عمان- ليث الجنيدي: يقترب مجلس النواب الأردني (الغرفة الأولى للبرلمان) من خوض اختبار شعبي صعب، بمناقشته مشروع قانون ضريبة الدخل المعدل، الذي أعلنته حكومة عمر الرزاز قبل أيام.
ذكرت وسائل إعلام محلية أن الحكومة ربما تحول المشروع، الأسبوع المقبل، إلى المجلس، بعد أن أكملت جولات تشاورية بشأنه في محافظات المملكة.
المشروع أثار جدلاً واسعاً في المملكة، بعد أن أقرته الحكومة السابقة، أواخر مايو/ أيار الماضي، ما أثار موجة احتجاجات شعبية أطاحت برئيس الوزراء السابق، هاني الملقي.
قرار الرزاز سحب المشروع من البرلمان فرض هدنة في الشارع أوقفت غضباً شعبياً استمر لنحو 8 أيام.
لكن عودة الحكومة بنسخة معدلة للقانون لا تختلف كثيراً عن سابقه، وفق منتقدين، أثارت سخطاً واسعاً بين الأردنيين.
هذا السخط أظهرته مواقف شعبية رافضة لمشروع القانون، خلال جلسات الحكومة الحوارية في محافظات المملكة المختلفة.
بموجب المشروع، سيخضع دخل العائلات السنوي، الذي يبلغ 18 ألف دينار (25.3 ألف دولار)، لضريبة الدخل.
وخلال لقائه طلبة جامعة العلوم والتكنولوجيا (حكومية)، الثلاثاء، قال الرزاز إن الفريق الوزاري يواجه في زيارته للمحافظات لتوضيح المشروع “حالة احتقان متراكمة على مدى عشرات السنين”.
الرزاز: الفريق الوزاري يواجه في زيارته للمحافظات لتوضيح مشروع القانون “حالة احتقان متراكمة على مدى عشرات السنين”
وهو تصريح رأى مراقبون أنه يشير إلى “محاولة حكومية لكسر حدة الشارع تجاه القانون المنتظر”.
الموقف البرلماني…
فقد مجلس النواب ثقة الكثيرين إبان مرحلة الاحتجاجات، التي رافقت إقرار الحكومة السابقة لمشروع القانون السابق.
وقال النائب صالح العرموطي، عضو كتلة التحالف الوطني للإصلاح التي يقودها الإسلاميون، إن “مجلس النواب لم يكن منعقداً عندما قدمت الحكومة السابقة المشروع”.
وأضاف العرموطي: “لم نكن نملك الحديث عن المشروع، ووقعنا حينها عريضة برفضه وسحبه، ولأول مرة يتخذ (مجلسا) النواب والأعيان نفس الموقف تجاه نفس القانون”.
وتابع: “الحكومة الحالية أغفلت أهم جانب، وهو مناقشة النقابات وغرف التجارة وغيرها.. الحكومة أقرت القانون وذهبت إلى المحافظات”.
وشدد على أن هذا الأسلوب “ولّد حالة من السخط على طريقة صياغة القانون، كما أن تأكيد الحكومة للتنسيق مع صندوق النقد الدولي أثار حفيظة المواطنين”.
ورأى العرموطي أن “التعديلات تمثل ضربة قاسية للمواطنين، خاصة مع عدم إجراء دراسة على قدرة المكلف (بالضرائب) كما نصت المادة 111 من الدستور”.
كما أنها “خفضت الضرائب على أصحاب رؤوس الأموال والبنوك، واستحدثت ضريبة التكافل الاجتماعي، ولم تستجب لتوجيه الملك بإعداد منظومة تشريعية ضريبية متكاملة”، وفق النائب.
واعتبر أن “إرساله (مشروع القانون) إلى مجلس النواب قبل 10 أيام من نهاية دورته الاستثنائية هو تغول على السلطة التشريعية”.
وشدد على أن هذا الوضع “يتعارض مع نص المادة 82 من الدستور، التي تشترط حالة الضرورة، وهي في هذا القانون غير متوفرة”.
وقال إن الموقف البرلماني من المشروع “سيكون منسجماً مع الشارع وأحكام الدستور، وقوفًا بجانب الوطن، الذي يمر بظروف سياسية واقتصادية واجتماعية صعبة، ولن نجامل الحكومة”.
** فرصة لاستعادة الدور
النائب صداح الحباشنة (مستقل) اعتبر أن “مجلس النواب أمام مفترق طرق”.
وتابع: “الشارع احتشد خلف النقابات رفضًا للقانون السابق لوجود فراغ نيابي وسيطرة الحكومة على المجلس، بدليل تمرير قانون الموازنة العامة وإعطاء الثقة لحكومة الملقي مرتين متتاليتين”.
واستدرك الحباشنة: “لذلك المجلس أمامه فرصة لاستعادة دوره التشريعي والرقابي، بالتصدي لمشروع قانون الضريبة الجائر”.
وأضاف أن “زيارة الوزراء للعديد من محافظات المملكة (لمناقشة مشروع القانون) أظهرت مدى رفض الشعب الأردني له”.
وتابع: “على النواب أن ينحازوا إلى الشعب، وإلا سيسقطوا شعبيًا أكثر وأكثر، فالمجلس تلقى ضربات عديدة أضعفت دوره وأسقطته شعبيًا وعليه أن يتصدى لهذا القانون”.
** رد المشروع
وفق محمد كنوش الشرعة، أستاذ العلوم السياسية بجامعة اليرموك (حكومية)، الخبير في الشؤون البرلمانية، فإن “مجلس النواب الآن في وضع صعب جدًا”.
ورأى الشرعة، في حديث للأناضول، أن “الجولات الحكومية وضعت أعضائه (بمجلس النواب) في مأزق، وعليه أن يحافظ على شعبيته من خلال رد القانون”.
وأردف الشرعة، وهو نائب سابق، أن “صلاحيات مجلس النواب تتيح له رد القانون بالكامل أو التعديل، ومن الأفضل له أن يرده”.
واعتبر أنه من الأفضل أن “تجري الحكومة تعديلات على المشروع تخفض الضرائب على المواطنين، فهم لا يتحملون فشل مشاريع التنمية التي قامت بها الحكومة منذ عشرات السنوات”.
وقال إن “خيار رد القانون بالنسبة لأعضاء مجلس النواب سيكون في صالح الحكومة في تبرير مواقفها والضغوطات التي تُفرض عليها من صندوق النقد الدولي”.
وليصبح ساريًا، يحتاج مشروع القانون إلى المرور بمراحل دستورية، حيث تحوله الحكومة أولًا إلى البرلمان لمناقشته.
وفي حال إقرار البرلمان له، تتم إعادته إلى الملك، ليصدر مرسومًا ملكيًا به، ثم إلى الجريدة الرسمية ليعلن عنه رسميًا، وبعد ذلك بـ30 يومًا يدخل حيز التنفيذ. (الأناضول)