عمان-“القدس العربي”:يمكن القول إن إضراب قطاع المعلمين الشهير في الأردن بدايات أيلول/سبتمبر الماضي هو بلا منازع الحدث الأبرز محليا الذي شهده عام 2019.
لا بل قد يكون أهم وأخطر إضراب عام ناجح في التاريخ الحديث للمملكة الأردنية الهاشمية بسبب دور حراك المعلمين في تغيير الكثير من الأمزجة شعبيا ورسميا وبيروقراطيا.
في ذلك الإضراب خرج عشرات الآلاف من المعلمين إلى الشارع للمطالبة بعلاوة مهنية وشمل الحراك الاعتصامي جميع محافظات المملكة وتوج ازاء صمت الحكومة بإضراب هو الأول من نوعه تعطلت فيه الدراسة وأغلقت المدارس لأكثر من شهر.
في الواقع تسببت حركة المعلمين هنا بالتصريح الأبرز الذي شهده العام الماضي وعلى لسان الملك عبد الله الثاني تعليقا على اضراب المعلمين.
وقال الملك في تغريدة على تويتر: “سعادتي برؤية الطلبة في مدارسهم كبيرة وأهنئ المعلمين بيومهم العالمي. تابعت تفاصيل الإضراب وبعضها كان مؤلما بعبثيته وأجنداته البعيدة عن مصلحة الطالب والمعلم والتعليم فكان لا بد من إنهاء الاستعصاء خدمة للعملية التعليمية. الثمن الأكبر كان تعريض مصلحة الطلبة للإعاقة وهذا يجب ألا يتكرر”.
وبعد هذه التغريدة تم إحالة مدير المخابرات العامة عدنان الجندي إلى التقاعد وتم تعيين مدير جديد هو اللواء أحمد حسني الضابط المخضرم في الشؤون المحلية وزورده الملك لأول مرة برسالة تعيين تكلفه بـ”تصويب أوضاع هيكلية وداخلية” بعد “تجاوزات مجموعة من العناصر الأمنية لمصالح شخصية”.
قبل ذلك يمكن القول إن الحدث الذي أشعل حراك المعلمين هو وفاة نقيبهم الدكتور أحمد الحجايا في حادث سير مفجع وبعد خطاب شهير له لوح فيه بالإضراب قبل رحيله وموته بأيام فقط إذا لم تتجاوب الحكومة.
في شباط /فبراير واصلت “قضية التبغ والسجائر سيطرتها على الجدل العام خصوصا بعد تسليم تركيا للمتهم الرئيسي في القضية رجل الأعمال عوني مطيع وفي النصف الثاني من العام الماضي نشرت محكمة أمن الدولة تفاصيل مثيرة في لائحة الاتهام للمتورطين بينت تلقي مسؤولين سابقين آلاف الدنانير رشاوى أثناء فترة عملهم للتغطية على المتهم الأول.
ويمكن القول أيضا إن التصريح الشهير للملك عبد الله الثاني بخصوص استعادة أراضي الباقورة والغمر في اب/اغسطس الماضي من الأحداث الرئيسية لأن الملك أعلن بأنه قرر عدم تجديد أو تمديد اتفاقية تأجير أراضي الباقورة والغمر ما اعتبر مفاجأة صاعقة لحكومة اليمين الإسرائيلي ولرئيسها بنيامين نتنياهو وبالفعل في يوم 25 من تشرين الثاني/نوفمبر استعيدت أول أرض عربية محتلة بعملية سلام بعد اتفاق كامب ديفيد وتم تسليم الأراضي للسيادة الأردنية.
واعتبارا من شباط/فبراير حيث رفض العاهل الأردني استقبال نتنياهو في عمان أصبح عام 2019 هو الأسوأ في تاريخ العلاقات الأردنية الإسرائيلية، حيث هددت الحكومة الإسرائيلية بالسماح لليهود بالدخول إلى مسجد الأقصى والصلاة فيه وهو ما اعتبر خطوة مضادة للوصاية الهاشمية الأردنية.
