عمان – «القدس العربي»: تتقاطع روايتان إخباريتان عبر الصحافة الأردنية وتلك الإسرائيلية تختصان بالحدث نفسه مجدداً، وبما يشير إلى أن حضور الأردن أو غيابه على طاولة ما يسمى بـ»لقاء النقب» وبرعاية المظلة الإسرائيلية وملحقات السلام الإبراهيمي هو أمر مثير للجدل على مستوى الدول المعنية وعلى المستوى الإقليمي في الوقت نفسه، خصوصاً أن سيناريوهات الوضع المتوقع في الضفة الغربية وقطاع غزة خلال شهر رمضان المبارك تقفز بسرعة إلى الواجهة وبصورة تقرع جرس الإنذار ليس في رام الله وعمان فقط، لكن في القاهرة وأبوظبي وحتى في الرباط والمنامة، كما ترجح الاحتمالات والسيناريوهات.
الرواية الأولى
في الرواية الأولى أنباء لم تعلن رسمياً في عمان عن عدم مشاركة الأردن بما سمي لقاء النقب عبر وزير الخارجية أيمن الصفدي، والرواية المضادة للصحافة الإسرائيلية رواية عن دعوة الأردن وعدم حضوره.
في كل حال، حضور عمان أو عدمه كان مثاراً للجدل في صالونات عمان وسط عودة المخاوف من ترتيبات السلام الإبراهيمي، التي يحذر خبراء استراتيجيون، من بينهم الدكتور عامر سبايلة، من أنها أنتجت واقعاً موضوعياً جديداً في الخارطة الدبلوماسية الأردنية قوامها موطئ قدم قوي لدولة الإمارات في المعادلة الإسرائيلية، وبالنتيجة الفلسطينية على حساب الدور الأردني.
قراءة أعمق في «المقعد المغربي»… و«الدور الإماراتي»
وفكرتها كما يرجح السبايلة، وهو يقرأ مع «القدس العربي» المستجدات تحديداً، هي أن التعامل مع الأردن أصبح بالقطعة والتقسيط، وأن التعامل مع الأردن أصبح في سياق الجغرافيا التابعة لاتفاقيات السلام الإبراهيمي، مما ينتج مخاطر حقيقية لا يمكن الاستهانة بها على مستوى حصة الأردن ومقعده على طاولة رسم الحدث، إضافة إلى الإضرار المحتمل بمصالحه الحيوية والأساسية. وهنا بطبيعة الحال تبرز الاحتمالات في أسوأ صورها.
قبل لقاء النقب، شهدت اجتماعات العقبة لقاء خماسياً يعني الكثير من حيث مناقشته الصريحة للملفات المطروحة ومن حيث تركيبة الحضور؛ فالرئيس المصري إضافة إلى ولي عهد أبو ظبي ورئيس الوزراء العراقي، كانوا بضيافة العاهل الأردني في العقبة بلقاء تشاوري رباعي تحدث الإعلام الرسمي عنه دون التطرق إلى أي تفصيل لما نوقش على طاولته.
استبعاد الأردن أم عدم حضوره؟
لكن لفت النظر أن الأخبار المصرية أو التي صدرت عن مكاتب الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي تحدثت عن حضور ممثل سعودي للقاء العقبة الرباعي، وهو ما لم تشر إليه الأخبار الأردنية الرسمية، وهو وزير الدولة في شؤون رئاسة الوزراء السعودية، بمعنى عدم دقة الحديث عن لقاءات العقبة التي تعقد دون حضور شاهد سعودي على الأقل. وبمعنى أن المقربين من ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان، كانوا موجودين على طاولة لقاءات العقبة في الوقت الذي لم يشرح فيه الأردن الرسمي بعد للرأي العام والشارع بالضفتين الغربية والشرقية ما هي جزئية علاقته أو تفويضه أو كيفية تموقع البوصلة والمصالح الأردنية في سياق التعاطي والاشتباك مع لقاء النقب، حيث يحضر المغرب وتحضر البحرين وتحضر أبو ظبي مع الإسرائيليين بصورة علنية.
سؤال الإجابة عنه غير متاحة الآن، خصوصاً أن اتصالات «تقدير الموقف» متواصلة حتى مساء الأحد، والقرار بالحضور أو الغياب قد يتغير في اللحظات الأخيرة فجر الإثنين.
