الأردن: «تذمر مرجعي» من أداء النواب… وإثارة بتوقيع الفايز بعد العجارمة والرياطي

بسام البدارين
حجم الخط
3

عمان – «القدس العربي»: وقوف البرلمان الأردني مجدداً على محطة إحالة عضو بارز فيه إلى لجنة السلوك مرة أخرى تمهيداً لمعاقبته أو احتمالات فصله، يعني أن المعادلة البرلمانية على أهميتها تفتقد إلى الاستقرار، وأن العلاقة بين السلطتين التشريعية والتنفيذية ستشهد المزيد من الاختلالات، ولا يمكن وصفها اليوم بأنها مستقرة إلى حد ملموس.
أغلب التقدير في المطبخ الذي يدير الأمور اليوم بأن مجلس النواب الموسوم والموصوف بفعاليات “الهندسة” في وضع يسمح لمراكز القرار كلها بإعادة إنتاج حساباتها عشية إطلاق مسار التحديث السياسي والتمكين الاقتصادي، حيث برزت ظواهر فردية بالمعنى السياسي والبرلماني كارثية في هذا المجلس، الذي اتهمت عدة أطراف السلطات بالعبث بنتائجه، دون تقديم أدلة مباشرة.
النائب محمد عناد الفايز لجأ إلى الميكروفون لكن خارج قبة البرلمان، وتجنب الخيارات الدستورية والقانونية التي يتيحها له موقعه التشريعي، وتحدث شعبوياً في أكثر من اتجاه، وطرح معادلة تتحدث عن اتهام ضخم في ملف المساعدات، لكن حصل ذلك عبر رسالة علنية لزعيم دولة أخرى، مما دفع حتى مشايخ وقادة أبناء قبيلته، وهي قبيلة بني صخر المعروفة، إلى إصدار بيان يتبرأ من تلك المضامين التي أصر عليها محمد عناد الفايز وهو يعلن استقالته من مجلس النواب تضامناً مع الاحتجاجات الشعبية.
زملاء النائب الفايز يتهمونه بالشعبوية ومحاولة إحراجهم، لكن أغلب التقدير أن أوساط القرار لن تتعامل بمرونة مع الاتهامات المربكة التي وجهها الفايز علناً تحت عنوان توجيه المساعدات الدولية التي تصل إلى الأردن إلى طبقة فاسدين تسرقها على حساب الشعب الأردني المسكين. لكن تلك الاتهامات لم يساندها في الواقع أي دليل واحد؛ لأن المساعدات التي تصل علناً من الطبيعي جداً أن تذهب إلى خزينة الدولة وتندرج في الميزانية المالية، ولأن الجهات التي تقدم مساعدات في الواقع تراقب حتى إنفاق مساعداتها.
في كل حال، جرب النائب الفايز حظه مع الشعبويات والميكروفون، وكانت النتيجة واضحة الملامح في جلسة حادة اضطرت رئاسة مجلس النواب إلى إغلاقها لمناقشة إحالة الزميل الفايز إلى لجنة السلوك بعد ظهر الثلاثاء. والقرار هنا يمكن توقع نتائجه فوراً؛ فالفايز عزف على وتر السخط العشائري والانتقادات الحادة التي وجهت للدولة والحكومة في دور عزاء شهداء الأمن العام بعد إضراب سائقي الشاحنات الأخير، كما عزف على وتر حالة النقد عشائرية الطابع التي خرجت وبشكل ملحوظ وخشن من أوساط حليفة للدولة بالعادة.
طبعاً كان يمكن للنائب الفايز اللجوء إلى خياراته الدستورية في توجيه أسئلة واستجوابات للحكومة بالتفصيل الممل حول مصير المساعدات، لكن موقفه العلني من التشكيك بإنفاق المساعدات ألحق ضرراً بالغاً، وفقاً لبيان أصدره أقرباء له، بسمعة البلاد ودون مبرر. لكن النائب المشار إليه وهو قريب من أوسط المناكفة والحراك، عزف على وتر الشعبوية وأحرج جميع السلطات. لذا، يمكن التنبؤ بمصيره السياسي إذا ما استرسل حتى بعد بحث ملفه عبر لجنة السلوك بموقفه الذي يساهم في تحريض المواطنين عموماً، برأي أوساط القرار وفي ظرف اقتصادي ومالي حساس.
وبهذا المعنى يمكن القول إن النائب محمد عناد الفايز أمام خيارين الآن، إما الانسحاب بهدوء وتقبل العقوبة التي ستتقرر بخصوصه إذا أحيل إلى لجنة السلوك، أو العودة إلى العزف المنفرد في الشارع، وهو أمر قد يحيله إلى محاكمة قانونية، ما يعني أن المواطنين عموماً في تقييم مجلس النيابة الحالي الموسوم بالهندسة من حيث الشكل والمضمون بداية بصدد رؤية مشهد جديد ومكرر كان نجمه نائباً آخر في السابق، هو أسامة العجارمة الذي نظم اجتماعات في الشارع وساهم بدوره في التحريض، ثم فصل من مجلس النواب، وهو الآن قيد المحاكمة في السجن.
ويبقى خيار المحاكمة الآن وفي هذه المرحلة وفي حال إقرار عقوبة ضد النائب عناد الفايز، بين يديه شخصياً. والمقربون منه ينصحونه بتلمس الأرض التي تطأ قدمه عليها في الخطوة اللاحقة، وقبل ذلك فصل نائب ثالث مدة عامين، وهو النائب حسن الرياطي، والأسباب هنا ليست سياسية؛ فقد اتهم الرياطي بلكم زملاء له والاعتداء عليهم جسدياً في حادثة شهيرة.
الخطابات الميكروفونية ومعارك النواب ومواجهتهم الحادة كانت مثاراً للملاحظة والشكوى، وأحياناً التذمر المرجعي قبل عدة أسابيع. وقد سمع رئيس مجلس النواب الحالي أحمد الصفدي تقييمات مرجعية مباشرة تعبر عن الأمل في توقف المشاحنات والشعبويات والانصراف إلى العمل التشريعي والرقابي وبذل جهد أكثر في التعاون مع السلطة التنفيذية، وهو أمر من الصعب إنفاذه في ظل خارطة فردية الأداء لا تلتزم بخطاب الكتل بين أعضاء مجلس النواب.
عملياً، وبعد حوادث الرياطي والفايز والعجارمة، وحصول اعتداءات من قبل نواب آخرين بصفة فردية على مسؤولين ووزراء، يمكن القول عموماً بأن برلمان الهندسة لا يبدو أنه في سياق السكة المنتجة المرسومة له بصفة عامة. وهو أمر قد يؤثر في مجريات الأحداث لاحقاً، لا بل في التقييم العام لدور هذا البرلمان وبصمته وسط تزايد الحديث موسمياً ومرحلياً عن تمحيص فكرة إنهاء تجربة مجلس النواب الحالي عشية الصيف المقبل، والعودة إلى فكرة انتخابات مبكرة نهاية العام الحالي.

