الأردن: «دلال ضريبي» و«خضوع بيروقراطي» لصالح الاستثمارات السعودية: سكة حديد وجامعة طبية بنكهة «نيوم»

بسام البدارين
حجم الخط
0

عمان – «القدس العربي»: تبدو مقاربة منطقية جداً تحت عنوان تنشيط العلاقات شبه المتجمدة في السياق الاقتصادي على الأقل والاستثماري بين الأردن والسعودية، وبصيغة تتفق مع ما كان يقوله رئيس الوزراء الأردني الحالي الدكتور بشر الخصاونة عن عملية تشويش وتضليل في الماضي ساهمت في تقليل مستويات التواصل مع الشقيق السعودي.
وجهة نظر الرئيس الخصاونة سمعتها «القدس العربي» منه مباشرة قبل تكليفه برئاسة الوزراء، وفي الوقت الذي كانت فيه أطراف في المعادلة السعودية تتهم الحكومة السابقة برئاسة الدكتور عمر الرزاز بتعطيل استثمارات سعودية تساهم في التقارب بين البلدين تحت مسوغات بيروقراطية.
وهنا يمكن ببساطة ملاحظة احتفال السفير السعودي في عمان، نايف السديري، بالإعلان السريع عن حزمة استثمارات ستنطلق قريباً في الأردن باسم بلاده. السفير السديري يتحدث عن تنشيط ما يسمى بصندوق الاستثمار السعودي في الأردن، وبتمويل قد يصل إلى ثلاثة مليارات دولار.
الأهم هو التفاصيل؛ فقد أبلغ السديري الإعلام الأردني بأن بلاده تخطط لمشروعين استثماريين سيجعلان السعودية هي الشريك الاستراتيجي التجاري الأكبر للأردن، وهي صفة كان يحملها طوال أعوام الاستثمار الكويتي.

البقية تأتي وحراك مفاجئ في ملف «صندوق الاستثمار السعودي»

يبدو واضحاً أن ما تسميه الأوساط السعودية بإعاقات بيروقراطية بتوقيع الرزاز تمت إزالتها اليوم، فالحديث عن مشروعين ضخمين هما سكة حديد بين مدينة العقبة والعاصمة عمان، واستثمار ضخم ينتهي بتأسيس جامعة طبية مع مستشفى كبير.
طوال عام ونصف، حرص الرزاز على الأرجح على أن تبقى أوراق هذه الاستثمارات في الأدراج، ولا تعرض على لجان وزارية، بصورة أعاقت الاستثمار السعودي، برأي الرياض.
لكن إعلان السفير السديري يتضمن اليوم الإيحاء بأن تلك العقبات البيروقراطية أزيلت، فالرجل يعلن عن التفاصيل والأرقام. وهي خطوة لم تكن محتملة لولا حصول أوراقه على إسناد بيروقراطي خلفي من المنطقي القول بأنه ينسجم الآن مع اتجاهات الحكومة الجديدة برئاسة الخصاونة، مع أن الأوساط المختصة في عمان لا تعلم بعد سبباً مقنعاً يشرح خلفية تعطيل الرزاز في الماضي القريب لمستثمرين سعوديين يرغبون بدفع مئات الملايين في إنشاء جامعة طبية، مع أن السوق الأردنية مشبعة إلى حد ما بالجامعات الطبية. بل حالياً ثمة مشروع على الأقل سياسياً وإعلامياً لنهضة في العلاقات التجارية والاستثمارية.
وثمة ما يوحي منطقياً وضمنياً برابط ما بين تمويل السعودية لسكة الحديد داخل الأردن، ومشاريع للنقل عبر سكك الحديد على المستوى الإقليمي، ويعتقد أن لها علاقة مباشرة بهوية المنطقة والاصطفافات في مرحلة ما بعد التطبيع الخليجي العارم مع إسرائيل.
بالقرب من مدينة نيوم السعودية للأحلام، وفي ظل دعوة ولي العهد الأمير محمد بن سلمان للحالمين في العالم للحضور إلى بلاده، يمكن القول بأن إقامة جامعة طبية وسكة حديد بمال سعودي في الأردن مقدمة لترتيبات لها علاقة بالخارطة الجديدة في المنطقة، خلافاً، لأنها محاولة لإشعال فتيل التعاون الاستثماري على أمل إزالة الشوائب من الاتصالات السياسية والأمنية، وتبديد البرود بين عمان والرياض، الذي بقي صامداً طوال العامين الماضيين.
وفيما تقدر جهات أردنية وسعودية بأن هذه الإجراءات التي أزيل عنها الغبار البيروقراطي لتدشين مشاريع ما يسمى بصندوق الاستثمار السعودي في الأردن، ستساهم في تنشيط مختلف أنماط التعاون بين الجانبين، ويرى فرقاء آخرون بأن تسييس ملف تلك الاستثمارات قد يؤدي إلى خطأ فادح ويعزز حصة السعودية في الاتجاه والقرار الأردني.
وهنا حصرياً يرى خبراء ومراقبون بأن 14 شرطاً للاستثمار السعودي المقبل في الأردن تبدو مجحفة، لا بل في بعض تفصيلاتها قد تخالف القوانين الأردنية، خصوصاً أنها تؤدي إلى احتكار الاستثمار السعودي لبعض التفاصيل.
من بين الشروط إعفاء الاستثمار السعودي من جميع الضرائب والرسوم، وتوفير حماية مستقبلية له من الضريبة، إلى أن ينتهي عقد التطوير الاستثماري، بالإضافة إلى تسجيل عقود إيجار طويلة الأجل ولمدة 99 عاماً مع فترات سماح طويلة وقرارات من مجلس التعليم العالي الأردني بالإعفاء من رسوم تسجيل وترخيص جامعة طبية على أرض مستأجرة، وكذلك ترخيص المستشفى التابع للجامعة والترخيص له، كما أن وزارة الصحة والالتزام ببروتوكول خاص لتحويل المرضى واستقطاب الأطباء الأردنيين من الخارج مع تسهيلات في مسألة تراخيص مزاولة المهنة، وكذلك السماح بتجاوز عدد الطلاب الأردنيين المقبولين في الجامعة الطبية بنسبة الــ 40 % المنصوص عليها بالعادة… كل تلك -برأي خبراء التعليم العالي- تسهيلات غير مسبوقة وبدون ضمانات بعوائد على الخزينة.
لكن هذا الدلال الضريبي الذي يطرح تساؤلات حول الاستثمار السعودي المقبل، وخلافاً لقرارات مجلس الوزراء الأردني السابق، يفترض أن له عوائد في التحالف السياسي على الأقل في المرحلة المقبلة. والمشاريع التي تم تنشيطها الآن تحت سقف مثير من التساهل والدلال الضريبي كانت عملياً عالقة منذ أربع سنوات، الأمر الذي يعني بأن قوة غامضة من الدفع تدخلت لكي يؤسس البلَدان ما يمكن وصفه بـ تفاهمات تحت العنوان الاستثماري.

كلمات مفتاحية

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

إشترك في قائمتنا البريدية