منذ عام 2011 ونحن نتحدث عن الإصلاح في الأردن، حديثٌ عن إصلاحات سياسية، حكومة مُنتخبة، ملكيّة دستوريّة، قانون انتخاب مُعاصر، تفعيلُ دور الأحزاب، دعم الشباب والمرأة، إلخ القائمة الطويلة من مطالبات لأدنى حقوق الشعوب، ولكنه كلامٌ عابر في زمانٍ عابر!
مع كل هبّة شعبية نستبشر بالخير، وكيف لا وجميع المسؤولين من قمة الهرم إلى قاعدته يتحدثون عن ضرورة الإصلاح، ويبشّرون بمستقبلٍ مُشرق للأردن والأردنيين، ولكننا نسمع جعجعةً ولا نرى طحناً!
تدخلات أطراف خارجية
نحن في الأردن لسنا بمعزل عن باقي الدول العربية التي تأخر فيها الإصلاح، أو بالأحرى تأخرت فيها مطالب الإصلاح، لأننا كنا مدجّنين “كغيرنا” بالخوف من المشروع الصهيوني والقوى الإمبريالية، وتدخلات أطراف خارجية، ولمّا لم يعد لهذه الشعارات تأثيرٌ أو فاعلية تُذكر، بعد أن كسر شباب الربيع العربي حاجز الخوف، تم ابتكار معوّقات معاصرة تناسب الحدث، فتارة يدّعون أن الفساد والفاسدين يعيقون حركة التقدم والإصلاح، وتارة أخرى يحمّلون العشائرية المسؤولية عن تراجع الديمقراطية والمدنيّة.
وفي السنوات الأخيرة تحمّلت الحكومات وحدها المسؤولية، حيث حُمّلت حكومة هاني المُلقي “بأشخاصها” مسؤولية تردي الأوضاع في البلاد، وانقلب الشارع عليها، وباركت الدولة ذلك وبالفعل سقطت الحكومة.
وها نحن بعد أكثر من ثلاثة أعوام نعيد المشهد مرة أخرى، ما زلنا نعاني من الظروف السياسية والاقتصادية والمعيشية المتردية ذاتها ولا ندري من نلوم، مجلس النواب أم الحكومة أم أطرافاً خفيّة لا نعلمها!
تحليل المشكلة
إن محاولة حل أي مشكلة دون تحليل المشكلة ذاتها والتعرف على أسبابها هو ضرب من ضروب العبث. لذلك نقول باختصار، إن ما يحصل في الأردن هو منهج صريح وواضح من الدولة الأردنيّة العميقة، وأقصد الأجهزة الأمنية والمخابرات والحرس القديم من أركان الدولة.
وهذا النهج يهدف إلى المحافظة على شكل الدولة الحالي ومؤسساتها الأمنية والعسكرية في مواجهة أي تغيير ديمقراطي من شأنه سحب البساط من هذه الجهات.
وهم يؤمنون وبكل إخلاص أن ذلك من مصلحة الأردن والأردنيين.
وهذه الدولة العميقة تتحالف بالتأكيد مع شخصيات متنفذة ورجال أعمال يشكلون فيما بينهم تحالفا مؤثراً وفاعلا على جميع الأصعدة في الأردن، وهم بالتالي يملكون مفاتيح الحل والربط كما يُقال.
هذا التحالف غير المرئي وغير الرسمي يشكل عائقا أساسياً أمام أي اصلاح ديمقراطي حقيقي على الأرض، ناهيك عن بعض المستفيدين من الوضع القائم الذين يركبون موجة “الوطنيّة” ويعارضون الإصلاح بشتى السبل والوسائل.
خلق حالة متناقضة
وهكذا يتم خلق حالة متناقضة من الوعود الجميلة والخطط البرّاقة وورش العمل والأوراق النقاشيّة، واللقاءات التلفزيونية والتصريحات الإعلامية والآمال التي تتجدد عاماً بعد عام، ولكن القطار مُعطّل وقضبان السكّة خرجت عن مسارها، وأني لأخشى أن ينطبق علينا قوله تعالى (وبئرٍ مُعطّلة وقصرٍ مشيد).
كلما تحركت قوى الإصلاح بخطوة إصلاحية أو مشروع قرار، سبقتها الدولة العميقة بتشريع يعيق تلك الإصلاحات ويجعلها هامشية وغير مؤثرة.
