استقر رأي حلقة من هيئة القيادة العامة باجراء إما هو ابتزاز وإما مخاطرة محسوبة على ترجمة تقليص الميزانية الامنية الى مضاءلة عدد الدبابات والطائرات الحربية في الجيش الاسرائيلي، وتغيير بنية الفرق العسكرية وإقالة آلاف رجال الخدمة الدائمة. وكان يمكن ان يتم تلقي هذا الاجراء على أنه الشر الضروري من وجهة نظر أمنيين متشددين ايضا، ونشرت صحف نهاية الاسبوع سلسلة تقارير صحافية كانت ترمي الى تمجيد الجيش الصغير الذكي الذي ينتظر فقط مضاءلة الميزانية الامنية كي يولد. وعرف وزير الدفاع موشيه يعلون (أليس هو الذي وعدنا بأن صواريخ حزب الله ستصدأ في المخازن؟) أن يتنبأ بأننا لن نرى حروبا كلاسيكية بين دبابات. كان يمكن أن ننضم الى ابتهاج التقليصات الضرورية في ظاهر الامر هذه، بيد أنه قبل اجازة الخطة المتعددة السنوات هذه بأيام اشتغل قادة الدولة (رئيس الوزراء بازاء وزير الخارجية الامريكي جون كيري، ويعلون بازاء وزير الدفاع الامريكي تشاك هيغل، ويعقوب عميدرور بازاء سوزان رايس مستشارة اوباما للامن القومي) بزيادة ميزانية لجيش مصر. فعلى خلفية الثورة في مصر والرغبة في تعزيز الجيش في اجراء إبعاد الاخوان المسلمين تدخلت اسرائيل لصالح الجيش المصري عند الادارة الامريكية وأوصت بأن تتغلب الولايات المتحدة على نحو ما على قانون امريكي صريح يحظر نقل دعم امريكي الى دول حدث فيها انقلاب عسكري. إن الولايات المتحدة ‘تفحص’ عن الوضع في مصر لترى هل حينما جاء ممثلو الجنرال السيسي المسلحون الى رئيس مصر محمد مرسي وصحبوه الى اعتقال في مكان ما (كانوا سيُسمونه في اسرائيل بيقين ‘السجين إكس’) هل كان ذلك انقلابا عسكريا بصورة حرفية أو يمكن على نحو ما ان يُغسل الانقلاب وأن يُزعم ان تلك كانت ‘ارادة الشعب’. ستحصل مصر اذا مرة اخرى على 1.3 مليار دولار مساعدة امنية من الولايات المتحدة. فماذا يمكن ان يُشترى بها؟ لنفرض ان تستقر آراؤهم على أنهم يريدون دبابات فقط. إن 300 دبابة أبرامز من طراز ‘إم 1.إي2’ متطورة في الطريق. وثلاثة ألوية وفرقة مدرعة. واذا كانوا يرغبون في الطائرات فيمكن ان يُشترى بها 32 طائرة اف 16 من أكثر الطرز تطورا مما تملك اسرائيل وهما وحدتا طيران. أو باختصار ما يقتطعونه من ميزانية الامن عندنا يريدون ان يضيفوه الى أعدائنا. هل تريدون مساعدة المصريين؟ أعطوهم قمحا. وأعطوهم ائتمانا وأعطوهم مساعدة مدنية. وأعطوهم دولارات اذا كانوا يحتاجون الى المال من اجل رواتب الجيش النظامي. لكن المساعدة الامنية الامريكية لمصر (كالمساعدة الاسرائيلية) هي في أساسها كوبونات لشراء معدات عسكرية من الولايات المتحدة (أو من المصنع المشترك المصري الامريكي لانتاج دبابات أبرامز في مصر). إن هذا المال هو مال لشراء سلاح. وعندهم سلاح وجنود موفورون لمحاربة كل منظمات الارهاب في سيناء ولن تساعدهم زيادة الدبابات أو الطائرات في تلك المعارك، فليس لمصر عدو عسكري تقليدي في منطقتها سوى اسرائيل. يتدرب جيش مصر في العقود الاخيرة على نموذج قتال للجيش الاسرائيلي لا لجيش ليبيا الذي لم يعد موجودا ولا لجيش السودان الذي لم ينشأ الى الآن. فاذا تشوش شيء ما جدا في الشرق الاوسط فسيوجه هذا السلاح إلينا. هل تسألون عن مبلغ الاحتمال؟ انه كمبلغ الاحتمال الذي كان من الجهات الاستخبارية في اسرائيل قبل سنتين لتبدل النظام في مصر مرتين. قد يكون الاحتمال ضئيلا لكن لا سبيل لنعلم بيقين ان هذا لن يحدث، ولهذا ينبغي ان نزن كلفة الخطأ لا الاحتمال فقط. وعلى ذلك وباختصار نقول: أعطوهم خبزا ولا تعطوهم البنادق.