الأردن: مخاطر «الإداري» تضرب بقوة بعد وثائق الإصلاح «السياسي والاقتصادي»

بسام البدارين
حجم الخط
0

عمان – «القدس العربي» : قد تفلت وقد لا تفلت، سياسياً وبيروقراطياً، تلك الفرصة المنتظرة لإحداث فارق كبير في مسار الإصلاح الإداري في الأردن بعد التصرف إجرائياً وقانونياً ثم سياسياً مع تداعيات ونتائج حادثة صهريج الغاز الشهيرة في مدينة العقبة، حيث الانطباع يتكرس اليوم بأن على رئيس الوزراء الدكتور بشر الخصاونة توجيه ضربات حقيقية وفاصلة وعميقة هذه المرة لمواطن وبؤر القصور الإداري.
والاستثمار سياسياً ووطنياً في حادثة الصهريج التي صدمت الأردنيين دولة وشعباً، في اتجاه تفعيل أجندة، كان قد عبر الخصاونة عن قناعته بها سابقاً وأمام «القدس العربي» بعنوان حصول تراجع لا يمكن إنكاره في المسار الإداري والضرورة الملحة لإحداث إصلاحات وتغييرات كبيرة في هذا السياق.
لم يعرف بعد ما إذا كان الخصاونة لديه برنامج محدد تحت عنوان الإصلاح الإداري بعد إنجاز خطة الإصلاح السياسي بمسار مشروع تحديث المنظومة السياسية في البلاد، وبعد صدور الوثيقة المرجعية المرتبطة بعنوان تحرير الإمكانات الاقتصادية.

