اقتراب الأجل الدستوري لاستدعاء الناخبين الإثنين المقبل يحدث إرباكات حوار النظام الموريتاني مع معارضيه يصطدم بحكومة الصلاحيات الموسعة

حجم الخط
0

نواكشوط ـ ‘القدس العربي’ من : اصطدم الحوار السياسي المتواصل حاليا بين الأغلبية الحاكمة في موريتانيا ومعارضتها بقضية الحكومة ذات الصلاحيات الموسعة التي اشترطتها المعارضة أمس، فيما اعتبرتها الأغلبية أمرا مرفوضا لكونها محاولة لانتزاع الصلاحيات الدستورية لرئيس الجمهورية.
ويشارك في هذا الحوار الذي انطلق الإثنين، ثلاثة وثلاثون مندوبا يمثلون الحكومة الموريتانية و أحزاب الأغلبية والمعارضة المقربة ومنتدى المعارضة الراديكالية.
وحسب مصادر من داخل جلسات الحوار فقد خصص وقت طويل أمس لمناقشة قضية الحكومة التي تريدها المعارضة حكومة ذات صلاحيات موسعة، وقد رجعت الأطراف المتحاورة مرات عديدة لمرجعياتها خارج مقر الحوار دون أن يتوصل الجانبان لحد بعد ظهر أمس لأي اتفاق.
وخصصت جلسات يوم أمس كذلك للاتفاق على تحديد الفترة الزمنية المخصصة للحوار، حيث يجب أن ينهي الطرفان حوارهما قبل يوم الإثنين المقبل الحادي والعشرين إبريل/نيسان الذي يمثل الأجل الدستوري لاستدعاء هيئة الناخبين لرئاسيات حزيران/يونيو 2014.وحسب معلومات رشحت من داخل الجلسات ظهر أمس فقد اقترحت المعارضة مدة 15 يوما لاستكمال الحوار فيما أكدت الأغلبية أن الحوار يجب ألا يتجاوز ستة أيام.
وفي حال ما إذا قبلت الأغلبية تمديد الحوار لأسبوعين فإن ذلك يعني قبولها ضمنيا بتأجيل الانتخابات، أما إذا رفضت ذلك فإن ذلك يعني مواصلتها للأجندة الانتخابية السابقة التي كانت مقررة دون المعارضة وسيؤدي ذلك لانسحاب المعارضة وفشل الحوار.
وكان المتحاورون قد تجاوزوا نقطتي بناء الثقة ومبدئية شفافية الانتخابات، غير أن الخلاف ما زال قائما لحد مساء يوم أمس حول الحكومة الموسعة وهيئات الإشراف على الانتخابات.
وتوقع مراقبون أن يؤدي الخلاف حول قضية الحكومة لفشل هذا الحوار ليلقي بعد ذلك كل طرف المسؤولية في ذلك على الطرف الآخر.
وكان يحيى ولد أحمد الوقف رئيس وفد منتدى المعارضة في الحوار قد أكد أمس في افتتاح الجلسات ‘أن المعارضة تريد أن يكون هذا الحوار جديا ومسؤولا وصالحا لأن يخرج موريتانيا من أزمتها السياسية التي صاحبتها منذ حين ،وألقت بظلالها على مختلف مجالات الحياة وبخاصة بعد الانتخابات الأخيرة وما ميزها من خلل بين في الإعداد والتنظيم وما ترتب عنها من إقصاء لطيف سياسي واسع’.
وأكد ولد الوقف وهو وزير أول سابق ‘أن منتدى المعارضة قرر أن يتفاعل إيجابيا مع دعوة الحوار بكل انفتاح واستعداد ولكن بكل وضوح وصرامة وتشبث بما يخدم التحول الديمقراطي الحقيقي، ويتجاوز الأشكال الى المضامين، والحلول الجزئية الى المقاربات الكلية التي تفضي الى حالة ديمقراطية سليمة لا تكون الدولة فيها طرفا، ولا تسخر المرافق العمومية فيها لصالح جهة من الجهات، ويكون المواطن حرا في اختياره غير خائف على مصالحه مطمئنا لمصيره عند اختياره’.وأضاف ‘يجب أن نعمل لتحل الثقة محل التوجس والتعامل المسؤول والمحترم محل المناورات العقيمة التي لم تعد تقنع القائمين بها كما لا تخدع المستهدفين بها، ومن أهم هذه الخطوات تمثيلا لا حصرا، تشكيل حكومة توافقية، وتوطيد اختصاصات الهيئات المشرفة عبر صيغ توافقية تضمن قيام هذه الهيئات بمسؤولياتها بصورة فعلية وضمان عدم تحولها إلى شاهد زور، وإدخال إصلاحات جذرية وتوافقية تضمن حياد الادارة والجيش وتخليصهما من ارتهانهما التاريخي لحاكم الوقت، مع إصلاح الحالة المدنية عبر إجراءات شفافة ومشهودة لا مجال فيها للمراوغات والقيل والقال’.
وفي كلمة أخرى أكد سيدي محمد ولد محم وزير الاتصال والعلاقات مع البرلمان ورئيس الجانب الحكومي في الحوار ‘اهتمام الحكومة بهذا الحوار وتعويلها على ما قد يسفر عنه من نتائج تدفع الإرادات القوية لتجاوز الحسابات الضيقة والخلافات الآنية، وتضع مصالح البلد فوق كل اعتبار’.
وقال ‘إن موريتانيا البلد الوحيد ربما في شبه المنطقة، الذي رفعت الدولة يدها فيه بالكامل عن العملية الانتخابية، وأصبحت تدار من طرف لجنة مستقلة يختارها أقطاب المشهد السياسي بالتوافق المطلق ،كما أننا من البلدان التي تملك حالة مدنية وفق أكثر أنظمة الحالة المدنية دقة وتحصينا في العالم ،إضافة إلى ما أنجز من تراكم في الخبرة أثمرته الحوارات واللقاءات السابقة من نصوص وترتيبات تنظيمية تشكل ترسانة قانونية وإدارية متكاملة وملائمة لحاجيات ومتطلبات الواقع وخصوصياته ومفرداته الدقيقة ،مع ما يعرفه البلد من ازدهار وتطور متسارع في مجال الحريات العامة فردية وجماعية’.
وشدد الوزير على ‘أن الحكومة مجسدة إرادة الرئيس، تؤكد صدقها وإرادتها في أن تدفع بالحوارات إلى كل غاياتها وأهدافها وأن تضع نتائجها بالتشاور مع كل ألوان الطيف السياسي الوطني موضع التنفيذ’.
هذا ويضع الموريتانيون أيديهم على قلوبهم خوفا من أن يفشل الحوار الحالي الذي يعتبره الجميع آخر فرصة أمام موريتانيا للخروج من ظرفية التأزم التي تشهدها منذ عقود، نحو نظام سياسي طبيعي تنفصل فيه المؤسسات باختصاصاتها وتتداول فيه السلطة بطريقة سلمية.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

إشترك في قائمتنا البريدية