وتدهورت العلاقات بين عمان وتل أبيب مرات عدة حتى وصلت إلى مستوى توقيع أول مذكرة برلمانية في تاريخ الصراع العربي الإسرائيلي. واعتبارا من نهاية أيلول/سبتمبر سن قانون جديد يعمل على تقويض قانون اتفاقية الغاز مع إسرائيل، حيث وقع هذه المذكرة 60 نائبا وأعلن رئيس مجلس النواب عاطف طراونة في 13 تشرين الثاني/نوفمبر تحويل مذكرة رسميا إلى اللجنة القانونية في المجلس.
وتحدث الملك عبد الله الثاني في 22 آذار/مارس عن ضغوط تمارس عليه في ملف القدس متعهدا أمام جمهور من الأردنيين في مدينة الزرقاء بعدم تغيير موقفه من القدس معتبرا إياها خطا أحمر وألمح لأول مرة لوجود “قوات مسلحة أردنية لها رأي وموقف في حماية المملكة ومصالحها”.
وخرج آلاف الأردنيين في مسيرة حاشدة، في وسط العاصمة عمّان، نصرة للقدس، ورفضا لـ”صفقة القرن” بعد دعوات وجهتها الحركة الإسلامية في الأردن ولم تعترضها السلطات خلافا للعادة.
وفي الأثناء برزت معركة دبلوماسية شرسة بين الجانبين قوامها إصرار المخابرات الإسرائيلية على الاستمرار في اعتقال الأسيرين هبة اللبدي وعماد عبد الرحمن من دون محاكمة.
وضغطت الحكومة الأردنية بشدة بعد اعتصامات ومسيرات في الشارع واعتقال ومحاكمة متسلل إسرائيلي إلى أن أجبرت تل أبيب على الإفراج عن الأسيرين اللبدي وعبد الرحمن.
وعلى الصعيد الشعبي والتجاري واعتبارا من بداية تموز/يوليو تسببت حفريات عملاقة في شوارع العاصمة عمان بأزمة سير خانقة ستتواصل حتى العام 2021.
والسبب هو إعلان بلدية العاصمة عن إقامة مشروع الباص السريع المثير للجدل ما تسبب ولأول مرة في تاريخ العاصمة عمان بسلسلة اعتصامات واضرابات في القطاع التجاري المتضرر من الحفريات التي طالت غالبية الطرق الشريانية الرئيسية للمدينة.
وعلى الصعيد التجاري سجلت غرفة تجارة عمان في العام 2019 هدفا تاريخيا غير مسبوق عندما دفعت الحكومة ولأول مرة إلى دفع تعويضات بقيمة مليوني دينارا لتجار وسط عمان بسبب سيل أمطار جارف اجتاح محلاتهم في العام السابق.
وسجل رئيس غرفة التجارة خليل الحاج توفيق علامة فارقة بتصريح غير مسبوق أعاد فيه ولأول مرة للحكومة رسميا مبلغا بقيمة نحو مليون دولار هي الفارق في تعويضات التجار بعد الاتفاق على تقاسم المبلغ المدفوع بين بلدية العاصمة وغرفة التجارة.
وانتهت مع نهاية العام تداعيات أزمة المعلمين بمشروع ترك أثرا كبيرا على الواقع المحلي وبعنوان “إدماج” ثلاث مؤسسات أمنية ضمن مؤسسة واحدة وبتوجيه ملكي خاطف للحكومة يوم السادس عشر من كانون الأول/ديسمبر وهي مديريات الأمن العام والدفاع المدني وقوات الدرك.
وقبل ذلك بدأ مئات الشباب الأردنيين العاطلين عن العمل من المحافظات بالزحف نحو الديوان الملكي في العاصمة في مسيرات صحراوية أثارت الانتباه.
وشارك مئات من العاطلين عن العمل في مختلف المحافظات بهذه الحراكات التي أجبرت الديوان الملكي على إعلان برنامج وطني “للتشغيل” لتوفير نحو 50 ألف فرصة عمل مع سلسلة تحفيزات للنشاط التجاري بإسم خطة وطنية لحماية الاقتصاد الوطني.
راحلون
*وفاة الفنان الكوميدي نبيل المشيني في الثاني من اذار/مارس الذي جسد شخصية أبو عواد الساخرة الكوميدية.
* بداية تشرين الثاني/نوفمبر رحل الجنرال المتقاعد مصطفى القيسي، أسطورة المخابرات الأردنية وكان له بصمة بارزة في الثمانينيات في تأسيس جهاز المخابرات العامة.