طالبنا بقانون انتخاب عصري ومجلس نواب يمثّل الشعب، حقيقة الشعب، ويفرز قامات وطنية وحزبية تعبّر عن إرادة الشعب وكلمته، فأنتجوا لنا قانون انتخاب يؤسّس للعشائرية لا للأحزاب، ويجعل من سابع المستحيلات تشكيل كتلة نيابية مؤثرة فضاعت الأصوات وتبعثرت الأجندات السياسية وأصبح المجلس “حارة كل من إيدو إلو” وجلساته البرلمانيّة لا تختلف عن حلقات مقالب غوار وصحّ النوم!
الصلاحيات الأمنية
طالبنا بحكومة منتخبة، و ملكيّة دستوريّة، فأصدروا لنا تشريعات تسحب كل السلطات من الحكومة “التي لم تنتخب بعد” وجعلوا السلطة تتركز في مجلس دخيل على الدستور يتمتع بجميع الصلاحيات الأمنية والعلاقات الخارجية، وبذلك أجهضوا كل معنى لأي حكومة مستقبلية حتى ولو كانت مُنتخبة، وهذا كفيل بهدم كل آمال الوصول يوماً ما إلى ملكيّة دستوريّة يحكمها الشعب!.
هذا باختصار هو المشهد الأردني اليوم، ودون فهم هذا التناقض الذي نحن فيه لن نستطيع فهم المعضلة الحقيقية ناهيك عن حل هذه المعضلة!
المطلوب اليوم أكثر من أي يوم مضى، أن يصل صوتنا إلى أصحاب القرار في الدولة، بكل السبل والوسائل وبكل مثابرة وإيمان، لنقول إن من يحمي الأردن هو الشعب الأردني الحر الذي يعبر عن إرادته ويواجه كل الأخطار المحدقة به برجالاته وكفاءاته ومؤسساته، لا بالقيّمين عليه أو الأوصياء على خياراته.
المشكلة ليس في تمكين إرادة الشعب، المشكلة فيمن يعتقد أن الشعب يمارس مراهقة سياسية لا تخوّله ممارسة أي صلاحيّة!
علينا أن نوصل صوتنا بكل قوّة، أن ما تفعله الدولة من خلق تلك المعوقات لا يراعي مصلحة الأردن المستقبلية ولا مصلحة الأردنيين بل إنه يُقزّم من دورهم، ولا يترك لهم سبيلا إلا مواجهة الدولة ذاتها، وحينها لن يكون الأردن هو الأردن بل سيتحول إلى سوريا أو ليبيا جديدة، وهذا ما لا يريده أحد من الأردنيّين.
قالها الفاروق من قبل (لا خير فيكم إن لم تقولوها، ولا خير فينا إن لم نسمعها)، ونحن اليوم نقول لكل رجالات الدولة العميقة، إذا كنتم تحبون الأردن، فالأولى ان تحبوا الأردنيين وتحرصوا على أن يحققوا مطالبهم الديمقراطية والدستورية، وحينها سيعود الأردن بخير!
كاتب أردني
الأردن هو بلد فقير!
والذي أفقره الفساد!!
ولا حول ولا قوة الا بالله
العشائرية والمحسوبية يعطلان العدالة في المجتمع!
القضاء الحر المستقل والنزيه يمثل حلاً لمشاكل الفساد!! ولا حول ولا قوة الا بالله
*حيا الله الأخ أيمن والجميع ويعطيك العافيه.
من الآخر : بدون محاربة الفساد والفاسدين
لن نتقدم.
حمى الله الأردن من الأشرار والفاسدين والمفسدين بالأرض والحمدلله رب العالمين على كل حال.
جميع من يطالب بالديمقراطية في الاردن له هدف واحد
وهو إثارة الصخب لأجل حصوله على منصب أو منفعة شخصية ، وبعدها ينضم لموكب الدولة العميقة التي مان ينتقدها
مقال جيد و صرخة مخلصة.
أما مفهوم الديموقراطية فيختلف من مكان لآخر و يتراوح من النسخة الكورية الشمالية الى السويسرية. و نشهد حاليا النسخة الصينية التي اوصلت بلادها الى مستويات هائلة في اربعة عقود.
اعتقد ان الاهم هو إقرار و احترام حقوق و كرامة الانسان و على رأسها حرية التفكير و التعبير و التنظيم للجميع. فالحرية هي الأساس للتنمية الفكرية و الحضارية.
و بمناسبة مرور ١١ سنة عل ثورات الربيع العربي فقد بات معروفا ان فشلها كان بسبب افتقار الشعب الى القيادات الفكرية و التنظيمية الكافية بسبب عهود طويلة من القمع أو التدجين او التهجير او حتى الاعدام للمفكرين