربما مقاتلات سوخوي 35 مستقبلا.
وتوجد الحالة المصرية التي اقتنت عددا من المقاتلات الروسية المتطورة وعلى رأسها سوخوي 35 حيث فضّلتها على إف 15 الأمريكية. وكانت مصر قد طلبت من البنتاغون اقتناء هذه الطائرات منذ أكثر من 30 سنة، لكن واشنطن كانت ترفض دائما، وبمجرد مصادقة روسيا على طلب مصر سوخوي 35 بادرت واشنطن إلى المصادقة على الطلب المصري، لكن القاهرة لا ترغب في المقاتلة الأمريكية الآن. وكانت واشنطن تتهرب من بيع مصر هذه الطائرات حتى لا تشكل خطرا على إسرائيل، وهذا دفع وزارة الدفاع المصري الرهان على السلاح الروسي. وتراهن القاهرة على تغيير جذري في سياسة صفقات الأسلحة بالتخلي التدريجي عن السلاح الأمريكي والتوجه نحو السوق الصينية والروسية.
وتبقى الجزائر المثال الأبرز لهذه الاستراتيجية التي ترغب روسيا استقطاب دول جديدة، ونظرا لمتانة العلاقات بين موسكو والجزائر، ووجود هذه الأخيرة قريبة من الغرب وقلقة من سياسته، فقد حصلت الجزائر على أهم الأسلحة الروسية ومنها أسراب من طائرة سوخوي 30 وأنظمة الدفاع الجوي إس 300 وإس 400 وصواريخ إسكندر وتجهيز الغواصات بصواريخ كاليبر وبتقنيات لا تتوفر سوى لخمس دول في العالم، وهي الضرب بالصواريخ من قاع البحر. وحصلت الجزائر على هذه التقنية سنة 2019 بينما لم تحققها فرنسا سوى سنة 2021 ولا تمتلكها دول عريقة في سلاح البحر مثل إسبانيا وإيطاليا.
في غضون ذلك، هذه الاستراتيجية الجديدة تعتبر في العمق تكملة لاستراتيجية وضعتها موسكو سنة 2018 حيث كان الرئيس بوتين قد تعهد يوم 1 اذار/مارس 2018 خلال تقديم مجموعة من الأسلحة الجديدة واصفا إياها بالأكثر تطورا في العالم، التي يصعب اعتراضها، بأن جزءا من هذه الأسلحة سيكون للرد على كل هجوم يتعرض له حلفاء وأصدقاء روسيا. وكان في ذلك اليوم قد شدد على أن الكرملين سيرد فوراً على أي هجوم نووي يستهدف روسيا أو يستهدف دولة حليفة بل وإن تعلق الأمر بأسلحة تقليدية.
وتأخذ معظم الدول كلام بوتين على محمل الجد لاسيما بعد الحرب ضد أوكرانيا، ولهذا ارتفعت الطلبات على السلاح الروسي خلال الثلاث سنوات الأخيرة وخاصة بعد الحرب ضد أوكرانيا، غير أن التساؤل يبقى هل ستستطيع الصناعة العسكرية الروسية تلبية جميع الطلبات؟
توظيف بوتين للسلاح كعامل إغراء لجلب اهتمام الدول واستقطابها إلى فلك روسيا على طريقة الحرب الباردة عندما كان الاتحاد السوفييتي قائما، يهدف أساسا إلى تحقيق هدف الكرملين الرئيسي هو «إضعاف هيمنة الغرب على العالم» عبر إضعاف ركائز النظام العالمي الذي ساد بعد سقوط جدار برلين، أي سياسة الغرب في بيع العتاد. ويهدف الكرملين إلى ضرب هذه السياسة لأنها حاسمة في التقليل من هيمنة الغرب.

كلمات مفتاحية

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

  1. يقول الغريب:

    السلاح الروسي بجميع انواعه لا يعمل الا في البلاد الباردة اما المناطق الحارة مثل جميع الدول العربية فانه غير صالح فيها .

  2. يقول الحسن:

    المعروف أن الدول المصنعة السلاح لا تبيع أخر النماذج تكنولوجيا بل التي تجاوزها التكنولوجيا. مثلا س 300، تجاوزته صواريخ س400 التي بيعت لتركيا وأخيرا س500 التي لا تبيعها روسيا. نفس الشئ بالنسبة الطائرات. الاستراتيجية الروسية هي لا ستنزاف خزائن دول العالم الثالث كما تفعل أمريكا. وقبل كل هذا، لم تنفع الأسلحة روسيا لا في أفغانستان ولا في أكرانيا كما لم تنفع الأسلحة الغربية عراق صدام حسين أمام إيران ولا أمام حرب بوش

  3. يقول هيثم:

    روسيا تسعى لتحقيق مصالحها الجيوستراتيجية خاصة مع بوتين الذي يحلم بإعادة قوة الاتحاد السوفيتي و الإمبراطورية. بيع السلاح يتضمن بعدا سياسيا و بعدا اقتصاديا و ماليا. لكن في هذا الأمر الجميع سواسية يتساوى في ذلك الغرب و الروس و الصينيون و الجميع يتجسس على الجميع و الكل يملك جميع المعلومات عن الأسلحة المتطورة لدى الآخرين. المشكل هو أن أغلب بلدان العالم الثالث تشتري الأسلحة من مستوى اقل تطورا عوض الاستثمار في التعليم والصحة و التنمية المجتمعية للشعوب.

