الأردن و«خياره الإسرائيلي»: ترامب يجتهد في «التهشيم» ونتنياهو ملحّ على «العداء»

بسام البدارين
حجم الخط
0

عمان – «القدس العربي» : لدى شخصية سياسية خبيرة في الأردن من وزن رئيس الوزراء الأسبق طاهر المصري مؤشرات كافية إلى دلالات مشروع إسرائيلي أمريكي يميني يخطط اليوم للانتقال إلى الجزء الثاني من حلم إسرائيل الكبرى المجنون.
المصري، وفي نقاش خاص وهادف مع «القدس العربي»، حاول التذكير مجدداً بما حذر منه سابقاً وعدة مرات، حيث مشروع تصفية القضية الفلسطينية ليس فقط على حساب الشعب الأردني، ولكن أيضاً على حساب هوية ومصالح الدولة الأردنية.
يصر المصري على نظريته في حسم وإغلاق الملفات عبر المتطرفين في واشنطن لصالح المتطرفين في تل أبيب، وبصورة لا تؤدي فقط إلى تصفية القضية الفلسطينية وابتلاع الأرض ثم تهجير أهل الضفة الغربية، بل بصيغة تبتلع المصالح الأردنية أيضاً.
المخاوف الأردنية بعد جرأة نتنياهو وتجاهله للأردن مؤخراً في مسألة ضم الأغوار وشمالي البحر الميت وصلت إلى ذروتها في الأسبوع الأخير تحديداً، حيث سيناريوهات داخل الدولة الأردنية هذه المرة وخلافاً لكل مرة لصالح الاستعداد لمرحلة قد تسقط فيها فعلياً اتفاقية وادي عربة بالشكل والمضمون في مستنقع الاستعصاء السياسي.
تبحث عمان بهوس عن أي قناة أمريكية عاقلة وحكيمة لا يفلترها أو يتدخل بها المحسوبون على طاقم الرئيس الأمريكي دونالد ترامب.

أوروبا تتحالف مع الديمقراطيين في نصيحة «شراء الوقت» فقط

وجدت حلقات الاستشعار الأردنية بعض أعضاء الحزب الجمهوري لإبلاغهم بالمخاوف وبخطورة تمكين نتنياهو من مشروعه الجديد المتمثل في ضم الأغوار رسمياً وشمالي البحر الميت، لأن ذلك ببساطة يعني ضم الأرض والسكان وترسيم الحدود، وفي النتيجة القضاء على أي احتمالية لاحقاً لقيام دولة فلسطينية. ويدير الأردن منذ عام 1967 علاقات أمنية مع إسرائيل المحاذية. لكن استراتيجيته طوال الوقت بقيت في إطار غياب أي خبرة مسبقة بيروقراطياً وإدارياً وسياسياً للتعاطي مع أهل الضفة الغربية على أساس أنهم مجرد سكان، وأن ضفتهم لن تكون مستقبلاً تمثيلاً لحدود مع المملكة الأردنية الهاشمية.
تلك عدائية واضحة لا بل اعتداء على هوية الدولة الأردنية، وفقاً لما حذر منه المصري في مقال جريء نشرته صحيفة الرأي التابعة للدولة الأردنية، هذه المرة. وتبدو إجراءات الوقاية في ظل المستجد الخطير في أقصى حالات الطوارئ داخل جميع أروقة القرار وصناعته في الأردن.
وهناك هوس نخبوي وأمني وسياسي يحاول الإجابة عن السؤال التالي: ما هي الخطوات والإجراءات إذا ما منح الرئيس ترامب نتنياهو وسط تواطؤ وصمت عربيين تحت عنوان ضم الأغوار وشمالي البحر الميت؟ اقتراحات بالجملة تفرزها ماكينة الدولة الأردنية اليوم، وخطوات مثيرة يبدو أنها في الطريق، وخيارات استراتيجية جداً أصبحت قيد الاختبار فجأة وفي الوقت الذي تهمش وتهشم فيه الدور الأردني في عمق المعادلتين الأمريكية والإسرائيلية، حيث اتصالات مع البنتاغون أخفقت في طمأنة الأردنيين، وأخرى مع الأصدقاء الديمقراطيين نصحت فقط بشراء الوقت إلى أن يحين موعد انتخابات الرئاسة الأمريكية المقبل.
وحيث نصائح، بالتوازي، أوروبية تعجز عن إحداث فارق أو عن وضع خارطة طريق. الأخطر والأعمق هو أن مؤسسات العمق الإسرائيلي أيضاً وفجأة بدأت تراوغ المؤسسة الأردنية، والحديث هنا عن رسائل شراكة بسيطة من دون ضمانات تصل من مؤسستين لعمان، هما مؤسستا رئاسة الأركان في جيش الاحتلال الإسرائيلي، والموساد.
تلك النسخ الإسرائيلية من التطمينات، ولأول مرة، بدأت مؤسسة القرار الأردني تشعر بأنها مراوغة، فيما يفرض اليمين وقائع وبصمات على كل الملفات، مستثمراً في الانقسام الخليجي واتجاهات التطبيع السعودية المرهقة، ومستثمراً أيضاً في الضغط الاقتصادي العنيف والأزمة المالية للمملكة.
تلك كانت واحدة من المفاجآت غير السارة، فالقناة التي تستخدم مع زعماء الأغلبية الموالين لإسرائيل في واشنطن، وتحديداً في الكونغرس، تبين لاحقاً أنها قناة لعوب، لا بل تعمل مع الطرف الآخر، وجهاز الموساد وجه رسالة عبر وسيط أردني قديم يحاول فيها توجيه اللوم للأردنيين لأنهم توقفوا عن التنسيق المباشر كما كان يحصل في الماضي.. هنا أيضاً رسالة لعوب ترتاب فيها المؤسسة الأمنية.
الأزمة عميقة جداً، واتفاقية وادي عربة تترنح تماماً، والقنوات مغلقة مع مؤسسات العمق بين الجانبين، وواشنطن مغلقة أمام شكاوى حليفها الأردني، والمصالح قيد الاختبار.
تبرز في ظل هذا التأزيم المعقد خيارات أردنية مثيرة بالمقابل بدأت تعيد إنتاج تعريف العدو والحليف أو الصديق تدريجياً، وهو ما يلمح إليه المصري وهو يصر على إسرائيل أقرب فعلاً لتصنيف العدو حالياً.
من بين الخيارات تدشين حملة دبلوماسية وسط المجتمع الدولي تتحدث عن وفاة اتفاقية وادي عربة بالبرهان الأردني ودون التخلي عنها، ومنها إغلاق سفارة عمان في تل أبيب وسحب السفير.
ومن بينها، وقد يكون أهمها، الاتجاه ولو قليلاً شمالاً ولأول مرة منذ عام 2011 حيث دمشق والرئيس السوري بشار الأسد وحيث محور الممانعة.

كلمات مفتاحية

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

إشترك في قائمتنا البريدية