كلمات مفتاحية

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

  1. يقول محمد حسونة:

    من الخطأ بالنسبه لنا كأردنيين جميعا ان نضع او اسميه اختلاف وليس خلاف مع حكومه الخصاونه وننقله الى العشائر او الشارع يجب ان تظل كل هذة الأمور تحت قبة البرلمان ….ومن حق النواب ان يقدمو نقاشاتهم وان يقدمو للشعب مايقنع وكذلك الحكومه اما ان ننقل خلافاتنا للشارع فهذا خطأ يجب رفضة ..فالكل مسؤول اما ان نوجه الطخ على الحكومه بدون ان نسمع منها خطأ..رئيس الوزراء كان واضح امس ..ليس لدي ما أخفيه عن النواب وتكلم بوضوح كل غايتنا درء الخطر الاكبر ..والتخفيف من الغلأ والتضخم ودفع الضرر بضرر اقل منة …اما صب الزيت على النار بشعارات وخطابات لاتسمن ولا تغني من جوع مرفوض .

  2. يقول سليمان العويسي:

    والرجل لم يطالب الا بلسان الشعب وهو يعلم علم اليقين ان المواطن ما هو الا رقم يدرج في صفحات صندوق النقد الدولي او في صفحات الدول المانحة للتسول علية والمصيبة ان الاموال تسرق جهارا عيانا دونما حسيب ولا رقيب، وأما مجلس النواب الغائب لم يقدم اي شي في حين كان الشعب في امس الحاجة له في غضون الايام الماضية التي راح ضحيتها افرادا من قوات الامن التي من اهم وظائفها الحفاظ على امن المواطن. فيا حبذا العودة الى استبدال مجلس النواب والاعيان بابقار تدر بموارد مالية لخزينة الدولة والابتعاد عن جيب المواطن الذي لم يبقى فيها شي لقوت يومة ولعياله.

  3. يقول محمد حمدان:

    لا اعلم لماذا تصر الصحافه إلى تسمية من يعود لقاعدته الانتخابيه بالشعبويات أليس من اوصل هذا النائب وغيره الشعب فيكي عليه أن يعود إلى الشعب ونعم يدغلى النائب أن يبحث عن الشعبويات من قاعدته وهو بعكس الحكومه التي لن تأتي عن طريق انتخاب حتى في أعتى الديمقراطيات العالميه جميعهم يعودون لقواعدهم الانتخابيه .ونحن نعلم أن المجلس والحكومه لاتمثل الشعب وهذه الحقيقه التي لا أحد يرغب بسماعها واغلبهم تم تعيينه

إشترك في قائمتنا البريدية