  4. يقول عبد الوهاب. جيجل:

    هناك سبب أخر وهو دخول الصناعة العسكرية الصينية بقوة للسوق العالمية والمنافسة أصبحت طاحنة حتى فرنسا رغم تأخرها التكنولوجي المتزايد أصبحت توفر لبعض الزبائن الغير غريبين أسلحة بنفس مستوى المستعمل في جيشها، شكرا حسين مجدوبي مبدع كالعادة.

  5. يقول سوري:

    الأسلحة الروسية خردة لا تفيد ولا تستعمل

  6. يقول تاوناتي-فرنسا:

    الاسلحة الروسية ضعيفة مقارنة بالاسلحة الأمريكية. و اذا كان السلاح الروسي يباع بنصف الثمن فلانه لا يمكن أن يتوفر على نفس مواصفات السلاح الامريكي..و قد أظهر الغزو الروسي كيف تمكنت أوكرانيا بسلاح أمريكي عادي طرد موسكو من كييف و كل المدن رغم استخدام بوتين لكل ترسانته العسكرية المتطورة..و اظطر روسياللعودة لسياسة الأرض المحروقة و تدمير المدن لتفادي هزيمة مدوية..

    1. يقول makron:

      التناقض: تمكنت أوكرانيا بسلاح أمريكي عادي طرد موسكو من كييف و كل المدن … إضطرت روسيا للعودة لسياسة الأرض المحروقة و تدمير المدن لتفادي هزيمة مدوية.
      سؤال: من منع روسيا من ممارسة سياسة الأرض المحروقة في كييف؟ من يمنع أوكرانيا من طرد الروس خارج مدينة واحدة فقط كخرسون بكل السلاح الغربي الذي يتدفّق على أوكرانيا؟

    2. يقول بلال الجزائري:

      بوتين هو من يطيل امد الحرب الشتاء مقبل و خزانات الوقود في اوروبا تنفذ الهدف ليس اوكرانيا فقط وانما الاتحاد الاوروبي كذلك

  7. يقول بوزيان بن عودة:

    برافو

  8. يقول NADJIB FRANCE:

    السلاح الامريكي متفوق علي بعض الاسلحة الروسية متل مقاتلات الجيل الخامس او المسيرات غير المئهولة او سلاح البحرية السطحي والاهم هيا تكنلوجيا المعلومات لكن السلاح الامريكي المتطور غير متاح لي دول العالم وهو يخص فقط امريكا واسرائيل وبعض الاصدقاء متل كوريا واستراليا .ادن لا مجال للمقارنة الا في حالة حرب بين القوتين روسيا وامريكا . وتتفوق اسلحة روسيا علي كل الدنيا في انضمة الدفاع الجوي والصواريخ الفرط صوتية وسلاح الغوصات والسيبر اتاك ،،ورغم ان الدولتين هما الاقوي فضائيا ..بدأت الصين اخد مراكز متقدمة علي الاوروبين وهيا تهدد عرش امريكا وروسيا حسب الخبراء ستكون الصين رقم واحد في الفضاء خلال العشرة سنين القادمة سلاح امريكا موجه للاغنياء فقط فمن هيا الدولة العالم التالت اتي يستطيع صيانة وتحمل تكلفت السلاح الامريكي؟ لا يوجد لي دالك تبيع امريكا خردتها للعرب متل مقاتلات الستينيات كالاف16و الاف15 ودبابات ابرام من الجيل التاني والتالت مند نهاية التمانينات دون نقل تكنلوجيا الدخيرة والصيانة امريكا لا تبيع غواصات او مسيرات استراتيجية او مقنبلات للخارج حتي للحلفاء ولم يتدكر احد انا امريكا صدرت بواخر حربية الا بعد استخدامها مدة 30 سنة تقوم بي بيعها او اهدائها لي اسبانيا وكندا ومصر واليونان وتركيا

  9. يقول خثير:

    مهما بلغت قوة ااسلاح الروسي فانها لا شيء في مقابل السلاح الامريكي الذي يمتاز بالجودة والمتانة والقوة والدقة وهي الخصايءص التي تنقص السلاح الروسي

  10. يقول مسلم غيور:

    قال الله تعالى (يبغونكم الفتنة وفيكم سماعون لهم)

1 2

إشترك في قائمتنا البريدية