لكن ما يلمسه الأردنيون عموماً هو انقلاب كبير في نمطية علاقتهم بالملف الإسرائيلي وبملف عملية السلام ومخاطر هواجس لها علاقة بانفلات الأوضاع في الضفة الغربية، الأمر الذي سيؤثر حتماً على الضفة الشرقية وعلى الحالة الاجتماعية والسياسية الأردنية في ظل ظرف إقليمي، لا بل عالمي قوامه الأوراق المختلطة جداً التي تنتجها أزمة أوكرانيا.
«ضبابية الدور» بصفة عامة بدأت تحيط بالاندفاع الأردني، والجملة ليست منضبطة في المنطقة والإقليم عموماً، فالتغييرات كبيرة جداً في العالم على حد تعبير رئيس الوزراء الأسبق طاهر المصري، والانتباه الجيد لتطور مسار الأحداث يحتاج لما هو أكثر وأبعد من مراقبتها فقط في اتجاه مراقبة توفر حماية حقيقية للمصالح. في هوامش تلك الضبابية حديث عن «استسلام» الدبلوماسية الأردنية لمنطق خسارة مساحات مناورة لصالح أطراف أخرى، مثل الإمارات والبحرين وحتى مصر في بعض المعادلات.
وقد ينضم المغرب على نحو أو آخر لاحقاً ومعه تركيا، الأمر الذي يهدد أو يلوح بصعوبة بقاء ورقة استراتيجية في غاية الأهمية مثل القدس والمسجد الأقصى، كما كانت دوماً في حضن الأردن دون مزاحمات أو محاولات تأثير من قوى أخرى أو حتى تجاذبات.
«عمان تبدو حائرة»
والانطباع مرجح في السياق بأن عمان تبدو حائرة إلى حد ملموس في منطقة الزحام المتعلقة بسؤال ما بعد خلافة الرئيس عباس، فرئيس السلطة كان في عمان أمس الأول ثم غادرها، والإعلام الإسرائيلي يتحدث عن زيارة على البرنامج يقوم بها العاهل الملك عبد الله الثاني إلى رام الله قد تتطلب ابتعاد الوزير الصفدي عن طاولة لقاء النقب رغم توجيه الدعوة إليه.
الأردن مهتم عموماً بأن لا ينفلت الاستقرار العام في الضفة الغربية، وبأن تبقى علاقاته مع مؤسسات العمق الإسرائيلي فعالة، ولا يبدو مهتماً بتلك المساحات التي يتشارك فيها اليمين الإسرائيلي مع حكومة نفتالي بينيت الآيلة للسقوط في الحسابات الأردنية مع حزمة مشاركات دول السلام الإبراهيمي، حيث طرفان على الفراش نفسه. لكن انضمام المغرب لاتفاقيات عسكرية وإلى لقاء النقب قد يحمل في طياته إشارات ملغزة لا بد من التوقف عندها، ولها علاقة مجدداً بتلك الضبابية المشار إليها.
وقد يكون لها علاقة يوماً ما لاحقاً بمسألة الرعاية والقدس إذا ما تطور أكثر مفهوم السلام الإبراهيمي، الذي يصنفه بعض الخبراء مثل الأمين العام لمنتدى الوسطية الإسلامي العالمي مروان الفاعوري، بأنه محور في النهاية لا يقف في الاستهداف عند تهديد المصالح الأردنية، بل يتعدى في اتجاهات أخطر.
ستنقلب طاولة النقب عليهم كما ينقلب السحر على الساحر وإن غدا لناظره قريب وارتقب إنهم مرتقبون،. اللهم انصر اخواننا في فلسطين واكسر اللهم شوكة المحتل اللعين إسرائيل كسرا لا جبر بعده أبدا أبدا أبدا أبدا أبدا أبدا قولوا آمين يارب العالمين
موقف الاردن سيبقى الاقوى، فالشعب الفلسطيني بكافة اتجاهاته السياسية وبالرغم من بعض التحفظات، يؤيد موقف الاردن كليا، ويعتبر ان العلاقة الاردنية- الفلسطينية مصيرية لمستقبل الشعبين.فلذلك لن تستطيع اي قوى عربية او خارجية ان تاثر على موقف الشعب الفلسطيني تجاه الاردن او العلاقة الاردنية – الفلسطيني القوية والثابتة اوخاصة فيما يتعلق بالاشراف على الاماكن المقدسة بالقدس.
اللهم إحمني من أشقائي واصدقائي ، وأما اعدائي ، ومن ذكرت ، فإنك وبقدرتك ، كفيل بهم. جميعا .