هل ومتى يفعلها رئيس الوزراء بشر الخصاونة؟

ويبقى السؤال الإداري هو الأساس، خصوصاً أن أعضاء في البرلمان من بينهم الإسلامي الشاب والديناميكي سياسياً عمر العياصرة، سمعتهم «القدس العربي» وهم يتحدثون عن تراجع حاد في الإدارة العليا في الدولة يحتاج إلى قرارات جريئة؛ لأنه تراجع بدأ يؤدي إلى خسائر كبيرة لا بل يفتك بالأردنيين بين الحين والآخر. وتجاهل الأمر في مقاربات العياصرة عبارة عن تواطؤ سياسي وإداري جديد لا تحمد عقباه، خصوصاً أن الأسئلة الأساسية قبل وضع الخطط والبرامج لا تزال مطروحة.
التراجع يقترب من الحافة في المنظومة الإدارية، في رأي وتقدير العياصرة، وهو موضوع لا يمكن التساهل معه.
لكن وفي نظرة عن بعد لوزن الملفات الأساسية في مطبخ القرار الحكومي، يمكن القول بأن وزارة الخصاونة محظوظة إلى حد بعيد؛ فبين يديها الآن خطة مرجعية توافقت عليها جميع الأطراف والقوى في المجتمع والدولة باسم المسار الإصلاح السياسي، وبين يديها وثيقة مرجعية في مسار الإصلاح الاقتصادي.
وهذا -برأي الخبير الاقتصادي والبرلماني البارز الدكتور خير أبو صعيليك- يؤشر على أن الحكومة محظوظة، لكن إكمال النصاب السياسي لا بل الدستوري قد يتطلب لاحقاً النظر بإعادة تسمية وتعديل مضمون خطاب التكليف الملكي إذا رأت المرجعيات ذلك مناسباً. وهنا تحديداً وحصراً ليس سراً أن أبو صعليك من الأصوات التي تقول بأن الوثائق المرجعية المهمة جداً المنتجة مؤخراً تحتاج إلى دفعة قوية بخطاب ملكي خاص على أساس التكليف الحكومي.
الحكومة الحالية وإن كانت محظوظة بحجم الوثائق المرجعية والخطط التي وضعت بين يديها باسم التوافق الوطني والاجتماعي في كثير من التفاصيل، إلا أنها حكومة لديها خطاب تكليف ملكي مقتصر أو مختص بالنسبة الكبرى بمرحلة الفيروس كورونا.
والآن الحديث عن مرحلة جديدة، لكن مثل هذا الرأي يبقى مستقلاً ومنفرداً ويحتاج إلى مراجعات بالجملة، مع أن الأولوية أصبحت وبرأي المحلل السياسي والاستراتيجي عامر السبايلة، لوقف النزف الناتج اليوم عن تراجع وأحياناً انهيار المنظومة الإدارية، وعلى أساس القناعة بأن حادثة صهريج العقبة تقول الكثير من الأشياء الحساسة والخطيرة والمهمة جداً، كما لا تقول العديد من المسائل الحساسة التي يعرفها أصحاب القرار.
وهي مسائل ينبغي ألا تفوت على عقل الدول في هذه المرحلة الصعبة، لأن مخاطر التراجع الإداري لا بل انهيار المنظومة الإدارية تعني حزمة كبيرة من المخاطر السياسية والوطنية والأمنية والاقتصادية والاجتماعية والقانونية وفي كل الاتجاهات.
وحتى هذه اللحظة، ومع تزاحم الوثائق المرجعية في خزانة حكومة الخصاونة، يبدي الأخير استجابة مرنة استراتيجية أحياناً وتكتيكية واقعية أحياناً أخرى، لكن إيمان رئيس الوزراء قوي بالحاجة إلى الإصلاح الإداري، وهو أمر سبقت الحكومة الجميع ليس في التعاطي والاشتباك معه، وليس عند الاستجابة السريعة والإشراف المباشر على غرفة العمليات في مسألة صهريج العقبة فقط، لكن عند تشكيل لجنة خاصة لتطوير أداء القطاع العام، اجتمعت عدة مرات قبل أسابيع طويلة ولا أحد يعلم ماذا فعلت وأنجزت وماذا ناقشت حتى الآن على الأقل.
عملياً، الحاجة الملحة للإصلاح الإداري تحديداً تضرب وبقوة الآن مفاصل الدولة والحكومة ومفاصل المجتمع أيضاً، وتعتبر في حاجة ملحة بالرغم من كل الضجيج الناتج عن المطالبات بإصلاح سياسي وبآخر اقتصادي، وأغلب التقدير أن مطبخ القرار الحكومي يدرك ذلك؛ لأن المشهد الداخلي يقول بوضوح الآن بوجود وثيقتين الآن عابرتين للحكومات عموماً في المسألة السياسية والاقتصادية، وهو وضع مريح يؤسس موقعاً متقدماً للحكومة الحالية اذا ما أرادت وخططت للانتقال إلى الحفاظ على المنظومة الإدارية، والتي تقرع أحداث مثل صهريج العقبة وغيرها جرس الإنذار بخصوصها.
ما يمكن قوله في الخلاصة اليوم، أن مخاطر المنظومة الإدارية وتراجعها قد تصبح بالصدارة ومع وجود حالة اطمئنان كما يؤكد عضو مجلس الأعيان خالد البكار لـ«القدس العربي»، ناتجة عن مسار واضح للجميع في تحديث الدولة وتعزيز دور الأحزاب السياسية، وآخر في المسار الاقتصادي، ما يعني بأن استحقاق الملف الإداري ينبغي أن يضرب وبقوة، وعلى أساس تلازم مسارات الإصلاح ومغادرة منطقة التلاوم البيروقراطي والبدء في ورشات عمل مركزية تجيب عن الأسئلة المرجعية.
وهما الآن سؤالان ملحان: الأول، ما الذي يجري ضمن نطاقات المنظومة في الإدارة العليا لأجهزة ومؤسسات الدولة والحكومة الآن؟ والثاني -وقد يكون الأهم- ما الذي ينبغى أن يفعل للحفاظ على ما تبقى، ولمنع انهيار المنظومة؟

كلمات مفتاحية

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

إشترك في قائمتنا البريدية